[ 246 ] ولا يخفى عليك أنه إنما قال ما قال، لانه لم يتحصل اولا معنى الاستقسام بالازلام، وثانيا لم يتفهم حقيقة الاستخارة، وانها لم ترد في مورد استقل العقل بحسن فعله أو تركه، أو حكم الشرع برجحان فعله وتركه، ولا تنافي كرامة القرآن المجيد وكونه كتاب الهداية والارشاد بالتي هي أقوم، كما انه لا ينافي ذلك التبرك به وبآياته، وقرائته لاجل الثواب، وحصول بعض المقاصد كشفاء الامراض مما هو مجرب ومأثور في الاحاديث الكثيرة المتواترة. غير ان التأثر بالثقافة المادية المسيطرة على الافهام والمشاعر، يريد أن لا يقبل تأثير عالم الغيب في عالم الشهادة، ويريد ان لا يؤمن بعلل غير مادية وتأثيرات غيبية، فينكر أثر التوكل والتفويض والدعاء والصدقة. ولذا ترى بعضهم ينكرون معجزات الانبياء، وما صدر منهم من خرق العادات في عالم المادة، كقلب العص بالثعبان، ومعجزة صالح، وحوت يونس، وإحياء الموتى، وإبراء الاكمه والابرص، ونصرة النبي - صلى الله عليه وآله - بالملائكة. ومن لا ينكر ذلك منهم يؤوله، ويرى الايمان به ضربا من الايمان بالخرافات، ويعد إنكاره نوعا من الثقافة. وفتح باب ذلك في الكتاب والسنة، يقلب الشريعة ظهرا لبطن - أعاذنا الله من شر هذه الثقافات -. وفي الاستخارات المأثورة التي هي ليست إلا مظهرا من مظاهر الايمان بالله وطلب الخير أو تعرفه منه أيضا يتبعون هذه الثقافة التي ليست من التفكير الاسلامي بشئ، فينكرونها، ويلحقونها تارة بأفعال المشركين وعاداتهم، وتارة بما لم يرد فيه حديث ورواية، ولم يثبت شرعيته من جانب الشرع. ________________________________________