وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

@ 188 @ .
وأما القانون الطبي ، فإن الحكماء وصفو القلب على ما اقتضاه علم التشريح ، ثم قالوا : إذا حصلت فيه مادة غليظة ، فإن تملكت منه ومن غلافه أو من أحدهما فلا يبقى مع ذلك حياة وعاجلت المنية صاحبه ، وربما تأخرت تأخيراً يسيراً ، وإن لم تتمكن منه المادة المنصبة إليه ولا من غلافه ، أخرت الحياة مدة يسيرة ؟ وقالوا : لا سبيل إلى بقاء الحياة مع مرض القلب ، وعلى هذا الذي تقرر لا تكون قلوبهم مريضة حقيقة . وقد تلخص في القرآن من المعاني السببية التي تحصل في القلب سبعة وعشرون مرضاً ، وهي : الرين ، والزيع ، والطبع ، والصرف ، والضيق ، والحرج ، والختم ، والإقفال ، والإشراب ، والرعب ، والقساوة ، والإصرار ، وعدم التطهير ، والنفور ، والاشمئزاز ، والإنكار ، والشكوك ، والعمى ، والإبعاد بصيغة اللعن ، والتأبى ، والحمية ، والبغضاء ، والغفلة ، والغمزة ، واللهو ، والارتياب ، والنفاق . وظاهر آيات القرآن تدل على أن هذه الأمراض معان تحصل في القلب فتغلب عليه ، وللقلب أمراض غير هذه من الغل والحقد والحسد ، ذكرها الله تعالى مضافة إلى جملة الكفار . والزيادة تجاوز المقدار المعلوم ، وعلم الله محيط بما أضمروه ومن سوء الاعتقاد والبغض والمخادعة ، فهو معلوم عنده ، كما قال تعالى : { وَكُلُّ شَىْء عِندَهُ بِمِقْدَارٍ } ، وفي كل وقت يقذف في قلوبهم من ذلك القدر المعلوم شيئاً معلوم المقدار عنده ، ثم يقذف بعد ذلك شيئاً آخر ، فيصير الثاني زيادة على الأول ، إذا لو لم يكن الأول معلوم المقدار لما تحققت الزيادة ، وعلى هذا المعنى يحمل : { فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ } . وزيادة المرض إما من حيث أن ظلمات كفرهم تحل في قلوبهم شيئاً فشيئاً ، وإلى هذا أشار بقوله تعالى : { ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ } ، أو من حيث أن المرض حصل في قلوبهم بطريق الحسد أو الهم ، بما يجدد الله سبحانه لدينه من علو الكلمة ولرسوله وللمؤمنين من النصر ونفاذ الأمر ، أو لما يحصل في قلوبهم من الرعب ، وإسناد الزيادة إلى الله تعالى إسناد حقيقي بخلاف الإسناد في قوله تعالى : { فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ * أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَاذِهِ إِيمَاناً } . .
وقالت المعتزلة : لا يجوز أن تكون زيادة المرض من جنس المزيد عليه ، إذ المزيد عليه هو الكفر ، فتأولوا ذلك على أن يحمل المرض على الغم لأنهم كانوا يغتمون بعلو أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، أو على منع زيادة الألطاف ، أو على ألم القلب ، أو على فتور النية في المحاربة لأنهم كانت أولاً قلوبهم قوية على ذلك ، أو على أن كفرهم كان يزداد بسبب ازدياد التكليف من الله تعالى . وهذه التأويلات كلها إنما تكون إذا كان قوله : { فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا } خبراً ، وإما إذا كان دعاء فلا ، بل يحتمل أن يكون الدعاء حقيقة فيكون دعاء بوقوع زيادة المرض ، أو مجازاً فلا تقصد به الإجابة لكون المدعو به واقعاً ، بل المراد به السب واللعن والنقص ، كقوله تعالى : { قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ } ، { ثُمَّ انصَرَفُواْ صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُون } ، وكقوله : لعن الله إبليس وأخزاه ومعلوم أن ذلك قد وقع ، وأنه قد باء بخزي ولعن لا مزيد عليه لأنه لا انتهاء له ، وتنكير مرض من قوله : { فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ } لا يدل على أن جميع أجناس المرض في قلوبهم ، كما زعم بعض المفسرين ، لأن دلالة النكرة على ما وضعت له إنما هي دلالة على طريقة البدل ، لأنها دلالة تنتظم كل فرد فرد على جهة العموم ، ولم يحتج إلى جمع مرض لأن تعداد المحال يدل على تعداد الحال عقلاً ، فاكتفى بالمفرد عن الجمع ، وتعدية الزيادة إليهم لا إلى القلوب ، إذ قال تعالى : { فَزَادَهُمُ } ، ولم يقل : فزادها ، يحتمل وجهين