[ 72 ] فلان الدين هو إما من الشأن والعادة. ولا ريب أن الوضوء ليس من عادة العرف، بل هو من عادة الشرع وشأنه، وإما من دانه يدينه أي أذله واستعبده (5)، والوضوء بهذه الصفة فيكون داخلا في الاسم. وأما الاثر فما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): أنه سئل عن رجل اغتسل للجنابة ولم ينو، قال: يعيد الغسل (6). وأما المعقول فوجهان: الاول: أن الوضوء عبادة لا يتعين للمقصود بها بنفسها، فوجب تعينها بالنية. أما أنه عبادة فلوجهين: أحدهما: ما رواه الوشاء قال: دنوت لا صب على يد الرضا (عليه السلام) فنهاني وقال هانذا أتوضأ للصلاة وهي العبادة واكره أن يشركني فيها أحد (7). والثاني: أن العبادة مشتقة من التعبد وهو التذلل، لوجود هذا المعني في جملة موارد استعمال هذه اللفظة (8)، والطهارة كذلك فتجعل حقيقة فيها. وأما أنها لا تتعين للمقصود بنفسها، فلان المقصود بها الصلاة والقربة، وصورة الطهارة كما تحمل إرادة ذلك تحمل إرادة التبرد وإزالة الخبث و إماطة الدرن، فلا تختص بإزالة الحدث إلا بالنية. والوجه الثاني: أن نقول: لو صح الوضوء من غير نية لزم أحد الامرين: ________________________________________ (5) في لسان العرب: الدين: العادة: والشأن، تقول العرب: ما زال ذلك ديني وديدني أي عادتي. وفيه أيضا: في الحديث: الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت... قال أبو عبيد: قوله: دان نفسه أي أذلها إستعبدها... 13 / 169. (6) في دعائم الاسلام للقاضي نعمان 1 / 113: روينا عن علي عليه السلام إنه قال: إذا اغتسل الجنب ولم ينو بغسله الغسل من الجنابة لم يجزه وإن اغتسل عشر مرات. راجع المستدرك للنوري 1 / 471. (7) رواه الكليني في الكافي 3 / 69 والشيخ في التهذيب 1 / 365 وأورده في الوسائل 1 / 335. (8) راجع لسان العرب 13 / 169. ________________________________________