[ 89 ] قال عمرو: على ذلك ؟ قال: نعم. قال: اكتب، فكتب إلى أهل مكة والمدينة: أما بعد، فإنه مهما غاب عنا فإنه لم يفت علينا أن عليا قتل عثمان، والدليل على ذلك أن قتلته عنده، وإنما نطلب بدمه حتى يدفع إلينا قتله، فنقتلهم بكتاب الله تعالى، فإن دفعهم إلينا كففنا عنه، وجعلناها شورى بين المسلمين، على ما جعلها عمر بن الخطاب، فأما الخلافة فلسنا نطلبها، فأعينونا يرحمكم الله، وانهضوا من ناحيتكم. جوابهما قال: وذكروا أنه لما قرأ عليهم كتابه اجتمع رأيهم على أن يسندوا أمرهم إلى المسور بن مخرمة، فجاوب عنهم، فكتب إليه: أما بعد، فإنك أخطأت خطأ عظيما، وأخطأت مواضع النصرة، وتناولتها من مكان بعيد، وما أنت والخلافة يا معاوية، وأنت طليق (1)، وأبوك من الاحزاب (2). فكف عنا، فليس لك قبلنا ولي ولا نصير. كتاب معاوية إلى ابن عمر قال: وذكروا أن معاوية كتب إلى ابن عمر كتابا خاصا، دون كتابه إلى أهل المدينة: أما بعد، فإنه لم يكن أحد من قريش أحب إلى أن يجتمع الناس عليه منك بعد عثمان، فذكرت خذلك إياه، وطعنك على أنصاره، فتغيرت لك، وقد هون ذلك علي خلافك على علي، وطعنك عليه، وردني إليك بعض ما كان منك، فأعنا يرحمك الله على حق هذا الخليفة المظلوم، فإني لست أريد الامارة عليك، ولكني أريدها لك، فإن أبيت كانت شورى بين المسلمين. جوابه فكتب إليه عبد الله بن عمر: أما بعد، فإن الرأي الذي أطمعك في هذا هو الذي صيرك إلى ما صيرك. تركت عليا في المهاجرين والانصار، وتركت طلحة والزبير وعائشة، وأتبعك فيمن اتبعك ؟ ! (3) وأما قولك إني طعنت على علي فلعمري ما أنا كعلي في الاسلام والهجرة، ________________________________________ (1) طليق: يعنى من الطلقاء الذين قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة اذهبوا فأنتم الطلقاء. (2) وأبوك من الاحزاب: يعنى أن أباه كان من المشركين الذين حاصروا المدينة في غزوة الاحزاب. (3) استفهام إرنكاري يعنى لا أتبعك. (*) ________________________________________