وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : ويستحب تسمية المهر في النكاح فإن لم يسم صح العقد ووجب مهر المثل بثلاثة أشياء : أن يفرضه الحاكم أو يفرضه الزوجان أو يدخل بها فيجب مهر المثل .
الصداق بفتح الصاد وكسرها هو اسم للمال الواجب للمرأة على الرجل بالنكاح أو الوطء وله أسماء : صداق ونحلة وفريضة وأجر وهذا في القرآن العزيز ومهر وعليقة وعقر وهذه في السنة الشريفة والصداق مأخوذ من الصدق وهو الشديد الصلب لأنه أشد الأعواض ثبوتا فإنه لا يسقط بالتراضي والأصل فيه الكتاب والسنة قال الله تعالى { وآتوا النساء صدقاتهن نحلة } والنحلة الهبة وسمي نحلة لأن المرأة تستمتع بالزوج كهو بل هي أكثر فكأنها تأخذ الصداق من غير مقابلة شئ ومن السنة قوله A : [ التمس ولو خاتما من حديد ] ثم إنه لم يجده فقال رسول الله A [ زوجتكها بما معك من القرآن ] إذا عرفت هذا فالمستحب أن لا يعقد النكاح إلا بصداق اقتداء برسول الله A فإنه لم يعقد إلا بمسمى ولأنه أدفع للخصومة ومقتضى كلام لاشيخ أن المهر ليس ركنا في النكاح وهو كذلك قال الأصحاب : ليس المهر ركنا في النكاح بخلاف البيع فإن ذكر الثمن ركن فيه والفرق أن المقصود الأعظم من النكاح الاستمتاع وتوابعه وهو قائم بالزوجين فلهذا لم يكن ركنا في النكاح بخلاف البيع فإن العوض مقصود فيه ويدل على ما ذكرناه في النكاح باعتبار جواز اخلائه عن ذكر الصداق قوله تعالى { لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة } وهو دليل المسألة التفويض التي ذكرها الشيخ بقوله [ فإن لم يسم صح العقد ] ومعنى التفويض إخلاء النكاح عن ذكر الصداق وصورته أن يصدر من مستحق المهر وذلك بأنه تقول البالغة الرشيدة ثيبا كانت أو بكرا : زوجني بلا مهر أو على أن لا مهر لي فيزوجها الولي وينفي المهر أو يسكت ومن التفويض الصحيح أيضا أن يقول سيد الأمة : زوجتكها بلا مهر أو يسكت لأنه مستحق المهر فإذا وقع العقد صحيحا لم يجب به مهر على الجديد الأظهر كما هو مقتضى كلام الشيخ C ووجه عدم ثبوته بالعقد أنه حقها فإذا رضيت بعدم ثبوته لم يثبت ولأن الصداق لو وجب بالعقد لتنصف بالطلاق وعلى الأظهر هل يقول : ملكت بالعقد أن تملك مهر المثل أو أن تملك مهرا ما ؟ فيه قولان وبالجملة فلها مطالبة الزوج بفرض مهر قبل المس وهو الوطء لأن خلوا لعقد عن المهر خاص بالنبي A ولتكن على تثبت مما تسلم نفسها به .
وله طرق كما ذكره الشيخ أحدها أن يفرضه القاضي وذكل عند امتناع الزوج من الفرض أو عند تنازعهما في القدر المفروض فيفرض الحاكم مهر المثل بنقد البلد حالا ولا يزيد على مهر المثل ولا ينقص كما في قيم المتلفات نعم الزيادة والنقص اليسيران الواقع منهما في مجل الاجتهاد لا اعتبار به ويشترط علم الحاكم بقدر مهر المثل وإذا فرض لم يتوقف لزومه على رضا الخصمين لأنه حكم منه وحكم القاضي لا يفتقر لزومه إلى رضا الخصمين الطريق الثاني أن يفرضه الزوجان فإن قدرا قدر مهر المثل وهما يعلمانه فلا كلام وإن جهلا قدر مهر المثل أو أحدهما وقدرا فرضا فقولان : أظهرهما عند الجمهور صحة ما قدراه نص عليه في الأم سواء كان قدر مهر المثل أو دونه أو فوقه وسواء كان من جنسه أو من غير جنسه وسواء كان من نقد أو عرض وسواء كان حالا أو مؤجلا لأن الفرض بمنزلة الاصداق ولو تراضيا على صداق عند العقد كذلك صح ولهذا لو طلقها قبل الدخول يشطر ما فرضاه لأنه كالمسمى في العقد الطريق الثالث أن يدخل بها قبل فرض من الحاكم وقبل تراضيهما على شئ فيجب لها به مهر المثل لأن الوطء بلا مهر خاص بالنبي A ولأن البضع فيه حق الله ولهذا لا يباح بالإباحة فيصان عن صورة الاباحة ثم المعتبر مهر مثلها وقت الوطء أم العقد أم أكثر مهرا من يوم العقد إلى الوطء ؟ فيه أوجه : أصحها في المحرر والمنهاج أن الاعتبار بيوم العقد وهذا الوجه لم يحكه في الروضة بالكلية بل صحح أن الواجب أكثر مهرا من يوم العقد إلى الوطء ونقله الرافعي عن المعتبرين ثم نقل الرافعي في باب العتق أن الأكثرين على إعتبار يوم العقد ذكره عند شرائه نصيب الشريك والله أعلم .
ولو مات أحد الزوجين قبل الفرض والوطء فهل يجب مهر المثل أم لا يجب شئ ؟ .
فيه خلاف مبني على حديث بروع بنت واشق فإنها نكحت بلا مهر فمات زوجها قيل أن يفرض لها فقضي لها رسول الله A بمهر نسائها والميراث فاختلف الأصحاب في ذلك على طرق فقيل إن ثبت الحديث وجب المهر وإلا فقولان وقيل إن لم يثبت فلا مهر وقيل إن ثبت وجب المهر وإلا فلا يجب وقيل قولان مطلقا وهو الأصح وبه قطع العراقيون واختلفوا في الأرجح من القولين فقال الرافعي : رجح صاحب التقريب والمتولي الوجوب ورجح العراقيون والإمام البغوي والروياني أنه لا يجب ومقتضاه رجحان الثاني وهو أنه لا يجب وصرح بتصحيحه في المحرر وقال النووي في المنهاج : الأظهر وجوبه ولفظ الروضة قلت : الراجح ترجيح الوجوب والحديث صحيح رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم وقال الترمذي : حديث حسن صحيح والاعتبار بما قيل في إسناده وقياسا على الدخول فإن الموت مقرر كالدخول ولا وجه للقول الآخر مع صحة الحديث والله أعلم فإن أوجبنا مهر المثل فهل الاعتبار بيوم العقد أم بيوم الموت أم بأكثرهم ؟ فيه أوجه ليس في ارافعي ولا في الروضة ترجيح والله أعلم ولو طلقها قبل الدخول والفرض وجبت لها المتعة ولا تشطير تفريعا على الأظهر أنه لا يجب بالعقد شئ فينحط الأمر إلى المتعة لمفهوم قوله تعالى { وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم } فخص سبحانه وتعالى التشطير بالمفروض واعلم أن مهر المثل هو القدر الذي يرغب في أمثال المرأة ولكن الركن الأعظم النسب فيراعى أقرب من ينسب إلى من تنتسب إليه هذه المرأة كالأخت ويراعى في نساء العصبات قرب الدرجة وإن متن وأقربهن الأخت للأبوين ثم لأب ثم بنات الأخوة للأبوين ثم لأب ثم العمات كذلك ثم بنات الأعمام فإن تعذر نساء العصبات اعتبر بذوات الأرحام كالجدات والخالات ويقدم القربى فالقربى من الجهات وكذا تقدم القرب فالقربى من الجهة الواحدة وقد يتعذر ذلك إما بفقدهن أو لأنهن لم ينكحن أو للجهل بمقدار مهورهن وحينئذ فالاعتبار بمثلها من الأجنبيات وتعتبر العربية بعربية مثلها والأمة بأمة مثلها وينظر إلى شرف سيدها وعدمه ويعتبر مهر المعتقة بمعتقة مثلها ويعتبر مع ما ذكرنا نساء البلد فإن كان نساء عصباتها ببلدتين هي في إحداهما اعتبر بعصبات بلدها فإن كن كلهن ببلدة أخرى فالاعتبار بهن لا بأجنبيات بلدها قلت : كذا جزم به الرافعي والنووي وهو غير خال عن الاشكال وبالمثال يظهر الاشكال : مثاله امرأة في قرية من قرى مدينة مهر مثل تلك المرأة في قريتها مع ظهور الرغبة ألفان ومهر أخواتها في المدينة مائتان فكيف نمهر مع الرغبة بالألفين ؟ فإن فرض تساوي البلدين في المهر أو حصل تفاوت قريب سهل الأمر وإلا فالاشكال قوي فينبغي الأخذ به والله أعلم واعلم أنه تعتبر المشاركة في الصفات المرغبة كالعفة والسن والعقل واليسار والبكارة والعلم والفصاحة وشرف الأبوين وسائر الصفات التي تختلف بها الأغراض ومتى اختصت بصفة مرغبة زيد في مهرها وإن كان فيها نقص ليس في النسوة المعتبرات نقص في المهر بقدر ما يليق به ولو سامحت واحدة لم تلزم المسمحة والله أعلم قال : .
وليس لأقل الصداق وأكثره حد ويجوز أنه يتزوجها على منفعة معلومة .
ليس للصداق حد في القلة ولا في الكثرة بل كل ما جاز أن يكون ثمنا من عين أو منفعة جاز جعله صداقا وقال أبو ثور : يتقدر بخمسة دراهم وأبو حنيفة بعشرة دراهم وهذا التقدير إن ثبت فيه سنة وإلا فهو تحكم وفي السنة الشريفة ما يدل لما قلنا ففي الصحيحين أنه E قال : للرجل الذي أراد التزويج [ التمس ولو خاتما من حديد ] وهو حديث مطول وفي آخره [ زوجتكها بما معك من القرآن ] وفيه دليل للمبالغة في القلة وجواز جعل المنفعة صداقا وفي حديث عامر بن ربيعة أن امرأة من بني فزارة تزوجت على نعلين فقال رسول الله A : [ أرضيت من نفسك ومالك بنعلين قالت : نعم فأجازه ] رواه ابن ماجه والترمذي وقال : إن حسن وفي بعض النسخ : حسن صحيح وقال ابن عساكر في كتابه الأطراف : إنه صحيح قلت : وفي الاستدلال على أبي حنيفة به وقفة لجواز أن النعلين كانا يعدلان عشرة دراهم وأحسن من هذا في الرد قوله A [ أدوا العلائق قيل : وما العلائق ؟ قال : ما تراضى به الأهلون ] أو بالقياس فيقال إنه لا يتقدر لأنه بدل منفعتها فلا يتقدر كالأجرة ثم هذا في المرأة الرشيدة وفي سيد الأمة أما الولي زوج المحجور عليها فليس له النزول عن مهر مثلها نعم يستحب أن لا ينقص عن عشرة دراهم للخروج من خلاف أبي حنيفة ويستحب أن لا يزاد على صداق أزواج رسول الله A وهو خمسمائة درهم فإن قلت : فهذه أم حبيبة زوج النبي A لأنه E أصدقها أربعمائة دينار فالجواب أن هذا القدر من فعل النجاشي Bه من ماله اكراما لسيد الأولين والآخرين A لأنه E أداه وعقد به وفعل ذلك النجاشي Bه جريا على أخلاق الملوك استعمالا لحسن الصنيعة والله أعلم قال : .
ويسقط بالطلاق قبل الدخول نصف المهر .
اعلم أن المرأة تملك الصداق بالعقد الصحيح أو بالفرض لأنه عقد به العروض وهو الانتفاع بالبضع وتوابعه فتملك به العوض كالبيع وهذا إذا كانت التسمية صحيحة وإلا فتملك مهر المثل ثم استقراره يحصل بطريقتين : أحدهما الوطء وإن كان حراما كالوطء في الحيض أو الاحرام لقوله تعالى { وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض } وفسر الافضاء بالجماع ويحصل بذلك بوطأة واحدة الطريق الثاني يستقر بموت أحد الزوجين ولو قبل الدخول لأن بالموت انتهى العقد فكان كاستيفاء المعقود عليه كالاجارة ويستثنى من الموت ما إذا قتل السيد أمته المزوجة فإنه يسقط مهرها على المذهب فلو لم يحصل وطء ولا موت وحصلت فرقة قبل الدخول نظر إن كانت الفرقة منها بأن فسخت النكاح بعيبه أو أرضعت زوجة له أخرى صغيرة ونحو ذلك أو فسخ النكاح بعيبها فيسقط الجميع وإن كانت الفرقة لا بسبب منها ولا منه تشطر المهر وذلك كما إذا طلقها بنفسه أو فوض الطلاق إليها ففعلت أو علق طلاقها بدخلولها الدار ونحوها فدخلت أو خالعها وبكل فرقة تحصل لا بسبب من المرأة واحتج للتشطير بقوله تعالى { وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم } ووجه ذلك من جهة المعنى بشيئين وكذلك القياس سقوط جميع المهر لأن ارتفاع العقد قبل تسليم المعقود عليه يقتضي سقوط جميع العوض كما في البيع والاجارة أحد الشيئين أن الزوجة كالمسلمة إلى الزوج نفسها بنفس العقد لأن التصرفات التي يملكها الزوج تنفذ من وقت النكاح ولا تتوقف على القبض فمن حيث إنه تنفذ تصرفاته استنفذ ببعض العوض ومن حيث إنه لم يتصل به المقصود سقط بعضه الشئ الثاني أنا لو حكمنا بسقوط المهر جميعه لاحتجنا إلى إيجاب شئ للمتعة فكان إبقاء شئ مما هو واجب أولى من اثبات ما لم يجب إذا عرفت هذا فمتى يرجع إليه النصف ؟ الصحيح أنه يعود إليه بنفس الطلاق لقوله تعالى { فنصف ما فرضتم } أي فلكم نصف ما فرضتم فهو كقوله { ولكم نصف ما ترك أزواجكم } .
والوجه الثاني أن الفراق يثبت له خيار الرجوع في النصف فإن شاء تملكه وإن شاء تركه كالشفعة والثالث لا يرجع إلا بقضاء القاضي فعلى الصحيح لو حدثت في الصداق زيادة بعد الطلاق كان له نصفها سواء كانت الزيادة متصلة أو منفصلة وإن حدث في الصداق نقص كأن وجد من الزوجة تعد بأن طالبها برد النصف فامتنعت فله النصف مع أرش النقص وإن تلف كل الصداق والحالة هذه فعليها الضمان وإن لم يوجد منها تعد فوجهان : أحدهما وهو ظاهر النص وبه قال العراقيون والرويفي : أنها تغرم أرش النقص وإن تلف غرمت البدل لأنه مقبوض عن معاوضة فأشبه المبيع في يد المشتري بعد الاقالة وفي الأم نص يشعر بأنه لا ضمان وبه قال المراوزة لأنه في يده بلا تعد فأشبه الوديعة ولم يصحح في الروضة شيئا كالشرح الكبير لكن رجح الرافعي في الشرح الصغير الأول فعلى الأول وهو المصحح لو قال الزوج : حدث النقص بعد الطلاق فعليك الضمان وقالت : بل قبله فلا ضمان علي فمن المصدق ؟ وجهان أصحهما المرأة إذ الأصل براءة ذمتها ولو رجع إليه كل الصداق بفسخ فتلف في يدها فهو مضمون عليها كالبيع ينفسخ باقالة أورد بعيب والله أعلم وقوله [ يسقط نصف المهر ] يعنى في الدين فإذا أصدقها دينا في ذمته سقط نصفه بمجرد الطلاق على الصحيح وعند الاختيار على الوجه الثاني فلو كان أعطاها الصداق الذي في ذمته والمؤدى باق فهل لها أن تدفع قدر النصف من موضع آخر لأن العقد لم يتعلق بعينه أم يتعلق حقه فيه لأنه تعين بالدفع فأشبه الصداق المعين إبتداء ؟ وجهان أصحهما الثاني والله أعلم .
فرع إذا وهبت الزوجة الزوج صداقها المعين نظر إن كان بعد أن قبضته وطلقها قبل الدخول فهل يرجع عليها ؟ قولان الأظهر عند الجمهور يرجع بنصف بدله إما المثل أو القيمة وإن وهبته إياه قبل أن تقبضه فطريقان قيل لا يرجع قطعا والمذهب طرد القولين سواء قبضته أم لا ولو كان الصداق دينا فأبرأته منه لم يرجع على المذهب كما لو شهد شاهدان بدين وحكم به حاكم ثم أبرأ المحكوم عليه ثم رجع الشاهدان عن الشهادة فإنهما لا يغرمان للمحكوم عليه شيئا ولو أصدقها دينا فقبضته ثم وهبته منه ففيه القولان في هبته العين وقيل يرجع بالشطر قطعا والله أعلم .
فرع خالع زوجته قبل الدخول على شئ غير الصداق فله المسمى الذي خالع عليه ولها نصف الصداق وإن خالعها على صداقها فقد خالعها على ماله وعلى مالها لأنه عاد إليه نصف الصداق بالخلع فتحصل البينونة وتبطل التسمية في نصيبه وفي نصيبها قولا تفريق الصفقة وإن صححنا التسمية فيه وهو الأصح أي في نصيبها فللزوج الخيار إن كان جاهلا بالتشطير والتفريق فإن فسخ رجع عليها بمهر المثل على الأظهر وفي قول ببدل المسمى المثل إن كان مثليا أو القيمة وإن أجاز رجع عليها بنصف مهر المثل على الأظهر وعلى القول الآخر بمثل نصف الصداق أو قيمته والله أعلم قال :