أن المنظمات الإسلامية الشعبية التي تتميز بأنها تضم أعدادا كبيرة من القادة الناضجين الواعين الذين صقلتهم التجربة، ولهم حضورهم المؤثر ونفوذهم الواسع في بلادهم، وتمنحهم صلتهم المباشرة بقطاعات عريضة من الشعب المسلم، هذه المنظمات تستطيع أن تمارس ضغوطا «ودية» مؤثرة على مواقف الحكومات، شريطة أن تنسق خطواتها ضمن برامج مدروسة تضمن الاستمرار والمتابعة، ومواكبة ظروف الحركة وتطورها الكثيرة المعقدة. من واجب الشباب المسلم أن يدعم هذه المنظمات، ويقدم لها الخدمات «التطوعية» حتى يعينها على أداء هذه الأدوار الهامة في حياة الأمة ومستقبلها. وانضواء الشباب المسلم في هذه المنظمات الخيرية الدعوية المقبولة يبعده عن الوقوع في حبائل تيارات مريبة غامضة لا نجرؤ على محاكمة نواياها ولكن محصلاتها النهائية تصب في جداول الأعداء، وتعين على تنفيذ مخططاتهم في شق صفوف الأمة، وزعزعة الاستقرار، وتعطيل مسيرة الاقتصاد حتى في صورته المتواضعة. إن بعض الأسلحة المعاونة للعولمة – بقصد أو غير قصد – هي تشجيع الفساد والانحلال، والاستغراق في الشهوات، وتبذير المال القليل على مسايرة المظاهر وحمى الاستهلاك، ويحسن بالشباب المسلم صنعا إذا نظم نفسه في جماعات تقيم لنفسها مجالاتها الخاصة من الدراسة المفيدة، والرياضة البدنية، واللهو البريء وتتعاون على مكافحة هذه الأوبئة من خلال المساجد، والمراكز الثقافية، ووسائل النشر المتاحة، ومثل هذا النشاط الواضح البريء لا يمكن إلا أن يلقى التأييد من الأجهزة الرسمية والشعب على حد سواء. لاشك أن من الجوانب الإيجابية للعولمة التي لا يستطيع أحد أن يتحكم فيها، إن انهيار الحدود، وسهولة الاتصال وانفتاح الأسواق، وتداول المخترعات سوف يجعل المعرفة متاحة ميسورة، وواجب الشباب المسلم أن يقبل بشجاعة وحماس على العلم، واكتساب المعارف والمهارات، ولاسيما استخدام التقنية الحديثة التي باتت تفتح أفاقاً واسعة لإنسان الغد. لقد أتيحت لنا فرص عدة للقاء أنماط من الشباب المسلم الذين تنعكس فيهم هذه الآمال. شباب يتفجرون حماسا وغيرة على الإسلام، ويبنون محيطهم الاجتماعي العائلي على أساسه، لكن ذلك لا يمنعهم من تحصيل أرقى مراتب العلم والخبرة في الفنون الحديثة، ويحتلون أدق المناصب الفنية في الحكومات الأجنبية والشركات، التي تثق في أمانتهم وكفاءتهم معا، وهو أمر يدعو للإعجاب والاعتزاز. هذا النمط من الشباب المسلم هو من ندخر لرفعة الدين وعزة المسلمين. وهذا هو النموذج الذي ندعو للاقتداء به والسير على منواله.