وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فلا يكاد يطيق لمسةً رقيقةً من بنان رخص[793]، أو طرف أصبع ليّن كأوراق الوردة . بل كان أنكى وأشدّ ... كان أكثر فرياً من صوارم الهند ورماح الحبشان . فأين إذاً طواغيتهم التي أغرتهم بالاستكبار؟ أين العزّى واللاّت؟ أين مناة الثالثة الأُخرى وغيرها من أربابهم المصنوعة التي ظلّوا لها عمرهم عاكفين؟ وماذا أجدى عليهم ما استعانوا من نفث السَحَرة وزمزمة الكُهّان؟ وفيم ما قدّموا لأصنامهم تلك من قرابين؟ وكيف، هكذا، خذلتهم آلهتهم كأن لم يجأروا[794] لها بالدعاء، ولم يزاولوا في محاريبها طقوس تعبّدهم التي ألهبت أكفّهم بالتصدية، وأحرقت حناجرهم بالمكاء؟ ولم يكن حقدهم على الشاب وليد مقتهم إيّاه إذ هو ابن عمّ عدوّهم الذي أذاقهم مرارة الخذلان، ولا لأنّه حبيبه وربيبه، ولا لأنّه أول امرئ في العالمين أسلم، وآزر الرسول يوم لم يكن له في عشيرته الأقربين نصير، ولا لأنّه هو الذي جازف بحياته، وقدّمها فداءً لرسول الله عندما نام دونه في سريره، ملتحفاً ببرده، والشواهد كلّها تدلّ على أنّه لا محالة مقتول . فلعلّ من القوم من يقرن فتى أبي طالب بفتى إبراهيم، فما تردّد كلاهما لحظةً عن تلبية دعوة ربّه إلى التضحية بالروح إبراهيم أبو الأنبياء، قال لولده عن أمر الله: (يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى...) . فلم يتردّد الابن لحظةً واحدةً، بل أجاب: (يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)[795] وأسلم على ثرى «ثبير» رقبته للسكّين . ومحمد أمر ابن عمّه ـ بأمر ربّه ـ أن يبيت عنه في فراشه ليردّ عنه عادية الاغتيال ... فأسرع يلبّيه، وكلمات النبي ما زالت عالقة بجوّ المكان، ورقد حيث أمر، مسلّماً جسده كلّه لأسياف المشركين .