وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

الكتاب الرابع في أحكام يكثر دورها و يقبح بالفقيه جهلها .
القول في الناسي و الجاهل و المكره [ قال رسول الله A إن الله وضع عن أمتي الخطأ و النسيان و ما استكرهوا عليه ] .
هذا حديث حسن : .
أخرجه ابن ماجة و ابن حيان في صحيحه و الحاكم في مستدركه بهذا اللفظ من حديث ابن عباس .
و أخرجه الطبراني و الدار قطني من حديثه بلفظ تجاوز بدل وضع .
و أخرجه أبو القاسم الفضل بن جعفر التميمي في فوائده من حديثه بلفظ رفع .
و أخرجه ابن ماجة أيضا من طريق أبي بكر الهذلي [ عن شهر عن أبي ذر قال : قال رسول الله A إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ و النسيان و ما استكرهوا عليه ] .
و أخرجه بهذا اللفظ الطبراني في الكبير من حديث ثوبان .
و أخرجه في الأوسط من حديث ابن عمر و عقبة بن عامر بلفظ و ضع عن أمتي إلى آخره و إسناد حديث ابن عمر صحيح .
و أخرجه ابن عدي في الكامل و أبو نعيم في التاريخ من حديث أبي بكرة بلفظ رفع الله عن هذه الأمة الخطأ و النسيان و الأمر يكرهون عليه .
و أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره من طريق أبي بكر الهذلي [ عن شهر بن حوشمب عن أم الدرداء عن النبي A قال إن الله تجاوز لأمتي عن ثلاث : الخطأ و النسيان والاستكراه ] .
قال أبو بكر ل فذكرت ذلك للحسن فقال : أجل أما تقرأ بذلك قرآنا { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } .
و أبو بكر ضعيف و كذا شهر و أم الدرداء إن كانت الصغرى فالحديث مرسل .
و إن كانت الكبرى فهو منقطع .
و قال سعيد بن منصور في سننه : [ حدثنا خالد بن عبد الله عن هشام عن الحسن عن النبي A قال : إن الله عفا لكم عن ثلاث : عن الخطأ و النسيان و ما استكرهتم عليه ] .
وقال أيضا : [ حدثنا إسماعيل بن عياش حدثني جعفر بن حبان العطاردي : عن الحسن قال سمعته يقول : قال رسول الله A تجاوز الله لابن آدم عما أخطأ و عما نسي و عما أكره و عما غلب عليه ] .
و أخرج ابن ماجه من حديث أبي هريرة إن الله تجاوز لأمتي عما توسوس به صدورها ما لم تعمل أو تتكلم به و ما استكرهوا عليه .
فهذه شواهد قوية تقضي للحديث بالصحة : .
أعلم أن قاعدة الفقه : أن النسيان و الجهل مسقط للإثم مطلقا .
وأما الحكم : فإن و قعا في ترك مأمور لم يسقط بل يجب تداركه و لا يحصى الثواب المترتب عليه لعدم الائتمار أو فعل منهى ليس من باب الإتلاف فلا شيء فيه أو فيه إتلاف لم يسقط الضمان فإن كان يوجب عقوبة كان شبهة في إسقاطها .
و خرج عن ذلك صور نادرة فهذه أقسام : .
فمن فروع القسم الأول : .
من نسي صلاة أو صوما أو حجا أو زكاة أو كفارة أو نذرا : وجب تداركه بالقضاء بلا خلاف .
و كذا لو وقف بغير عرفة يجب القضاء اتفاقا .
و منها : من نسي الترتيب في الوضوء .
أو نسي الماء في رحله فتيمم و صلى ثم ذكره .
أو صلى بنجاسة لا يعفى عنها ناسيا أو جاهلا بها .
أو نسي قراءة الفاتحة في الصلاة .
أو تيقن الخطأ في الاجتهاد في الماء و القبلة و الثوب و قت الصلاة والصوم و الوقوت بأن بان وقوعها قبله .
أو صلوا لسواد ظنوه عدوا فبان خلافه .
أو دفع الزكاة إلى من ظنه فقيرا فبان غنيا .
أو استناب في الحج لكونه معضوبا فبرأ .
و في هذه الصور كلها خلاف .
قال في شرح المهذب : بعضه كبعض و بعضه مرتب على بعض أو أقوى من بعض و الصحيح في الجميع : عدم الإجزاء و وجوب الإعادة .
وأخذ الخلاف : أن هذه الأشياء هل هي من قبيل المأمورات التي هي شروط كالطهارة عن الحدث فلا يكون النسيان و الجهل عذرا في تركها لفوات المصلحة منها ؟ أو أنها من قبيل المناهي : كالأكل و الكلام فيكون ذلك عذرا ؟ و الأول : أظهر .
و لذلك تجب الإعادة بلا خلاف : فيما لو نسي نية الصوم ؟ لأنها من قبيل المأمورات .
وفيما لو صادف صوم الأسير و نحوه : الليل دون النهار ؟ لأنه ليس وقتا للصوم كيوم العيد ذكره في شرح المهذب .
ولو صادف الصلاة أو الصوم بعد الوقت أجزأ بلا خلاف لكن هل يكون أداء للضرورة أو قضاء لأنه خارج عن و قته ؟ قولان أو وجهان أصحهما : ا لثاني .
ويتفرع عليه : .
ما لوكان الشهر ناقصا و رمضان تاما .
وأما الوقوف : إذا صادف ما بعد الوقت فإن صادف الحادي عشر لم يجز بلا خلاف كما لو صادف السابع و إن صادف العاشر أجزأ و لا قضاء لأنهم لو كلفوا به لم يأمنوا الغلط في العام الآتي أيضا .
ويستثني : ما إذا قل الحجيج على خلاف العادة فإنه يلزمهم القضاء في الأصح لأن ذلك نادر .
وفرق بين الغلط في الثامن و العاشر بوجهين .
أحدهما : أن تأخير العبادة عن الوقت أقرب إلى الاحتساب من تقديمها عليه .
الثاني : أن الغلط بالتقديم يمكن الاحتراز عنه فإنما يقع لغلط في الحساب أو لخلل في الشهود الذين شهدوا بتقديم الهلال .
والغلط بالتأخير : قد يكون بالغيم المانع من الرؤية و مثل ذلك لا يمكن الاحتراز عنه .
ثم صورة المسألة كما قال الرافعي : أن يكون الهلال غم فأكملوا ذا القعدة ثلاثين ثم قامت بينة برؤيته ليلة الثلاثين .
أما لو وقع الغلط بسبب الحساب فإنه لا يجزئ بلا شك لتفريطهم وسواء تبين لهم ذلك بعد العاشر أو فيه في أثناء الوقوف أو قبل الزوال فوقفوا عالمين كما نقله الرافعي عن عامة الأصحاب و صححه في شرح المهذب .
ولو أخطأ الاجتهاد في أشهر الحج فأحرم النفير العام في غير أشهره ففي انعقاده حجا وجهان : .
أحدهما : نعم كالخطأ في الوقوف العاشر .
والثاني : لا .
والفرق : أنا لو أبطلنا الوقوف في العاشر أبطلناه من أصله و فيه إضرار .
وأما هنا : فينعقد عمرة كذا في شرح المهذب بلا ترجيح .
ومن فروع هذا القسم في غير العبادات : .
ما لو فاضل في الربويات جاهلا فإن العقد يبطل اتفاقا فهو من باب ترك المأمورات لأن المماثلة شرط بل العلم بها أيضا .
و كذا لو عقد البيع أو غيره على عين يظنها ملكه فبانت بخلافه أو النكاح على محرم أو غيرها من المحرمات جاهلا لا يصح .
ومن فروع القسم الثاني : .
من شرب نهرا جاهلا فلا حد و لا تعزير .
و منها : لو قال : أنت أزق من فلان و لم يصرح في لفظه بزني فلان لكنه كان ثبت زناه بإقرار أو بينة و القائل جاهل فليس بقاذف بخلاف ما لو علم به فيكون قاذفا لهما .
و منها : الإتيان بمفسدات العبادة ناسيا أو جاهلا كالأكل في الصلاة و الصوم و فعل ما ينافي الصلاة : من كلام و غيره و الجماع في الصوم و الاعتكاف والإحرام و الخروج من المعتكف و العود من قيام الثالثة إلى التشهد و من السجود إلى القنوت ؟ الاقتداء بمحدث و في نجاسة و سبق الإمام بركنين و مراعاة المأموم ترتيب نفسه إذا ركع الإمام في الثانية و ارتكاب محظورات الإحرام التي ليست بإتلاف كاللبس و الاستمتاع و الدهن و الطيب سواء جهل التحريم أو كونه طيبا .
والحكم في الجميع : عدم الإفساد و عدم الكفارة و الفدية و في أكثرها خلاف .
استثنى من ذلك : .
الفعل الكثير في الصلاة كالأكل فإنه يبطلها في الأصح لندوره .
و ألحق بعضهم الصوم بالصلاة في ذلك و الأصح : أنه لا يبطل بالكثير لأنه لا يخدر فيه بخلاف الصلاة لأن فيه هيئة مذكرة .
و منها : لو سلم عن ركعتين ناسيا و تكلم عامدا لظنه إكمال الصلاة لا تبطل صلاته لظنه أنه ليس في صلاة .
و نظيره : ما لو تحلل من الإحرام و جامع ثم بان أنه لم يتحلل لكون رميه وقع قبل نصف الليل و المذهب : أنه لا يفسد حجه .
ومن نظائره أيضا : .
لو أكل ناسيا فظن بطلان صومه فجامع ففي وجه : لا يفطر قياسا عليه و الأصح : الفطر ؟ كما لو جامع على ظن أن الصبح لم يطلع فبان خلافه ولكن لا تجب الكفارة لأنه و طئ و هو يعتقد أنه غير صائم .
ونظيره أيضا : .
لو ظن طلاق زوجته بما وقع منه فأشهد عليه بطلاقها .
ومن فروع هذا القسم أيضا : .
ما لو اشترى الوكيل معيبا جاهلا به فإنه يقع عن الموكل إن ساوى ما اشتراه به و كذا إن لم يساو في الأصح فإنه بخلاف ما إذا علم .
تنبيه .
من المشكل : تصوير الجهل بتحريم الأكل في الصوم فإن ذلك جهل بحقيقة الصوم فإن من جهل الفطر جهل الإمساك عنه الذي هو حقيقة الصوم فلا تصح نيته .
قال السبكي : فلا مخلص إلا بأحد أمرين : .
إما أن يفرض في مفطر خاص من الأشياء النادرة كالتراب فإنه قد يخفي و يكون الصوم الإمساك عن المعتاد و ما عداه شرط في صحته .
و إما أن يفرض كما صوره بعض المتأخرين فيمن احتجم أو م كل ناسيا فظن أنه أفطر فأكل بعد ذلك جاهلا بوجوب الإمساك فإنه لا يفطر على وجه لكن الأصح فيه : الفطر انتهى .
وقال القاضي حسين : كل مسألة تدق و يغمض معرفتها هل يعذر فيها العامي ؟ وجهان أصحهما : نعم .
ومن فروع القسم الثالث : إتلاف مال الغير .
فلو قدم له غاصب طعاما ضيافة فأكله جاهلا فقرار الضمان عليه في أظهر القولين و يجريان في إتلاف مال نفسه جاهلا .
وفيه صور : .
منها : لو قدم له الغاصب المغصوب منه أكله ضيافة جاهلا برئ الغاصب في الأظهر .
و منها : لوم تلف المشتري المبيع قبل القبض جاهلا فهو قابض في الأظهر .
و منها : لو خاطب زوجته بالطلاق جاهلا بأنها زوجته بأن كان في ظلمة أو نكحها له وليه أو وكيله و لم يعلم وقع و فيه احتمال للإمام .
و منها : لو خاطب أمته بالعتق كذلك قال الرافعي .
و من نظائرها : ما إذا نسي أن له زوجة فقال : زوجتي طالق .
و منها : كما قال ابن عبد السلام : ما إذا و كل و كيلا في إعتاق عبد فاعتقه ظنا منه أنه عبد الموكل فإذا هو عبد الوكيل نفذ عتقه .
قال العلائي : و لا يجيء فيه احتمال الإمام لأن هذا قصد قطع الملك فنفذ .
و منها : إذا قال الغاصب لمالك العبد المغصوب : أعتق عبدي هذا فاعتقه جاهلا عتق على الصحيح و في وجه : لا لأنه لم يقصد قطع ملك نفسه .
قلت : خرج عن هذه النظائر مسألة و هي : .
ما إذا استحق القصاص على رجل فقتله خطا فالأصح : م نه لا يقع الموقع .
ومن فروع هذا القسم أيضا .
محظورات الإحرام التي هي إتلاف كإزالة الشعر و الظفر و قتل الصيد لا تسقط فديتها بالجهل و النسيان .
و منها : يمين الناسي و الجاهل فإذا حلف على شيء بالله أو الطلاق أو العتق : أن يفعله فتركه ناسيا أو لا يفعله ففعله ناسيا للحلف أو جاهلا أنه المحلوف عليه أو على غيره ممن يبالي بيمينه و وقع ذلك منه جاهلا أو ناسيا .
فقولان في الحنث رجح كلا المرجحون و رجح الرافعي في المحرر عدم الحنث مطلقا و اختاره في زوائد الروضة و الفتاوى .
قال : الحديث رفع عن أمتي الخطأ و النسيان و هو عام فيعمل بعمومه إلا ما دل دليل على تخصيصه كغرامة المتلفات .
ثم استثنى من ذلك : ما لو حلف لا يفعل عامدا و لا ناسيا فإنه يحنث بالفعل ناسيا بلا خلاف لالتزام حكمه هذا في الحلف على المستقبل .
أما على الماضي كان حلف أنه لم يفعل ثم تبين أنه فعله فالذي تلقفناه من مشايخنا أنه يحنث .
ويدل له قول النووي في فتاويه : صورة المسالة أن يعلق الطلاق على فعل شيء فيفعله ناسيا لليمين أوجاهلا بأنه المحلوف عليه .
و لابن رزين : فيه كلام مبسوط سأذكره .
و الذي في الشرح و الروضة : أن فيه القولين في الناسي و مقتضاه عدم الحنث .
و عبارة الروضة : لو جلس مع جماعة فقام و لبس خف غيره فقالت له امراته : .
استبدلت بخفك و لبست خف غيرك فحلف بالطلاق : أنه لم يفعل إن قصد أني لم آخذ بدله كان كاذبا فإن كان عالما طلقت و إن كان ساهيا فعلى قولي طلاق الناسي انتهى .
و لك أن تقول : لا يلزم من إجراء القولين الاستواء في التصحيح و ابن رزين أب عط من تكلم على المسألة .
و هأنذا أورد عبارته بنصها لما فيها من الفوائد .
قال : للجهل و النسيان و الإكراه حالتان : .
إحداهما : أن يكون ذلك واقعا في نفس اليمين أو الطلاق فمذهب الشافعي أن المكره على الطلاق لأ يقع طلاقه إذا كان غير مختار لذلك من جهة غير الإكراه بل طاوع المكره فيما أكرهه عليه بعينه و صفته .
ويستوي في ذلك : الإكراه على اليمين و على التعليق .
ويلتحق بالإكراه في ذلك : الجهل الذي يفقد معه القصد إلى اللفظ مع عدم فهم معناه و النسيان و ذلك بأن يتلفظ بالطلاق من لا يعرف معناه أصلا أو عرفه ثم نسيه فهذان نظير المكره فلا يقع بذلك طلاق و لا ينعقد بمثله يمين .
وذلك إذا حلف باسم من أسماء الله تعالى و هو لا يعرف أنه اسمه .
أما إذا جهل المحلوف عليه أو نسيه كما إذا دخل زيد الدار و جهل ذلك الحالف أو علمه ثم نسيه فحلف بالله أو بالطلاق : أنه ليس في الدار فهذه يمين ظاهرها تصديق نفسه في النفي و قد يعرض فيها أن يقصد أن الأمر كذلك في اعتقاده أو فيما انتهى إليه علمه أي لم يعلم خلافه و لا يكون قصده الجزم بان الأمر كذلك في الحقيقة بل ترجع يمينه إلى أنه حلف أنه يعتقد كذا أو يظنه و هو صادق في أنه يعتقد ذلك أو ظان له فإن قصد الحالف ذلك حالة اليمين أو تلفظ به متصلا بها لم يحنث وإن قصد المعنى الأول أو أطلق ففي و قوع الطلاق و وجوب الكفارة قولان مشهوران : .
مأخذهما : أن النسيان و الجهل هل يكونان عذرا له في ذلك كما كانا عذرا في باب الأوامر و النواهي أم لا يكونان عذرا كما لم يكونا عذرا في غرامات المتلفات ؟ .
و يقوى إلحاقهم بالإتلافات بأن الحالف بالله أن زيدا في الدار إذا لم يكن فيها قد انتهك حرمة الاسم الأعظم جاهلا أو ناسيا فهو كالجاني خطأ و الحالف بالطلاق إن كانت يمينه بصيغة التعليق كقوله : إن لم يكن زيد في الدار فزوجتي طالق إذا تبين أنه لم يكن فيها فقد تحقق الشرط الذي علق الطلاق عليه فإنه لم يتعرض إلا لتعليق الطلاق على عدم كونه في الدار و لا أثر لكونه جاهلا أو ناسيا في عدم كونه في الدار .
وأما إذا كان بغير صيغة التعليق كقوله لزوجته : أنت طالق لقد خرج زيد من الدار و كقوله : الطلاق يلزمني ليس زيد في الدار فهذا إذا قصد به اليمين جرى مجرى التعليق لي إلا لوقع الطلاق في الحال و إذا جرى مجرى التعليق كان حكمه حكمه .
والحالة الثانية : الجهل و النسيان و الإكراه أن يعلق الطلاق على دخول الدار أو دخول زيد الدار أو يحلف بالله لا يفعل ذلك فإذا دخلها المحلوف عليه ناسيا أو جاهلا أو مكرها فإن جرد قصده عن التعليق المحض كما إذا حلف لا يدخل السلطان البلد اليوم أو لا يحج الناس في هذا العام فظاهر المذهب : وقوع الطلاق والحنث في مثل هذه الصورة وقع ذلك عمدا أو نسيانا اختيارا أو مع إكراه أو جهل .
وإن قصد باليمين تكليف المحلوف عليه ذلك لكونه يعلم أنه لا يرى مخالفته مع حلفه أو قصد باليمين على فعل نفسه أن تكون يمينه رادعة عن الفعل فالمذهب في هاتين الصورتين : أنه لا يحنث إذا فعل المحلوف عليه ناسيا أو جاهلا إذ رجعت حقيقة هذه اليمين إلى تكليف نفسه ذلك أو تكليف المحلوف عليه ذلك و الناسي لا يجوز تكليفه و كذلك الجاهل .
وأما إن فعله مكرها فالإكراه لا ينافي التكليف فإنا نحرم على المكره القتل ونبيح له الفطر في الصوم و إذا كان مكلفا و قد فعل المحلوف عليه فيظهر وقوع الطلاق و الحنث كما تقدم في المسألة الأولى إلحاقا بالإتلاف لتحقق وجود الشرط المعلق عليه .
إذا لفظ التعليق عام يشمل فعل المعلق عليه مختارا و مكرها و ناسيا و جاهلا و ذاكرا ليمين و عالما و بهذا تمسك من مال إلى الحنث و وقوع الطلاق في صورة النسيان و الجهل .
لكنا إنما اخترنا عدم وقوع الطلاق فيهما لأن قصد التكليف يخصهما و يخرجهما عن الدخول تحت عموم اللفظ فلا ينهض لأن مخرج الإكراه لكونه لا ينافي التكليف كما ذكرنا .
هذا ما ترجح عندي في الصورة التي فصلتها .
وبقي صورة واحدة و هي : .
ما إذا أطلق التعليق و لم يقصد تكليفا و لا قصد التعليق المحض بل أخرجه مخرج اليمين فهذه الصورة : هي التي أطلق معظم الأصحاب فيها القولين .
واختار صاحب المهذب و الانتصار و الرافعي عدم الحنث و عدم وقوع الطلاق .
وكان شيخنا ابن الصلاح : يختار وقوعه و يعلله بكونه مذهب أكثر العلماء و بعموم لفظ التعليق ظاهرا لكن قرينة الحث و المنع تصلح للتخصيص و فيها بعض الضعف .
ومن ثم توقف صاحب الحاوي و من حكى عنه التوقف من أشياخه في ذلك .
فالذي يقوى التخصيص : أن ينضم إلى قرينة الحث و المنع : القصد للحث والمنع فيقوي حينئذ التخصيص كما اخترناه .
والغالب : أن الحالف على فعل مستقبل من أفعال من يعلم أنه يرتدع منه يقصد الحث أو المنع فيختار أيضا : أن لا يقع طلاقه بالفعل مع الجهل و النسيان إلا أن يصرفه عن الحث أو المنبر بقصد التعليق على الفعل مطلقا فيقع في الصور كلها بوجود الفعل .
وأما من حلف على فعل نفسه فلا يمتنع وقوع طلاقه بالنسيان أو الجهل إلا عند قصد الحث أو المنع انتهى كلامه بحروفه .
و ما جزم به من الحنث في الحالة الأولى و هي : الحلف على الماضي ناسيا أو جاهلا : ذكره بحروفه القمولي في شرح الوسيط جاز ما به و نقله عنه الأذرعي في القوت .
وقال : إنه أخذه من كلام ابن رزين و نقل عير واحد أن ابن الصلاح صرح بتصحيحه و بتصحيح لحنث في المستقبل أيضا فإذا جمعت بين المسألتين حصلت ثلاثة أقوال .
ثالثها : الحنث في الماضي دون المستقبل و هو الذي قرره ابن رزين و متابعوه و هو المختار .
تنبيه .
من المشكل قول المنهاج : و لو علق بفعله ففعل ناسيا للتعليق أو مكرها لم تطلق في الأظهر أو بفعل غيره ممن يبالي بتعليقه و علم به فكذلك و إلا فيقع قطعا .
و وجه الإشكال : أن قوله و أن لا يدخل فيه ما إذا لم يبال بتعليقه و لم يعلم به .
وما إذا علم به و لم يبال و ما إذا بالى و لم يعلم و القطع بالوقوع في الثالثة مردود .
وقد استشكله السبكي و قال : كيف يقع بفعل الجاهل قطعا و لا يقع بفعل الناسي على الأظهر مع أن الجاهل أولى بالمعذرة من الناسي ؟ .
وقد بحث الشيخ علاء الدين الباجي في ذلك هو و الشيخ زين الدين بن الكتاني في درس ابن بنت الأعز و كان ابن الكتاني مصمما على ما اقتضته عبارة المنهاج و الباجي في مقابلة .
قال السبكي : و الصواب أن كلام المنهاج محمول على ما إذا قصد الزوج مجرد التعليق و لم يقصد إعلامه ليمتنع .
وقد أرشد الرافعي إلى ذلك فإن عبارته و عبارة النووي في الروضة : و لو علق بفعل الزوجة أو أجنبي فإن لم يكن للمعلق بفعله شعور بالتعليق و لم يقصد الزوج إعلامه .
في قوله و لم يقصد إعلامه ما يرشد إلى ذلك .
وقال في المهمات : أشار بقوله و لم يقصد إعلامه إلى قصد الحث و المنع وعبر عنه به لأن قاصده يقصد إعلام الحالف بذلك ليمتنع منه .
ولهذا لما تكلم على القيود ذكر الحث و المنع عوضا عن الإعلام .
قال : و الظاهر أنه معطوف بأو لا بالواو حتى لا يكون المجموع شرطا فإن الرافعي شرط بعد ذلك لعدم الوقوع شروطا ثلاثة : شعوره و أن يبالي و أن يقصد الزوج الحث و المنع .
قال : و ما اقتضاه كلام الرافعي من الحث إذا لم يعلم المحلوف عليه رجحه الصيدلاني فيما جمعه من طريقة شيخه القفال فقال : فإن قصد منعه