وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب قسمة الغنائم .
الغنيمة : ما أخذ من مال الكفار بإيجاف فخمسها لأهل الخمس و أربعة أخماسها للغانمين لقول الله تعالى : { واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه } الآية فأضافها إليهم ثم جعل خمسها لله فدل على أن أربعة أخماسها لهم ثم قال الله تعالى : { فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا } و لأن النبي صلى الله عليه و سلم قسم الغنائم كذلك و الإمام مخير بين قسمتها في دار الحرب و بين تأخير القسمة إلى دار الإسلام أي ذلك رأي المصلحة فيه فعل لأن النبي صلى الله عليه و سلم فعل الأمرين جميعا فقسم غنائم بدر بشعب من شعاب الصفراء قريبا من بدر و غنائم بني المصطلق على مياههم و غنائم حنين بأوطاس واد من حنين و قسم فداء أسارى بدر بالمدينة و هو غنيمة و لأن المسلمين قد ملكوا الغنيمة بالاستيلاء التام في دار الحرب فجازت قسمتها كما لو جاوزها إلى دار الإسلام .
فصل .
فإذا أراد القسمة بدأ بالأسلب فدفعها إلى أهلها و إن كان فيها مال المسلم دفع إليه لأنه استحقه بسبب سابق ثم يدفع منه أجرة الحافظ و الناقل و القاسم و الحاسب لأنه لمصلحة الغنيمة و في الرضخ وجهان : .
أحدهما : و هو من أصل الغنيمة لأنه يستحقه للمعاونة في تحصيلها أشبه أجرة النقال .
و الثاني : من أربعة الأخماس لأنه استحق بحضور الوقعة أشبه السهمان فعلى الأول يعطى الرضخ لأهله ثم يقسم الباقي على خمسة أسهم سهم منها لأهل الخمس ثم يدفع الأنفال مما بقي ثم يقسم الباقي بين الغانمين للراجل سهم و للفارس ثلاثة أسهم سهم له وسهمان لفرسه لما روى ابن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أسهم يوم خيبر للفارس ثلاثة أسهم سهمان لفرسه و سهم له متفق عليه و عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم أعطى الفارس ثلاثة أسهم و أعطى الراجل سهما رواه الأثرم .
فصل .
و يقسم مابين الغانمين كقسمة المتاع بين الشركاء فيقوم ما عدا الأثمان و يدفعها إليهم بقيمتها فإن أمكن تخصيص كل إنسان بعين كجارية و فرس و ثوب فعل وإن لم يمكن شرك بين الجماعة في العين الواحدة و يقسم الغنيمة بين من شهد الوقعة من أهل القتال من قاتل و من لم يقاتل لما روي عن عمر Bه أنه قال : الغنيمة لمن شهد الوقعة و لأن غير المقاتل ردء له ومعين فيشاركه كرد المحارب فأما غير أهل القتال كطفل و المجنون ومن ينبغي للإمام منعه كالمرجف و المخذل و المعين للعدو فلا شيء له وإن قاتل لأن ضره أكثر من نفعه ومن كان مريضا مرضا يمنعه القتال فلا سهم له كالمجنون و إن لم يمنعه القتال كحمى الخفيفة و الصداع و السعال أسهم له لأنه من أهل القتال .
فصل .
ولا يسهم بفرس ينبغي للإمام منعه كالقحم و الحطم و الضرع والأعجف لما ذكرنا في الرجل و لا لغير الخيل من البغال و الحمير و الإبل لأن النبي صلى الله عليه و سلم لم يسهم لغير الخيل ولأنها لا تلحق بالخيل في التأثير في الحرب و الكر و الفر فلم تلحق بها في الهسم و هذا اختيار أبي الخطاب و روي عن أحمد فيمن غزا على بعير لا يقدر على غيره قسم له و لبعيره سهمان لقول الله تعالى : { فما أوجفتم عليه من خيل و لا ركاب } و لأنه حيوان تجوز المسابقة عليه بعوض أشبه الفرس .
فصل .
و في غير العربي من الخيل أربع روايات : .
إحداهن : أنه كالعربي في سهمه اختارها الخلال و لأن اسم الفرس شامل له و لأنه حيوان ذو سهم فاستوى العربي و غيره كالرجال .
و الثانية : له سهم واحد اختارها الخرقي لما روى أبو الأقمر قال : غارت الخيل على الشام فأدركت العراب من يومها و أدركت الكوادن ضحى الغد و على الخيل رجل من همدان يقال له : المنذر بن أبي حميضة فقال : لا أجعل التي أدركت من يومها مثل التي لم تدرك ففضل الخيل فقال عمر : هبلت الوداعي أمه امضوها على ما قال أخرجه سعيد و لأنهما تختلف غناؤهما فاختلفت سهمانهما كالفارس و الراجل .
الثالثة : ما أدرك منها إدراك العراب فله سهمها لأنه عمل عملها و ساواها في جنسها فساواها في سهمها كما لو اتفق نوعهما .
و الرابعة : لا سهم له لأنه لا يعمل عمل العراب أشبه البغال .
فصل .
و من غزا على فرسين قسم لهما أربعة أسهم و لصاحبهما سهم و لا يسهم لأكثر من فرسين لما روى الأوزاعي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يسهم للخيل وكان لا يسهم للرجل فوق فرسين و إن كان معه عشرة أفراس و عن أزهر بن عبد الله : أن عمر كتب إلى أبي عبيدة بن الجراح : أن أسهم للفرس سهمين و للفرسين أربعة أسهم و لصاحبهما سهما فذلك خمسة أسهم و ما كان فوق الفرسين فهو جنائب .
فصل .
و من غزا على فرس حبيس فله سهمه لأنه استحق نفعه فملك سهمه كالمستعار ومن غصب فرسا فقاتل عليه فسهم الفرس لمالكه لأن النبي صلى الله عليه و سلم جعل للفرس سهمين فكانا لمالكها كما لو كان راكبها و إن كان الفرس عارية أو بأجرة فسهمها لراكبها لأنه ملك نفعه و هذا من نفعه و عنه : أن سهم المستعار لمالكه لأنه من نمائه أشبه ولده و إن قاتل العبد على فرس سيده قسم للفرس لأنه قوتل عليه في الحرب فاستحق السهم كما لو قاتل عليه حر و يكون سهمه لمالكه و من دخل أرض الحرب فارسا و حضر الوقعة غير فارس لموت فرسه أو بيعه أو إجارته أو إعارته أو غصبه أو ضيعته فله سهم راجل و إن دخل راجلا فملك فرسا أو استأجره فحضر به الوقعة فله سهم فارس لأن الفرس حيوان ذو سهم فاعتبر وجوده حال القتال فيسهم له مع وجوده و لا يسهم له مع العدم كالآدمي .
فصل .
و لا يسهم لامرأة و لا صبي و لا مملوك لأنهم من غير أهل القتال و يرضخ لهم دون السهم لما روى ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يغزو بالنساء فيداوين الجرحى و يحذين من الغنيمة وأما سهم فلم يضرب لهن رواه مسلم وقال سعيد بن المسيب : كان الصبيان و العبيد يحذون من الغنيمة في صدر هذه الأمة و قال تميم بن قرع : كنت في الجيش الذي فتح الإسكندرية في المرة الآخرة فلم يسهم لي عمرو شيئا وقال : غلام لم يحتلم فسألوا أبا بصرة الغفاري و عقبة بن عامر فقالا : انظروا فإن كان قد أشعر فاقسموا له فنظر إلي بعض القوم فإذا أنا قد أنبت فقسم لي و قال الجوزجاني : هذا من مشاهير حديث مصر وجيده و عن عمير مولى آبي اللحم قال : شهدت خيبر مع سادتي فكلموا في رسول الله عليه و سلم فأمرني فقلدت سيفا فإذا أنا أجره فأخبر أني مملوك فأمر لي بشيء من خرثي المتاع رواه أحمد و أبو داود و الترمذي .
و المكاتب و المدبر كالقن لأنه عبد فأما المعتق بعضه فظاهر كلام أحمد أنه يرضخ له لأنه لم يكتمل له الحرية أشبه القن وقال أبو بكر : يسهم له بقدر ما فيه من الحرية والرق لأنه يتجزأ فقسم على قدر ما فيه كالميراث قال ابن أي موسى : هذا هو الصحيح و من أعتق قبل انقضاء الحرب أو بلغ أسهم له لأنه صار من أهل الاستحقاق فأشبه المدد إذا لحق و الرضخ غير مقدر لكنه يرجع فيه إلى اجتهاد أمير الجيش فيفضل ذا الغناء على من دونه في النفع لأن الشرع لم يرد بتقديره فرجع في تقديره إلى الاجتهاد كالتعزير و لا يبلغ بالرضخ لراجل سهم راجل لأنه تابع لمن له سهم فنقص عنه كالتعزير عن الحد و الحكومة لا يبلغ بها أرش العضو و يكون الرضخ من أربعة أخماس الغنيمة لأنهم من المجاهدين فكان حقهم من أربعة الأخماس كذوي السهمان .
فصل .
و إذا غزا الكافر معنا من غير إذن الأمير فلا سهم له لأنهم ممن يستحق المنع من الغزو فأشبه المخذل و إن غزا بإذنه ففيه روايتان : .
إحداهما : لا سهم له لأنه من غير أهل الجهاد فلم يسهم له كالعبد فعلى هذا : يرضخ له كالعبد .
و الثانية : يسهم له اختارها الخرقي لما روى سعيد بإسناده عن الزهري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم استعان بناس من اليهود في حربه فأسهم لهم و روي أن صفوان ابن أمية خرج مع النبي صلى الله عليه و سلم يوم حنين و هو على شركه فأسهم له و لأن الكفر نقص دين فلم يمنع استحقاق السهم للفسق .
فصل .
ومن استؤجر على الجهاد من غير أهل القتال كالكافر و العبد لم يستحق غير الأجرة و هكذا الأجير للخدمة و الذي يكري دابته فأما المسلم الحر إذا استؤجر للجهاد فقال القاضي : لا يصح استئجاره لأن الغزو يتعين بحضوره على من هو أهله فلا يصح أن يفعله عن غيره كالحج فعلى هذا : يرد الأجرة و له سهمه لأن غزوه بغير أجرة و ظاهر كلام أحمد و الخرقي صحة الإجارة لمن لم يتعين عليه الجهاد لأنه مما لا يختص فاعله أن يكون من أهل القربى فجاز استئجار الحر المسلم عليه كبناء المساجد و لأن ما صحت إجارة العبد و الكافر عليه صح إجارة الحر المسلم عليه كالبناء فعلى هذا إذا حضر القتال فظاهر نص أحمد و الخرقي أنه لا يسهم له لما روى يعلى بن منية أنه استأجر أجيرا يكفيه من الغزو قال : فسميت له ثلاثة دنانير فلما حضرت غنيمة أردت أن أجري له سهمه فذكرت الدنانير فجئت النبي صلى الله عليه و سلم فذكرت له أمره فقال : [ ما أجد له فس غزوته هذه في الدنيا و الآخرة إلا دنانيره التي سمى ] رواه أبو داود و لأن غزوه بعوض فكأنه واقع من غيره فلم يثبت له حكمه و فائدته كما له حج عن غيره و استحقاق الغنيمة من أحكامه و فوائده و روي عن أحمد أنه يسهم له قال الخلال : و هو الذي أعتمد عليه من قول أبي عبد الله لما روى عبد الله بن عمرو أن رسول الله قال : [ للغازي أجره و للجاعل أجره و أجر الغازي ] رواه أبو داود و عن جبير بن نفير قال : قال : رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ مثل الذين يغزون عن أمتي و يأخذون الجعل و يتقوون به على عدوهم مثل أم موسى ترضع ولدها و تأخذ أجرها ] رواه سعيد و لأنه حاضر للوقعة من أهل القتال فأشبه أهل الديوان .
فأما التاجر و الصانع و أشباههما فيسهم لهم إذا حضروا القتال نص عليه أحمد لقول عمر Bه : الغنيمة لمن حضر الوقعة قال القاضي : هذا إذا كان قصدهم الجهاد و يقاتلون إذا احتيج إليهم وأمكنهم وكذلك من يكري دابته و من لم يكن كذلك لم يسهم له لأنه لا نفع في حضوره أشبه المخذل .
فصل .
و إذا لحق الجيش مدد أو أسير أفلت أو فودي به قبل انقضاء الحرب أسهم لهم و إن كان بعد انقضاء الحرب و حيازة الغنيمة لم يسهم لهم لقول عمر Bه : الغنيمة لمن شهد الوقعة ولما روى أبو هريرة أن أبان ابن سعيد و أصحابه قدم على رسول الله صلىالله عليه و سلم بخيبر بعد أن فتحها فقال : اقسم لنا يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ اجلس يا أبان ] ولم يقسم له رواه أبو داود و لأنهم إذا قدموا قبل انقضاء الحرب فقد شاركوا الغانمين في السبب فشاركوهم في الاستحقاق كما و لو قدموا قبل الحرب وإذا قدموا بعد ذلك فلا شيء لهم لأنهم لم يشاركهم في السبب و لأنهم حضروا بعد أن صارت الغنيمة الغانمين فأشبه ما لو حضروا بعد القسمة و إن حضروا بعد تقضي الحرب و قبل احراز الغنيمة فظاهر كلام الخرقي أنهم يشاركونهم لأن الغنيمة تملك بحيازتها و الاستيلاء عليها و لا يتم إلا بحيازتها و ظاهر قول القاضي : أنهم لا يشاركونهم لأنه ذكر أن الغنيمة تملك بتقضي الحرب قبل الحيازة لأنها صارت مقدورا عليها بإزالة يد الكفار عنها فأشبه ما بعد الحيازة و إن حازها الغانمون ثم جاءهم الكفار يقاتلونهم عليها فأدركهم المدد فقاتلو معهم حتى سلموا الغنيمة فنص أحمد : أنه لا شيء للمدد لأن الأولين ملكوها و المدد يقاتلون عن الغانمين بعد ملكهم للغنيمة فأشبهت سائر أموالهم و إن استنقذها الكفار من أيديهم ثم جاءهم المدد فقاتلوا معهم حتى استنقذوها فقال أحمد : أعجب إلي أن يصطلحوا .
فصل .
و إذا غزا الأمير بجيش فأسرى سرية أو سرايا إلى جهة مقصده أو غيره فغنمت شاركهم الجيش و إن غنم الجيش شارك سراياه لأنه يروى أن النبي صلى الله عليه و سلم حين هزم هوازن بحنين أسرى قبل أوطاس سرية فغنمت فقسم غنائمهم بين الجميع و في تنفيل النبي صلى الله عليه و سلم السرية الثلث و الربع دليل على مقاسمه الجيش لها الباقي و لأن الجميع جيش واحد فلم يختص بغضهم بغنيمة كأحد جانبي الجيش و إن بعث السرايا و أقام الجيش في بلد الإسلام فلكل سرية غنيمتها لأن النبي صلى الله عليه و سلم بعث السرايا من المدينة فلم يشاركهم أهل المدينة في غنائهم و إن خلف الأمير قوما في بلد العدو لضعف أو غيره و غزا فغنم فأقاموا في بلد العدو حتى رجع شاركوهم نص عليه سواء رجع عليهم أو من غير طريقهم لأنهم كالسرية و إن رجعوا إلى حصون المسلمين أو بلادهم فلا سهم لهم لأنهم برجوعهم صاروا كالمقيمين بدار الإسلام .
فصل .
و من بعثه الأمير لمصلحة الجيش كالبريد و الطليعة و الجاسوس فلم يحضر الغنيمة أسهم له لأنه في مصلحة الجيش أشبه السرية ولأنه إذا أسهم للمتخلف عن الجيش فلهؤلاء أولى و قد روي أن النبي صلى الله عليه و سلم أسهم لعثمان Bه من بدر و لم يحضرها لاشتغاله بتمريض رقية ابنة رسول الله صلى الله عليه و سلم .
فصل .
ومن مات بعد إحراز الغنيمة قام وارثه مقامه في سهمه لأنه ثبت ملكه فيه فقام وارثه مقامه كما بعد القسمة و إن أسر فله سهمه كذلك و إن أسر أو مات قبل تقضي الحرب فلا شيء له لأنه لم يملك شيء .
فصل .
و إذا قال الإمام : من أخذ شيئا فهو له ففيه روايتان : .
إحداهما : يجوز لأن النبي صلى الله عليه و سلم قال يوم بدر : [ ومن أخذ شيئا فهو له ] و لأنهم غزوا على هذا ورضوا به .
و الثانية : لا يجوز لأن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقسم الغنائم و الخلفاء بعده و لأن ذلك يفضي إلى اشتغالهم بالنهب عن القتال فيفضي إلى ظفر العدو بهم و قصة بدر منسوخة بقول الله تعالى : { يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله و الرسول } .
فصل .
فأما تفضيل بعض الغانمين على بعض فإن كان على سبيل التنفيل لبعضهم فقد ذكرناه و إن كان على غير ذلك لم يجز لأن النبي صلى الله عليه و سلم سوى بينهم و لأنهم أشتركوا في الغنيمة على سبيل التسوية فيجب التسوية بينهم كسائر الشركاء .
فصل .
ومن غل من الغنيمة و هو أن يكتم ما غنمه أو شيء منه وجب احراق رحله إلا السلاح و المصحف و ما فيه روح لما روى صالح بن محمد بن زائدة قال : دخلت مع مسلمة أرض الروم فأتي برجل قد غل فسأل سالما عنه فقال : سمعت أبي يحدث عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه و سلم : قال : [ إذا وجدتم الرجل قد غل فأحرقوا متاعه و اضربوه ] قال : فوجدنا في متاعه مصحفا فسألنا سالما عنه فقال : بعه و تصدق بثمنه .
و لا يحرق المصحف و الحيوان لحرمته و لا ثيابه لأنه يبقى عريانا و لا ما غله لأنه للمسلمين و إن مات قبل إحراق متاعه لم يحرق لأنه عقوبة فسقط بموته كالحد و لأن ماله ينتقل إلى وارثه فيصير احراقه عقوبة لغير الجاني و لا يحرم الغال سهمه لأن سبب استحقاقه متحقق .
فصل .
و إذا كان في السبي من يعتق على بعض الغانمين بالملك أو عتق عبدا من الغنيمة عتق عليه كله و عليه قيمته يرد في المقسم إن كان موسرا لأنه ملك جزءا منه بفعله فعتق عليه جميعه كما لو اشترى جزءا منه و إن كان معسرا لم يعتق عليه إلا ما ملك منه كذلك ومن وطئ جارية من المغنم ممن له فيها حق أو لولده فلا حد عليه للشبهة و يعزر وعليه مهرها لأنه وطء سقط فيه حد عن الواطئ للشبهة فوجب به المهر كالوطء في نكاح فاسد و إن أحبلها ثبت نسب الولد و ينعقد حرا للشبهة و تصير أم ولد له و عليه قيمتها ترد في المغنم و هل يلزمه قيمة الولد ؟ فيه روايتان : .
إحداهما : تلزمه لأنه فوت رقه .
و الثانية لا يجب لأنه ينعقد حرا فلم يدخل في ملك الغانمين .
فصل .
و يجوز للأمير البيع من الغنيمة قبل القسمة للغانمين و لغيرهم إذا رأى المصلحة فيه لأن الولاية ثابتة له عليها و قد تدعو الحاجة إلى ذلك لإزالة كلفة نقلها أو لتعذر قسمتها بعينها و يجوز لكل واحد من الغانمين بيع ما يحصل له بعد القسم و التصرف فيه كيف شاء لأن ملكه ثابت فيه فإن باع الأمير أو بعض الغانمين في دار الحرب شيئا فغلب عليه العدو قبل إخراجه إلى دار الإسلام ففيه روايتان : .
إحداهما : هو من ضمان المشتري أختارها الخلال وصاحبه لأنه مال مقبوض أبيح لمشتريه التصرف فيه فكان من ضمانه كما لو اشتراه في دار الإسلام .
و الثانية : ينفسخ البيع و يسقط الثمن عن المشتري أو يرد إليه إن كان أخذ منه اختارها الخرقي لأنه لم يكمل قبضه لكونه في دار الحرب في خطر قهر العدو فلم يضمنه المشتري كالثمر في الشجر هذا إذا أخذ بغير تفريط من المشتري فإن أخذ منه لخروجه من العسكر فهو من ضمانه لأنه ذهب بتفريطه أشبه ما لو أتلفه .
فصل .
قال أحمد [ Bه ] : ولا يجوز لأمير الجيش أن يشتري من مغنم المسلمين شيئا لأنه يحابي ولأن عمر [ Bه ] رد ما اشتراه ابنه في غزوة جلولاء فأما إن وكل من يشتري له ممن لا يعرف أنه وكيله صح الشراء لعدم المحاباة ورخص أبو عبد الله فيما إذا قوم أصحاب المقاسم فقالوا : جلود الماعز بكذا والخرفان بكذا فاحتاج أحد الغانمين إلى أخذ شيء منه بتلك القيمة أن يأخذه ولا يأتي المقاسم لأجل المشقة في استئذانهم في جميع ذلك .
فصل .
و ما أخذه أهل الحرب من أموال المسلمين أو أهل الذمة ثم ظهر عليه المسلمون فأدركه صاحبه قبل قسمه وجب رده إليه لما روى ابن عمر أنه ذهب فرس له فأخذه العدو فظهر عليه المسلمون فرد عليه في زمن النبي صلى الله عليه و سلم و عنه : أن غلاما له أبق إلى أرض العدو فظهر عليه المسلمون فرده النبي صلى الله عليه و سلم إلى ابن عمر و لم يقسم رواهما أبو داود .
فإن لم يرده إليه الإمام و قسمه مع العلم لم تصح قسمته لأنه قسم مال مسلم يجب رده إليه فأشبه المغصوب و لصاحبه أخذه بغير شيء فأما إن أدركه صاحبه بعد القسم ففيه روايتان : .
إحداهما : لا حق له فيه لما روي أن أبا عبيد كتب إلى عمر بن الخطاب Bه فيما أحرز المشركون من المسلمين ثم ظهر المسلمون عليهم بعد قال : من وجد عين ماله بعينه فهو أحق به ما لم يقسم و قال سلمان بن ربيعة : إذا قسم فلا حق له فيه رواهما سعيد و روى أصحابنا عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : [ ومن أدرك ماله قبل أن يقسم فهو له و إن أدركه بعد أن قسم فليس له فيه شيء ] .
و الثانية : هو أحق به بالثمن الذي حسب به على آخذه لما روى ابن عباس Bهما : أن رجلا وجد بعيرا له كان المشركون أصابوه فقال النبي صلى الله عليه و سلم : [ إن أصبته قبل القسمة فهو لك و إن أصبته بعد ما قسم أخذته بالقيمة ] و لأن امتناع أخذه خشية ضياع حق آخذه من الغنيمة أو تضييع الثمن على المشتري و هذا ينجبر بأداء الثمن فوجب أن يأخذه بالثمن كالشقص المشفوع و إن أخذ أحد الرعية مال المسلم من الكفار بغير عوض كالهبة و السرقة فصاحبه أحق به لما روي : أن قوما أغاروا على سرح النبي صلى الله عليه و سلم فأخذوا ناقته و جارية من الأنصار فأقامت عندهم أياما ثم خرجت في بعض الليل قالت : فما وضعت يدي على ناقة إلا رغت حتى وضعتها على ناقة ذلول فامتطيتها ثم توجهت إلى المدينة و نذرت إن نجاني الله عليها أن أنحرها فلما قدمت المدينة استعرفت الناقة فإذا هي ناقة رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخذها فقلت : يارسول الله إني نذرت أن أنحرها فقال : [ بئس ما جازيتها لا نذر في معصية ] و في لفظ : [ لا نذر فيما لا يملك ابن آدم ] و لأنه حصل في يده بغير عوض و لا قسمة أشبه ما لو أدركه في الغنيمة قبل القسمة وإن أخذه من الكفار بثمن فحكمه حكم المقسوم هل يكون صاحبه أحق به بالثمن أو لا يستحقه ؟ يحتمل وجهين : لما روى الشعبي قال : أغار أهل ماه و أهل جلولاء على العرب فأصابوا سبايا العرب فكتب السائب ابن الأقرع إلى عمر في سبايا المسلمين و رقيقهم قد اشتراه التجار من أهل ماه فكتب عمر فيمن أصاب رقيقه ومتاعه في أيدي التجار بعدما اقتسم فلا سبيل إليه وأيما حر اشتراه التجار فإنه ترد إليهم رؤوس أموالهم فإن الحر لا يباع و لا يشترى رواه سعيد .
فصل .
و إن استولى حربي على مال مسلم ثم أسلم أو دخل إلينا بأمان فهو له نص عليه أحمد و إن كان قد أتلفه أو باعه فلا شيء عليه لقول النبي صلى الله عليه و سلم : [ من أسلم على شيء فهو له ] و إن كان أخذه من المستولي عليه بسرقة أو هبة أو شراء فكذلك في إحدى الروايتين لأنه قد حصل منه الاستيلاء و الأخرى صاحبه أحق به بالقيمة لأنه كالمقسوم فإن استولى على جارية فاستولدها فهي أم ولد له فإن غنمها المسلمون فأدركها صاحبها أخذها و كان أولادها غنيمة لأنهم أولاد كافر حدثوا بعد ملك الكافر لها .
فصل .
و إن استولى الكفار على حر من المسلمين أو أهل الذمة لم يملكوه و إن اشتراه رجل منهم فعلى الأسير أداء ما اشتراه به لما ذكرنا من خبر عمر وإن استولوا على عبد فحكمه حكم الأموال قنا كان أو مدبرا أو مكاتبا أو مدبرا لأنه يضمن بالقيمة و هل يكون سيده أحق به بالثمن بعد القسمة ؟ على الروايتين و إن استولوا على أم ولد فأدركها صاحبها بعد القسمة أو في يد مشتريها من الكفار فهو حق بها بالقيمة بكل حال لأنه قد حصل فيها سبب للحرية لازم فأثر ذلك في منع إقرار اليد عليها فإن لم يحب سيد المكاتب أخذه فهو في يده مشتريه أو من أعطيه من الغانمين فبقي على ما بقي عليه من كتابته يعتق بالأداء وولاؤه لمن يؤدي إليه .
فصل .
وإن غنم المسلمون من الكفار شيئا عليه علامة المسلمين ولم يعرف صاحبه فهو غنيمة تجوز قسمته لأنه قد وجد سبب الملك و هو الاستيلاء و لم يتحقق ما يمنعه فإن كان فيها شيء موسوم عليه حبيس رد إلى أهله لأته قد عرف مصرفه و إن كان فيها عبد فقال : أن لفلان قبل منه ورد إلى صاحبه وإن أصابوا مركبا كان للمسلمين و فيه النواتية فقالوا : هذا لفلان و هذا لفلان لم يقسم نص أحمد Bه على هذا كله .
فصل .
و إذا دخل قوم لا منعة لهم دار الحرب بغير إذن الإمام فغنموا ففي غنيمتهم ثلاث روايات : .
إحداهن : فيها الخمس و سائرها لهم لعموم قوله سبحانه : { واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه } .
و الثانية : هي لهم من غير خمس لأنه اكتساب مباح من غير جهاد فأشبه الإحتطاب .
والثالثة : هي فئ لا شيء لهم فيها لأنهم عصاة بفعلهم فلم يملكوه كالسرقة من المسلمين و إن كانت الطائفة ذات منعة فكذلك لما ذكرنا من التعليل و قيل : لا يكون لهم بغير خمس رواية واحدة لأنها غنيمة فلا يستحقونها بغير خمس و كسائر الغنائم .
فصل .
ومن أجر نفسه على حفظ الغنيمة أو سوق دوابها أو رعيها أو حملها فله إجرته لأنه فعل بالمسلمين إليه حاجة لم يتعين عليه فعله فأبيح له إجارة نفسه فيه كالدلالة على الطريق و ليس له ركوب دابة من المغنم و لا حبيس لأنه يستعمل دابة المسلمين فيما يختص نفعه به فلم يجز كما لو أجر نفسه لأجنبي فإن فعل فعليه أجرة مثل الدابة يرد في المغنم إن كانت من الغنيمة أو تصرف في نفقة دابة الحبيس إن كانت حبيسا و إن شرط له في الإجارة ركوب دابة من المغنم جاز لأن ركوبها من الأجرة فجازت من المغنم كما لو أجر نفسه بدابة من المغنم .
فصل .
وما أهداه أهل الحرب للأمير الجيش أو غيره من أهل الجيش في دار الحرب فهو غنيمة لأنه يغلب على الظن أنه بذله خوفا من المسلمين و إن كانت الهدية من دار الحرب إلى دار الإسلام فهي لمن أهدي إليه لأنه تبرع له بذلك من غير خوف فأشبه هدية المسلمين .
فصل .
و إن عدم الإمام لم يؤخر الجهاد و إن حصلت غنائم قسمها أهلها بينهم على موجب الشرع لأنها مال لهم مشترك فجاز لهم قسمته كسائر الأموال فإن كان فيها إماء أخروا قسمتهن حتى يظهر إمام لأن في قسمتهن إباحة الفروج فاحتيط في بابها