وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

على مدى الرحلة النبوية الشاقّة إلى «يثرب» عاشت الزهراء كمن تراوحت بها الأيام بين اليقظة وبين المنام، في نهارها كانت في حلم أزهر، وضيء الرؤى، مستنير الصدر، تشرق ملامح اليُمن والخير على صحائف مراياه، وفي ليلها كانت في صحوة، توشك بوعيها الحالم، وحسّها الشفّاف، أن تسمع في إبّانها، وتشهد ما لا تستطيع لقطه آذان، ولا رَمْقه عيون. غير أنّ الأيام كانت بطيئة، تتهادى في السير والأماسي[785] كانت أبطأ، تكاد لا تسير. والوقت طويل كالدهر ... وهي تمضي بقلبها، تتابع انطلاق أبيها على طريقه المفروش بالخطر، خطوةً خطوةً، بل شبراً شبراً، وفتراً وراء فتر. وكانت مكة كلّها في هرج محموم ... اللغط[786] يضطرب فيها بسادتها بين القطع والحدس، وبين صدق الحقائق وشطح الأوهام، بل كانت ثرثرتهم أصدق تعبيراً عن أمانيهم منها عن الواقع الذي كانت تشهده حينئذ المفاوز والمغارات والجبال والرمال بل كانوا كثيراً ما ينحرفون! ثم انتقلت العدوى منهم، فإذا هذا الذي يخالون أويعلمون ينتشر منهم في البلدة الحرام ظنوناً ومشاعر وخيالات، تصكّ كلّ أُذن، وتملأ كلّ خاطر، وتتواثب على الألسنة والشفاه كلمات وعبارات. فليس للقوم مَعجَبة تذهل سوى تسرّب محمد من بين شفرات سيوفهم المشرعات تسرّب النسمة الرُخاء[787]، وليس لهم دون ظفرهم به شاغل أو رجاء. وكما تعقّبه أصحاب نقمتهم وثأرهم في الفلوات، راح أشرافهم وسادتهم يتعقّبونه في الأخبار ... فلكلّ مرحلة من رحلته المعمّاة هذه لديهم نبأ، ولكلّ خطوة حديث،