(348) 93ـ باب القدر والمنزلة بين المنزلتين سألت العالم (عليه السلام): أجبر الله العباد على المعاصي؟ فقال: الله أعدل من ذلك (1). فقلت له: ففوض إليهم؟ فقال: هو أعز من ذلك. فقلت له: فتصف لنا المنزلة بين المنزلين؟ فقال: أجبر هن الكره، فالله ـ تبارك وتعالى ـ لم يكره على معصيته، وإنما لجبر أن يجبر الرجل على ما يكره وعلى ما لا يشتهي، كالرجل يعلب على أن يضرب أو يقطع يده، أو يؤخذ مابه، أو يغضب على حرمته، أو من كانت له قوة ومنعة فقهر، وأما من أتى إلى أمر طائعاً محباً له، يعطي عليه ما له لينال شهوة، فليس ذلك بجبر، إنما الجبر من أكرهه عليه، أو أغضبه حتى فعل ما لا يريد ولا يشتهيه، وذلك أن الله ـ تبارك تعالى ـ لم يجعل له هوى ولا شهوة ولا محبة ولا مشيئة، إلا فيما علم أن كان منهم، وإنما يجزون في علمه وقضائه وقدره، على الذي في علمه وكتابة السابق فيهم قبل خلقهم، الذي علم أنه غير كائن منهم، هو الذي لم يجعل لهم فيه شهوة ولا إرادة. وأروي عن العالم (عليه السلام)، أنه قال: منزلة بين منزلتين في المعاصي وسائر لأشياء، فالله ـ جل وعز ـ الفاعل لها، والقاضي، والمقدر، والمدبر. وقد أروي أنه قال: لا يكون المؤمن مؤمنا حقاً، حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ____________ (1) التوحيد: 362|10 باختلاف يسير.