وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وامتلأت فاطمة عندئذ بشعور غامر من التفاؤل وراحة البال. فما أن هدأ بها المستقرّ حتّى شهدت المسلمين ـ وإنّهم لحركة دائبة ـ يسعون بكلّ الثقة والاعتداد إلى الانتشار فوق وجه الجزيرة، منساحين[820] على الحزون[821]والهضاب، في السهول والوديان، بين الفجاج والشعاب، انسياح الشعاع من قرص الشمس ساعة الشروق. كمثل أرض طيّبة ـ تلكم الأرجاء ـ غرست يد القدر فيها أعواد زنابق تعهّدتها غيوث العزائم بالسقيا، فإذا هي زهرات بيضاء، نقيّة نقاء الإيمان (كَمَثَلِ جَنَّة بِرَبْوَة أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ)[822] أينع الجنى، وطابت الثمار. أجل، تبدّلوا بعد هجرتهم حالاً بحال. بيئتهم الآن سلام، أهلها وحّدوا الله فوحّدهم الله، لا تمزّق بينهم ولا تفرّق ... لا شقاق، بل وفاق ... لا أوس لا خزرج، بل أنصار. على قلوبهم مسح الإيمان بكفّه العطوف، ونزع ما في صدورهم من غلٍّ، فنسوا سخائم[823] الأجيال. من لغتهم محا الحدّ الفاصل بين الغربة والقربة، فتقاسموا أسباب حياتهم مع الضيفان. لا قبلية ... فلا تنابز بالأسماء والألقاب. لا طبقية... فلا تطاول بالوجوه والأحساب. لا عصبية ... فلا تفاخر بالأُصول والأنساب. فيهم الروميّ، وفيهم الحبشيّ، وفيهم العربيّ، وفيهم الزنجيّ ... ومنهم من امتدّت بهم جذورهم الأُولى إلى الوراء حتّى يعقوب.