وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب ما يدخل في الرهن وما لا يدخل وما يملكه الراهن وما لا يملكه .
ما يحدث في عين الرهن من النماء المتميز كالشجر والثمر واللبن والولد والصوف والشعر لا يدخل في الرهن لما روى روى سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن النبي ( ص ) قال : [ لا يغلق الرهن الرهن من راهنه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه ] والنماء من الغنم فوجب أن يكون له وعن ابن عمر وأبي هريرة مرفوعا الرهن مجلوب ومركوب ومعلوم أنه لم يرد أنه مجلوب مركوب للمرتهن فدل على أنه أراد به مجلوب ومركوب للراهن ولأنه عقد لا يزيل الملك فلم يسر إلى النماء المتميز كالإجارة فإن رهن نخلا على أن ما يتميز داخل في الرهن أو ماشية على أن تنتج داخل في الرهن فالمنصوص في الأم أن الشرط باطل وقال في الأمالي القديمة لو قال قائل إن الثمرة والنتاج يكون رهنا كان مذهبا ووجهه أنه تابع للأصل فجاز أن يتبعه كأساس الدار والمذهب الأول وهذا مرجوع عنه لأنه رهن مجهول ومعدوم فلم يصح بخلاف أساس الدار فإنه موجود ولكنه شق رؤيته فعفى عن الجهل به وأما النماء الموجود في حال العقد ينظر فيه فإن كان شجرا فقد قال في الرهن لا يدخل فيه وقال في البيع يدخل واختلف أصحابنا فيه على ثلاث طرق وقد بيناها في البيوع وإن كان ثمرا نظرت فإن كان ظاهرا كالطلع المؤبر وما أشبهه من الثمار لم يدخل في الرهن لأنه إذا لم يدخل ذلك في البيع وهو يزيل الملك فلأن لا يدخل في الرهن وهو لا يزيل الملك أولى وإن كن ثمرا غير ظاهر كالطلع الذي لم يؤبر وما أشبهه من الثمار ففيه من أصحابنا من قال فيه قولان : أحدهما يدخل فيه قياسا على البيع والثاني لا يدخل فيه وهو الصحيح لأنه لما لم يدخل فيه ما يحدث بعد العقد لم يدخل الموجود حال العقد ومنهم من قال لا يدخل فيه قولا واحدا ويخالف البيع فإن في البيع ما يحدث بعد العقد ملك للمشتري والحادث بعد العقد لا حق للمرتهن فيه ولأن البيع يزيل الملك فيدخل فيه النماء والرهن لا يزيل الملك فلم يدخل فيه واختلف أصحابنا في ورق التوت والآس وأغصان الخلاف فمنهم من قال : هو كالورق والأغصان من سائر الأشجار فيدخل في الرهن ومنهم من قال : إنها كالثمار من سائر الأشجار فيكون حكمها حكم الثمار وإن كان النماء صوفا أو لبنا فالمنصوص أنه لا يدخل في العقد وقال الربيع في الصوف قول آخر إنه يدخل فمن أصحابنا من قال فيه قولان ومنهم من قال لا يدخل قولا واحدا وما قاله الربيع من تخريجه .
فصل : ويملك الراهن التصرف في منافع الرهن على وجه لا ضرر فيه على المرتهن كخدمة العبد وسكنى الدار وركوب الدابة وزراعة الأرض لقوله ( ص ) [ الرهن مجلوب ومركوب ] ولأنه لم يدخل في العقد ولا يضر بالمعقود له فبقي على ملكه وتصرفه كخدمة الأمة المزوجة ووطء الأمة المستأجرة وله أن يستوفي ذلك بالإجارة والإعارة وهل له أن يستوفي ذلك بنفسه ؟ قال في الأم : له ذلك وقال في الرهن الصغير : لا يجوز فمن أصحابنا من قال : فيه قولان : أحدهما لا يجوز لأنه لا يأمن أن يجحد فيبطل حق المرتهن والثاني يجوز وهو الصحيح لأن كل منفعة جاز أن يستوفيها بغيره جاز أن يستوفيها بنفسه كمنفعة غير المرهون ودليل القول الأول يبطل به إذا أكراه من غيره فإنه لا يؤمن أن يجحد ثم يجوز ومنهم من قال إن كان الراهن ثقة جاز لأنه يؤمن أن يجحد وإن كان غير ثقة لم يجز لأنه لا يؤمن أن يجحد وحمل القولين على هذين الحالين .
فصل : وأما ما فيه ضرر بالمرتهن فإنه لا يملك لقوله ( ص ) [ لا ضرر ولا ضرار ] فإن كان المرهون مما ينقل فأراد أن ينتفع به في السفر أو يكريه ممن يسافر به لم يجز لأن أمن السفر لا يوثق به فلا يؤمن أن يؤخذ فيد فيدخل على المرتهن الضرر وإن كان ثوابا لم يملك لبسه لأنه ينقص قيمته وإن كان أمة لم يملك تزويجها لأنه ينقص قيمتها وهل يجوز وطؤها ينظر فإن كانت مما تحبل لم يجز وطؤها لأنه لا يؤمن أن تحبل فتنقص قيمتها وتبطل الوثيقة باستيلادها وإن كانت مما لا تحبل لصغر أو لكبر ففيه وجهان : قال أبو إسحاق : يجوز وطؤها لأنا قد أمنا الضرر بالإحبال وقال أبو علي بن أبي هريرة : لا يجوز لأن السن الذي لا تحبل فيه لا يتميز عن السن الذي تحبل فيه مع اختلاف الطباع فمنع من الجميع كما قلنا في شرب الخمر لما لم يتميز ما يسكر مما لا يسكر مع اختلاف الطباع في السكر حرم الجميع فإذا منعنا من الوطء منعنا من الاستخدام لأنه لا يؤمن أن يطأها وإذا لم يمنع من الوطء جاز الاستخدام فإن كان أرضا فأراد أن يغرس فيها أو يبني لم يجز لأنه يراد للبقاء وينقص به قيمة الأرض عند القضاء فإذا خالف وغرس أو بنى والدين مؤجل لم يقلع في الحال لأنه يجوز أن يقضي الدين من غير الأرض وربما لم تنقص قيمة الأرض مع الغراس والبناء عن الدين فلا يجوز الإضرار بالراهن في الحال لضرر متوهم في ثاني الحال فإن حل الدين ولم يقض وعجزت قيمة الأرض مع الغراس والبناء على قدر الدين قلع فإن أراد أن يزرع ما يضر بالأرض لم يجز وإن لم يضر بالأرض نظرت فإن كان مما يحصد قبل محل الدين جاز وإن كان لا يحصد إلا بعد محل الدين ففيه قولان : أحدهما لا يجوز لأنه ينقص قيمة الأرض فيستضر به المرتهن والثاني يجوز لأنه ربما قضاه الدين من غير الأرض وربما وفت قيمة الأرض مع الزرع بالدين فلا يمنع منه في الحال وإن أراد أن يؤجر إلى مدة يحل الدين قبل انقضائها لم يجز له لأنه ينقص قيمة الأرض وقال أبو علي الطبري C : فيها قولان كزراعة ما لا يحصد قبل محل الدين وإن كان فحلا وأراد أن ينزيه على الإناث جاز لأنه انتفاع لا ضرر فيه على المرتهن فلم يمنع منه كالركوب فإن كان أنثى أراد أن ينزي عليها الفحل نظرت فإن كانت تلد قبل محل الدين جاز لأنه لا ضرر على المرتهن وإن كان الدين يحل قبل ولادتها وقبل ظهور الحمل بها جاز لأنه يمكن بيعها وإن كان يحل بعد ظهور الحمل فإن قلنا إن الحمل لا حكم له جاز لأنه يباع معها وإن قلنا له حكم لم يجز لأنه خارج من الرهن فلا يمكن بيعه مع الأم ولا يمكن بيع الأم دونه فلم يجز .
فصل : ويملك الراهن التصرف في عين الرهن بما لا ضرر فيه على المرتهن كودج الدابة وتبزيغها وفصد العبد وحجامته لأنه إصلاح مال من غير إضرار بالمرتهن وإن أراد أن يختن العبد فإن كان كبيرا لم يجز لأنه يخاف منه عليه وإن كان صغيرا نظرت فإن كان في وقت يندمل الجرح فيه قبل حلول الدين جاز وإن كان في وقت يحل الدين قبل اندماله جرحه لم يجز لأنه ينقص ثمنه وإن كانت به أكلة يخاف من تركها ولا يخاف من قطعها جاز أن يقطع وإن كان يخاف من تركها ويخاف من قطعها لم يجز قطعها لأنه جرح يخاف عليه منه فلم يجز كما لو أراد أن يجرحه من غير أكلة وإن كانت ماشية فأراد أن يخرج منها في طلب الكلأ فإن كان الموضع مخصبا لم يجز له ذلك لأنه يغرر به من غير حاجة وإن كان الموضع مجدبا جاز له لأنه موضع ضرورة وإن اختلفا في موضع النجعة فاختار الراهن جهة واختار المرتهن أخرى قدم اختيار الراهن لأنه يملك العين والمنفعة وليس للمرتهن إلا حق الوثيقة فكان تقديم اختياره أولى وإن كان الرهن عبدا فأراد تدبيره جاز لأنه يمكن بيعه في الدين فإن دبره وحل الدين فإن كان له مال غيره لم يكلف بيع المدبر وإن لم يكن له مال غيره بيع منه بقدر الدين وبقي الباقي على التدبير وإن استغرق الدين جميعه بيع الجميع .
فصل : ولا يملك التصرف في العين بما فيه ضرر على المرتهن لقوله ( ص ) [ لا ضرر ولا إضرار ] فإن باعه أو وهبه أو جعله مهرا في نكاح أو أجره في إجارة أو كان عبدا فكاتبه لم يصح لأنه تصرف لا يسري إلى ملك الغير يبطل به حق المرتهن من الوثيقة فلم يصح من الراهن بنفسه كالفسخ وإن أعتقه ففيه ثلاثة أقوال : أحدها يصح لأنه عقد لا يزيل الملك فلم يمنع صحة العتق كالإجارة والثاني أنه لا يصح لأنه قول يبطل الوثيقة من عين الرهن فلم يصح من الراهن بنفسه كالبيع والثالث وهو الصحيح أنه إن كان موسرا صح وإن كان معسرا لم يصح لأنه عتق في ملكه يبطل به حق غيره فاختلف فيه الموسر والمعسر كالعتق في العبد المشترك بينه وبين غيره فإن قلنا إن العتق يصح فإن كان موسرا أخذت منه القيمة وجعلت رهنا مكانه لأنه أتلف رقه فلزمه ضمانه كما لو قتله وتعتق قيمته وقت الإعتاق لأنه حال الإتلاف ويعتق بنفس اللفظ ومن أصحابنا من قال في وقت العتق ثلاثة أقوال : أحدها بنفس اللفظ والثاني بدفع القيمة والثالث موقوف فإن دفع القيمة حكمنا أنه عتق من حين الإعتاق وإن لم يدفع حكمنا أنه لم يعتق في حال الإعتاق كما قلنا فيمن أعتق شركا له في عبد أنه يسري وفي وقت السراية ثلاثة أقوال وهذا خطأ لأنه لو كان كالعتق في العبد المشترك لوجب أن لا يصح العتق من المعسر كما لا يسري العتق بإعتاق المعسر في العبد المشترك وإن كان معسرا وجبت عليه القيمة في ذمته فإن أيسر قبل محل الدين طولب بها لتكون رهنا مكانه وإن أيسر في محل الدين طولب بقضاء الدين وإن قلنا إن الحق لا يصح ففكه أو بيع في الدين ثم ملكه لم يعتق عليه ومن أصحابنا من قال يعتق لأنه إنما لم يعتق في الحال الحق المرتهن وقد زال حق المرتهن فنفذ العتق كما لو أحبلها ثم فكها أو بيعت ثم ملكها والمذهب الأول لأنه عتق لم ينفذ في الحال فلم ينفذ بعد ذلك كما لو أعتق المحجور عليه عبده ثم فك عنه الحجر ويخالف الإحبال فإنه فعل وحكم الفعل أقوى من حكم القول ولهذا لو أحبل المجنون جاريته نفذ إحباله وثبت له حق الحرية ولو أعتقها لم يصح وإن قلنا إنه يصح العتق إن كان موسرا ولا يصح إذا كان معسرا فقد بينا حكم الموسر والمعسر وإن كان المرهون جارية فأحبلها فهل ينفذ إحباله أم لا على الأقوال الثلاثة وقد بينا وجوهها في العتق فإن قلنا إنه ينفذ فالحكم فيه كالحكم في العتق وإن قلنا إنه لا ينفذ إحباله صارت أم الولد في حق الراهن لأنه علقت بحر في ملكه وإنما لم ينفذ لحق المرتهن فإن حل الدين وهي حامل لم يجز بيعها لأنها حامل بحر وإن ماتت من الولادة لزمه قيمتها لأنها هلكت بسبب من جهته وفي القيمة التي تجب ثلاثة أوجه : أحدها تجب قيمتها وقت الوطء لأنه وقت سبب التلف فاعتبرت القيمة فيه كما لو جرحها وبقيت ضنيئة إلى أن ماتت والثاني تجب قيمتها أكثر مما كانت من حين الوطء إلى حين التلف كما قلنا فيمن غصب جارية وأقامت في يده ثم ماتت والثالث أنه تجب قيمتها وقت الموت لأن التلف حصل بالموت والمذهب الأول وما قال الثاني لا يصح لأن الغصب موجود من حين الأخذ إلى حين التلف والوطء غير موجود من حين الوطء إلى حين التلف وما قال الثالث يبطل به إذا جرحها ثم ماتت فإن التلف حصل بالموت ثم تجب القيمة وقت الجراحة وإن ولدت نظرت فإن نقصت بالولادة وجب عليه أرش ما نقص وإن حل الدين ولم يقضمه فإن أمكن أن يقضي الدين بثمن بعضها بيع منها بقدر ما يقضي به الدين إن فكها من المرهن أو بيعت وعادت إليه ببيع أو غيره صارت أم ولد له وقال المزني لا تصير كما لا تعتق إذا أعتقها ثم فكها أو ملكها وقد بينا الفرق بين الإعتاق والإحبال فأغنى عن الإعادة .
فصل : وإن وقف المرهون ففيه وجهان : أحدهما أنه كالعتق لأنه حق الله تعالى لا يصح إسقاطه بعد ثبوته فصار كالعتق والثاني أنه لا يصح لأنه تصرف لا يسري إلى ملك الغير فلا يصح البيع كالبيع والهبة .
فصل : وما منع منه الراهن لحق المرتهن كالوطء والتزويج وغيرهما إذا أذن فيه جاز له فعله لأن المنع لحقه فزال بإذنه وما يبطل لحقه كالبيع والعتق وغيرهما إذا فعله بإذنه صح لأن بطلانه لحقه فصح بإذنه فإن أذن البيع أو العتق ثم رجع قبل أن يبيع أو قبل أن يعتق لم يجز البيع والعتق لأنه بالرجوع سقط الإذن فصار كما لو لم يأذن فإن لم يعلم بالرجوع فباع أو أعتق ففيه وجهان : أحدهما أنه يسقط ويصير كما إذا باع أو أعتق بغير الإذن والثاني أنه لا يسقط الإذن بناء على القولين في الوكيل إذا عزله الموكل ولم يعلم حتى تصرف .
فصل : وإن أذن له في العتق فأعتق أو في الهبة فوهب وأقبض بطل الرهن لأنه تصرف ينافي مقتضى الوثيقة فعله بإذنه فبطلت به الوثيقة فإن أذن له في البيع لم يخل إما أن يكون في دين حال أو في دين مؤجل فإن كان في دين حال تعلق حق المرتهن بالثمن ووجب قضاء الدين منه لأن مقتضى الرهن بيعه واستيفاء الحق منه وإن كان في دين مؤجل نظرت فإنكان الإذن مطلقا فباع بطل الرهن وسقط حقه من الوثيقة لأنه تصرف في عين الرهن لا يستحق المرتهن فعله بإذنه فبطل به الرهن كما لو أعتقه بإذنه وإن أذن له في البيع بشرط أن يكون الثمن رهنا ففيه قولان : قال في الإملاء يصح ووجهه أنه لو أذن له في بيعه بعد المحل بشرط أن يكون ثمنه رهنا إلى أن يوفيه جاز وقال في الأم : لا يصح لأن ما يباع به من الثمن مجهول ورهن المجهول لا يصح فإذا بطل الشرط بطل البيع لأنه إنما أذن في البيع بهذا الشرط ولم يثبت الشرط فلم يصح البيع وإن أذن له في البيع بشرط أن يعجل الدين فباع لم يصح البيع وقال المزني يبطل الشرط ويصح العقد لأنه شرط فاسد سبق البيع فلم يمنع صحته كما لو قال لرجل بع هذه السلعة ولك عشر ثمنها وهذا خطأ لأنه إنما أذن له بشرط أن يعجل الدين لم يسلم له فإذا لم يسلم له الشرط بطل الإذن فيصير البيع بغير إذن ويخالف مسألة الوكيل فإن هناك لم يجعل العوض في مقابلة الإذن وإنما جعله في مقابلة البيع وههنا جعل تعجيل الدين في مقابلة الإذن فإذا بطل التعجيل بطل الإذن والبيع بغير إذن المرتهن باطل وحكي عن أبي إسحاق أنه قال : في هذه المسألة قول آخر أنه يصح البيع ويكون ثمنه رهنا كما لو أذن له في البيع بشرط أن يكون ثمنه رهنا .
فصل : وما يحتاج إليه الرهن من نفقة وكسوة وعلف وغيرها فهو على الراهن لما روى أبو هريرة أن النبي ( ص ) قال : [ الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا وعلى الذي يركب ويشرب نفقته ] والذي يركب ويشرب هو الراهن فوجب أن تكون النفقة عليه ولأن الرقبة والمنفعة على ملكه فكانت النفقة عليه وإن احتاج إلى شرب دواء أو فتح عرق فامتنع لم يجبر عليه لأن الشفاء بيد الله تعالى وقد يجيء من غير فصد ولا دواء ويخالف النفقة فإنه لا يبقى دونها فلزمه القيام بها .
فصل : وإن جنى العبد المرهون لم يخل إما أن يجني على الأجنبي أو على المولى أو على مملوك للمولى فإن كانت الجناية على أجنبي تعلق حق المجني عليه برقبته ويقدم على حق المرتهن لأن حق المجني عليه يقدم على حق المالك فلأن يقدم على حق المرتهن أولى ولأن حق المجني عليه يختص بالعين فلو قدمنا حق المرتهن عليه أسقطنا حقه وحق المرتهن يتعلق بالعين والذمة فإذا قدمنا حق المجني عليه لم يسقط حقه فوجب تقديم حق المجني عليه فإن سقط حق المجني عليه بالعفو أو الفداء بقي حق المرتهن لأن حق المجني عليه لم يبطل الرهن وإنما قدم عليه حق المجني عليه لقوته فإذا سقط حق المجني عليه بقي المرتهن وإن لم يسقط حق المجني عليه نظرت فإن كان قصاصا في النفس اقتص له وبطل الرهن وإن كان في الطرف اقتص له وبقي الرهن في الباقي وإن كان مالا وأمكن أن يوفي ببيع بعضه بيع منه ما يقضي به حقه وإن لم يمكن إلا ببيع جميعه بيع فإن فضل عن حق المجني عليه شيء من ثمنه تعلق به حق المرتهن وإن كانت الجناية على المولى نظرت فإن كان فيما دون النفس اقتص منه إن كان عمدا وإن كان خطأ أو عمدا فعفى عنه على مال لم يثبت له المال وقال أبو العباس : فيه قول آخر أنه يثبت له المال ويستفيد به بيعه وبطل حق المرتهن من الرهن ووجهه أنه من ثبت له القصاص في العمد ثبت له المال في الخطأ كالأجنبي والصحيح هو الأول لأن المولى لا يثبت له المال على عبده ولهذا لو أتلف له مالا لم يستحق عليه بدله ووجه الأول يبطل بغير المرهون فإنه يجب له القصاص في العمد ولا يجب له المال في الخطأ وإن كانت الجناية على النفس وإن كانت عمدا ثبت للوارث القصاص فإن اقتص بطل الرهن وإن كانت خطأ أو عمدا وعفى على مال ففيه قولان : أحدهما لا يثبت له المال لأن الوارث قائم مقام المولى والمولى لا يثبت له في رقبة العبد مال فلا يثبت لمن يقوم مقامه والثاني أنه يثبت له لأنه يأخذ المال عن جناية حصلت وهو في غير ملكه فصار كمن جنى على من يملكه المولى وإن كانت الجناية على مملوك للمولى فإن كانت على مملوك غير مرهون فإن كانت الجناية عمدا فللمولى أن يقتص منه وإن كانت خطأ أو عمدا وعفا على مال لم يجز لأن المولى لا يستحق على عبده مالا وإن كانت الجناية على مملوك مرهون عند مرتهن آخر فإن كانت الجناية عمدا فللمولى أن يقتص منه فإن اقتص بطل الرهن وإن كانت خطأ أو عمدا وعفا على مال ثبت المال لحق المرتهن الذي عنده المجني عليه لأنه لو قتله المولى لزمه ضمانه فإذا قتله عبده تعلق بالضمان برقبته فإن كانت قيمته أكثر من قيمة المقتول وأمكن أن يقضي أرش الجناية ببيع بضعه منه ما يقضي به أرش الجناية ويكون الباقي رهنا فإن لم يمكن إلا ببيع جميعه وبيع ما فضل من ثمنه يكون رهنا فإن كانت قيمته مثل قيمة المقتول أو أقل منه ففيه وجهان : أحدهما أن ينقل القاتل إلى مرتهن المقتول ليكون رهنا مكانه لأنه لا فائدة في بيعه والثاني أنه يباع لأنه ربما رغب فيه من يشتريه بأكثر من قيمته فيحصل عند كل واحد من المرتهنين وثيقة بدينه وإن كانت الجناية على مرهون عند المرتهن الذي عنده القاتل فإن كانت عمدا فاقتص منه بطل الرهن وإن كانت خطأ أو عمدا وعفى عنه على مال نظرت فإن اتفق الدينان في المقدار والحلول والتأجيل واتفقت قيمة العبدين ترك على حاله لأنه لا فائدة في بيعه وإن كان الدين الذي رهن به المقتول حالا والدين الذي رهن به القاتل مؤجلا بيع لأن في بيعه فائدة وهو أن يقضي الدين الحال فإن اختلف الدينان واتفقت القيمتان نظرت فإن كان الدين الذي ارتهن به القاتل أكثر لم يبع لأنه مرهون بقدر فإذا بيع صار مرهونا ببعضه وإن كان الدين الذي ارتهن به القاتل أقل نقل فإن في نقله فائدة وهو أن يصير مرهونا بأكثر من الدين الذي هو مرهون به وهل يباع وينقل ثمنه أو ينقل بنفسه فيه وجهان وقد مضى توجيههما وإن اتفق الدينان بأن كان كل واحد منهما مائة واختلف القيمتان نظر فيه فإن كانت قيمة المقتول أكثر لم يبع لأنه إذا ترك كان رهنا بمائة وإذا بيع كان ثمنه رهنا بمائة فلا يكون في بيعه فائدة وإن كانت قيمة القاتل أكثر بيع منه بقدر قيمة المقتول ويكون رهنا بالحق الذي كان المقتول رهنا به وباقيه على ما كان .
فصل : فإن جنى العبد المرهون بإذن المولى نظرت فإن كان بالغا عاقلا فحكمه ما لو جنى بغير إذنه في القصاص والأرش على ما بيناه ولا يلحق السيد بالإذن أو الإثم فإنه يأثم لما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : [ من أعان على قتل مسلم ولو بشرط كلمة جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه آيس من رحمة الله ] فإن كان غير بالغ نظرت فإن كان مميزا يعرف أن طاعة المولى لا تجوز في القتل كان كالبالغ في جميع ما ذكرناه إلا في القصاص فإن القصاص لا يجب على الصبي وإن كان صغيرا لا يميز أو أعجميا لا يعرف أن طاعة المولى لا تجوز في القتل لم تتعلق الجناية برقبته بل يتعلق حكم الجناية بالمولى فإن كان موسرا أخذ منه الأرش وإن كان معسرا فقد قال الشافعي C : يباع العبد في أرش الجناية فمن أصحابنا من حمله على ظاهره وقال يباع لأنه قد باشر الجناية فبيع فيها ومنهم من قال لا يباع لأن القاتل في الحقيقة هو المولى وإنما هو آلة كالسيف وغيره وحمل قول الشافعي C على أنه أراد إذا ثبت بالبينة أنه قتله فقال المولى أنا أمرته فقال يؤخذ منه الأرش إن كان موسرا بحكم إقراره وإن كان معسرا بيع العبد بظاهر البينة والله أعلم .
فصل : وإن جنى على العبد المرهون فالخصم في الجناية هو الراهن لأنه هو المالك للعبد ولما يجب من بدله ادعى على رجل أنه جنى عليه فأنكره ولم تكن بينة فالقول قول المدعي عليه مع يمينه فإن نكل عن اليمين ردت اليمين على الراهن فإن نكل فهل ترد اليمين على المرتهن فيه قولان بناء على القولين في المفلس إذا ردت عليه اليمين فنكل فهل ترد على الغريم فيه قولان : أحدهما لا ترد لأنه غير مدع والثاني ترد لأنه ثبت له حق فيما يثبت باليمين فهو كالمالك فإن أقر المدعي عليه أو قامت البينة عليه أو نكل و حلف الراهن أو المرتهن على أحد القولين فإن كانت الجناية موجبة للقود فالراهن بالخيار بين أن يقتص وبين أن يعفو فإن اقتص بطل الرهن وإن قال لا أقتص ولاأعفو ففيه وجهان : قال أبو علي بن أبي هريرة : للمرتهن إجباره على اختيار القصاص أو أخذ المال لأن له حقا في بدله فجاز له إجباره على تعيينه وقال أبو القاسم الداركي : إن قلنا إن الواجب بقتل العمد هو القود لم يملك إجباره لأنه إذا ملك إسقاط القصاص فلأن يملك تأخيره أولى وإن قلنا أن الواجب أحد الأمرين أجبر على التعيين لأن له حقا هو القصاص وللمرتهن حقا هو المال فلزمه التعيين وإن عفى على مال أو كانت الجناية خطأ وجب الأرش وتعلق حق المرتهن به لأن الأرش بدل عن المرهون فتعلق حق المرتهن به وإن أسقط المرتهن حقه من الوثيقة سقط لأنه لو كان الرهن باقيا فأسقط حقه منه سقط فكذلك إذا أسقط من بدله فإن أبرأ المرتهن الجاني من الأرش لم يصح إبراؤه لأنه لا يملكه فلا ينفذ إبراؤه فيه كما لو كان الراهن باقيا فوهبه وهل يبطل بهذا الإبراء حقه من الوثيقة فيه وجهان : أحدهما يبطل لأن إبراءه تضمن إبطال حقه من الوثيقة فإذا سقط الإبراء بقي ما تضمنه من إبطال الوثيقة والثاني لا يبطل لأن الذي أبطله هو الإبراء والإبراء لم يصح فلم يبطل ما نضمنه فإن أبرأه الراهن من الأرش لم يصح إبراؤه لأنه يبطل حق المرتهن من الوثيقة من غير رضاه فلم يصح كما لوكان الرهن باقيا فأراد أن يهبه فإن أبرأه ثم قضى دين المرتهن أو أبرأه المرتهن منه فهل ينفذ إبراء الراهن للجاني من الأرش فيه وجهان : أحدهما ينفذ لأن المنع منه لحق المرتهن وقد زال حق المرتهن فينفذ إبراء الراهن والثاني أنه لا ينفذ لأنا حكمنا ببطلانه فلا يجوز أن يحكم بصحته بعد الحكم ببطلانه كما لو وهب مال غيره ثم ملكه وإن أراد أن يصالحه عن الأرش على حيوان أو غيره من غير رضا المرتهن لم يجز لأن حق المرتهن يتعلق بالقيمة فلا يجوز إسقاطه إلى بدل من غير رضاه كما لو كان الراهن باقيا فأراد أن يبيعه من غير رضاه فإن رضي المرتهن بالصلح فصالح على حيوان تعلق به حق المرتهن وسلم إلى من كان عنده الرهن ليكون رهنا مكانه فإن كان مما له منفعة انفرد الراهن بمنفعته وإن كان له نماء انفرد بنمائه كما كان ينفرد بمنفعة أصل الرهن ونمائه فإن كان المرهون جارية فجنى عليها فأسقطت جنينا ميتا وجب عليه عشر قيمة الأم ويكون خارجا من الرهن لأنه بدل عن الولد والولد خارج من الرهن فكان بدله خارجا منه وإن كانت بهيمة فألقت جنينا ميتا وجب عليه ما نقص من قيمة الأم ويكون رهنا لأنه بدل عن جزء من المرهون فإن ألقته حيا ثم مات ففيه قولان : أحدهما يجب عليه قيمة الولد حيا لأنه يمكن تقويمه فيكون للراهن فإن عفى عنه صح عفوه والثاني يجب عليه أكثر الأمرين من قيمته حيا أو ما نقص من قيمة الأم فإن كان قيمته حيا أكثر وجب ذلك للراهن وصح عفوه عنه وإن كان ما نقص من قيمة الأم أكثر كان رهنا .
فصل : وإن جنى على العبد المرهون ولم يعرف الجاني فأقر رجل أنه هو الجاني فإن صدقه الراهن دون المرتهن كان الأرش له ولا حق للمرتهن فيه وإن صدقه المرتهن دون الراهن كان الأرش رهنا عنده فإن لم يقضه الراهن الدين استوفى من المرتهن حقه من الأرش فإن قضاه الدين أو أبرأه منه المرتهن رد الأرش إلى المقر .
فصل : فإن كان المرهون عصيرا صار في يد المرتهن خمرا زال ملك الراهن عنه وبطل الرهن لأنه صار محرما لا يجوز التصرف فيه فزال الملك وبطل الرهن كالحيوان إذا مات فإن تخللت عاد الملك فيه لأنه عاد مباحا يجوز التصرف فيه فعاد الملك فيه كجلد الميتة إذا دبغ ويعود رهنا لأنه عاد إلى الملك السابق وقد كان في الملك السابق رهنا فعاد رهنا فإن كان المرهون حيوانا فمات وأخذ الراهن جلده ودبغه فهل يعود الرهن ؟ فيه وجهان : قال أبوعلي ابن خيران : يعود كما لو رهنه عصيرا فصار خمرا ثم صار خلا وقال أبو إسحاق : لا يعود الرهن لأنه عاد الملك فيه بمعالجة وأمر أحدثه فلم يعد رهنا بخلاف الخمر فإنها صارت خلا بغير معنى من جهته .
فصل : وإن تلف الرهن في يد المرتهن من غير تفريط تلف من ضمان الراهن ولا يسقط من دينه شيء لما روى سعيد بن المسيب Bه قال : قضى رسول الله ( ص ) أن لا يغلق الرهن ممن رهنه ولأنه وثيقة بدين ليس يعوض منه فلم يسقط الدين بهلاكه كالضامن فإن عصب عينا ورهنها بدين ولم يعلم المرتهن وهلكت عنده من غير تفريط فهل يجوز للمالك أن يغرمه ؟ فيه وجهان : أحدهما لا يغرمه لأنه دخل على الأمانة والثاني له أن يغرمه لأنه أخذه من يد ضامنة فإن قلنا إنه يغرمه فغرمه فهل يرجع بما غرم على الراهن فيه وجهان : أحدهما يرجع لأنه غره والثاني لا يرجع لأنه حصل التلف في يده فاستقر الضمان عليه فإن بدأ وغرم الراهن فإن قلنا إن المرتهن إذا غرم رجع على الراهن لم يرجع الراهن على المرتهن بما غرمه وإن قلنا إن المرتهن إذا غرم لا يرجع على الراهن رجع عليه الراهن بما غرمه فإن رهن عند رجل عينا وقال رهنتك هذا إلى شهر فإن لم أعطك مالك فهو لك بالدين فالرهن باطل لأنه وقته والبيع باطل لأنه علقه على شرط فإن ملك العين قبل الشهر لم يضمن لأنه مقبوض بحكم الرهن فلم يضمنه كالمقبوض عن رهن صحيح وإن هلك بعد الشهر ضمنه لأنه مقبوض بحكم البيع فضمنه كالمقبوض عن بيع صحيح