[ 75 ] قلنا: ما المانع أن يؤجر. قوله: منفي بالاتفاق. قلنا: نحن نمنع، لان الاجر أعم من الثواب، فلئن امتنع حصول الثواب مع التجرد عن النية، فإنا لا نمنع حصول عوض و مجازاة مجردة عن التعظيم (12)، يسمى أجرا، فما المانع منه؟. وأما الاستدلال بقوله: إنما الاعمال بالنيات، فجوابه المطالبة بتصحيح الرواية، فإنا لم نقف عليها إلا مرسلة أو مسندة إلى مخالف في العقيدة (13). ولو سلمناها فإنا نمنع دلالتها، فإن قال: " إنما " حاصرة، فلا يثبت عمل من دون نية، لان الصحابة عرفت معناها من قوله (عليه السلام): إنما الماء من الماء (14) وعرفه ابن عباس من قوله (عليه السلام): إنما الربا في النسيئة (15). قلنا: هذا معارض بقوله تعالى: * (إنما يخشى الله من عباده العلماء) * (16). وبقول العرف: إنما السخاء لحاتم، وليس مجازا، لان الاصل عدم التجوز، فيكون حقيقة. سلمنا أنها للحصر، ولكن لا نسلم دلالتها على موضع النزاع، لانه غاية ما يدل ________________________________________ (12) الثواب هو العوض المقارن للتعظيم. راجع الكتب الكلامية باب الثواب والعقاب. (13) قال الشهيد الثاني في كتابه الدراية في علم مصطلح الحديث ص 15: وحديث إنما الاعمال بالنيات ليس من المتواتر وإن نقله الآن عدد التواتر وأكثر فان جميع علماء الاسلام و رواة الحديث الآن يروونه وهم يزيدون عن عدد التواتر أضعافا مضاعفة لان ذلك التواتر المدعى قد طرأ في وسط أسناده الآن دون أوله فقد انفرد به جماعة مترتبون أو شاركهم من لا يخرج بهم عن الآحاد. (14) رواه مسلم في صحيحه 1 / 185 وقيل في شرحه: إنما وجوب الاغتسال من نزول المني. (15) قال الشيخ في التهذيب 1 / 84 إن ابن عباس رحمه الله كان يرى جواز بيع الدرهم بالدرهمين نقدا وناظره على ذلك وجوه الصحابة واحتجوا عليه بنهي النبي صلى الله عليه وآله عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة فعارضهم بقوله عليه السلام إنما الربا في النسيئة فرأى ابن عباس هذا الخبر دليلا على أنه لا ربا إلا في النسيئة. (16) سورة فاطر: 28. ________________________________________