وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وساعة ألّف محمد بين قومه، ذلك اليوم المشهود، عند الكعبة، في بيت الله، فبدّلهم أمناً بخوف، وإخاءً بعداء، ووحدةً بفُرقة، وسلماً بحرب، وبقاءً بهلاك، إنّما كان عندئذ يسير إحدى خطواته المباركة في الطريق إلى الله. كان يخضد[162] أشواك الشرّ، كان يقتلع شجرة الظلام، جذراً من بعد جذر، كان يمهّد أرض البشرية لاستقبال بذور الخير، كان يهمّ بإعادة بناء الإنسان على أساس جديد وطيد، كان يتهيّأ لتأكيد حقيقة الواجد، وحقّ الموجود. * * * وكَمَ شغله هذا الأمر! كم أخذ عليه كيانه! كم ملكه، سكنةً وحركةً، خفقةً وخلجةً، عقلاً وجناناً، حسّاً وعاطفةً! أفلم يكن ببعض روحاته وجيئاته، مع الوحدة والرمل والنجم والغيم والمجهول، يستجيش مشاعره ويستجمع شعاث أفكاره، ليطرق باب المغيب المستور، واصلاً نهاره بليله، وواصلاً ليله بنهاره؟ أفلم يكن، في إبّان تأمّلاته ـ وهو يتحنّث[163] بغار حرّاء، قرب أُم القرى مكة ـ يحاول أن يعرف كيف يمكن أن تردم تلك الهوّة الواسعة التي حفرتها جهالات البشر، وعمّقها فساد السرائر وعمى الضمائر، حتّى غدت برزخاً لا يكاد يعبر بين الله والإنسان، وبين الإنسان والإنسان؟ أفلم يكن، في خلواته الروحانية هذه، إنّما يستشعر فيشعر، ويتأمّل فيأمل أن تُرفع عن بصر الإنسانية عصابة الأنانية التي تحجب عن البشر ضياء الهداية، وتغشى أعين القلوب عن رؤية حكمة الحياة؟ أفلم يكن ـ بروحه المحلّقة في ملكوت ربّه ـ يهفو إلى تحرير الناس من أثقال