وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

@ 471 @ والظاهر من هذه الأقوال الثلاثة هو الأول . .
{ قَالَ رَبّ اجْعَل لِّىءايَةً قَالَ ءايَتُكَ * أَن لا * تُكَلّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا } قال الربيع ، والسدي ، وغيرهما : هن زكريا قال : يا رب إن كان ذلك الكلام من قبلك ، والبشارة حق ، فاجعل لي آية ، علامة أعرف بها صحة ذلك فعوقب على هذا الشك في أمر الله بأن منع الكلام ثلاثة أيام مع الناس . وقالت فرقة من المفسرين : لم يشك قط زكريا ، وإنما سأل عن الجهة التي بها يكون الولد ، وتتم به البشارة ، فلما قيل له : . .
{ كَذالِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء } سأل علامة على وقت الحمل ليعرف متى يكون العلوق بيحيى . .
واختلفوا في منعه الكلام : هل كان لآفة نزلت به أم لغير آفة ؟ فقال جبير بن نفير : ربا لسانه في فيه حتى ملأه ، ثم أطلقه الله بعد ثلاث . وقال الربيع ، وغيره : أخذ الله عليه لسانه فجعل لا يقدر على الكلام معاقبة على سؤال آية بعد مشافهة الملائكة له بالبشارة . وقالت طائفة : لم تكن آفة ، ولكنه منع مجاورة الناس ، فلم يقدر عليها ، وكان يقدر على ذكر الله . قاله الطبري ، وذكر نحوه عن محمد بن كعب ، وكانت الآية حبس اللسان لتخلص المدة لذكر الله لا يشغل لسانه بغيره توفراً منه على قضاء حق تلك النعمة الجسيمة وشكرها ، وكأنه لما طلب الآية من أجل الشكر قيل له : آيتك أن يحبس لسانك إلاَّ عن الشكر . .
وأحسن الجواب وأوقعه ما كان مشتقاً من السؤال ، ومنتزعاً منه وكان الإعجاز في هذه الآية من جهة قدرته على ذكر الله ، وعجزه عن تكليم الناس ، مع سلامة البنية واعتدال المزاج ، ومنه جهة وقوع العلوق وحصوله على وفق الأخبار . .
وقيل : أمر أن يصوم ثلاثة أيام ، وكانوا لا يتكلمون في صومهم . وقال أبو مسلم : يحتمل أن يكون معناه : آيتك أن تصير مأموراً بأن لا تكلم الخلق ، وأن تشتغل بالذكر شكراً على إعطاء هذه الموهبة ، وإذا أمرت بذلك فقد حصل المطلوب . قيل : فسأل الله أن يفرض عليه فرضاً يجعله شكراً لذلك . .
والذي يدل عليه ظاهر الآية أنه سأل آية تدل على أنه يولد له ، فأجابه بأن آيته انتفاء الكلام منه مع الناس ثلاثة أيام إلاَّ رمزاً ، وأمر بالذكر والتسبيح وانتفاء الكلام قد يكون لمتكلف به ، أو بملزومه في شريعتهم ، وهو الصوم ، وقد يكون لمنع قهري مدّة معينة لآفة تعرض في الجارحة ، أو لغير آفة ، قالوا : مع قدرته على الكلام بذكر الله . قال الزمخشري : ولذلك قال : { وَاذْكُر رَّبَّكَ } إلى آخره يعني في أيام عجزك عن تكليم الناس ، وهي من الآيات الباهرة . إنتهى . .
ولا يتعين ما قاله لما ذكرناه من احتمالات وجوه الإنتفاء ، ولأن الأمر بالذكحر والتسبيح ليس مقيداً بالزمان الذي لا يكلم الناس ، وعلى تقدير تقييد ذلك لا يتعين أن يكون الذكر والتسبيح بالنطق بالكلام ، وظاهر : جعل ، هنا أنها بمعنى صيِّر ، فتتعدّى لمفعولين : الأول آية ، والثاني المجرور ، قبله وهو : لي ، وهو يتعين تقديمه ، لأنه قبل دخول : اجعل ، هو مصحح لجواز الابتداء بالنكرة . .
وقرأ ابن أبي عبلة : أن لا تكلم ، برفع الميم على أن : أن ، هي المخففة من الثقيلة ، أي أنه لا تكلم ، واسمها محذوف ضمير الشأن ، أو على إجراء : أن ، مجرى : ما المصدرية ، وانتصاب : ثلاثة أيام ، على الظرف خلافاً للكوفيين ، إذ زعموا أنه كان اسم الزمان يستغرقه الفعل ، فليس بظرف ، وإنما ينتصب انتصاب المفعول به نحو : صمت يوماً ، فانتصاب ثلاثة أيام عندهم على أنه مفعول به ، لأن انتفاء الكلام منه للناس كان واقعاً في جميع الثلاثة ، لم يخل جزء منها من انتفاء فيه . والمراد : ثلاثة أيام بلياليها ، يدل على ذلك قوله في سورة مريم : { قَالَ رَبّ * أَن لا * تُكَلّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً } وهذا يضعف تأويل من قال : أمر بالصوم ثلاثة أيام ، وكانوا لا يتكلمون في صومهم ، والليالي تبعد مشروعية صومها ، ولم يعين ابتداء ثلاثة أيام ، بل أطلق فقال : ثلاثة أيام ، فإن كان ذلك بتكليف فيمكن أن يكون ذلك موكولاً إلى اختياره ، يمتنع من تكليم الناس ثلاثة أيام متى شاء ، ويمكن أن يكون ذلك من حين الخطاب ، وإن كان بمنع قهري فيظهر أنه من حين الخطاب . .
قيل : وفي ذلك دلالة على نسخ القرآن بالسنة ، وهذا على تقدير قدرة زكريا على الكلام في تلك الأيام الثلاثة ، وأن شرعه شرع لنا وإن نسخه قوله صلى الله عليه وسلم ) : لا صمت يوم إلى الليل . .
وقد ذهب كثير من العلماء