وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

@ 187 @ والثاني : أنه لا يجوز في الكلام ويجوز في الشعر حالة الاضطرار ، وهذا هو الذي صححه أصحابنا ، وكان هذا الذي ادعى القلب لما رأى قولهم : منتك نفسك ، وقوله تعالى : { بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ } تخيل أن الممني والمسوّل غير الممنيَّ والمسوَّل له ، وليس على ما تخيل ، بل الفاعل هنا هو المفعول . ألا ترى أنك تقول : أحب زيد نفسه ، وعظم زيد نفسه ؟ فلا يتخيل هنا تباين الفاعل والمفعول إلا من حيث اللفظ ، وأما المدلول فهو واحد . وإذا كان المعنى صحيحاً دون قلب ، فأي حاجة تدعو إليه هذا ؟ مع أن الصحيح أنه لا يجوز إلا في الشعر ، فينبغي أن ينزه كتاب الله تعالى منه . .
ومن قرأ : وما يخادعون أو يخدعون مبنياً للمفعول ، فانتصاب ما بعد إلا على ما انتصب عليه زيد غبن رأيه ، إما على التمييز على مذهب الكوفيين ، وإما على التشبيه بالمفعول به على ما زعم بعضهم ، وإما على إسقاط حرف الجر ، أي : في أنفسهم ، أو عن أنفسهم ، أو ضمن الفعل معنى ينتقضون ويستلبون ، فينتصب على أنه مفعول به ، كما ضمن الرفث معنى الإفضاء فعدى بإلى في قوله : { الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ } ، ولا يقال رفث إلى كذا ، وكما ضمن { هَل لَّكَ إِلَى أَن } ، معنى أجذبك ، ولا يقال : إلا هل لك في كذا . وفي قراءة : وما يخدعون ، فالتشديد إما للتكثير بالنسبة للفاعلين أو للمبالغة في نفس الفعل ، إذ هو مصير إلى عذاب الله وإما لموافقة فعل نحو : قدر الله وقدر ، وقد تقدم ذكر معاني فعل . وقراءة من قرأ : وما يخدعون ، أصلها يختدعون فأدغم ، ويكون افتعل فيه موافقاً لفعل نحو : اقتدر على زيد ، وقدر عليه ، وهو أحد المعاني التي جاءت لها افتعل ، وهي اثنا عشر معنى ، وقد تقدم ذكرها . { أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ } : جملة معطوفة على : وما يخادعو إلا أنفسهم ، فلا موضع لها من الإعراب ، ومفعول يشعرون محذوف تقديره إطلاع الله نبيه على خداعهم وكذبهم ، روي ذلك عن ابن عباس ، أو تقديره هلاك أنفسهم وإيقاعها في الشقاء الأبدي بكفرهم ونفاقهم ، روي ذلك عن زيد . ويحتمل أن يكون وما يشعرون : جملة حالية تقديره وما يخادعون إلا أنفسهم غير شاعرين بذلك ، لأنهم لو شعروا أن خداعهم لله وللمؤمنين إنما هو خداع لأنفسهم لما خادعوا الله والمؤمنين . وجاء : يخادعون الله بلفظ المضارع الماضي لأن المضي يشعر بالانقطاع بخلاف المضارع ، فإنه يشعر في معرض الذم أو المدح بالديمومة ، نحو : زيد يدع اليتيم ، وعمرو يقري الضيف . .
والقراء على فتح راء مرض في الموضعين إلا الأصمعي ، عن أبي عمرو ، فإنه قرأ بالسكون فيهما ، وهما لغتان كالحلب والحلب ، والقياس الفتح ، ولهذا قرأ به الجمهور ، ويحتمل أن يراد بالمرض الحقيقة ، وأن المرض الذي هو الفساد أو الظلمة أو الضعف أو الألم كائن في قلوبهم حقيقة ، وسبب إيجاده في قلوبهم هو ظهور الرسول صلى الله عليه وسلم ) وأتباعه ، وفشو الإسلام ونصر أهله . ويحتمل أن يراد به المجاز ، فيكون قد كنى به عما حل القلب من الشك ، قاله ابن عباس ، أو عن الحسد والغل ، كما كان عبد الله بن أبي بن سلول ، أو عن الضعف والخور لما رأوا من نصر دين الله وإظهاره على سائر الأديان ، وحمله على المجاز أولى لأن قلوبهم لو كان فيها مرض لكانت أجسامهم مريضة بمرضها ، أو كان الحمام عاجلهم ، قال : بعض المفسرين يشهد لهذا الحديث النبوي والقانون الطبي ، أما الحديث ، فقوله صلى الله عليه وسلم ) : ( إن في جسد ابن آدم لمضغة إذا صلحت صلح الجسد جميعه ، وإذا فسدت فسد الجسد جميعه ، ألا وهي القلب ) .