وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : في الإجارة : وكل ما أمكن الانتفاع به مع بقاء عينه صحت إجارته إذا قدرت منفعته بأحد أمرين : مدة أو عمل .
القياس عدم صحة الإجارة لأن الإجارة موضوعة للمنافع وهي معدومة والعقد على المعدوم غرر لكن الحاجة الماسة داعية إلى ذلك إذ الضرورة المحققة داعية إلى الإجارة فإنه ليس لكل أحد مسكن ولا مركوب ولا خادم ولا آلة يحتاج إليها فجوزت لذلك كما جوز السلم وغيره من عقود الغرر وقد أجمعت الصحابة والتابعون على جوازها وقبل الإجماع جاء بها القرآن والسنة المطهرة قال الله تعالى { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } وروى البخاري أنه E قال [ ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة : رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حرا فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره ] وروى أنه E قال [ أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه ] وحق عقد الإجارة : عقد على منفعة مقصودة معلومة قابلة للبدل والإباحة بعوض معلوم وفيه قيود فاحترزنا بالمنفعة عن الإجارة المعقودة على ما يتضمن إتلاف عين فمن ذلك استئجار البستان للثمار والشاة للبنها وما في معناهما وكذا لصوفها ولولدها فهذه الاجارة باطلة نعم قد تقع العين تبعا كما إذا استأجر امرأة للرضاع فإنه جائز والقياس فيه البطلان إلا أن النص ورد فيه فلا معدل عنه ثم هل للمعقود عليه القيام بأمره من وضع الصبي في حجرها وتلقيمه الثدي وعصره بقدر الحاجة أم تناول هذه الاشياء مع اللبن ؟ وجهان أصحهما أن المعقود عليه الفعل واللبن يستحق تبعا قال الله تعالى { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } علق الأجرة بفعل الإرضاع لا باللبن وهذا كما إذا استأجر دارا وفيها بئر ماء يجوز الشرب منها تبعا ولو استأجر للارضاع ونفى الحضانة فهل يجوز ؟ وجهان أحدهما لا كما إذا استأجر شاة لارضاع سخلة لأنه عقد على استيفاء عين وأصحهما الصحة كما يجوز الاستئجار لمجرد الحضانة وكذا لا يجوز استئجار الفحل للنزوان على الاناث للنهي عن ذلك وقد نهى رسول الله A عن عسب الفحل وفي مسلم عن بيع ضراب الفحل وروى عن الشافعي عن ثمن عسب الفحل والله أعلم وقولنا مقصودة احتراز عن منفعة تافهة كاستئجار تفاحة ونحوها للشم نعم إذا كثر التفاح قال الرافعي : فالوجه الصحة كاستئجار الرياحين للشم ومن المنافع التافهة استئجار الدراهم والدنانير فإن أطلق العقد فباطل وإن صرح باستئجارها للتزين فالأصح البطلان أيضا وكذا لا يجوز استئجار الطعام لتزيين الحوانيت على المذهب والله أعلم وقولنا معلومة احتراز عن المنفعة المجهولة فإنها لا تصح للغرر فلا بد من العلم بالمنفعة قدرا ووصفا وقولنا قابلة للبذل والإباحة فيه احتراز عن استئجار آلات اللهو كالطنبور والمزمار والرباب ونحوها فإن استئجارها حرام ويحرم بذل الأجرة في مقابلتها ويحرم أخذ الأجرة لأنه من قبيل أكل أموال الناس بالباطل وكذا لا يجوز استئجار المغاني ولا استئجار شخص لحمل خمر ونحوه ولا لجبي المكوس والرشا وجميع المحرمات عافانا الله تعالى منها وقولنا بعوض معلوم احترزنا به عن الأجرة المجهولة فإنه لا يصح جعلها أجرة فإنها ثمن المنفعة وشرط الثمن أن يكون معلوما ولأن الجهل به غرر إذا عرفت هذا فكل عين وجد في منفعتها شروط الصحة صح استئجارها كاستئجار الدار للسكنى والدواب للركوب والرحل للحج وللبيع والشراء والأرض للزرع وشبهه ويشترط في العين المستأجرة القدرة على تسليمها فلا يجوز إيجار عبد آبق ولا دابة شاردة ومغصوب لا يقدر على انتزاعه وكذا لا يجوز استئجار أعمى للحفظ لأنه يعجز عن تسليم منفعته كما لا يجوز استئجار دابة زمنة للركوب والحمل وأرض لا ماء لها ولا يكفيها المطر ونداوة الأرض وما أشبه ذلك لأن الأجرة في مقابلة المنفعة وهي معدومة فلا يصح إيجارها كما لا يصح بيع العين المعدومة أو التي لا منفعة فيها وقول الشيخ [ إذا قدرت منفعته ] أي المستأجرة بفتح الجيم [ بمدة أو عمل ] إشارة إلى قاعدة وهي أن المنفعة المعقودة عليها إن كانت لا تتقدر إلا بالزمان فالشرط في صحة الإجارة فيها أن تقدر بمدة وذلك كالإجارة للسكنى والرضاع ونحو ذلك لتعينه طريقا لأن تعيين ذلك قد يعسر كالرضاع وقد يتعذر وإن كانت لا تتقدر إلا بالعمل قدرت به وإن ورد العقد فيه على الذمة كالركوب والحج ونحو ذلك وإن كان يتقدر بالمدة والعمل كالخياطة والبناء قدر بأحدهما كقوله : استأجرتك لتخيط هذا الثوب أو قال : استأجرتك لتخيط لي يوما ونحوه من الأعمال فإن قدر بهما لم تصح على الراجح بأن قال : لتخيط هذا الثوب في هذا اليوم لأنه إن فرغ في بعض اليوم فإن طالبه بالعمل في بقية اليوم فقد أخل بشرط العمل وإلا أخل بشرط المدة والله أعلم قال : .
وإطلاقها يقتضي تعجيل الأجرة إلا أن يشترط التأجيل .
تجب الأجرة بنفس العقد كما يملك المستأجر بالعقد المنفعة ولأن الإجارة عقد لو شرط في عوضه التعجيل أو التأجيل اتبع فكان مطلقه حالا كالثمن في البيع نعم إن شرط فيه التأجيل اتبع لأن المؤمنين عند شروطهم فإذا حل الأجل وجب الأجرة كالثمن في البيع وهذا في إجارة العين كقوله : استأجرت منك هذه الدابة ونحو ذلك أما في إجارة الذمة فإن عقد بلفظ السلم فيشترط قبض رأس المال في المجلس وكذا إن عقد بلفظ الإجارة على الأصح نظرا إلى المعنى فيشترط أن تكون الأجرة حالة في إجارة الذمة ولا يجوز تأجيلها لئلا يلزم بيع الكالئ بالكالئ وهو بيع الدين بالدين وقد نهى عنه رسول الله A والله أعلم قال : .
ولا تبطل الإجارة بموت أحد المتعاقدين وتبطل بتلف العين المستأجرة .
إذا مات أحد المستأجرين والعين المستأجرة باقية لم يبطل العقد لأن الإجارة عقد معاوضة على شئ يقبل النقل وليس لأحد المتعاقدين فسخه بال عذر فلا تبطل بموت أحد المتعاقدين كالبيع فإذا مات المستأجر قام وارثه مقامه في استيفاء المعقود عليه وإن مات المؤجر ترك المأجور في يد المستأجر إلى إنقضاء المدة والله أعلم ولو تلفت العين المستأجرة بأن كانت دابة فماتت أو كانت أرضا فغرقت أو ثوبا فاحترق نظر إن كان ذلك قبل القبض أو بعده ولم تمض مدة لمثلها أجرة انفسخت الإجارة وإن تلفت بعد القبض وبعد مضي مدة لمثلها أجرة انفسخت الإجارة في المستقبل لفوات المعقود عليه وفي الماضي خلاف والأصح أنه لا ينفسخ لاستقراره بالقبض وهذا كله في إجارة العين كقوله : استأجرت منك هذه الدابة أما إذا وقعت الإجارة على الذمة كما إذا قال : ألزمت ذمتك حمل كذا إلى موضع كذا فسلمه دابة ليستوفي منها حقه فهلكت لم تنفسخ الإجارة بل يطالب المؤجر بإبدالها لأن المعقود عليه باق في الذمة بخلاف إجارة العين فإن المعقود عليه نفسه قد فات بفوات العين المستوفى منها واعلم أن العين المسلمة عن هذه الإجارة وإن لم ينفسخ العقد بتلفها فإن للمستأجر اختصاصا بها حتى يجوز له إجارتها كما في إجارة العين ولو أراد المؤجر ابدالها دون رضا المستأجر لا يمكن على الأصح والله أعلم .
فرع لو أراد المستأجر أن يعتاض عن حقه في إجارة الذمة قال الرافعي : إن كان بعد تسليم الدابة جاز وإن كان قبله فلا والله أعلم قال : .
ولاضمان على الأجير إلا بعدوان .
الأجير أمين فيما في يده لأنه يعمل فيه ما إذا استأجره لقصارة ثوب ونحوه وتلف فإنه لا يضمنه لأنه أمين ولا تعدى منه فأشبه عامل القراض فإن تعدى لزمه الضمان كما إذا استأجره للخبز فأسرف في الإيقاد أو تركه حتى احترق أو ألصقه قبل وقته وأشباه ذلك فإنه تقصير فلزمه الضمان وكما لا يضمن الأجير كذلك لا يضمن المستأجر العين المستأجرة إلا بالتعدي لأنها عين قبضها ليستوفي منها ما ملكه بعقد الإجارة فلم يضمنها بالقبض كالنخلة إذا اشترى ثمرها وليس هذا كما إذا اشترى سمنا في ظرف فقبضه فيه فإنه يضمن الظرف في أصح الوجهين في الكفاية لأن قبضه بدون الظرف ممكن واعلم أن المرجع في العدوان إلى العرف فلو ربط الدابة في الاصطبل فماتت لم يضمن وإن انهدم عليها فماتت أطلق الغزالي النقل على الأصحاب أنه يضمن وقال غيره : إن انهدم في وقت لا يعهد أن يكون فيه الانتفاع كالليل في الشتاء والمطر الشديد في النهار فلا ضمان وإلا ضمن وجزم بهذا التفصيل في الروضة وفي المنهاج ولو ربط دابة أكتراها لحمل أو ركوب ولم ينتفع بها لم يضمن إلا إذا انهدم عليها الاصطبل في وقت لو انتفع بها لم يصبها الهدم فاعرف ذلك ومن تعدي المستأجر أن يكبح الدابة باللجام أو يضربها برجله أو يعدو بها في غير محل العدو على خلاف العادة في هذه الأمور فإنه يضمنها بخلاف ما إذا فعل ذلك على العادة والله أعلم .
فرع حسن غصبت الدابة المستأجرة مع دواب الرفقة فذهب بعضهم في طلب دابته ولم يذهب المستأجر فإن لم يلزمه الرد عند انقضاء المدة لم يضمن وإلا فإن استرد الذاهبون بلا مشقة ولا غرامة ضمن المتخلف وإن كان بمشقة وغرامة فلا ضمان قاله العبادي والله أعلم قال :