[ 295 ] إلا إنك تعلم أن هذا مجرد الاصطلاح، ولا يحصر مفهوم الارادة في ذلك، ولا ينفي ما هو واقع الامر، وهو أن المولى إذا علم من حال عبده أنه ينبعث بأمره ويتحرك بإرادته التشريعية، يطلب منه ما أمره به بالطلب الحقيقي، وبالارادة الجدية، وإذا علم من حاله أنه لا ينبعث بذلك، ولا يؤثر أمره ونهيه في تحريكه أو امتناعه، لا يطلب منه ما أراده بالارادة التشريعية حقيقة، ولا يعوه نحو فعل ما أمره به بداعي أن يفعله، بل يدعوه بداعي أن يتم عليه الحجة، وهذا ما نسميه بالامر الصوري، ومن راجع وجدانه يعرف منه ذلك. بل يصح أن نقول ان إطلاق الارادة على التشريعية اطلاق مجازي، بخلافه على الارادة الجدية، فإنه إطلاق حقيقي. وبالجملة، فهل يمكنك إنكار الارادة الجدية بالمعنى الذي تلوناه عليك ؟ وهل يمكنك أن تقول انها تتعلق بما لا تؤثر الارادة التشريعية في الانبعاث نحوه ؟ وهل يمكنك إنكارها وتعلقها حقيقة بالانبعاث، وبوقوع الفعل عن العبد إذا كان الامر والطلب والارادة التشريعية مؤثرا في بعث العبد أو زجره ؟ وهل يمكنك أن تقول بعد ذلك: ظهور الارادة المذكورة في الآية الارادة التشريعية، دون الارادة الجدية، مع عدم وجود قرينة صارفة عن المعنى الحقيقي، ووجود الشواهد في الكلام على أن المراد بالارادة هي الجدية ؟ وإن شئت قل: إن الارادة على قسمين: جدية، وتشريعية. فالتشريعية عبارة عن طلب التكاليف من جميع المكلفين على السواء بإنشاء ما يصلح أن يكون داعيا لهم والحكم بما ينبغي أو يجب أن يفعل ________________________________________