( 45 ) المتعاقبة بعينها لا أن للجزء الدماغي قوة إدراك تتعلق بهذه الاِدراكات كتعلق القوى الحسية بمعلوماتها الخارجية وانتزاعها منها صوراً حسية، فافهم ذلك. والكلام في كيفية حصول الثبات والبساطة في هذا المشهود الذي هو متغير متجزّئَ في نفسه كالكلام في حصول وحدته، مع أنّ هذا الفرض أيضاً ـأعني أن يكون الاِدراكات الكثيرة المتوالية المتعاقبة مشعورة بشعور دماغي على نعت الوحدة ـ نفسه فرض غير صحيح، فما شأن الدماغ والقوة التي فيه والشعور الذي لها والمعلوم الذي عندها؟! وهي جميعاً أُمور مادية، ومن شأن المادة والمادي الكثرة والتغير وقبول الانقسام، وليس في هذه الصورة العلمية شيء من هذه الاَوصاف والنعوت، وليس غير المادة والمادي هناك شيء. وقولهم: "إنّ الاَمر يشتبه على الحس أو القوة المدركة، فيدرك الكثير المتجزي المتغير واحداً بسيطاً ثابتاً" غلط واضح، فإن الغلط والاشتباه من الاَُمور النسبية التي تحصل بالمقايسة والنسبة لا من الاَُمور النفسية، مثال ذلك أنا نشاهد الاَجرام العظيمة السماوية صغيرة كالنقاط البيض ونغلط في مشاهدتنا هذه على ما تبينه البراهين العلمية وكثير من مشاهدات حواسنا، إلاّ أنّ هذه الاَغلاط إنما تحصل وتوجد إذا قايسنا ما عند الحس مما في الخارج من واقع هذه المشهودات، وأما ما عند الحس في نفسه فهو أمرٌ واقعي كنقطة بيضاء لا معنى لكونه غلطاً ألبتة. والاَمر فيما نحن فيه من هذا القبيل، فإنّ حواسّنا وقوانا المدركة إذا وجدت الاَُمور الكثيرة المتغيرة المتجزية على صفة الوحدة والثبات والبساطة كانت القوى المدركة غالطة في إدراكها مشتبهة في معلومها