واعلم أن الشافعي وجماهير الأصحاب قطعوا باستحباب الاستسقاء ثانية وثالثة وأكثر حتى يسقوا لكن قال الشافعي والأصحاب الاستحباب في المرة الأولى آكد وحكى الرافعي وجها أنهم لا يفعلون ذلك إلا مرة وهذا الوجه غلط مخالف نص الشافعي والأصحاب والدليل واعلم أن ابن القطان قال ليس في باب الاستسقاء مسألة فيها قولان غير هذه وأنكر عليه الأصحاب من وجهين أحدهما ما قاله الجمهور أن هذه المسألة ليست على قولين بل على حالين كما سبق والثاني أن للشافعي قولين في مسألة تحويل الرداء كما سبق والله أعلم المسألة الثانية إذا تأهبوا للصلاة والاستسقاء فسقوا قبل ذلك استحب لهم الخروج إلى موضع الاستسقاء للوعظ والدعاء والشكر بلا خلاف وأما الصلاة فقد نص الشافعي والأصحاب كما ذكر المصنف أنهم يصلون شكرا لله تعالى على هذه النعمة وطلبا للزيادة قال الشافعي في الأم سواء سقوا قليلا أو كثيرا وتكون هذه الصلاة بصفة صلاة الاستسقاء وذكر إمام الحرمين والغزالي في استحباب الصلاة وجهين أصحهما الاستحباب والثاني لا قال الرافعي وأجرى الوجهان فيما إذا لم تنقطع المياه وأرادوا الصلاة للاستزادة والصواب الجزم بالصلاة كما نص عليه الشافعي والمصنف والأصحاب ولا تغتر بما وقع في كلام بعض المتأخرين من أن الأشهر ترك الصلاة فإنه غلط فاحش وسبق قلم أو غباوة وإلا فكتب الأصحاب متظاهرة على استحباب الصلاة وممن ذكرها الشافعي والشيخ أبو حامد والماوردي والمحاملي في كتبه والقاضي أبو الطيب وسليم الرازي وصاحب العدة والبغوي والشيخ نصر المقدسي في كتبه وخلائق لا يحصون قال الشافعي في الأم فلو كانوا يمطرون في الوقت الذي يريد الخروج بهم فيه استسقى في المسجد أو أخر ذلك إلى انقطاع المطر قال المصنف رحمه الله تعالى ويجوز الاستسقاء بالدعاء من غير صلاة لحديث عمر رضي الله عنه ويستحب لأهل الخصب أن يدعوا لأهل الجدب ويستحب إذا جاء المطر أن يقولوا اللهم صيبا هنيئا لما روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى المطر قال ذلك ويستحب أن يتمطر لأول مطر لما روى أنس رضي الله عنه