فوائد جمة في آداب الأكل والشرب وما يتعلق بهما .
كره الإمام أحمد C أن يتعمد القوم - حين وضع الطعام - أن يفجأهم وإن فجأهم بلا تعمد : أكل نص عليه .
وأطلق في المستوعب وغيره : الكراهة إلا من عادته السماحة .
وكره الإمام أحمد C الخبز الكبار وقال : ليس فيه بركة .
وكره الإمام أحمد في رواية مهنا : وضعه تحت القصعة لاستعماله له .
وقال الآمدي : يحرم عليه ذلك وأنه نص الإمام أحمد وكرهه غيره وكرهه الأصحاب في الأولتين .
وجزم به في المغني في الثانية .
ذكر ذلك في الفروع في باب الأطعمة .
ويحرم عليه أخذ شئ من الطعام من غير إذن ربه فإن علم بقرينة رضا مالكه فقال في الترغيب : يكره .
وقال في الفروع : يتوجه أنه يباح وأنه يكره مع ظنه رضاه .
وقال في الرعاية الكبرى : له أخذها علم رضى ربه به وإطعام الحاضرين معه وإلا فلا .
ويأتي : هل له أن يلقم غيره ؟ وما يشابهه .
ويأتي أيضا في كلام المصنف : تحريم الأكل من غير إذن ولا قرينة وأن الدعاء إلى الوليمة إذن في الأكل .
ويغسل يديه قبل الطعام وبعده على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب .
وعنه : يكره قبله اختاره القاضي قاله في الفروع قال : وأطلق جماعة رواية الكراهة .
قلت : قال في المستوعب وغيره : وعنه يكره اختاره القاضى .
وقال ابن الجوزي في المذهب : يستحب غسل يديه بعد الطعام إذا كان له غمر انتهى .
ولا يكره غسله في الإناء الذى أكل فيه نص عليه وعليه الأصحاب ويكره الغسل بطعام وبأس بنخالة نص عليه .
قال بعضهم : يكره بدقيق حمص وعدس وباقلاء ونحوه .
وقال في الآداب : ويتوجه تحريم الغسل بمطعوم كما هو ظاهر تعليل الشيخ تقى الدين C .
وقال المصنف : والشارح : لما أمر الشارع - عليه أفضل الصلاة والسلام - المرأة أن تجعل مع الماء ملحا ثم تغسل به الدم عن حقيبته A والملح طعام ففى معناه ما يشبهه انتهى .
قال الشيخ تقي الدين C : كلام أبى محمد يقتضى جواز غسلها بالمطعوم وهو خلاف المشهور .
وجزم الناظم بجواز غسل يديه بالملح وهو قول في الرعاية .
وقال إسحاق : تعشيت مع أبى عبد الله مرة فجعل يأكل وربما مسح يديه عند كل لقمة بالمنديل .
ويتمضمض من شرب اللبن ويلعق قبل الغسل أو المسح أصابعه أو يلعقها ويعرض رب الطعام الماء لغسلهما ويقدمه بقرب طعامه ولا يعرض الطعام ذكره في التبصرة وغيرها واقتصر عليه في الفروع .
ويسن أن يصغر اللقمة ويجيد المضغ ويطيل البلع .
قال الشيخ تقي الدين C : إلا أن يكون هناك ما هو أهم من الإطالة .
وذكر بعض الأصحاب : استحباب تصغير الكسر انتهى .
ولا يأكل لقمة حتى يبلغ ما قبلها .
وقال ابن أبي موسى و ابن الجوزي : ولا يمد يده إلى أخرى حتى يبتلع الأولى وكذا قال في الترغيب وغيره .
وينوي بأكله وشربه به التقوى على الطاعة .
ويبدأ بهما الأكبر والأعلم جزم به في الرعاية الكبرى وقدمه في الآداب الكبرى .
وقال الناظم في آدابه : .
( ويكره سبق القوم للأكل نهمة ... ولكن رب البيت إن شاء يبتدى ) .
وإذا أكل معه ضرير : أعلمه بما بين يديه .
وتستحب التسمية عليهما والأكل باليمين .
ويكره ترك التسمية والأكل بشماله إلا من ضرورة على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وذكره النووى في الشرب إجماعا .
وقيل : يجبان اختاره ابن أبي موسى .
قال الشيخ تقي الدين C : ينبغى أن يقول بوجوب الاستنجاء باليسرى ومس الفرج بها لأن النهى في كليهما .
وقال ابن البنا قال بعض أصجابنا : في الأكل أربع فرائض : أكل للحلال والرضا بما قسم الله والتسمية على الطعام والشكر الله D على ذلك وإن نسى التسمية في أوله قال : إذا ذكر ( بسم الله أوله وآخره ) .
وقال في الفروع قال الأصحاب : يقول ( بسم الله ) .
وفي الخبر ( فليقل : بسم الله أوله وآخره ) .
قال الشيخ تقي الدين C : لو زاد ( الرحمن الرحيم ) عند الأكل لكان حسنا فإنه أكمل بخلاف الذبح فإنه قد قيل : لا يناسب ذلك انتهى .
ويسمى المميز ويسمى عمن لا عقل له ولا تمييز غيره قاله بعضهم إن شرع الحمد عنه .
وينبغى للمسمى : أن يجهر بها قاله في الآداب لينبه غيره عليها .
ويحمد الله إذا فرغ ويقول : ما ورد .
وقيل : يدب الحمد وقيل : يحمد الشارب كل مرة .
وقال السامرى : يسمى الشارب عند كل ايتداء ويحمل عند كل قطع .
قال في الآداب وقد يقال مثله في أكل كل لقمة وهو ظاهر ما روى عن الإمام أحمد C .
نقل ابن هانئ : أنه جعل عند كل لقمة : يسمى ويحمد .
وقال : أكل وحمد خير من أكل وصمت .
ويسن مسح الصفحة وأكل ما تنائر والأكل عند حضور رب الطعام وإذنه ويأكل بثلاث أصابع ويكره بإصبع لأنه مقت وبإصبعين لأنه كبر وبأربع وخمس لأنه شره .
قال في الآداب : ولعل المراد ما يتناول - عادة وعرفا - بإصبع أو إصبعين فإن العرف يقتضيه .
ويسن أن يأكل مما يليه مطلقا على الصحيح من المذهب .
قال جماعة من الأصحاب - منهم القاضى و ابن عقيل و ابن حمدان في الرعاية وغيرهم - : إذا كان الطعام لونا أو نوعا واحدا .
وقال الآمدي : لا بأس بأكله - من غير ما يليه - إذا كان وحده قاله في الفروع .
وقال في الآداب : نقل الآمدى من ابن حامد أنه قال : إذا كان مع جماعة أكل مما يليه وإن كان وحده : فلا بأس أن تجول يده انتهى .
قلت : وظاهر كلامهم : أن الفاكهة كغيرها .
وكلام القاضي - ومن تابعه - محتمل الفرق .
ويؤيده حديث عكراش بن ذؤيب رضى الله عنه لكن فيه مقال انتهى .
ويكره الأكل من أعلى القصهة وأوسطها .
قال ابن عقيل : وكذلك الكيل .
وقال ابن حامد : يسن أن يخلع نعليه .
ويكره نفخ الطعام على الصحيح من المذهب .
زاد في الرعاية و الآداب وغيرهما : والشراب .
وقال في المستوعب : النفخ في الطعام والشراب والكتاب : منهى عنه .
وقال الآمدي : لا يكره النفخ في الطعام إذا كان حارا .
قلت : وهو الصواب إن كان ثم حاجة إلى الأكل حينئذ .
ويكره أكل الطعام الحار .
قلت : عند عدم الحاجة .
ويكرعه فعل ما يستقذره من غيره .
وكذا يكره الكلام بما يستقذر أو بما يضحكهم أو يحزنهم قاله الشيخ عبد القادر في الغنية .
وكره الإمام أحمد C الأكل متكئا .
قال الشيخ عبد القادر في الغنية : وعلى الطرق أيضا .
ويكره أيضا الأكل مضطجعا ومنبطحا قاله في المستوعب وغيره .
ويسن أن يجلس للأكل على رجله اليسرى وينصب اليمنى أو يتربع قال في الرعاية الكبرى وغيره .
وذكر ابن البناء : أن من آداب الأكل : أن يجلس مفترشا وإن تربع فلا بأس انتهى .
وذكر في المستوعب من آداب الأكل : أن يأكل مطمئنا كذا قال .
ويكره غيب الطعام على الصحيح من المذهب .
وقال الشيخ عبد القادر في الغنية : يحرم .
ويكره قرانه في التمر مطلقا على الصحيح من المذهب .
قدمه الناظم في آدابه و ابن حمدان في آداب رعايتيه و ابن مفلح في آدابه .
وقيل : يكره مع شريك لم يأذن .
قال في الرعاية : لا وحده ولا مع أهله ولا من أطعمهم ذلك .
وأطلقهما ابن مفلح في الفروع .
وقال أبو الفرج الشيرازي في كتابه أصول الفقه : لا يكره القران .
وقال ابن عقيل في الواضح : الأولى تركه .
قال صاحب الترغيب و الشيخ تقي الدين C : ومثله ما العادة جارية بتناوله وله أفراد .
وكذا قال الناظم في آدابه وهو الصواب .
وله قطع اللحم بالسكين والنهى عنه لا يصح قاله الإمام أحمد C .
والسنة : أن يكون البطن أثلاثا : ثلثا للطعام وثلثا للشراب وثلثا للنفس .
ويجوز أكله كثيرا بحيث لا يؤذيه قاله في الترغيب .
قال في الفروع : وهو مراد من أطلق .
وقال في المستوعب وغيره : ولو أكل كثيرا لم يكن به بأس .
وذكر الناظم : أنه لا بأس بالشبع وأنه يكره الإسراف .
وقال في الغنية : يكره الأكل كثيرا معه خوف تخمة .
وكره الشيخ تقى الدين أكله حتى يتخم وحرمه أيضا .
قلت : وهو الصواب .
وحرم أيضا : الإسراف وهو مجاوزة الحد .
ويأتى في الأطعمة كراهة إدمان أكل اللحم .
ولا يقلل من الأكل بحيث يضره ذلك .
وليس من السنة ترك أكل الطيبات .
ولا يكره الشرب قائما على الصحيح من المذهب .
ونقله الجماعة وعليه أكثر الأصحاب .
وعنه : يكره وجزم به في الإرشاد واختاره الشيخ تقى الدين C .
قال صاحب الفروع : وظاهر كلامهم : لا يكره أمله قائما ويتوجه أنه كالشرب وقاله الشيخ تقى الدين C .
قلت : إن قلنا : إن الكراهة في الشرب قائما لما يحصل له من الضرر ولم يحصل مثل ذلك في الأكل : امتنع الإلحاق .
وكره الإمام أحمد - C - الشرب من فم السقاه واختناث الأسقية وهو قلبها .
ويكره أيضا الشرب من ثلمة الإناء .
وقال في المستوعب : ولا يشرب محاذيا العروة ويشرب مما يليها .
وظاهر كلام الأصحاب : أنهما سواء وحمله في الآداب على أن العروة متصلة برأس الإناء .
وإذا شرب ناول الإناء الأيمن .
وقال في الترغيب : وكذا غسل يده .
وقال ابن أبي المجد : وكذا في رش ماء الورد .
وقال في الفروع : وما جرت العادة به كإطعام سائل وسنور وتلقيم وتقديم : يحتمل كلامه وجهين : قال : وجوازه أظهر .
وقال في آدابه : الأولى جوازه .
وقال في الرعاية الكبرى : ولا يلقم جليه ولا يفسخ له إلا بأذن رب الطعام .
وقال الشيخ عبد القادر : يكره أن يلقم من حضر معه لأنه يأكل [ ويتلف بأكله ] على ملك صاحبه على وجه الإباحة .
وقال بعض الأصحاب : من الآداب أن لا يلقم أحدا يأكل معه إلا بإذن مالك الطعام .
قال في الآداب : وهذا يدل على جواز ذلك عملا بالعادة والعرف في ذلك لكن الأدب والأولى : الكف عن ذلك لما فيه من إساءة الأدب على صاحبه والإقدام على طعامه ببعض التصرف من غير إذن صريح .
وفي معنى ذلك : تقديم بعض الضيفان ما لديه ونقله إلى البعض الآخر لكن لا ينبغى لفاعل ذلك أن يسقط حق جليه من ذلك .
والقرينة تقوم مقام الإذن في ذلك .
وتقدم كلامه في الفروع .
وقال في الفنون : كنت أقول : لا يجوز للقوم أن يقدم بعضهم لبعض ولا لسنور حتى وجدت في صحيح البخارى حديث أنس في الدباء انتهى .
ويسن أن يغض طرفه عن جليسه .
قال الشيخ عبد القادر : من الآداب : أن لا يكثر النظر إلى وجوه الآكلين انتهى .
ويسن أن يؤثر على نفسه .
قال في الرعاية الكبرى و الآداب : ويأكل ويشرب مع ابناء الدنيا بالأدب والمروءة ومع الفقراء بالإيثار ومع الإخوان بالانباط ومع الإخوان بالانبساط ومع العلماء بالتعلم .
وقال الإمام أحمد : يأكل بالسرور مع الإخوان وبالإيثار مع الفقراء وبالمروءة مع أبناء الدنيا انتهى .
ويسن أن يخلل أسنانه إن علق بها شئ .
وقال في المستوعب : روى عن ابن عمر ( ترك الخلال يوهن الأسنان ) .
وذكره بعضهم مرفوعا .
قال الناظم : ويلقى ما أخرجه الخلال ولا يبتلعه للخبر .
ويسن الشرب ثلاثا ويتنفس دون الإناء ثلاثا فإن تنفس فيه كره .
ولا يشرب في أثناء الطعام فإنه مضر ما لم يكن عادة .
ويسن أن يجلس غلامه معه على الطعام وإن لم يجلسه أطعمه .
ويسن لمن أكل مع الجماعة أن لا يرفع يده قبلهم ما لم توجد قرينة .
ويكره مدح طعامه وتقويمه على الصحيح من المذهب .
وقال الآمدي : السنة أن يأكل بيده ولا يأكل بملعقة ولا غيرها .
ومن أكل بملعقة أوغيرها : أكل بالمستحب انتهى .
وقال الشيخ عبد القادر : ويستحب أن يبدأ بالملح ويختم به .
قال الشيخ تقي الدين C : زاد الملح .
ويكره إخراج شئ من فيه ورده في القصعة .
ولا يسمح يده بالخبز ولا يستبذله ولا يخلط طعاما بطعام قاله الشيخ عبد القادر .
ويستحب لصاحب الطعام أن يباسطخ الإخوان بالحديث الطيب والحكايات التى تليق بالحالة إذا كانوا منقبضين .
وقد كان الإمام أحمد C : يباسط من يأكل معه .
وذكر ابن الجوزي : أن من آداب الأكل : أن لا يسكتوا عن الطعام بل يتكلموا بالمعروف ويتكلمون بحكايات الصالحين في الأطعمه انتهى .
ولا يتصنع بالانقباض وإذا أخرج من فيه شيئا ليرمى به : صرف وجهه عن الطعام وأخذه بيساره .
قال : ويستحب تقديم الطعام إليهم ويقدم ما حضر من غير تكلف ولا يستأذنهم في التقديم انتهى .
قال في الآداب : كذا قال .
وقال ابن الجوزى أيضا : ولا يكثر النظر إلى المكان الذى يخرج منه الطعام فإنه دليل على الشره .
وقال الشيخ تقى الدين C : إذا دعى إلى أكل : دخل إلى بيته فأكل ما يكسر نهمته قبل ذهابه .
وقال ابن الجوزى : ومن آداب الأكل : أن لا يجمع بين النوى والتمر في طبق واحد ولا يجمعه في كفه بل يضعه من فيه على ظهر كفه .
وكذا كل ما فيه عجم وثفل وهو كعنى كلام الآمدى .
وقال أبو بكر بن حماد : رأيت الأمام أحمد - C - يأكل التمر ويأخذ النوى على ظهر إصبعيه السبابة والوسطى .
ورأيته يكره أن يجعل النوى مع التمر في شئ واحد .
ولرب الطعام أن يحض بعض الضيفان بشئ طيب إذا لم يتأذ غيره .
ويستحب للضيف أن يفضل شيئا ولا سيما إن كان ممن يتبرك بفضلته أو كان ثم حاجة .
وظاهر كلام الإمام أحمد C و الشيخ تقي الدين : أن الخبز لا يقبل ولا بأس بالمناهدة .
نقل أبو داود : لا بأس أن يتناهد في الطعام ويتصدق منه لم يزل الناس يفعلون هذا .
قال في الفروع : ويتوجه رواية : لا يتصدق بلا إذن ونحوه انتهى .
ومعنى ( النهد ) أن يخرج كل واحد من الرفقة شيئا من النفقة ويدفعونه إلى رجل ينفق عليهم منه ويأكلون جميعا .
وإن أكل بعضهم أكثر من بعض : فلا بأس