وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وزمجرة[1186] كواسر الغاب. لكأنّما الرسول يكاشفها بما يعانيه، لكأنّها ترى مشاعره برأي العين لا بخلجات الأحاسيس. ها هو ذا ينحني على بقايا جثمان عمّه الشهيد، ويهمس لنفسه كأنّه عن دنيا كلّ من حوله بعيد: «لن أصاب بمثلك أبداً!»[1187]. وترجّه لوعته عنيفةً، وإنّه للقوي المكين أمام نوائب الدهر، وأفدح الملمّات. ويقول: «لولا أن تجزع صفية ونساؤنا، وتكون سنّةً من بعدي، لتركنا حمزة ولم ندفنه حتّى يحشر من بطون الطير والسباع!»[1188]. ثم نفجر غضبه، ينفر وتينه[1189]، يرعد عرنينه، تندفع الكلمات ملتهبة من فيه، يحرق لظاها المتسعر قناع الدموع الذي أسدلته على وجهه الفجيعة ... ويوعد بأفظع انتقام: «ما وقفت موقفاً قطّ أغيظ إليَّ من هذا، والله، لئن أظهرني الله عليهم يوماً في الدهر، لأُمثّلنّ بهم مثلةً لم يمثّلها أحد من العرب!». أفيفعل؟ وكيف ... وهو السمح العفوّ الذي أرسله ربّه تعالى رحمةً للعالمين؟ بل يأبى له الله ما اعتزم، فينفض عنه رغبة الانتقام، ويردّ عليه ما أذهب الجزع من صبره، فيفيء إلى حلمه المعهود ... ينزل عليه: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ * وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللهِ)[1190].