وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب الأمان .
يحوز عقد الأمان لجميع الكفار و آحادهم لقول الله تعالى : { و إن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله } و روى علي Bه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين لا يقبل منه صرف و لا عدل ] رواه البخاري .
و تصح من كل مسلم بالغ عاقل مختار ذكرا كان أو أنثى حرا أو عبدا للخبر و قالت عائشة Bها : إن كانت المرأة لتجير على المؤمنين فيجوز و عن فضيل بن يزيد الرقاشي قال : جهز عمر بن الخطاب Bه جيشا فكنت فيه فحضرنا موضعا فرأينا أنا سنفتحها اليوم و جعلنا نقبل و نروح ففي عبد منا فراطنهم و راطنوه فكتب لهم الأمان في صحيفة و شدها على سهم و رمى بها إليهم فأخذوها و خرجوا فكتب بذلك إلى عمر فقال : العبد المسلم رجل من المسلمين يجوز أمانه رواهما سعيد و يصح أمان الأسير المسلم إذا عقده غير مكره كذلك .
فصل .
و لا يصح من كافر لقوله عليه السلام : [ يسعى بها أدناهم ] و ليس الكافر منهم و لأنه متهم في الدين و لا من مجنون و لا طفل لأنه لا حكم لقولهما و لا مكره لأنه عقد أكره عليه بغير حق فلم يصح كالبيع و في الصبي المميز روايتان : .
إحداهما : لا يصح منه لأن القلم مرفوع عنه و لا يلزمه بقوله حكم فلا يلزم غيره كالمجنون .
و الثانية : يصح لعموم الخبر و لأنه مسلم عاقل فصح أمانه كالبالغ فإن دخل مشرك بأمان من لا يصح أمانه عالما بفساده جاز قتله و أخذ ماله لأنه حربي لا أمان له و إن لم يعرف عرف ذلك ورد إلى مأمنه ولم يجز قتله لأنه دخل على أنه بأمان .
فصل .
و للإمام عقده لجميع الكفار لأن له الولاية على جميع المسلمين و للأمير عقده لمن أقيم بإزائه لأن إليه الأمر فيهم و أما سائر الرعية فلهم عقده للواحد و العشرة و الحصن الصغير لحديث عمر في أمان العبد و لا يصح لأهل بلدة و رستاق ونحوهم لأن ذلك يفضي إلى تعطيل الجهاد و الافتئات على الإمام و للإمام و الأمير أمان الأسير لأن عمر Bه أمن الهرمزان و هو أسير و لأن له المن عليه فالأمان أولى و ليس ذلك لغيره لأن أمر الأسير إلى الإمام فلم يجز لغيره الافتئاف عليه / ذكر أبو الخطاب : أن ذلك لكل مسلم لأن زينب ابنة رسول الله صلى الله عليه و سلم أجارت زوجها أبا العاص بن الربيع بعد أسره فأمضاه رسول الله صلى الله عليه و سلم .
فصل .
ومن طلب الأمان ليسمع كلام الله و يعرف الشريعة وجب أن يعطاه ثم يرد إلى مأمنه لقول الله سبحانه : { و إن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه } و يجوز عقده للمستأمن غير مقيد بمدة لأن ذلك لا يفضي إلى ترك الجهاد قال القاضي : يجوز أن يقيموا في دارنا مدة الهدنة بغير جزية و هو ظاهر كلام أحمد C لأن من جاز إقراره بغير جذية فيما دون السنة جاز فيما زاد كالمرأة وقال أبو الخطاب : عندي لا يجوز أن يقيموا سنة فصاعدا بغير جزية لقول الله تعالى : { حتى يعطوا الجزية عن يد و هم صاغرون } .
فصل .
و يحصل الأمان بما يدل عليه من قول و غيره فالقول مثل أمنتك أو أنت آمن او أجرتك أو أنت مجار أو في جواري أو في ذمي أو في أماني أو في خفارتي أو لا بأس عليك أو لا خوف عليك أو لا تخف أو مترس بالفارسية و نحو ذلك لأن النبي صلى الله عليه و سلم قال يوم الفتح : [ من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ] و قال لأم هانئ : [ قد أجرنا من أجرت وأمنا من أمنت ] و قال أنس لعمر في قصة الهرمزان : ليس إلى قتله سبيل قد قلت : تكلم لا بأس عليك فأمسك عمر و روى زر عن عبد الله بن مسعود أنه قال : إن الله يعلم كل لسان فمن أتى منكم أعجميا فقال : له : مترس فقد أمنه و إن أشار إليه بالأمان فهو أمان لما روي عن عمر Bه أنه قال : لو أن أحدكم أشار بأصبعه إلى السماء إلى مشرك فنزل إليه فقتله لقتله به فإن قال المسلم : لم أرد به الأمان فالقول قوله لأنه أعلم بنيته و يرد المشرك إلى مأمنه لأنه نزل على أنه آمن وإن قال له : قف أو قم أو ألق سلاحك فقال أصحابنا : هو أمان لأن الكافر يعتقده أمانا فأشبه قوله : لا تخف و يحتمل أن يرجع فيه إلى النية فإن نوى به الأمان كان أمنا لأنه يحتمله و إن لم ينو لم يكن أمانا لأنه يستعمل للإرهاب و التخويف والتهديد فلم ينصرف إلى الأمان بغير نية و إذا اختلفا في نيته فالقول قول المسلم لما ذكرنا و إن قال الكافر : أنت آمن فرد الأمان لم ينعقد لأنه إيجاب حق بعقده فلم يصح مع الرد كالبيع و إن قبله ثم رده انتفض لأنه حق له فسقط بإسقاطه كالرق .
و أما الفعل فإذا دخل الحربي دار الإسلام رسولا أو تاجرا و قد جرت العادة بدخول تجارهم إلينا كان أمانا له و لم يجز التعرض له لأن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لرسولي مسيلمة : [ لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتكما ] رواه أبو داود و النسائي بمعناه و لأنهم دخلوا يعتقدون الأمان فأشبه ما لو دخلوا بإشارة المسلم .
و إن دخل المسلم دار الحرب رسولا أو تاجرا و قد جرت العادة بدخول تجارنا إليهم صار في أمانهم و صاروا في أمان منه لأن الأمان إذا انعقد من أحد الطرفين انعقد من الآخر فلا تحل خيانتهم في أموالهم و لا معاملتهم بالربا لأن من حرم ماله عليك و مالك عليه حرمت معاملته بالربا كالمسلم في دار الإسلام و إذا أخذ المسلمون حربيا فادعى أنه جاء مستأمنا نظرنا فإن كان بغير سلاح قبل قوله لأن تركه السلاح دليل على قصد الأمان و إن كان معه سلاح لم يقبل منه نص عليه أحمد لأن حمله لآلة الحرب دليل على أنه محارب و قال أحمد : إذا لقي الرجل العلج فطلب من الأمان لم يعطه و إن كان المسلمون جماعة أعطوه الأمان لأن الواحد لا يأمن غدر العلج عند خلوته به و الجماعة يأمنون ذلك .
فصل .
و من جاء بحربي فادعى الحربي أنه أمنه فأنكر المسلم ففيه ثلاث روايات : .
إحداهن : القول قول المسلم لأن الأصل معه و هو إباحة دم الحربي وعدم الأمان .
و الثانية : القول قول الأسير لأنه يدعي حقن دمه فيكون ذلك شبهة في درء القتل .
و الثالثة : القول قول من يدل ظاهر الحال على صدقه فمتى كان أقوى من المسلم و معه سلاحه فالقول قوله : لأن الظاهر معه و إن كان ضعيفا مأخوذا سلاحه فالقول قول المسلم لأن الظاهر معه .
فصل .
و إذا دخل حربي دار الإسلام بأمان ثبت الأمان لنفسه و ماله الذي معه لأن الأمان يقتضي ترك التعرض له بما يضره و أخذ ماله يضره فإن أودع ماله أو أقرضه مسلما أو ذميا ثم عاد إلى دار الحرب رسولا أو تاجرا أو متنزها ليعود إلى دار الإسلام فهو على أمانه و إن دخل مستوطنا أو محاربا انتقض الأمان في نفسه لأنه تركه و بقي ماله لأنه بطل في نفسه بعوده و لم يوجد ذلك في المال و لأن الأمان ثبت للمال بأخذ المودع والمقترض له فأشبه ما لو استودعه في دار الحرب و دخل به دار الإسلام فإن طلبه صاحبه بعث به إليه و إن مات بعث إلى وارثه و كذلك إن مات المستأمن في دار الإسلام بعث ماله إلى وارثه لأن الأمان حق لازم تعلق بالمال فإذا انتقل إلى الوارث انتقل بحقه كسائر ماله و إن لم يكن له وارث فهو فيء لأنه مال انتقل عن الكافر و لا مستحق له فأشبه مال الذمي الذي يموت و لا وارث له و إن سبي مالكه كان موقوفا فإن عتق رد إليه و إن مات في الرق أو قتل فماله فيء لأنه لا يورث فأشبه مال من لا وارث له .
فصل .
و إن أخذ المسلم من الحربي في دار الحرب مالا مضاربة أو وديعة و دخل به دار الإسلام فهو في أمان حكمه مثل ما ذكرنا و إن أخذه ببيع في الذمة أو اقتراض فالثمن في ذمته عليه أداؤه إليه و إن اقترض حربي من حربي مالا ثم دخل إلينا فأسلم فعليه رد البدل لأنه أخذه على سبيل المعاوضة فأشبه مالو تزوج حربية ثم أسلم فإنه يلزمه مهرها .
فصل .
و إن حصر المسلمون حصنا فطلب رجل منهم الأمان ليفتح لهم الحصن جاز إعطاؤه و كذلك إن طلبه لجماعة معينين جاز لما روي أن المهاجر بن أبي أمية لما حصر النجير بعث إليه الأشعث بن قيس : تعطيني الأمان لعشرة و أفتح لك الحصن ؟ ففعل فإن فتح الحصن فادعى الأمان منهم جماعة كل واحد يقول أنا المعطى و أشكل لم يجز قتل واحد منهم لأنه اشتبه المباح بالمحرم فوجب تغليب التحريم كما لو اختلطت أخته بأجنبيات و في استرقاقهم وجهان : .
أحدهما : لا يسترق واحد منهم كذلك قال القاضي : هذا المنصوص عليه .
و الثاني : يقرع بينهم فيخرج صاحب الأمان بالقرعة و يسترق الباقون اختارها أبو بكر : لأنه استبه الحر بالرقيق فوجب أن يخرج بالقرعة كما لو أعتق عبدا من عبيده و أشكل و إن أسلم واحد في الحصن قبل فتحه ثم فتح فأدعى كل واحد منهم أنه المسلم خرج فيها ما في التي فبلها لأنها في معناها .
فصل .
و إذا أسر الكفار أسيرا فأطلقوه بشرط أن يقيم عندهم مدة كانوا في أمان منه و لم يكن له أن يهرب منهم و لا أن يخونهم في أموالهم لأنهم على هذا أطلقوه و إن أطلقوه ولم يشرطوا عليه شيئا فله أن يقتل و يسرق و يهرب لأنه لم يصدر منه ما يثبت به الأمان و كذلك إن أطلقوه على أن يكون رقيقا لهم و ملكا لأنه حر لا يثبت عليه الملك و لم يصدر منه أمان فإن أطلقوه و أمنوه و لم يشرطوا عليه شيئا كان له الهرب لأنه ليس بمال لهم و لم يكن له خيانتهم في أموالهم و أنفسهم أن أمانهم له يقتضي سلامتهم منه و إن شرطوا عليه الإقامة عندهم فالتزمه لزمه الوفاء لهم نص عليه لقوله تعالى : { و أوفوا بعهد الله إذا عاهدتم } و قوله عليه السلام : [ المؤمنون عند شروطهم ] و إن شرطوا عليه أن يبعث إليهم فداءه من دار الإسلام لزمه ذلك لما ذكرنا ولأن النبي صلى الله عليه و سلم لما صالح أهل الحديبية على رد من جاء وفى لهم و قال : [ إنا لا يصلح في ديننا الغدر ] فإن عجز عن الفداء كان في ذمته يبعثه إليهم متى قدر كثمن المبيع .
و إن شرطوا عليه أنه لم يقدر على الفداء رجع عليهم فلم يقدر عليه وكان رجلا لزمه الوفاء في إحدى الروايتين لما ذكرناه .
و الثانية : لا يعود إليهم لأن العود إليهم معصية فلم يلزم بالشرط وإن كانت امرأة لم ترجع إليهم رواية واحدة لأن النبي صلى الله عليه و سلم لما صالح أهل الحديبية على رد من جاءه منعه الله تعالى رد النساء و لأن في ردها تسليطا على وطئها حراما فلم يجز و إن كان الأسير شرط لهم ذلك مكروها بضرب و تعذيب لم يلزمه الوفاء لهم بشرط مما شرطه و إن اشترى الأسير منهم شيئا مختارا أو اقترضه لزمه الوفاء لهم لأنه عقد معارضة فأشبه غير الأسير و إن كان مكروها لم يصح فإن أكرهوه على قبضه لم يلزمه ضمانه و إن تلف و عليه رده إن كان باقيا لأنهم دفعوه إليه بحكم عقد فاسد و إن قبضه باختياره فعليه ضمانه كذلك و الله أعلم