وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ولا يعلّم الخفّة والمرح والانطلاق. ما القول في فتاة لم تكد تستكمل مرحلة طفولتها حتّى تفقد حضن الأُمومة الدافئ الحنون؟ ثم تحمل على كاهلها الواهن تبعة بيت، ليس كغيره من البيوت، تسير الحياة فيه بين جزر ومدٍّ، كلاهما يذهبان إلى الأقاصي: افتقاراً إلى العون، ورزوحاً[867] تحت أكداس من المشكلات. ثم تنهض بأُمور أب أيّم[868]، اختطف الموت منه شريكةً كانت تحبوه الحبّ والرعاية، وتقوم معه في نشر رسالته ـ بكلّ ما أوتيت من قوّة روح، وقدرة بذل ـ كما لم يقم رجال أجلاد ذوو عزائم، حتّى لوجب أن يدعوها الناس: حاضنة الإسلام. ثم تعايش أباها محن المهانة والتكذيب والتعذيب التي أخذ يصبّها عليه قومه صباح مساء، فلا يكون قصارى جهدها لدرء شرّهم عنه إلاَّ دمعةً تذرفها بين يديه، ودعوةً خاشعة إلى الله، وشعورها عندئذ شعور ابنة وفيّة، وشعور أُمّ رؤوم. ثم تمرّ بها الليالي والأيام، فلا يكاد يتّصل منها الحول بما يليه حتّى يكون في أحبّ أهلها إليها فقيد تبكيه، أو شهيد ترثيه. رحلت أُمّها عنها وهي بعد برعم غضّ لم يتفتّح، ولا استوى له عود، وذهب إلى ربّه عمّه الكبير أبو طالب الذي كان الصخرة التي يحتمي بها ابن أخيه محمد من نصال الأحداث، وغربت من سماء دنياها شموس أخواتها الحبيبات: رقيّة وزينب وأُم كلثوم، واعتصر الموت غصن أخيها إبراهيم الذي كان قرّة عين أبيها الشيخ الذي جاوز الستين، وقلبه النابض خارج صدره أمام العيون. ومن قبل أُولئك جميعاً سبق الردى إلى أخويها: القاسم وعبدالله، فمضيا وهي عندئذ حمل في بطن الغيب لم يحن موعد خروجه إلى النور.