[ 479 ] وظاهر أن ذكره لمدة تأليف الكافي لبيان أثبتيته، وأنه لم يكن غرضه مجرد جمع شتات الاخبار، فإنه لا يحتاج إلى هذه المدة الطويلة، بل ولا إلى عشرها، بل جمع الاحاديث المعتبرة، المعتمدة، الموثوق بها، وهذا يحتاج إلى هذه المدة، لاحتياجه إلى جمع الاصول والكتب المعتبرة، واتصالها إلى أربابها بالطرق المعتبرة، والنظر في متونها، وتصحيحها وتنقيحها، وغير ذلك مما يحتاج إليه الناقد البصير، العالم الثقة، الذي يريد تأليف ما يستغني به الشيعة في الاصول والفروع إلى يوم القيامة، هذا غرضه وإرادته، وهذا تصديق النقدة ومهرة الفن، وحملة الدين، وتصريحهم بحصول الغرض ووقوعه. ويظهر من أوثقيته وأثبتيته أيضا أنه مبرم عن كل ما قدح به الرواة، وضعفوا به من حيث الرواية، كالرواية عن الضعفاء والمجاهيل، وعمن لم يلقه، وسوء الضبط، واضطراب الفاظ الحديث، والاعتماد على المراسيل التي لم يتحقق وثاقة الساقط عنده، وأمثال ذلك مما لا ينافي العدالة، ولا يجتمع مع التثبت والوثاقة. وإذا تاقلت فيما ذكرناه، وما مر في ترجمة الشيخ النجاشي، من حال أمثاله، في شدة احتياطهم في أخذ الخبر، وتلقيه عن كل أحد تعرف أن النظر في حال مشايخ ثقة الاسلام، واحتمال تلقيه عن ضعيف أو مجهول، ينافي أوثقيته وأثبتيته بنص النجاشي والعلامة، ويوجب تأخره قدرا عن جماعة نزهوا مروياتهم عن التدنس بهذه الذموم، كما مر، وتاخر كتابه رتبة عن كتب لا ينظر إلى أسانيد أحاديثها، مع انه أجل كتب الشيعة. وهكذا الكلام في مشايخ مشايخه لما ذكر. ولا يخفى أن الظن بل الوثوق الحاصل باحاديث الكافي من هذه القرينة من الظنون الرجالية المعتبرة عندهم، كما يظهر من عملهم في الفقه والرجال، وليس من الامور الخارجية الغير المربوطة بحال الراوي وصفاته، مما لا دليل على ________________________________________