وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

@ 152 @ يكون إلاّ بوحي إذ التكاليف وإزهاق النفوس لا تتحقق بالإلهام إلاّ بالإعلام . وقال عليّ بن عيسى : المعنى { قُلْنَا } يا محمد قالوا { قُلْنَا ياذَا الْقَرْنَيْنِ } ثم حذف القول الأول لأن ذا القرنين لم يصح أنه نبي فيخاطبه الله ، وعلى هذا يكون الضمير الذي في قالوا . المحذوفة يعود على جنده وعسكره الذين كانوا معه . .
وقوله { إِمَّا أَن تُعَذّبَ } بالقتل على الكفر { وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً } أي بالحمل على الإيمان والهدى ، إما أن تكفر فتعذب ، وإما أن تؤمن فتحسن فعبر في التخيير بالمسبب عن السبب . قال الطبري : اتخاذ الحسن هو أسرهم مع كفرهم يعني أنه خير مع كفرهم بين قتلهم وبين أسرهم ، وتفصيل ذي القرنين { أَمَّا مَن ظَلَمَ } و { أَمَّا مَنِ * مِن } يدفع هذا القول ولما خيره تعالى بين تعذيبهم ودعائهم إلى الإسلام اختار الدعوة والاجتهاد في استمالتهم . فقال : أما من دعوته فأبى إلاّ البقاء على الظلم وهو الكفر هنا بلا خلاف فذلك هو المعذب في الدارين ، وأما من آمن وعمل ما يقتضيه الإيمان فله جزاء الحسنى . وأتى بحرف التنفيس في { فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ } لما يتخلل بين إظهاره كفره وبين تعذيبه من دعائه إلى الإيمان وتأبيه عنه ، فهو لا يعاجلهم بالقتل على ظلمهم بل يدعوهم ويذكرهم فإن رجعوا وإلاّ فالقتل . .
وقوله { ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبّهِ } أي يوم القيامة وأتى بنون العظمة في { نُعَذِّبُهُ } على عادة الملوك في قولهم نحن فعلنا . وقوله { إِلَى رَبّهِ } فيه إشعار بأن التخيير لذي القرنين ليس من الله تعالى ، إذ لو كان كذلك لكان التركيب ثم يرد إليك فتعذبه ، ولا يبعد أن يكون التخيير من الله ويكون قد أعلم ذو القرنين بذلك أتباعه ثم فصل مخاطباً لاتباعه لا لربه تعالى ، وما أحسن مجيء هذه الجمل لما ذكر ما يستحقه من ظلم بدأ بما هو أقرب لهم ومحسوس عندهم ، وهو قوله { فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ } ثم أخبر بما يلحقه آخراً يوم القيامة وهو تعذيب الله إياه العذاب النكر ولأن الترتيب الواقع هو كذا ولما ذكر ما يستحقه { مَنْ ءامَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً } ذكر جزاء الله له في الآخرة وهو { الْحُسْنَى } أي الجنة لأن طمع المؤمن في الآخرة ورجاءه هو الذي حمله على أن آمن لأجل جزائه في الآخرة ، وهو عظيم بالنسبة للإحسان في الدنيا ثم أتبع ذلك بإحسانه له في الدنيا بقوله { وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً } أي لا نقول له ما يتكلفه مما هو شاق عليه أي قولاً ذا يسر وسهولة كما قال قولاً ميسوراً . ولما ذكر ما أعد الله له من الحسنى جزاء لم يناسب أن يذكر جزاءه بالفعل بل اقتصر على القول أدباً مع الله تعالى وإن كان يعلم أنه يحسن إليه فعلاً وقولاً . .
وقرأ حمزة والكسائي وحفص وأبو بحرية والأعمش وطلحة وابن مناذر ويعقوب وأبو عبيد وابن سعدان وابن عيسى الأصبهاني وابن جبير الأنطاكي ومحمد بن جرير { فَلَهُ جَزَاء } بالنصب والتنوين وانتصب { جَزَاء } على أنه مصدر في موضع الحال أي مجازي كقولك في الدار قائماً زيد . وقال أبو علي قال أبو الحسن : هذا لا تكاد العرب تكلم به مقدماً إلاّ في الشعر . وقيل : انتصب على المصدر أي يجزي { جَزَاء } . وقال الفراء : ومنصوب على التفسير والمراد بالحسنى على قراءة النصب الجنة . وقرأ باقي السبعة { جَزَاء الْحُسْنَى } برفع { جَزَاء } مضافاً إلى { الْحُسْنَى } . قال أبو عليّ جزاء الخلال الحسنة التي أتاها وعملها أو يراد بالحسنى الحسنة والجنة هي الجزاء ، وأضاف كما قال دار الآخرة و { جَزَاء } مبتدأ وله خبره . .
وقرأ عبد الله بن إسحاق { فَلَهُ جَزَاء } مرفوع وهو مبتدأ وخبر و { الْحُسْنَى } بدل من { جَزَاء } . وقرأ ابن عباس ومسروق { جَزَاء } نصب بغير تنوين { الْحُسْنَى } بالإضافة ، ويخرج على حذف المبتدإ لدلالة المعنى عليه ، أي { فَلَهُ } الجزاء { جَزَاء الْحُسْنَى } وخرجه المهدوي على حذف التنوين لالتقاء الساكنين . وقرأ أبو جعفر { يُسْراً } بضم السين حيث وقع . .
{ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً } أي طريقاً إلى مقصده الذي يسر له . وقرأ الحسن وعيسى وابن محيصن { مَطْلِعَ } بفتح اللام ، ورويت عن ابن كثير وأهل مكة وهو القياس . وقرأ الجمهور بكسرها وهو سماع في أحرف معدودة ، وقياس كسره أن يكون المضارع تطلع بكسر اللام وكان الكسائي يقول : هذه لغة ماتت في كثير من لغات العرب ، يعني ذهب من يقول من العرب تطلع بكسر اللام وبقي { مَطْلِعَ } بكسرها في اسم المكان والزمان على ذلك القياس ، والقوم هنا الزنج . وقال قتادة هم الهنود وما وراءهم . والستر البنيان أو الثياب أو السجر والجبال أقوال ، والمعنى أنهم لا شيء لهم يسترهم من حر الشمس .