وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وهو يركن إلى الهرب ـ ينخس أدنى الأباعر إليه نخسةً عشوائية، ثم يطير لائذاً بالنجاء[809] ... وتلك شيمة جبان إنّه الحويرث بن نقيذ، كان مفتوناً بادّعاء البطولة، مولعاً بالإيذاء، كلّ ما كان يعنيه أن يُظهر الغَلَبة على شيء ما ... على إنسان أو على حيوان. ولو أعوزه أن ينال بقدرته «البطولية!» هذه ذات روح تضطرب فيها الحياة، فربّما ـ كتيس[810] أحمق ـ نطح الجبل فأوهى قرنَيه، لا لغاية إلاَّ أن ينفّس عن بعض مخزون الشرّ الذي يملأ جوفه، وتكاد تنفجر بضغطة رئتاه ... أو ربّما ضرب بسيفه الهواء مثخناً في مرئيات موهومة، وأشباح بلا وجود ولا كيان إلاَّ في خياله المخبول، ليؤكّد لنفسه أنّه قادر على الطعن أو على مقارفة الإضرار. بلى قد لا يضيره أن يدّعي نهكةً ألمّت به، أو يفتعل خدشاً أصابه، ليبدو كمن أبلى بلاء الأبطال في معمعته تلك، بغية احتلاب الانتصار! تماماً كما نقلت إلينا ـ من بعدُ ـ أحاديث التراث: خبر «الحُطَيئة» الهجّاء، الذي كان يستشعر متعة الظفر في ذمّ أصحاب الشرف والمكانات، فلمّا لم يجد مرّةً عظيماً يهجوه، نظر إلى صورته في الماء، ثم أطلق فيها لسانه السليط: أرى لي وجهاً قبَّح الله خلقه *** فقبِّح من وجه وقبِّح حاملُه![811] فضرب بقوله هذا عصفورين بحجر ... وضع نفسه ومهجويه الأماجد على مرتبة سواء، وأشبع نهمه بالهجاء! أو تماماً كما رسم لنا «سر فانتس» في الأدب الغربي بعد قرون، بطله: «دون كيشوت» فارساً تأخذ عليه أوهام بطولته المدّعاة كلّ منافذ تفكيره، فيمضي منتفخ الأوداج، ليحارب طواحين الهواء وإنّه ليراها بعين تصوّره الحولاء مقاتلين أشدّاء!