وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

تغالوا في عنفهم بمحمد وأصحابه إلى أقصى الغُلواء[492]، فإذا شدّتهم هذه ـ وإن أبردت بعض غليلهم ـ لم تكن لترضي كثيرين بين رجالات قريش النافرين من الإسلام. ولا مَراء، فلوشيجة[493] القُربى حقوق، ولصلة الأرحام حقوق، وللنسب والصهر حقوق، وهم إن آذوا، فالأذى إذاً لاحقٌ ببضعة منهم، ومردودة عقباه عليهم غداً، أو بعده، أو في نهاية المطاف. لكنّهم كانوا قوماً لايفقهون، فعدوا كما أغراهم السفه، وساقتهم خفّة العقول، حنق طائش، وغيظ جموح[494]، وحمق حرون[495] ملكت عليهم أعنّتهم[496]، فانطلقوا في سلوكهم مع الهوج إلى أبعد الآمال، بغير تبصّر ولا اشتشفاف لعقبى الأُمور، ولا انتهاج لحنكة السياسة، أو التسلّح بإحكام الإعداد. فهل ترى حسبوا عدوانهم الطاغي مستأصلاً غريمهم من الجذور؟ أم ظنّوا عنفهم تجارة رائجة في سوق الكفاح لن تبور؟ أم غرّهم أنّهم الأكثرون؟ بل عداهم الصواب، فلا محمد تمهّلت به خطواته على الطريق، ولا أصحابه أوهنهم الويل والعذاب. وتلك سنّة الفطرة، طبيعة الحياة، ناموس «الدفع» الذي يحفظ على المجتمع الإنساني حركته من أجل صيانة المثل السامية وكرامة الإنسان أن يغمرها الجمود والركون (وَلَوْلاَ دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْض لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً)[497].