وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

لكنّهم جميعهم سواء، في مجتمعهم الناشيء هذا لا اعتبار للعناصر والأبشار ... الأصفر كالأحمر، الأبيض كالأسود، العبد كالسيد. وكلّما قطعت الشمس بهم ـ في رحلتها اليومية ـ شوطاً على مدرجة الأُفق، نهض من بينهم رجل منهم، ليس سواه، مؤذّناً للصلاة. خمس مرّات، من انبثاق خيوط الفجر إلى انسدال ستارة الظلام، كانت حنجرته الذهبية تترنّم بنداء التوحيد، داعية القريب والبعيد أن يخفّوا ـ قياماً وركوعاً وسجوداً ـ إلى الالتقاء بالله. أحياناً كان يدعوهم تارة أُخرى أو تارات، على غير ميقات، إن جدّ أمر، أو حزب حازب[824]، أو تنزّل بيان من ربّهم ورأى النبي أن يدعوهم من أجله للاجتماع. وكانت فاطمة تعرف داعي السماء، تعرف أنّه بلال بن «رباح»، وأنّه بلال بن «حمامة» إن شِيءَ أن يُنسب الناس إلى الأُمهات دون الآباء، وتعرف أنّه كان صخرة إيمان أوهت قرون ثيران الشرك، فلم يستطيعوا بجبروت التعذيب أن ينالوا من صلابته أيّ منال. لم تردّه عن طريقه لسعات السياط تشقّ في بدنه العاري شقوقاً غائرة تكاد تصل إلى العظام، ولم تصبئه[825] نار الرمضاء، ولم تفتنه قسوة السلاسل والقيود والأغلال، تشدّ على يديه وقدميه وعنقه حتى لتوشك أن تمزّقه أشلاء. كان عنيداً كذُبابة، ثابتاً كالجبل، صلباً كالماس ... فإلى الله ربّ العالمين مماته ومحياه. وكانت تعرف أنّه ـ بنظرة القوم العادين ـ أنقاض عبد مملوك، وحشي العنصر والمظهر، لا يُحسب شيئاً في الأُصول والجذور.