[ 476 ] وقد ذكروا في ترجمة جماعة أنه صحيح الحديث، والصحيح عند القدماء وإن كان أعم منه عند المتأخرين (1)، وأسباب اتصاف الحديث عندهم بالصحة أكثر منها عند هؤلاء، ككونه في أصل، أو تكرر سنده، ووجوده في كتاب معروض على أحدهم (عليهم االسلام) واشتهاره ومطابقته لدليل قطعي، وغير ذلك من الامور الخارجية. ومنها: الوثاقة، والتثبت، والضبط، من الامور الداخلية، والحالات النفسانية للراوي، التي هي ميزان الصحة عند المتأخرين، والموثقية، فلا يدل قولهم: صحيح الحديث على مدح في الراوي، فضلا عن عدالته ووثاقته على ما يقتضيه بادئ النظر. ولكن المتأمل المنصف يعلم أن الحكم بصحة حديث فلان، من دون الاضافة إلى كتابه لا يصح أن يكون لاجل الامور الخارجية، المتوقفة على الوقوف على كل ما رواه، ودونه، وعرضه عليها. ودونه خرط القتاد، بل لابد وان يكون لما علم من حاله، وعرف من سيرته وطريقته، من الوثاقة، والتثبت، والضبط، والبناء على نقل الصحيح من هذه الجهة، وهذا مدح عظيم، وتوثيق بالمعنى الاعم، فاحاديثه حجة عند كل من ذهب إلى حجية كل خبروثق بصدوره، واطمئن بوروده إذا حصل الوثوق، واطمئنان القلب من حسن الظاهر، وصلاح ظاهر الحال، كما هو الحق، وعليه المحققون، وياتي إن شاء الله تعالى مزيد توضيح لهذا الكلام. إلى غيرذلك مما قالوه في ترجمة جماعة من الرواة وأرباب المصنفات، فإذا كان أبو جعفر الكليني (رحمه الله) أوثقهم وأثبتهم في الحديث، فلا بد وأن يكون ________________________________________ (1) يقصد بالمتاخرين الذين صنفوا الحديث إلى الاصناف الاربعة (الصحيح، الحسن، الموثق أو القوي، الضعيف) وهم العلامة الحلي وشيخه ابن طاووس ومن جاء بعدهما، اما ائمة الحديث الثلاثة (الكليني، الصدوق، الطوسي) فقد جروا على ما اعتاد عليه القدماء في اوصاف الحديث بالصحة، كالذي بينه المصنف، فلاحظ. (*) ________________________________________