تتشكل جامعة الأمة الإسلامية بوصفها تركيبة عالمية تحررية وحدوية من مجتمع وحكومة إسلامية، ويؤسس مفهوم ( الأمة ) ثقل هذه الجامعة ومحورها، وهي في حقيقتها تعد إطاراً اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً وثقافياً وتقنياً وعسكرياً لعالمية النظام الإسلامي. ولا يرتبط مفهوم الأمة هنا بمفهوم المجتمع أو ما يرادفه في المعرفة وعلم الاجتماع وعلم السكان الغربية، فمفهوم الأمة يغطي ابعاد الشعب والجماعة والمجتمع والدولة والاقتصاد، ومن هنا تكون جامعة الأمة الإسلامية تركيبة حكومية، رسمية، شعبية، تسمو على الانتماء المذهبي والتوحيدي والأيديولوجي للمسلمين. و جامعة الأمة الإسلامية ليست شبيهة للاتحاد الأوروبي، ولا هي شيء يماثل الولايات المتحدة الأميركية، وعليه فإنها تختلف تماماً مع مسميات من قبيل اتحاد الدول الإسلامية والاتحاد الشعبي للبلدان الإسلامية، ولا تناظر عناوين منظمات مثل منظمة مؤتمر البلدان الإسلامية. إذ ان الفلسفة والفكر السياسي الغربيين تصران على الفصل دوماً بين المجتمع والحكومة. فعلى مر قرون استندت الفلسفات السياسية والاجتماعية الغربية على موضوعين منفصلين لكنهما مترابطين فيما بينهما، هما المجتمع والحكومة، مجتمعات تتلاشى، ومجتمعات تظهر إلى الوجود، وحكومات تولي، وأخرى تنشأ في ميدان الوجود. وكما قلت مراراً، إذا كان المجتمع أو البحث في مجال المجتمع هو جوهر الفلسفة الاجتماعية الغربية، فإن صراع المجتمعات والمواجهة الاجتماعية واللااجتماعية ستجد سبيلها في التقاطع على هذا النهج. إن مفهوم المجتمع المدني ( الحضاري ) هو مفهوم وظاهرة غربية، ومسعىً آخر يتوخى التفتيش والعثور على مجتمع تتمايز فيه حقوق الحكومة والأفراد عن بعضها بشكل سافر. بينما لا توجد مثل هذه الفجوة بين الشعب والحكومة وبين المجتمع والدولة في عالمية الإسلام ومفهوم الأمة. منذ عهود القرون الوسطى في الغرب، وخصوصاً في عصر ( سان بنديك ) وكتابات ( السير توماس مورتا ) ونتاجات المفكرين السياسيين ورجال الاجتماع في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر من أمثال برودون وماركس ودوتوكويل وغيرهم، كان موضوع المجتمع يؤيد الصلة والوشيجة بين الإنسان والعالم الطبيعي، وبين الجماعات والظواهر الفيزيائية، فكان هذا الموضوع يسبر غور الإبعاد التقنية والسياسية البيروقراطية، بل وحتى علوم الحياة والبيئة في المجتمع، ويرتكز إلى نظام تعدد الأحزاب، لكنه ظل مخفقاً على صعيد التضامن بين الوجوه المختلفة للأنشطة والفعاليات الإنسانية كوحدة واحدة. لقد عملوا على فصل الشؤون العسكرية والسياسية والاقتصادية والبيروقراطية والفكرية، كلها، عن بعضها البعض، وكان التأكيد جارياً على مؤثر فاعل وحيد في النزاع الاجتماعي ووجود موروث اجتماعي في صلب آخر. وكانت المجتمعات تشدد على ظواهر وحيدة متفردة مألوفة أو جرى إطلاق المسميات