(349 ) ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه (1). وأروي عن العالم (عليه السلام)، أنه قال: مساكين القدرية، أرادوا أن يصفوا الله ـ عز وجل ـ بعدله، فأخرجوه من قدرته وسلطانه (2). وروي: لو أراد الله ـ سبحانه ـ أن لا يعصى، ما خلق الله إبليس. وأروي أن رجلاً سأل العالم (عليه السلام): أكلف الله العباد ما لا يطيقون؟ فقال: كلف الله جميع الخلف ما لا يطيقونه، إن لم يعنهم عليه، فإن أعانهم عليه اطاقوه، قال الله ـ جل وعز ـ لنبيه (صلى الله عليه واله) ( واصبر وما صبرك إلا بالله ) (3). قلت: ورويت عن العالم (عليه السلام)، أنه قال: القدر والعمل، بمنزلة الروح والجسد، فالروح بغسر الجسد لا يتحرك ولا يرى، والجسد بغير الروح صورة لا حراك له، فإذا اجتمعا قويا وصلحا وحسنا وملحا، كذلك القدر والعمل، فلو لم يكن القدر واقعاً على العمل، لم يعرف الخالق من المخلوق، ولو لم يكن العمل بموافقة من القدر، لم يمض ولم يتم ولكن باجتماعها قويا وصلحا، ولله فيه العون لعباده الصالحين (4). ثم تلا هذه الاية ( ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان ) (5) الاية ثم قال العالم (عليه السلام): وجدت ابن ادم بين الله وبين الشيطان، فإن أحبه الله ـ تقدست أسماؤه ـ خلصه واستخلصه، وإلا خلى بينه وبين عدوه. وقيل للعالم (عليه السلام): إن بعض أصحابنا يقولون بالجبر، وبعضهم يقولون بالإستطاعة، قال فأمر أن يكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، قال الله عز وجل: يا بني آدم بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء، وبقوتي أديت فرائض، وبنعمتي قويت على معصيتي، خلقتك سميعاً بصيراً ما أصابك من حسنة فمني، وما أصابك من سيئة فمن نفسك بذنوبك ومعاصيك، ____________ (1) الكافي 2: 48|4 و 7، مشكاه الأنوار: 12، شهاب الأخبار: 109|596 باختلاف يسير من " لايكون المؤمن مؤمناً... ". (2) ورد باختلاف في ألفاظه في التوحيد: 382|29. (3) النحل 16: 127. (4) التوحيد: 366|4، مختصر بصائر الدرجات: 137 باختلاف يسير من " القدر والعمل... ". (5) الحجرات 49|7.