وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

الثورة الاسلامية وحركة الصحوة الاسلامية مرتضى شيرودي ([1]) موجز يعتقد الكثير من الخبراء والباحثين بأن الثورة الاسلامية في ايران كانت تشكل احد العوامل والأسباب المهمة والمؤثرة في دفع عملية الصحوة الاسلامية والوعي للمسلمين وزيادة الفعاليات الاسلامية المؤثرة في المجتمعات الاسلامية. لذلك نشير في هذا المقال الى بعض هذه الآثار وفي البداية يشير المقال أولاً الى القواسم المشتركة التي أتاحت المجال للتأثير المتبادل بين الثورة الاسلامية وحركات التحرر السياسية المعاصرة وهناك وجود افتراق بينها فالآثار الايجابية تقلل من التأثير المتبادل. ثم يدرس انعكاس الثورة الاسلامية في جوانبها السياسية والثقافية على الحركات السياسية الاسلامية المعاصرة. وفي الختام يستند على الآلاف من النماذج الموجودة في هذا المقال كحزب الله اللبناني.([2]) مقدمة توقع اقبال لاهوري في كتاب فلسفته بأن تصبح طهران في المستقبل قاعدة للمسلمين([3]). وبعد الثورة الاسلامية تحولت ايران كذلك الى ام القرى ودار الاسلام([4]). حتى وتتمكن ايران بسبب موقعها الفريد ومصادرها الهائلة اللامتناهية للطاقة والوسائل الثقافية والاعتقادية القومية([5]) أن تتحول الى مركز لتنظيم الحضارة الاسلامية الجديدة. لأن الثورة الاسلامية في ايران تختلف عن باقي الثورات في ظهورها وطريقة الكفاح فيها وفي دوافعها. ([6]) ويمكن ان تكون متميزة وأكثر تقدمية من باقي الثورات في تداعياتها ومكاسبها. فهذه الخصائص تمتد جذورها الى الدين والمعتقدات الدينية. فهذه الثورة النابعة عن الدين ساهمت في احياء الدين وتجديد حياة الاسلام في ايران وفي العالم وتمثلت احد جوانبها بولادة الحركات السياسية الاسلامية المعاصرة في العقدين الأخيرين واستمرارها ولذلك هناك عدد من الأسئلة تطرح نفسها في هذا المجال، ومنها: 1ـ لماذا تركت الثورة الاسلامية الايرانية تأثيرها على الحركات السياسية الاسلامية المعاصرة؟ 2ـ ما هي التأثيرات التي تركتها الثورة الاسلامية على الحركات السياسية الاسلامية المعاصرة؟ 3ـ ما هو مدى تأثير الثورة الاسلامية على الحركات السياسية الاسلامية؟ ينوي هذا المقال الأجابة على هذه الأسئلة الثلاثة. مجالات افادة الحركات الاسلامية من الثورة الاسلامية للاجابة على سؤال يختص بسبب تأثير الثورة الاسلامية الايرانية على حركات التحرر السياسية الاسلامية؟ يمكن الاشارة الى المجالات المشتركة الكثيرة الموجودة بين الثورة الاسلامية الايرانية وحركات التحرر السياسية الاسلامية المعاصرة. ومن هذه المجالات التي يمكن اعتبارها اسباب الميول المماثلة او عناصر الاتجاه الموحد أو الصبغة الواحدة فهي عبارة عن: 1ـ العقيدة الموحدة: رغم كون الثورة الاسلامية الايرانية ثورة شيعية إلا انها تؤمن ككل مسلم وأية حركة اسلامية أخرى بوحدانية الله (لا إله إلا الله) كما تؤمن برسالة الرسول الكريم (ص) (أشهد أنه لا إله إلا الله)، وتعتبر الكعبة قبلة لآمالها ولتطلعاتها المعنوية. وتعتبر القرآن الكريم كلام الله عز وجل والمنقذ للبشرية من ضلالتها. وتؤمن بالحياة بعد الموت وقبل ذلك بالسلام والآخرة والمساواة.([7]) كما يقول الإمام الخميني (رض): لتكون كلمتكم موحدة في كلمة التوحيد المشترك بين الجميع وفي المصالح الاسلامية المشتركة بين الجميع. ([8]) لكن خصائص العمل الثوري للإمام الخميني (رض) ومواقفه المناوئة للاستعمار والتي يتفق عليها معظم المسلمين في العالم عليها قد زادت من التأثير المتبادل للثورة الاسلامية والحركات الاسلامية. ([9]) 2ـ العدو المشترك: تواجه الثورة الاسلامية وحركات التحرر الاسلامية عدواً مشتركاً والمتمثل بالاستكبار العالمي بقيادة أميركا (الشيطان الكبير) و(اسرائيل الغدة السرطانية) فإنهم ككفار قريش والمغول الوحشيين والصليبيين المسيحيين والمستعمرين الاوروبيين والصربيين العنصريون وغيرهم يهددون الكيان الاسلامي. وتحمل الثورة الاسلامية التي تطرح شعار لا شرقية لا غربية لواء محاربة العدو المشترك للعالم الاسلامي([10]). وقال الإمام الخميني (رض) في هذا الجانب إن عدونا المشترك اليوم اسرائيل واميركا وامثالهما ممن ينوون القضاء على كرامتنا واخضاعنا مرة ثانية الى ظلمهم، فعليكم بازاحة هذا العدو المشترك([11]). 3ـ الهدف المشترك: تنشد الثورة الاسلامية الايرانية وحركات التحرر الاسلامية المعاصرة ازاحة الظلم والغار وتطبيق القوانين الاسلامية وارساء الحكومة الاسلامية في المجتمع الاسلامي ورفع راية لا إله إلا الله في كافة ارجاء العالم عبر نفي القوى الظالمة والاعتماد على القوة الازلية الإلهية وجماهير الشعب. انتبهوا الى ما يقوله الإمام الخميني (رض) في هذا الجانب: ليكن الجميع في الساحة، إننا ننوي المحافظة على الإسلام إذ لا يمكن المحافظة على الاسلام والبقاء في الهامش، لا تظنوا بأن الواجب يسقط عنكم بانعزالكم([12]). لكن البعض من حركات التحرر السياسية الاسلامية ترغب في العمل بالأحكام الاسلامية في بلدانها فقط والبعض الآخر منها ينوي تشكيل حكومة مستقلة دون التأكيد على الشكل الاسلامي للحكومة([13]) لذلك يمكن القول بأن الحركات الاسلامية المعاصرة ترى حياتها رهن الثورة الاسلامية، لأن الثورة الاسلامية قد منحت الإسلام والمسلمين حياة جديدة وانقذتهما من العزلة والحقارة، وأكدت عجز الماركسية والليبرالية والقومية في ادارة وهدي المسلمين طرحت الاسلام باعتباره الحل الوحيد للحياة السياسية للمسلمين. وقال رجل الدين الفلسطيني البارز الشيخ عبدالعزيز عودة: لقد شكلت ثورة الخميني (رض) أهم جهد وأكثر جدية في الصحوة الاسلامية للشعوب الاسلامية. فعليه يرتبط الكيان السياسي للحركات السياسية الاسلامية بالثورة الاسلامية. وقد أتاح هذا الشيء المجالات اللازمة لتأثر الحركات الاسلامية بالثورة الاسلامية.([14]) 4 ـ الميل نحو الوحدة: إن تأكيد الثورة الاسلامية وقيادتها على ضرورة تحقيق الوحدة بين كافة الفئات وبين كافة المذاهب الاسلامية نحو تحقيق النصر على الساحتين الداخلية والخارجية يشكل مجالاً آخر لتوجه الحركات السياسية الاسلامية المعاصرة نحو الثورة الاسلامية. لأن الثورة الاسلامية التي تقتدي النهج الاسلامي المحمدي (ص) الأصيل لا تجعل أي تمييز بين المسلمين سواء كانوا ملونين او بيض او اوروبيين وغير اوروبيين وأنما لا تؤكد على الجوانب المثيرة للخلاف بين المسلمين، بل انها تخطو نحو اتحاد المسلمين بايجادها لدار التقريب بين اصحاب المذاهب الاسلامية واقامة اليوم العالمي للقدس واصدار فتوى الامام الخميني ضد سلمان رشدي واقامة اسبوع الوحدة والاحتفال به. ولذلك هناك طيفاً واسعاً من المجموعات غير الشيعية وحتى حركات التحرر غير الاسلامية يقتدى بالثورة الاسلامية في ايران ويعتبرها انموذجاً واسوة له.([15]) فعليه ليس من المستغرب أن يشن المسلمون من اهل السنة الفلسطينيين عملياتهم الاستشهادية باسم الإمام الخميني (رض). يقول الصحفي الباكستاني مجيب الرحمن في هذا الجانب إن التأثير الكبير الذي تركه الإمام هو رغم كونه قائداً شيعياً إلا إنه لم يبلغ للفصل بين المسلمين، فكانت صرخته للاسلام([16]) ومن أجل الاسلام. 5ـ النزعة الشعبية: لقد كانت النزعة الشعبية للثورة الاسلامية سبباً في نشر واتساع مساحة الثورة الاسلامية وقبولها من جانب المسلمين. فكانت الثورة في عام 79 وقيادتها تؤمنان بمنح القيمة للشعوب وليس للحكومات. كمثال على ذلك إن القيمة التي كانت توليها ايران الاسلامية للحج وأهميته وقيمته كانت تعكس الاتجاه الشعبي للثورة الاسلامية. لأن الإمام الخميني قد اخرج الحج من كونه مراسم عبادية بحتة وذلك عن طريق التبرئ من المشركين والذي يشير بذلك الى براءة الرسول الكريم (ص) من المشركين في الصدر الاسلامي رغم الثمن الذي كلفها ذلك بمقتل نحو 400 حاج ايراني في عام 1987، ولكن بالرغم من ذلك عاد الحجاج الايرانيون بعد ثلاثة اعوام من ذلك التاريخ مرة أخرى الى مكة المكرمة واطلقوا مرة اخرى هتاف وصرخة البراءة من المشركين ولكن بحجم أقل.([17]) إن ما هو موجود بين ايران الثورية والعالم الاسلامي لا يشكل جوانباً مشتركة، بل هناك اختلافات ومصاعب ايضاً يمكن ملاحظتها. ومنها: أ ـ الشيعة الإمامية: يشكل عديد الشيعة الإمامية ما يزيد عن 10% من مجموع نفوس المسلمين في العالم. فالشيعة بالإضافة الى مسكهم زمام السلطة السياسية في ايران وسوريا (العلويون) يشكلون الأكثرية في بلدان كالعراق والبحرين ومن المحتمل في لبنان. فهناك نوع من التعارض التاريخي بين الشيعة وأهل السنة. ولكن تعارض السني الوهابي للشيعة وتقارب السني السوري للشيعة والثورة الاسلامية أكثر من غيرهم. حتى وإن أهل السنة المتأثرين بالتصوف هم أقل تعارضاً مع الشيعة. ويعتبر جيش الصحابة في باكستان وطالبان في افغانستان من مصاديق المعارضين للشيعة في العالم الاسلامي. فعلى أية حال رغم ميول الثورة الايرانية نحو الوحدة فإن معارضة أهل السنة للشيعة لم تزول تماماً.([18]) ب ـ العرب والفرس: لقد ظهر التعارض بين العرب والعجم منذ بدء دخول الاسلام الى ايران. وإن ظهور تيار الشعوبية كان يمثل انموذجاً من وجود هذا التعارض القومي. فالعباسيون والامويون وكذلك العثمانيون والصفويون قد شدد كل واحد منهم بشكل من الأشكال هذا التعارض وكانت الحرب العراقية ضد ايران باسم حرب القادسية اهم حرب بين المسلمين والساسانيين التي اعتبرت بين الايرانيين والعرب. فعلى أية حال إنهم أي العرب اعتبروا الايرانيين مجوساً وعلى هذا الأساس كانوا يعتبرون الفرس العرب يعادون الاسلام والايرانيين معارضين له.([19]) ج ـ تصدير الثورة الاسلامية الايرانية؟!: البعض من شعارات وخطابات الثورة الاسلامية نظير هذاالكلام للإمام (رض) إن حركتنا آخذة بالتوسع وتتجه الى داخل الشعوب...([20]) اعتبرها البعض نية من جانب ايران للتدخل في البلدان الأخرى والاطاحة بالأنظمة السياسية لها. ولكن بعد عام من ذلك قال الإمام: إن تصدير الثورة بالسلاح لا يعد تصديراً لكن التصدير الحقيقي هو يكون عندما تتنامى الحقائق الاسلامية والاخلاق الاسلامية والاخلاق الانسانية([21]). وفي مجال آخر قال الإمام: إن معنى تصدير ثورتنا هو ان تستيقض كافة الشعوب وتستيقض كافة الحكومات وانقاذ انفسهم من هذه المحن التي يعانون منها([22]). وفي المجموع رغم وجود كافة الصعاب الموجودة والتي اعترضت ارساء العلاقات بين ايران الثورية والعالم الاسلامي والتأثير المتبادل بينها، لكن قواسمها المشتركة اكثر بكثيرمن خلافاتهما. تأثر الحركات الاسلامية بالثورة الاسلامية للاجابة على هذا السؤال الذي نطرحه حول التأثيرات التي تركتها الثورة الاسلامية على الحركات السياسية الاسلامية المعاصرة فإننا نستطيع أن نشير الى الآثار المتعددة والمتنوعة في هذا الجانب والمقال هذا لا يتسع للحديث عن جميع هذه الآثار وإنما نكتفي بالإشارة الى البعض من انعكاسات هذه الثورة على الجانبين السياسي والثقافي. أ ـ الانعكاس السياسي: نشير في هذا الجانب الى بعض الانعكاسات السياسة لثلاثة مواضيع وهي اختيار الاسلام باعتباره ايديولوجية للكفاح وبذل الجهود من أجل تحقيق الحكومة الاسلامية ودور الثورة الاسلامية في الحياة السياسية للحركات الاسلامية: يتمثل احد اهم المكاسب للثورة الاسلامية في انبعاث الحياة في الاسلام في العالم ويقول سماحة قائد الثورة في هذا الجانب: رغم مضي اكثرمن 150 عاماً من التخطيط المتطور والشامل ضد الاسلام لكن اليوم يشهد العالم حركة اسلامية عظيمة بات فيها الاسلام في افريقيا وفي آسيا وحتى في قلب اوروبا ناشطاً وقد اكتشف المسلمون شخصيتهم وهويتهم الحقيقية([23]). وبعبارة اخرى لقد ولى ذلك العهد الذي كانت الثقة بالنفس لدى المسلمين معدومة في الفئات المثقفة حيث كان الكثير منهم يرغب في الذوبان في الهوية العالمية ونسيان ماضيهم وإذا كانوا ينظرون الى ماضيهم كانت نظرتهم نظرة تفننية ومن اجل التسلية وقد احيت الثورة الاسلامية الثقة بالنفس التي كانت تشكل في يوم الرصيد للحضارة الاسلامية الكبرى وعملت على تخصيبها.([24]) وقد ترك تجديد حياة الاسلام هذا على حركات التحرر آثار مختلفة على الحركات الاسلامية. وتمثل احد هذه الآثار في انتخاب الاسلام كأفضل وأكمل اسلوب للكفاح. وقال الناطق باسم حركة الجهاد الفلسطيني في لقائه بالامام الخميني (رض) حول هذا الموضوع لقد كانت الانتفاضة بريقاً من النور وانعكاساً لانتصار ثورتكم الكبرى، الثورة التي اوجدت اكبر تحول في عصرنا([25]). في حين قبل ذلك لم يلعب الاسلام دوراً يذكر في ساحة النضال ضد اسرائيل([26]). فإن هذا الاتجاه يعني وضع الأفكار غير الدينية وخاصة الوطنية والليبرالية والشيوعية جانباً والتخلي عن فكرة الجبرية لمصير الانسان التي كانت قد جعلت الجميع عاجزين عن انقاذ الشعوب الاسلامية من مخالب الاستبداد الداخلي والخارجي. ويرى الشيخ عبدالله الشامي وهو احد القادة الفلسطينيين بعد الثورة الاسلامية الايرانية: أدرع الشعب الفلسطيني حاجته الى القرآن والبندقية للتحرر. في حين كانت معظم الحركات الثورية في حكر المجموعات الماركسية. فعلى أية حال كانت الثورة الاسلامية تأكيد على الجانب السياسي للاسلام. وبعدها تبلورت المنظمات السرية في بعض البلدان وتم تنظيم الكفاح المسلح على أساس الاسلام([27]). فالتوجه نحو الكفاح على أساس الاسلام لا يكون نتيجة لتجديد حياة الاسلام الذي يسميه البعض الأصولية الاسلامية. بل التوجه الجديد للاسلام قد شهد تقييماً جديداً وحديثاً للاسلام تشجع فيه المسلمون بالصمود والمقاومة والاصرار على بلوغ حقوقهم. فكان يتم ذلك في يوم من جانب حسن البنا والسيد قطب في حركة الاخوان المسلمين. لكن الثورة الاسلامية قد حولت الاسلام الثوري بشكل اكثر جدية وطرحته في الساحة. لكن هذا الكفاح الثوري لا يعني فقط اللجوء الى السلاح بل هناك سبلاً أخرى سلمية تشبه ما اختاره حزب الرفاه التركي في نشاطه.([28]) وقد تحول النظام الاسلامي الذي تبلور بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران الى افضل انموذج والى اهم مطلب سياسي للمناضلين المسلمين. وقال في هذا الجانب احد زعماء المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق: إننا كنا نقول آنذاك بأن الإسلام قد انتصر في ايران وسرعان ما ينتصر كذلك في العراق، فعليه يجب علينا أن نتعض به والاقتداء به.([29]) وبعبارة اخرى لقد أثارت الثورة الاسلامية نحو 5ر1 مليار من المسلمين ودفعتهم للتحرك نحو اقامة حكومة الله في الارض([30]). ويلاحظ هذا المنحى وهذا الاتجاه في القانون التأسيسي وفي التصريحات والأداء السياسي للحركات الاسلامية السياسية المعاصرة بأشكال مختلفة. وقد أبديت رغبة الحركيين المسلمين نحو ايجاد حكومة اسلامية في الاوجه الثلاثة التالية: أ ـ بعض المجموعات الاسلامية الموجودة في العالم الاسلامي لا تخشى الاعلان عن معارضتها العلنية للحكومات غير الشرعية ولا تولي تلك الأهمية بالأحاديث التي تؤكد ضرورة الاطاعة للحاكم الاسلامي في كافة الظروف بل انها تطالب بإرساء حكومة اسلامية أو نظام المصطفى (ص) في بلادها. وقد طرح البعض من المجموعات هذا الشيء في نظامها التأسيسي (كالمجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق) أو في (حزب الدعوة) وهناك البعض من حركات التحرر (كما في كشمير وافغانستان) جعلت التوصل الى استقلال سياسي هدفها السياسي الأول قبل تاسيس الحكومة الاسلامية([31]). ب ـ البعض من المجموعات الاسلامية أعلن رغبته بضرورة تطبيق الشريعة الاسلامية (كنهضة جمعية الارشاد الاسلامي بمصر) أو عبر ترجمة كتاب الحكومة الاسلامية للإمام الخميني (رض) (كاليسار الاسلامي في مصر) أو التأكيد على ان الجمهورية الاسلامية الايرانية هي الحل الوحيد (كجبهة الانقاذ الاسلامي الجزائرية)([32]) مبدين رغبتهم لتشكيل حكومة اسلامية. ويقول الدكتور علي اكبر ولايتي في المجلد الاول لكتاب اقامة الثقافة والحضارة الاسلامية وايران في هذا المجال: (لقد تبلورت جبهة الانقاذ الاسلامي بقيادة عباسي مدني لتأسيس حكومة اسلامية واتسعت بسرعة)([33]). كما بذل آية الله السيد محمد باقر الصدر قبيل بدء الحرب المفروضة للاطاحة بالنظام العراقي وايجاد حكومة اسلامية على نمط الحكومة الايرانية أي الجمهورية الاسلامية على أساس ولاية الفقيه. ففي انتفاضة 1370 ش هـ / 1991 ابدى الشيعة العراقيون رغبتهم لتأسيس حكومة اسلامية في برامج اذاعة صوت الثورة العراقية.([34]) ج ـ البعض من الحركات الاسلامية الأخرى قد أخرجت نفسها من الإطار الوطني الضيق وترغب بإقامة نظام اسلامي على أساس الأمة الاسلامية الموحدة او الواحدة من الخليج الفارسي وحتى المحيط الاطلسي (كرابطة الدعوة الاسلامية في الجزائر) أو على أساس مبدأ ولاية الفقيه وقبوله، واتباع قيادة الثورة الاسلامية في ايران. فهذه المجموعات تكون على شكلين مجموعة منها تجد نفسها قريبة من قيادة الثورة الاسلامية من الناحية العقائدية والدينية (كحركة أمل اللبنانية) والفريق الآخر منها ينتهج من الناحية السياسية ومن الناحية الدينية قيادة الثورة الاسلامية الايرانية (كحركة حزب الله اللبناني).([35]) لقد اتخذت المجموعات والمنظمات الاسلامية المذكورة لتحقيق نظام قائم على الإسلام سبل وأساليب مختلفة. فالبعض منها ينوي استخدام العنف وحمل السلاح للقضاء على الأنظمة الموجودة في بلدانها وهناك مجموعات أخرى لا تجد الظروف الحالية مساعدة لاتخاذ اجراءات مسلحة ضد انظمتها، وإنما تنتهج أساليب سلمية كالمشاركة في الانتخابات البرلمانية لتغيير الأنظمة الموجودة (كحزب الرفاه الاسلامي في تركيا) وهناك مجموعات أخرى التي تنتهج الاسلوبين وإن حزب الله اللبناني انموذج ذلك فإنه يحارب اسرائيل والحكومة المارونية اللبنانية لتشكيل حكومة اسلامية وبطريقتين مختلفتين وفي ذات الوقت متكاملين أي الحرب ضد اسرائيل والتوجه للمشاركة في الانتخابات النيابية في لبنان([36]). ولعبت الثورة الاسلامية في ايران دورها في ولادة الكثير من الحركات الاسلامية وتحركها. ويلاحظ هذا التأثير بشكل جلي عند إلقاء نظرة عابرة على الملف السياسي لحركات التحرر الاسلامية في العقود الاخيرة. فالبعض من المجموعات السياسية يشعر بفضل الثورة الاسلامية عليها في ولادتها وكيانها، فهذه المجموعات تكون على قسمين، قسم منشق عن حركة اسلامية قديمة غير ناشطة كأمل الاسلامية من حركة أمل وحركة الجهاد الاسلامي من حركة اخوان المسلمين الفلسطينية. وفي الواقع بعد انتصار الثورة الاسلامية اول مركز للجهاد الاسلامي الفلسطيني نشاطه في شريط غزة([37]). وهناك فريق من هذه المجموعات لم يكن تابعاً لحركة او مجموعة بل يشكل وجوداً وظاهرة جديدتين (كنهضة اجراء الفقه الجعفري الباكستانية) رغم ان هذه المجموعة تدافع عن مصالح الثورة الاسلامية ومتأثرة بهذه الثورة اكثرمن سابقتها، لكن كافة هذه المجموعات تتفق في الدفاع عن الثورة الاسلامية الايرانية والاقتداء بقيادتها واعتبارها انموذجاً لها. البعض الآخر من المجموعات والحركات السياسية الاسلامية قد خرجت من حالة الخمول والركود والانفعال وذلك بتأثير تجديد حياة الإسلام وهو من ثمار الثورة الاسلامية الايرانية في القرن الأخير او انها بدأت كفاحاً عسكرياً وسياسياً جديداً ضد حكوماتها والنظم السائدة فيها كالحركة الاسلامية في جامعات النجاح وبيرزيت وغزة والقدس والخليل والتي توسعت بشكل ملحوظ بعد الثورة الاسلامية([38]). أو مجموعة جماعة المسلمين التي كان لها حضوراً محدوداً في شريط غزة، وبعد الثورة الاسلامية الايرانية وفي اعقاب الاحكام التي صدرت من جانب المحكمة العسكرية في الرملة ضد اعضائها قد توسع نشاطها([39]). فقسم من هذه المجموعات قد اكتفى بزيادة حجم نشاطه وله توجه باستخدام الأساليب السلمية في عملية كفاحه، والبعض الآخر منها قد زاد بشدة من حجم نشاطه المعادي للحكومة واعتمد الأساليب المسلحة وينوي القضاء على الأنظمة القائمة. وقد لعبت الثورة الاسلامية كذلك دورها بشكل آخر في التحرك السياسي لعدد من الحركات التي يكون ظاهرها اسلامياً والتي لا تربطها أية صلة وعلاقة بالثورة الاسلامية. فهذه المجموعات قد ظهرت للوجود او اتسعت مع ولادة الثورة الاسلامية وبغية مواجهة هذه الثورة وقد تبلورت هذه المجموعات بدعم مالي من بعض الدول الاسلامية العربية الثرية كالوهابية في باكستان ومنظمة التحرير الفلسطينية في فلسطين المحتلة ولهذا السبب قد انفصل بعد الثورة الاسلامية صف الاسلام المهادن (الاسلام الاميركي) عن الصف الاسلامي المحمدي (ص) الاصيل بشكل كامل. ولذلك تبذل الدول العربية الاسلامية جهوداً كبيرة لتحسين وضعها الاقتصادي والتظاهر بالنهج الاسلامي.([40]) ب ـ التأثير الثقافي: تعود اهمية الشؤون الثقافية الى كونها تشكل القاعدة والأساس للشؤون السياسية وبتعبير آخر تعد الشؤون الثقافية الارضية اللازمة للشؤون السياسية ولذلك انها ذات صبغة سياسية وانها تصلح للطرح في الحقل السياسي ولذلك سنشير في هذا الجانب الى عدد من المواضيع الثقافية المتعلقة بالعودة الى قيم الكفاح الاسلامي وانتهاج الشعائر والشعارات الثورية الايرانية ولا يعني طرح هذه المجالات عدم أهمية باقي الشؤون الثقافية. لقد طرحت الثورة الاسلامية قيماً ثقافية جديدة في الكفاح السياسي للحركات الاسلامية وكان التوجه نحو الجهاد يشكل احد هذه القيم. وقد قبلت الحركات الاسلامية بعد الثورة الاسلامية الايرانية الجهاد والشهادة والتضحية بالنفس كمبادئ اساسية. وبعبارة اخرى ان مبادئ كالجهاد والشهادة والتضحية التي كانت تشكل الانموذج للحركات الثورية للشيعة وشعاراً اسلامية قد قبلت كمبادئ اساسية للنضال، وينظر اليها كواجب وفريضة دينية وقد خاطب الناطق باسم حركة الجهاد الاسلامي الفلسطيني في لقائه بالإمام (رض) قائلاً: لقد ادرك شعبنا المسلم والعظيم بظهور ثورتكم بأن طريقة الجهاد والكفاح وقال الشيخ اسعد التميمي والذي كان احد القادة الفلسطينيين في هذا اللقاء: عندما كانت الثورة الايرانية والاسلام غائبين عن ساحة الحرب كان يتم استخدام كلمات كالنضال والكفاح بدل كلمة الجهاد([41]). غير ان الحركات السياسية الاسلامية المعاصرة كانت تستخدم هذه الكلمات بأشكال مختلفة كالعمليات الاستشهادية (في فلسطين) او الكفاح المسلح والحرب (في افغانستان)([42]). وكان الطابع الشعبي يمثل احد خصائص الثورة الاسلامية الايرانية والذي دخل في الحركات السياسية الاسلامية. وبعبارة أخرى لقد أدركت هذه الحركات قدرة الاسلام على تعبئة الطاقات الشعبية ولذلك انها توجهت من الاعتماد على الطبقة المثقفة نحو الاعتماد على الشعب. ووسعت نتيجة ذلك قاعدتها الشعبية. كمثال على ذلك تتألف النواة الأساسية للنضال في فلسطين من رجال الدين والطلبة الجامعيين والشباب والأحداث. فعلى أية حال باتت الحركات تتابع كفاحها على شكل شعبي ويرى الدكتور حسن الترابي زعيم الجبهة الاسلامية في السودان: لقد قدمت الثورة الاسلامية فكر العمل الشعبي والإفادة من جماهير الشعب كهدية ثمينة لتجارب الدعوة الاسلامية في العالم الاسلامي. إن الرغبة نحو فكر العمل الشعبي قد دفعت الحركات الاسلامية نحو نزعة الوحدة الدينية والقومية. كمثال على ذلك يعتمد احد بنود بيان المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق الذي ينطوي على 6 بنود على الوحدة الاسلامية وفي المجموع لقد ساهم هذا الموضوع ابعاد الحركات الاسلامية السياسية عن الخلاف والتفرقة وجعلها تتمتع بتشكيلات اقوى وطاقات أوسع ودعم اكبر اكثر دواماً.([43]) وكان النمط الآخر من تأثيرات الثورة الاسلامية على حركات التحرر الاسلامية المعاصرة يعود الى تقليد شعارات الثورة الاسلامية من جانب الحركات الاسلامية كمثال على ذلك لقد رفع الشعب التركي المسلم في احتجاجاته قبل انقلاب عام 1980 في تركيا الاستقلال الحرية والجمهورية الاسلامية كماكان اهالي كابل يهتفون من فوق سطوح منازلهم شعار الله اكبر كما حملت يافطات المسلمين في مصر شعار لا غربية ولا شرقية. وكان أهالي كشمير يهتفون في مسيراتهم التي تجاوز عديدها 200 الف شخص في عام 1990 شعار الله اكبر والخميني قائد. وينوي الجهاد الاسلامي الفلسطيني أن يرفع تلك الشعارات التي نادت بها الثورة الاسلامية. إنهم كانوا يهتفون شعار لا إله إلا الله الله اكبر والنصر للإسلام. ففي الواقع انهم تخلوا عن الشعارات القومية والإلحادية واختاروا شعارات الثورة الاسلامية. ففي اعوام 1980 ـ 2000 كان المتظاهرون في شوارع كيب تاون بجنوب افريقيا يهتفون بشعار الله اكبر. ويعيد هذا الموضوع ما قاله الإمام الخميني (رض) في هذا الجانب الى الأذهان إذ قال إن صرخة الله أكبر التي يطلقها الشعب الجزائري من فوق الأسطح كانت اقتداءاً بالشعب الثوري الايراني.([44]) لقد باتت الحركة السياسية الاسلامية المعاصرة متأثرة بالثورة الاسلامية الايرانية فإنها تنبع من المساجد وتنتهي الى المساجد والأماكن المقدسة. حتى وإن الطلبة الثوريين باتوا ينظمون حركاتهم المناوئة للحكومة من مساجد الجامعات وبذلك أصبحت المساجد ذات رونق جديد. وبات بناء المساجد الجديدة آخذاً بالازدياد. كمثال على ذلك لقد تضاعف عدد المساجد الجديدة في فلسطيني في عامي 1999 و2000 ثلاث مرات قياساً بالفترة المشابهة السابقة. كما ازداد حجم البرامج في المساجد وازداد الحوار السياسي في المساجد وازدادت الميول نحو صلاة الجمعة وقد تحولت المساجد الى مراكز للمعارضات ضد الحكومة اكثر من السابق. وقد بدأت النواة الأساسية للنضال من داخل المساجد وبأفكار اسلامية واتسعت رقعتها وأخذ الكفاح طابعاً شعبياً وشاملاً. ولهذا السبب تبلورت المرحلة الثانية من الانتفاضة في الأشهر الأخيرة من عام 2000 والتي عرفت بانتفاضة الأقصى. وقبل ذلك كان يطلق على الانتفاضة اسم ثورة المساجد. لعل السبب يعود الى ان إمام جماعة مسجد الأقصى قد ذكر بأن المسجد بات يشكل مصدر اتحاد واستقراروتضامن بين المناضلين الفلسطينيين ضد المحتلين.([45]) من المعالم الأخرى للثورة الاسلامية الايرانية التي يمكن ملاحظتها في انصار الحركات السياسية الاسلامية المعاصرة الحجاب. وقد أزدادت ظاهرة تحجب المرأة وتحشمها في كافة مناطق العالم بعد انتصار الثورة الاسلامية حتى وقد استخدمت المرأة في بعض البلدان الاسلامية كلبنان والجزائر الشادر الذي يشكل الرمز للحجاب الايراني. وفي تركيا ورغم معارضة الحكومة باتت ظاهرة الحجداب آخذة في الازدياد. والمرأة الفلسطينية ازداد توجهها نحو الحجاب الى جانب زيادة التوجه نحو الصلاة كما ازداد نشر الصحف والمجلات الاسلامية وتتم مهاجمة محلات بيع الخمور ومراكز الفحشاء والدعارة بشكل متزايد. وقد نفذ الحجاب الاسلامي حتى في قلب اوروبا الأمر الذي جعل الحكومة الفرنسية تعارض بشكل متكرر موضوع الحجاب في المدارس الفرنسية وأوجدت ظاهرة باسم حرب مناديل تحجب المرأة.([46]) أحد الآثار الثقافية الأخرى للثورة الاسلامية في ايران والتي تأثرت بها الحركات الاسلامية والسياسية المعاصرة تسيير المظاهرات على الطريقة الايرانية والتي شهتها بعض البلدان الاسلامية مثلاً تظاهر الشعب في المدن العراقية في النجف وكربلاء تأييداً للثورة الاسلامية الايرانية والاقتداء بها. بتاريخ 23 من بهمن عام 1979 وبعدها حدثت تظاهرات على النمط الايراني في مدن الكاظمية والثورة وبغداد وديالى بقيادة آية الله السيد محمد باقر الصدر. حتى في بداية الانتفاضة الجديدة للشعب العراقي أي في عام 1991 فإنهم كالمتظاهرين الايرانيين المعارضين للشاه في عامي 1977 و1978 اطلقوا اسم خميني على مدينة حلبجة وسيطروا على المدن العراقية. والشيعة في العربية السعودية سيروا مظاهرات في اعقاب الثورة الاسلامية الايرانية في مدن القطيف والصفرا واباقيق والخفجي وشيهات. كما جرت مظاهرات مماثلة في عام 1979 في مدن قونية ويوزكات وكوجائيل التركية وتواصلت هذه الوتيرة بأقل أو أشد حدة في الأعوام التي تلت ذلك.([47]) الشعارات التي يكتبها الحركيون المسلمون تشبه اسلوب شعارات المناضلين الايرانيين. كمثال على ذلك الشعب المصري يكتب شعار لا إله إلا الله محمد رسول الله (ص) والآيات القرآنية على زجاج السيارات لابداء معارضته للنظام وفي النجف أصبحت الشعارات على الجدران نعم، نعم للاسلام ولا لا لعفلق. وفي انتفاضة 15 شعبان 1991 لوحظ شعار النجدة يا ايران في المدن العراقية اضافة الى المنشورات والكلمات والملصقات في البلدان ا لاسلامية على غرار ما كان في ايران. ومازالت الضاحية الشيعية في بيروت توجد فيها شعارات الثورة الاسلامية وصور قائد الثورة الاسلامية.([48]) انعكاسات الثورة الاسلامية ودراسة انموذجها لمعرفة مدى تأثير الثورة السالامية على حركات التحرر الاسلامية المعاصرة نشير الى البعض منها وابرزها. شهدت الساحة اللبنانية ابرز انموذج من انعكاسات الثورة الاسلامية. تربط الايرانيين واللبنانيين علاقات كثيرة كالأواصر التاريخية لعلماء جبل عامل وأهالي هذه المنطقة اللبنانية مع الايرانيين في العهد الصفوي والفعاليات السياسية والثقافية والاقتصادية ورجل الدين الايراني الشهير الإمام موسى الصدر الذي كان زعيماً للشيعة في لبنان وتنظيمه المتبقي المتمثل بحركة أمل والحضور الشيعي الكبير في لبنان ووجود (اسرائيل) كعدو مشترك ومهاجمة اسرائيل لجنوب لبنان والمساعدات الانسانية الايرانية الى المحرومين من أبناء الشعب اللبناني وهجرة العديد من الرعايا اللبنانيين الى ايران والإقامة فيها وغير ذلك. فهذه العلاقات جعلت الثورة الاسلامية تترك أثرها في لبنان أكثر من أي مكان آخر. ويلاحظ هذا التأثير في المجالات المتعددة. ففي الحقل الثقافي تلاحظ صور الإمام الخميني (رض) وقائد الثورة المعظم بأعداد كبيرة في مختلف المناطق اللبنانية كما توجد على جدران هذه المناطق صور من الشهداء الذين سقطوا في ساحة الكفاح ضد اميركا والكيان الصهيوني (العدو رقم واحد لايران) فالناس يمشون في الشوارع بمظاهر اسلامية. والمرأة ترتدي الزي الاسلامي وفي الأماكن العامة أماكن النساء مفصولة عن أماكن الرجال. والشعب اللبناني يدعم ايران باعتبارها دولة ثورية واسلامية.([49]) لقد تأثر حزب الله اللبناني أكثر من أية مجموعة اسلامية أخرى بالثورة الاسلامية اضافة الى القواسم المشتركة الموجودة بين ايران ولبنان هناك دوافع أخرى أدت الى هذا التأثير المدهش. يمكن اعتبار الدوافع نابعة عن قبول قيادة الثورة الاسلامية كزعيم ديني من جانب حزب الله اللبناني من المساعدات المعنوية وغيرها التي تقدمها ايران الى حزب الله، كما ينشط حزب الله اللبناني في المجال الاقتصادي والاجتماعي كمنحه للمساعدات الدراسية للمستضعفين وتوزيع الأدوية مجاناً بين المرضى وتوزيع المياه بين المحتاجين وتقديم الخدمات العلاجية للمحرومين وذلك بدعم من جانب ايران وفي نفس الوقت هو غير بعيد عن الحرب والاسلحة، بل انه يعتمد على مبدأ ايجاد ويقف على أهبة الاستعداد للرد على الحملات المحتملة للعدو الصهيوني. وقد أدى اعضاء حزب الله اللبناني اليمين والقسم بضرورة القضاء على اسرائيل الذي اكد عليه الإمام الخميني (رض) في شعاره الاسلامي وانهم يواصلون الحرب ضد اسرائيل حتى آخر لحظة. وفي الجانب الثقافي يستفيد حزب الله اللبناني من شعارات الثورة الاسلامية ورموزها لقد كان انتصار حزب الله على اسرائيل خلال العقدين الماضيين مقارنة بنشاط منظمة التحرير الفلسطينية يعكس افادة حزب الله من الشعارات الاسلامية والجهاد المقدس ضد المحتلين وعدم الاعتماد على البلدان الأخرى في كفاحه ضد اسرائيل.([50]) كما تأثر حزب الله اللبناني بشدة بالثورة الاسلامية في الجانب السياسي فهو على عكس البعض من الحركات التحررية قد قبل قيادة الثورة الايرانية في الجوانب السياسية والدينية وعلى مبدأ الولاية المطلقة للفقيه. ولذلك انه يدعم المواقف الاقليمية والعالمية للجمهورية الاسلامية الايرانية، وينوي تأسيس حكومة اسلامية في لبنان بما يشبه الجمهورية الاسلامية الايرانية ويقول زعيم حركة أمل اللبنانية في هذا الجانب: إننا نعلنها للعالم بأن الجمهورية الاسلامية الايرانية هي أمنا وديننا وملكتنا ودمنا والشريان لحياتنا([51]). وبشكل عام يمكن القول بأن سر نجاح حزب الله يعود الى أمرين: أولاً: اضفاء الصبغة الاسلامية على كفاحه واختار الشعارات الاسلامية واعلن الجهاد على المحتلين. ثانياً: ادار كفاحه دون الاعتماد على الدول الأخرى ونفذ ذلك بنجاح وبذلك يطون قد اقتدى بالثورة الاسلامية. النتيجة الثورة الاسلامية كانت جهداً من اجل احياء ذكر الله في محور حياة الإنسان([52]) وكطريقة للحياة تفوق الخلافات الوطنية والقومية والمذهبية([53]). وبتعبير آخر، الثورة الاسلامية هي من الثورات التي لا ينحصر تحركها وآثارها في حدود البلد الواحد بل لها رؤية عالمية لذلك إنها تكون حساسة تجاه الشعوب ولها رغبة في الشمولية، ولذلك إنها تركت تأثيرها على الحركات السياسية الاسلامية المعاصرة ومنحتها الجرأة وجسارة الكفاح، وانها تقول لهم إن الإسلام لا يختص بشعب ويهدف الى انقاذ المحرومين والمستضعفين فالنتيجة هي ان الثورة الاسلامية تحمل مصباح الفلاح والنجاة وان مقدرة افادة المسلمين وحركات التحرر الاسلامية من نور الهداية والسعادة لهذا المصباح يرتبط بعوامل متعددة والأهم منها ابداء الإرادة وبذل الجهود في الإطار الاسلامي والاقتداء بالثورة الاسلامية. -------------------------------------------------------------------------------- [1]– كاتب وباحث في الحوزة والجامعة. [2] ـ انور ابو طه، تأثير الإمام الخميني (رض) والثورة الاسلامية في الفكر والأداء حركة الجهاد الاسلامي الفلسطيني، ترجمة مهدي سرحدي، فصلية الحضور العدد 22 (خريف 1379 / 2000) ص 98 ـ 80. [3] ـ فصلية راهبرد، العدد 12 (شتاء 1375 / 1996) ص 8. [4] ـ محمد جواد لاريجاني، مقولات في الستراتيجية الوطنية، طهران، ترجمة ونشر كتاب، 1369/ 1990، ص 6 [5] ـ فصلية راهبرد، العدد 12، شتاء 1375 / 1996، ص10. [6] ـ الإمام الخميني (رض) الوحيد السياسية الإلهية، طهران، وزارة الثقافة والارشاد الاسلام، 1368 / 1989، ص 7 [7] ـ انور جندي، الاسلام والعالم المعاصر، ترجمة حميد رضا اثرير، مشهد، آستان قدس، 1371/1992، ص 157 ـ 260. [8] ـ الإمام الخميني (رض)، صحيفة النور، 22 ج، ج2، طهران، وزارة الثقافة والارشاد الاسلامي، 1361 / 1982، ص 33. [9] ـ رسول جعفريان، مقالات تاريخية، 7ج، ج5، قم، الهادي، 1378/1999، ص 238. [10] ـ جندي، نفس المصدر. [11] ـ الإمام الخميني (رض)، صحيفة نور، ج16، ص 289. [12] ـ نفس المصدر، ج20، ص6 [13] ـ جميلة كديور، المواجهة بين الثورة الاسلامية واميركا، طهران، اطلاعات، 1372، ص99. [14] ـ نفس المصدر، ص 114 و100. [15] ـ الإمام الخميني (رض)، صحيفة النور، ج6، ص 768. [16] ـ فصلية حضور، العدد 34، شتاء 1379/2000، ص 14. [17] ـ جعفريان، نفس المصدر، ص 241. [18] ـ نفس المصدر، ص 243. [19] ـ نفس المصدر، ص 245. [20] ـ الإمام الخميني (رض)، صحيفة النور، ج11، ص 45. [21] ـ نفس المصدر، ج13، ص 263. [22] ـ نفس المصدر، ص 123. [23] ـ كيهان، 22 آذر، 1369/1990، ص 12. [24] ـ جعفريان، نفس المصدر، ص 236. [25] ـ حسين كرمرودي، انتفاضة فلسطين وليدة الأصولية الاسلامية المعاصرة، فصلية العلوم السياسية، العام الرابع، العدد 14، صيف 1380، ص 199. [26] ـ كديور، نفس المصدر، ص 108. [27] ـ جعفريان، نفس المصدر، ص 247، و237. [28] ـ نفس المصدر. [29] ـ محمد حسين جمشيدي، ارتباط متبادل بين الثورة الاسلامية وحركة الشيعة في العراق، مجموعة مقالات الثورة الاسلامية وجذورها، 2ج، ج2، قم، مؤسسة قائد الثورة في الجامعات، 1374، 391 ـ 394. [30] ـ الجمهورية الاسلامية، 4 بهمن 1371 / 1992، ص 8. [31] ـ المكاسب العظيمة للثورة الاسلامية الايرانية الرائعة في العالم، 2ج، ج2، طهران، منظمة الاتصالات الثقافية بي تا، ص 3 ـ 48. [32] ـ جمع من الكتاب، الثورة الاسلامية، أسبابها وكيفية حدوثها، قم، مؤسسة تمثيل القيادة في الجامعات، 1378 / 1999، ص 213. [33] ـ علي اكبر ولايتي، حيوية الثقافة والحضارة الاسلامية وايران، 2ج، ج1، طهران، مركز الوثائق والخدمات البحوثية، 1382 / 2003، ص 14. [34] ـ جمشيدي، نفس المصدر. [35] ـ حميد احمدي، الثورة الاسلامية الايرانية، والحركات الاسلامية في الشرق الأوسط، عربي، مجموعة مقالات حول العالم الثالث، طهران، 1369/1990، ص 117 ـ 157. [36] ـ المكاسب العظيمة للثورة الاسلامية الرائعة على صعيد العالم، نفس المصدر. [37] ـ كديور، نفس المصدر. [38] ـ نفس المصدر، ص 114. [39] ـ هادي خسروشاهي، الحركات الاسلامية في فلسطين، طهران، مكتب نشر الثقافة الاسلامية، 1370/1991، ص 143. [40] ـ كديور، نفس المصدر، ص 108، جعفريان، نفس المصدر، ص 247. [41] ـ كروهرودي، نفس المصدر. [42] ـ جعفريان، نفس المصدر. [43] ـ كرهرودي، نفس المصدر، ص 305. [44] ـ جمشيدي، نفس المصدر، كروهرودي، نفس المصدر، ص 299، الجمهورية الاسلامية (13/3/76)، ص 8. [45] ـ مهدي حسن، فلسطين والصهيونية، قم، مركز البحوث الاسلامية للحرس، 1376/1997، ص 81. [46] ـ المكاسب العظيمة للثورة الاسلامية الايرانية الرائعة على صعيد العالم، نفس المصدر. [47] ـ نفس المصدر. [48] ـ جمشيدي، نفس المصدر، جعفريان، نفس المصدر. [49] ـ المكاسب العظيمة للثورة الاسلامية الرائعة على صعيد العالم، نفس المصدر. [50] ـ نفس المصدر. [51] ـ كديور، نفس المصدر، ص 116. [52] ـ فصلية حضور، العدد 27، ربيع عام 1378/1999، ص 70. [53] ـ فصلية حضور، العدد 34، شتاء عام 1379/2000، ص 14.