وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

هو ليل بلا نهار ـ إنّما كان في عيون المسلمين وأخلادهم صورةً مضيئةً للصبر والجلد والإصرار، تضيف ذخراً ثرياً إلى رصيدهم من الثبات أمام قواصف الخطوب، وقواصم الأرزاء. وازدادوا يقيناً إلى يقين، وردّت إليهم الروح. أمّا الزهراء فقد أترع[725] قلبها سلام، ولئن كانت مشاعرها سالت عبرات، فالدمع لغة الأفراح، كما هو لغة الأشجان ... وما أحسب شؤونها اندفقت حينئذ من حزن، ولا انطلقت من حبور، بقدر ما فاضت عن إحساس بألم مبرّح، لا يكاد ينضب له معين. وهل كانت لتأسى على ما فات، أو تفرح بما هو آت، وإنّها لتعلم أنّ الذي وقع بالطائف إن هو إلاَّ قدر مقدور؟ أو هو شطر من مُكُوس[726] التكليف السماوي بالنبوة، يؤدّيه أبوها وهو راض مختار؟ أو هو بلاء لأتباعه واختبار؟ وهل كان طريق الدعوات دائماً إلاَّ دولة بين المدّ والجزر، وبين الانتشار والانحسار، حتّى يقضي الله أمره ويؤتي نصره؟ إنّما إحساس فاطمة كان أدنى إلى الألم والوجيعة، حتّى لكأنّها هي التيوقعت في مرمى الرضخ[727]، تنهال عليها حجارة أُولئكم السفهاء، فتصيب منها قلبها قبل أن تدمي جسدها، وتثخن جوارحها الجراح. ومع هذا، فليس ما وقع بالطائف بآخر بلاء، بل كان باباً إلى بلاء جديد شديد، إن لم يكن فدح الأبدان فقد فدح الأرواح ... ذلك حدث الإسراء. تقول الآثار: لمّا أراد الله لنبيّه الفضيلة، وشاء أن يمسح عنه بلطف رحمته الربانية ما لقيه على أيدي عتاة المشركين من هوان، ليزيده أُنساً بعزّته، وثقةً في نصره، وليبدله بألمه متعة، وبقلقه سكينة، ارتضى له سبحانه شرف رفعه مكاناً علياً، قريباً