والدَّليلُ على أَن المُسْهِب بالكسر يقال لِلْبَلِيغ المُكْثِرِ من الصَّوَابِ أَنَّهم يَقُولُون لِلْجَوَادِ مِنَ الْخَيْل : مُسْهِب بالكَسْرِ خَاصَّة ؛ لأَنَّهُما بمَعْنَى الإِجَادَةِ والإِحْسَان . ولَيْسَ قَوْلُ ابْنِ قُتَيْبَةَ والزُّبَيْديّ في المُسْهَب بالفَتْح هو المُكْثِرُ هُوَ البَلِيغُ المُصِيب ؛ لأَنَّ الإِكْثَارَ من الكَلاَم دَاخِلٌ في معنى الذَّمِّ . انتهى كَلامُ الأَعْلَم حَسْبَما نَقَلَه شَيْخُنا . وفي لسان العرب : ومما جَاءَ فِيهِ أَفْعَل فهو مُفْعَلٌ أَسْهَبَ فهو مُسَهَبٌ وأَلْفَجَ فهو مُلْفَجٌ وأَحْصَنَ فهو مُحْصَنٌ فهذه الثَّلاَثَة جَاءَت بالفَتْح . حَكَاه القَاضِي أَبُو بَكْر بْنُ العَرَبِيّ في تَرْتيب الرِّحْلة وابنُ دريد في الجَمْهَرَة وابْنُ الأَعْرَابِيّ في النَّوَادِر ومثله فِي كتَاب لَيْس لابْنِ خَالَوَيْه إِلاَّ أَنَّه قَالَ : وأَسْهَبَ فهو مُسْهَبٌ : بَالَغَ . هذَا قَوْلُ ابْنِ دُرَيْد . وقال ثعْلَب : أَسْهَب فَهُو مُسْهَب في الكلاَمِ . قال : ووجدْتُ بعد سَبْعِين سَنَةً حَرْفاً رَابِعاً وَهُوَ : أَجْرَشَتِ الإِبِلُ : سَمِنَت فهي مُجْرَشَةٌ . قُلت : واسْتدْرَكُوا أَيْضاً : أَهْتَر فَهُوَ مُهْتَر ونَقَلَه عبد البَاسِطِ البُلْقِينيّ ويَأتي للمُصَنِّف . ورأَيْتُ في نَفْح الطِّيبِ لِلشِّهَابِ المَقَّرِيّ ما نَصُّه : رأَيتُ في بَعْضِ الحَواشِي الأَنْدَلُسِيَّة - أَي كِتَاب التَّوْسِعَة كما حَقَّقَه شَيْخُنَا - أَنَّ ابْنَ السِّكِّيت ذَكَر في بَعْضِ كُتُبه فِيمَا جَعَله بَعْضُ العَرَب فَاعِلاً وبعضُهُم مَفْعُولاً : رَجُلٌ مُسْهَبٌ ومُسْهِب للكَثِيرِ الكَلاَم وهذا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُما وَاحِدٌ . انْتَهَى وهو رَأْيُ المُصَنِّف أَي عَدَمُ التَّفْرِقَةِ . وفي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قِيلَ له : ادْعُ اللهَ لَنَا فَقَالَ : أَكْرَهُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المُسْهَبِين بفَتْحِ الهَاءِ أَي الكَثِيرِي الكَلاَمِ وأَصْلُه من السَّهْب ؛ وَهُوَ الأَرْضُ الوَاسِعَةُ . قلت : وسَيَأْتِي للمُصَنِّف في جَذَع : أَجْذَعَ فَهُو مُجْذَعٌ لِمَا لاَ أَصْلَ لَهُ ولا ثَبَات نَقَلَه الصَّاغَانِيُّ عن ابن عَبَّاد ولَمْ أَرَ أَحَداً أَلْحَقَه بِنَظَائِرِه فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ . أَسْهَب : شَرِهَ وطَمِعَ وفي نُسْخَةٍ أَو طَمِعَ حَتَّى لا تَنْتَهِيَ نَفْسُه عَنْ شَيْءٍ فهو مُسْهِب ومُسْهَب بفَتْحِ الهَاءِ إِذا أَمْعَن في الشَّيْء وأَطَالَ ومنه حديث الرؤيا : كلوا واشربوا وأَسْهِبُوا وأَمْعِنُوا . وفي آخر أَنَّه بَعث خيلاً فأَسْهَبَتْ شَهْراً أَي أَمعَنَتْ في سَيرها . وأُسْهِبَ بالضَّمِّ على ما لم يُسَمَّ فاعلُه فهو مُسْهَبٌ بالفتح : ذَهَبَ عَقْلُه . وَقِيل : المُسْهَب : الذَّاهِبُ العَقْل مِنْ لَدْغِ الحَيَّة أَو العَقْرَب وقِيلَ : هُوَ الَّذِي يَهْذِي مِنْ خَرَف . والتَّسْهِيبُ : ذَهَابُ العَقْل والفِعْلُ مِنْه مُمَاتٌ . قال ابْنُ هَرْمَة : .
أَمْ لاَ تَذَكَّرُ سَلْمَى وَهْي نَازِحَةٌ ... إِلاَّ اعْتَرَاكَ جَوَى سُقْمٍ وتَسْهِيبِ وَفِي حَدِيث عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْه : وضُرِبَ عَلَى قَلْبِهِ بالإِسْهَابِ وقيل : هو ذَهَابُ العَقْلِ . أُسْهِبَ الرَّجُلُ فهو مُسْهَبٌ إِذَا تَغَيَّر لونُه من حُبٍّ أَو فَزَعٍ أَو مَرَضٍ ورجل مُسْهَبُ الجِسْمِ إِذَا ذَهَبَ جِسْمُه مِنْ حُبٍّ عَنْ يَعْقُوب . وحَكَى اللِّحْيَانِيّ : رَجُلٌ مُسْهِب العَقْلِ بِالكَسْرِ ومُسْهِمٌ عَلى البَدَل قَالَ : وكَذلك الجِسْم إِذَا ذَهَب مِنْ شِدَّةِ الحُبِّ . قال أَبُو حَاتِم : أُسْهِبَ السَّلِيمُ إِسْهَاباً فهو مُسْهَبٌ إِذَا ذَهَب عَقْلُه وطَاشَ وأَنْشَد : .
" فَبَاتَ شَبْعَانَ وَبَاتَ مُسْهَبَا