وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : والدماء الواجبة في الإحرام خمسة أشياء : أحدها الدم الواجب بترك نسك وهو على الترتيب شاة فإن لم يجد فصيام عشرة أيام ثلاة في الحج وسبة إذا رجع إلى أهله .
اعلم أن الدماء الواجبة في المناسك سواء تعلقت بترك واجب أو ارتكاب منهي أي فعل حرام فواجبها شاة إلا في الجماع فالواجب بدنة ولا يجزيء في الموضعين إلا ما يجزيء في الأضحية إلا في جزاء الصيد فإنه يجب فيه المثل في الصغير صغير وفي الكبير كبير ثم هذه الكفارات قد يكون فيها ما يجب فيه الترتيب وقد يكون فيها ما يجب فيه التخيير ومعنى الترتيب أنه يجب عليه الذبح ولا يجوز العدول عنه إلى غيره إلا إذا عجز عنه ومعنى التخيير أنه يجوز له العدول عنه إلى غيره مع القدرة عليه ثم إن الدم قد يجب على سبيل التقدير مع ذلك يعني أن الشرع قدر البدل المعدول إليه ترتيبا كان أو تخييرا لا يزيد ولا ينقص وقد يجب الدم على سبيل التعديل ومعنى التعديل : أنه أمر فيه بالتقويم والعدول إلى غيره بحسب القيمة إذا عرفت هذا فالدم المتعلق بترك المأمورات وهو معنى قول الشيخ [ بترك نسك ] كترك الإحرام من الميقات وترك الرمي والمبيت بمزدلفة ليلة العيد وكذا ترك المبيت بمنى ليالي التشريق وطواف الوداع وفي هذا الدم أربعة أوجه : الصحيح وبه قطع العراقيون وكثير من غيرهم أنه دم ترتيب وتقدير كدم التمتع والقران والترتيب كما ذكره الشيخ أنه يجب عليه شاة فإن لم يجدها ألبتة أو وجدها بثمن غال عدل إلى الصوم وهو عشرة أيام ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله والمراد الرجوع إلى الوطن والأهل فإن توطن مكة بعد فراغه من الحج صام بها وإن لم يتوطنها لم يجز صومه بها ولا يجوز صومها في الطريق على المذهب الذي قطع به العراقيون ولا يصح صوم شئ من السبعة في أيام التشريق بلا خلاف وإن قلنا إنها قابلة للصوم لأنه يعد في الحج ولو لم يتفق أنه صام الثلاثة فرجع لزمه صوم العشرة ويجب التفريق أيضا على الصحيح وفي قدره أقوال الراجح أنه يفرق بأربعة أيام ومدة إمكان السير إلى الوطن فلو لم يصم وكان قد تمكن منه حتى مات فقولان : القديم يصوم عنه وليه كصوم رمضان والجديد يطعم عنه من تركته لكل يوم مدا فإن كان تمكن من العشرة أيام فعشرة أمداد وإلا فبالقسط وهذا معنى التقدير ولا يتعين صرف الأمداد إلى فقراء الحرم على الأظهر وقد صحح في المحرر وتبعه في المنهاج أن هذا الدم دم ترتيب وتعديل فتجب الشاة فإن عجز اشتراى بقيمة الشاة طعاما وتصدق به فإن عجز صام عن كل مد يوما وهذا خلاف ما في الشرحين والروضة وشرح المهذب فاعرفه والله أعلم قال : .
والثاني الدم الواجب بالحلق والترفه وهو على التخيير شاة أو صوم ثلاثة أيام أو التصدق بثلاثة آصع على ستة مساكين .
من حلق جميع رأسه أو ثلاث شعرات أو فعل في الأظفار مثل ذلك لزمه الفدية بدم وهو دم تخيير وتقدير فيتخير بين أن يذبح شاة وبين أن يتصدق بثلاثة آصع على ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من طعام وبين أن يصوم ثلاثة أيام هذا هو المذهب وفي وجه لا يتقدر ما يعطى كل مسكين والأصل في التخيير قوله تعالى { فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } التقدير فحلق شعر رأسه ففدية ثم إن كل واحد من هذه الثلاثة قد ورد بيانه في حديث كعب بن عجرة رواه الشيخان فإنه E قال له : [ أيؤذيك هوام رأسك ؟ قال : نعم قال : انسك شاة أو صم ثلاثة أيام أو أطعم فرقا من الطعام على ستة مساكين ] والفرق بفتح الفاء والراء المهملة ثلاثة آصع فقد ورد النص في الشعر والقلم في معناه وكذا بقية الاستمتاعات كالطيب والادهان واللبس ومقدمات الجماع على الأصح لإشتراك الكل في الترفه والله أعلم قال : .
والثالث الدم الواجب بالإحصار فيتحلل ويهدي شاة .
الحاج أو المعتمر إذا أحصر أي منع من إتمام نسكه سواء كان في الحل أو الحرم ولم يجد طريقا غيره وسواء كان المانع مسلما أو كافرا تحلل ويشترط نية التحلل ويذبح هديا حيث أحصر وأقله شاة تجزيء في الأضحية لقوله تعالى : { فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } تقدير الآية فإن أحصرتم فلكم التحلل وعليكم ما استيسر من الهدي وفي الصحيحين أنه E تحلل بالحديبية لما صده المشركون وكان محرما بالعمرة وكما يشترط نية التحلل في ذبح الهدى فكذا الحلق إذا جعلناه نسكا وهو بالعمرة وكما يشترك نية التحلل في ذبح الهدى فكذا الحلق إذا جعلناه نسكا وهو الأصح ولا بد من تقديم الذبح على الحلق لقوله تعالى : { ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله } وقد صرح بذلك الماوردي وغيره والله أعلم قال : .
والرابع الدم الواجب بقتل الصيد وهو على التخيير إن كان الصيد مما له مثل أخرج مثله من النعم والغنم وإن لم يكن له مثل قومه وأخرج بقيمته طعاما ويتصدق به فإن لم يجد صام عن كل مد يوما .
الصيد إذا قتله المحرم وكان مثليا تخير بين ذبح مثله والتصدق به على مساكين الحرم وبين أن يقوم المثل دراهم ويشتري بها طعاما لهم أو يصوم عن كل مد يوما لقوله تعالى : { فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما } وهذا في الذي يسمى دم تخيير وتعديل أما التخيير فواضح وأما التعديل فقوله تعالى { أو عدل ذلك صياما } هذا في المثلي أما غير المثلي فهو مخير بين أن يتصدق بقيمته طعاما أو يصوم عن كل مد يوما كالمثلي فتخييره بين هاتين الخصلتين والعبرة في هذه القيمة بموضع الإتلاف لا بمكة على الأصح قياسا على كل متلف بخلاف الصيد المثلي فإن الأصح فيه إعتبار القيمة بمكة يوم الإخراج لأنها محل الذبح فإذا عدل عنه إلى القيمة إعتبرنا مكانه في ذلك الوقت وقول الشيخ [ من النعم والغنم ] المراد بالنعم البدن وإن كان اسم النعم يصدق عليها وعلى البقر والغنم كما مر في الزكاة ثم المراد بالمثل ما يقارب الصيد في الصورة لا المثل في الجنس حتى يجب في النعامة نعامة وفي الغزال غزال ويدل لذلك الآية الكريمة وفعل الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ألا ترى قوله تعالى { فجزاء مثل ما قتل من النعم } فلما قيد سبحانه وتعالى بالنعم انصرف عن الجنس إلى الصورة من النعم وقد حكم جمع من الصحابة في غير مرة في النعامة ببدنة وفي حمار الوحش وبقرة ببقرة وقد قضى بذلك الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وقيل إنما قضوا به في الحمار وقيست البقرة عليه وفي الضبع كبش أخبر به جابر Bه عن قضاء رسول الله A وكذا قضى به جمع من الصحابة والضبع الأنثى ولا يقال ضبعة والذكر ضبعان بكسر الضاد وإسكان الباء وقضت الصحابة في الغزال بعنز وفي الأرنب عناق حكم بذلك عمر Bه وعطاء والعناق الانثى من المعز إذا لم يكمل سنة والذكر جدي وفي الصغير صغير وفي الكبير كبير وفي الذكر ذكر وفي الأنثى أنثى وفي الصحيح صحيح وفي المكسور مكسور رعاية في كل ذلك للمماثلة التي اقتضتها الآية والله أعلم قال : .
والخامس الدم الواجب بالوطء وهو على الترتيب بدنة فإن لم يجد فبقرة فإن لم يجد فسبع من الغنم فإن لم يجد قوم البدنة ويشتري بقيمتها طعام ويتصدق به فإن لم يجد صام عن كل مد يوما .
هذا هو الدم الخامس وهو دم الجماع وفيه اختلاف كثير جدا للأصحاب والمذهب أنه دم ترتيب وتعديل فتجب البدنة أولا فإن عجز عنها فبقرة فإن عجز عنها فسبع من الغنم فإن عجز قوم البدنة بدراهم والدراهم بطعام وتصدق به فإن عجز صام عن كل مد يوما واحتج لوجوب البدنة بأن عمر وابنه عبد الله Bهما أفتيا بذلك وكذا ابن عباس وأبو هريرة Bهما وأما الرجوع إلى البقرة والسبع من الغنم لأنهما في الأضحية كالبدنة وأما الرجوع إلى الإطعام فلأن الشرع عدل في جزاء الصيد من الحيوان إلى الإطعام فرجع إليه هنا عند العذر فلو تصدق بالدراهم لم يجزه وبأي موضع تعتبر القيمة ؟ فيه أوجه : قيل بمنى وقيل بمكة أغلب الأوقات والثالث بموضع مباشرة السبب والذي جزم به النووي في شرح المهذب أنه بسعر مكة في حال الوجوب وأما الذي يدفع إلى كل مسكين فيه وجهان : أصحهما في الروضة أنه غير مقدر كاللحم واعلم أن وجوب البدنة محله في الجماع المفسد للحج أو العمرة أما إذا جامع بين التحللين وقلنا لا يفسد الحج بذلك فإنه لا يلزمه بدنة بل يلزمه شاة لأنه محرم لم يحصل به إفساد فأشبه الاستمتاعات والله أعلم قال : .
ولا يجزيه الهدي ولا الاطعام إلا في الحرم ويجزيه أن يصوم حيث شاء .
اعلم أن الهدي قد يكون عن إحصار وقد يكون عن غيره فإن كان عن إحصار فلا يشترط بعث الدم الواجب بسببه إلى الحرم بل يذبحه حيث أحصر لأنه E ذبح بالحديبية وهو من الحل وما ساقه من الهدي حكمه حكم دم الاحصار وأما الدم الواجب بفعل حرام أو ترك واجب فيختص ذبحه بالحرم في الأظهر لقوله تعالى { هديا بالغ الكعبة } ويجب صرف لحمه إلى مساكين الحرم لأن المقصود اللحم إذ لاحظ لهم في إراقة الدم ولا فرق في المساكين بين المقيمين والطارئين نعم الصرف إلى المتوطنين أفضل فلو ذبح في الحرم وسرق اللحم سقط حكم الذبح وبقي اللحم فإما أن يذبح شاة ثانيا وإما أن يشتري اللحم ولو كان يتصدق بالاطعام بدلا عن الذبح وجب تخصيصه أيضا بمساكين الحرم لأنه بدل اللحم بخلاف الصوم فإنه يأتي به حيث شاء والفرق أنه لا غرض للمساكين في الصيام في الحرم بخلاف الاطعام وأقل ما يجزي أن يدفع الواجب إلى ثلاثة من مساكين الحرم إن قدر فإن دفع إلى اثنين مع القدرة على ثالث ضمن وفي قدر الضمان وجهان : قيل الثلث وقيل ما يقع عليه الإسم وتلزمه النية عند التفرقة فإن فرق الطعام فهل يتعين لكل مسكين مد ؟ الراجح أنه لا يتعين بل تجوز الزيادة على مد والنقص منه والله أعلم .
تنبيه كثير من المتفقهة وغالب المتصوفة وجل العوام يعتقدون أن عرفات يجوز الذبح بها فيذبحون دم الحيوانات بها وكذا دم التمتع والقرآن ثم ينقلون اللحم إلى الحرم وهذا الذبح غير جائز فلا يجزي فليعلم ذلك والله أعلم قال : .
ولا يجوز قتل صيد الحرم ولا قطع شجره للمحل والمحرم معا .
صيد حرم مكة حرام على المحرم والحلال وكذا يحرم قطع نباته كاصطياد صيده فيحرم التعرض لشجره بالقطع أو القلع إذا كان رطبا غير مؤذ واحترزنا بالرطب عن اليابس فإنه لا يحرم ولا جزاء فيه كما لو قد صيدا ميتا نصفين واحترزنا بقيد غير مؤذ عن كل شجرة ذات شوك فإنه يجوز كالحيوان المؤذي فلا يتعلق بقطعه ضمان على الصحيح الذي قطع به الجمهور والحجة على ذلك قوله A يوم فتح مكة : [ إن هذا البلد حرام بحرمة الله لا يعضد شجره ولا ينفر صيده ولا تلتقط لقطته إلا من عرفها ولا يختلى خلاه قال العباس : يا رسول الله إلا الأذخر فإنه لقينهم وبيوتهم قال : إلا الأذخر ] رواه الشيخان قوله E لا يعضد معناه لا يقطع وقوله ولا يختلى خلاه معناه لا ينزع بالأيدي وغيرها كالمناجل والقين الحداد ومعنى كونه لبيوتهم أنهم يسقفونها بذلك فوق الخشب وذلك يحث على فضل سكناها وقول الشيخ [ ولا يقطع شجره ] يؤخذ منه أنه يجوز أخذ الورق وهو كذلك لكن لا يخبطها مخافة أن يصيب قشورها ولو أخذ غصنا ولم يخلف فعليه الضمان وإن أخلف في تلك السنة لكون الغصن لطيفا كالسواك وغيره فلا ضمان كالأوراق وكما يحرم قطع الشجر كذا يحرم قطع نبات الحرم الذي لا يستنبت لقوله A ولا يختلى خلاه والخلا هو الرطب من الحشيش وإذا حرم القطع حرم القلع من باب أولى ثم يجوز تسريح البهائم فيه لترعى فلوا أخذه لعلف البهائم جاز على الأصح كما يجوز تسريحها فيه وقيل لا يجوز لظاهر الحديث فعلى الأصح لو قطعه شخص ليبيعه ممن يعلفه لم يجز قاله النووي في شرح المهذب ويستثنى ما إذا أخذه للدواء أيضا على الأصح لأن هذه الحاجة أهم من الحاجة إلى الأذخر ويجوز قطع الأذخر لحاجة السقوف وغيرها للحديث الصحيح وهل يلحق بقية الحشيش بالأذخر لأجل السقف ونحوه ؟ قال الغزالي : فيه الخلاف في قطعه للدواء ومقتضاه رحجان الجواز وهو قضية كلام الحاوي الصغير فإنه جوز القطع للحاجة مطلقا ولم يخصه بالدواء وهي مسألة حسنة قل من تعرض لها والله أعلم .
فرع الأصح أنه يحرم نقل تراب الحرم وأحجاره إلى الحل وكذا حرم المدينة قاله النووي في شرح المهذب في أواخر صفة الحج وجزم به إلا أنه نقل عن الأكثرين في محظورات الإحرام أنه يسره يعني تراب المدينة وأحجارها قال الأسنائي : نص عليه الشافعي في الأم على المسألة وقال : إنه يحرم فالفتوى به والله أعلم قال :