وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب ما يجوز رهنه وما لا يجوز .
ما لا يجوز بيعه كالوقف وأم الولد والكلب والخنزير لا يجوز رهنه لأن المقصود من الرهن أن يباع ويستوفى الحق منه وهذا لا يوجد فيما لا يجوز بيعه فلم يصح رهنه .
فصل : وما يسرع إليه الفساد من الأطعمة والفواكه الرطبة التي لا يمكن استصلاحها يجوز رهنه بالدين الحال والمؤجل الذي يحل قبل فساده لأنه يمكن بيعه واستيفاء الحق من ثمنه فأما ما رهنه بدين مؤجل إلى وقت يفسد قبل محله فإنه ينظر فيه فإن شرط أن يبيعه إذا خاف عليه الفساد جاز رهنه وإن أطلق ففيه قولان : أحدهما لا يصح وهو الصحيح لأنه لا يمكن بيعه بالدين في محله فلم يجز رهنه كأم الولد والثاني يصح وإذا خيف عليه أجبر على بيعه ويجعل ثمنه رهنا لأن مطلق العقد يحمل على المتعارف ويصير كالمشروط والمتعارف فيما يفسد أن يباع قبل فساده فيصير كما لو شرط ذلك ولو شرط ذلك جاز رهنه فكذلك إذا أطلق فإن رهن ثمرة يسرع إليها الفساد مع الشجر ففيه طريقان : من أصحابنا من قال فيه قولان كما لو أفرده بالعقد ومنهم من قال يصح قولا واحدا لأنه تابع للشجر فإذا هلكت الثمرة بقيت الشجرة .
فصل : وإن علق عتق عبد على صفة توجد قبل محل الدين لم يجز رهنه لأنه ل ايمكن بيعه في الدين وقال أبو علي الطبري C إذا قلنا يجوز رهن ما يسرع إليه الفساد جاز رهنه وإن علق عتقه على صفة يجوز أن توجد قبل محل الدين ويجوز أن لا توجد ففيه قولان : أحدهما يصح لأن الأصل بقاء العقد وإمكان البيع ووقوع العتق قبل محل الدين مشكوك فيه فلا يمنع صحة الرهن كجواز الموت في الحيوان المرهون والثاني لا يصح لأنه قد توجد الصفة قبل محل الدين فلا يمكن بيعه وذلك غرر من غير حاجة فمنع صحة الرهن .
فصل : واختلف أصحابنا في المدبر فمنهم من قال لا يجوز رهنه قولا واحدا لأنه قد يموت المولى فجأة فيعتق فلا يمكن بيعه وذلك غرر من غير حاجة فمنع صحة الرهن ومنهم من قال يجوز قولا واحدا لأنه يجوز بيعه فجاز رهنه كالعبد القن ومنهم من قال فيه قولان بناء على القولين في أن التدبير وصية أو عتق بصفة فإن قلنا إنه وصية جاز رهنه لأنه يجوز الرجوع فيه بالقول فجعل الرهن رجوعا إن قلنا إنه عتق بصفة لم يجز رهنه لأنه لا يجوز الرجوع فيه بالقول وإنما يجوز الرجوع فيه بتصرف يزيل الملك والرهن لا يزيل الملك قال أبو إسحاق إذا قلنا إنه يصح رهنه فحل الحق وقضى سقط حكم الرهن وبقي العبد على تدبيره وإن لم يقض قيل له أترجع في الدبير فإن اختار الرجوع بيع العبد في الرهن وإن لم يختر كان له مال غيره قضي منه الدين ويبقى العبد على التدبير وإن لم يكن له مال غيره ففيه وجهان : أحدهما أنه يحكم بفساد الرهن لأنا إنما صححنا الرهن لأنا قلنا لعله يقضي الدين من غيره أو يرجع في التدبير فإذا لم يفعل حكمنا بفساد الرهن والثاني أنه يباع في الدين وهو الصحيح لأنا حكمنا بصحة الرهن ومن حكم الرهن أنه يباع في الدين وما سوى ذلك من الأموال كالعقار والحيوان وسائر ما يباع يجوز رهنه لأنه يحصل به مقصود الرهن وما جاز رهنه جاز رهن البعض منه مشاعا لأن المشاع كالمقسوم في جواز البيع فكان كالمقسوم في جواز الرهن فإن كان بين رجلين دار فرهن أحدهما نصيبه من بيت بغير إذن شريكه ففيه وجهان : أحدهما يصح كما يصح بيعه والثاني لا يصح لأن فيه إضرارا بالشريك بأن يقتسما فيقع هذا البيت في حصته فيكون بعضه رهنا .
فصل : ولا يجوز رهن مال الغير بغير إذنه لأنه لا يقدر على تسليمه ولا على بيعه في الدين فلم يجز رهنه كالطير الطائر والعبد الآبق فإن كان في يده مال لمن يرثه وهو يظن أنه حي فباعه أو رهنه ثم بان أنه قد مات قبل العقد فالمنصوص أن العقد باطل لأنه عقد وهو لاعب فلم يصح ومن أصحابنا من قال : يصح لأنه صادف ملكه فأشبه إذا عقد وهو يعلم أنه ميت .
فصل : وإن رهن مبيعا لم يقبضه نظرت فإن رهنه قبل أن ينقد ثمنه لم يصح الرهن لأنه محبوس بالثمن فلا يملك رهنه كالمرهون فإن رهنه بعد نقد الثمن ففيه وجهان : أحدهما لا يصح لأنه عقد يفتقر إلى القبض فلم يصح في المبيع قبل القبض كالبيع والثاني يصح وهو المذهب لأن الرهن لا يقتضي الضمان فجاز فيما لم يدخل في ضمانه بخلاف البيع .
فصل : وفي رهن الدين وجهان : أحدهما يجوز لأنه يجوز بيعه فجاز رهنه كالعين والثاني لا يجوز لأنه لا يدري هل يعطيه أم لا وذلك غرر من غير حاجة فمنع صحة العقد .
فصل : ولا يجوز رهن المرهون من غير إذن المرتهن لأن ما استحق بعقد لازم لا يجوز أن يعقد عليه مثله من غير إذن من له الحق كبيع ما باعه وإجارة ما أجره وهل يجوز رهنه بدين آخر عند المرتهن فيه قولان : قال في القديم يجوز وهو اختيار المزني لأنه إذا جاز أن يكون مرهونا بألف ثم يصير مرهونا بخمسمائة جاز أن يكون مرهونا بخمسمائة ثم يصير مرهونا بألف وقال في الجديد لا يجوز لأنه رهن مستحق بدين فلا يجوز رهنه بغيره كما لو رهنه عند غير المرتهن فإن جنى العبد المرهون ففداه المرتهن وشرط على الرهن أن يكون رهنا بالدين والأرش ففيه طريقان : من أصحابنا من قال هو على القولين ومنهم من قال : يصح ذلك قولا واحدا والفرق بين الأرش وبين سائر الديون أن الأرش متعلق بالرقبة فإذا رهنه به فقد علق بالرقبة ما كان متعلقا بها وغيره لم يكن متعلقا بالرقبة فلم يجز رهنه به ولأن في الرهن بالأرش مصلحة للراهن في حفظ ماله وللمرتهن في حفظ وثيقته وليس في رهنه بدين آخر مصلحة و يجوز للمصلحة ما لا يجوز لغيرها والدليل عليه أنه يجوز أن يفتدي للعبد بقيمته في الجناية ليبقى عليه وإن كان لا يجوز أن يشتري ماله بماله .
فصل : وفي رهن العبد الجاني قولان واختلف أصحابنا في موضع القولين على ثلاث طرق : فمنهم من قال القولان في العمد فأما في جناية الخطأ فلا يجوز قولا واحدا ومنهم من قال القولان في جناية الخطأ فأما في جناية العمد فيجوز قولا واحدا ومنهم من قال القولان في الجميع وقد بينا وجوههما في البيع .
فصل : و لا يجوز رهن ما لا يقدر على تسليمه كالعبد الآبق والطير الطائر لأنه لا يمكن تسليمه ولا بيعه في الدين فلم يصح رهنه .
فصل : وما لا يجوز بيعه من المجهول لا يجوز رهنه لأن الصفات مقصودة في الرهن للوفاء بالدين كما أنها مقصودة في البيع للوفاء بلا ثمن فإذا لم يجز بيع المجهول وجب أن لا يجوز رهن المجهول .
فصل : وفي رهن الثمرة قبل بدو الصلاح من غير شرط القطع قولان : أحدهما لا يصح لأنه عقد لا يصح فيما لا يقدر على تسليمه فلم يجز في الثمرة قبل بدو الصلاح من غير شرط القطع كالبيع والثاني أنه يصح لأنه إن كان بدين حال فمقتضاه أن تؤخذ لتباع فيأمن أن تهلك بالعاهة وإن كان بدين مؤجل فتلفت الثمرة لم يسقط دينه وإنما تبطل وثيقته والغرر في بطلان الوثيقة مع بقاء الدين قليل فجاز بخلاف البيع فإن العادة فيه أن يترك إلى أوان الجذاذ فلا يأمن أن يهلك بعاهة فيذهب الثمن ولا يحصل المبيع فيعظم الضرر فلم يجز من غير شرط القطع .
فصل : وإن كان له أصول تحمل في السنة مرة بعد أخرى كالتين والقثاء فرهن الحمل الظاهر فإن كان بدين يستحق فيه بيع الرهن قبل أن يحدث الحمل الثاني ويختلط به جاز لأنه يأمن الغرر بالاختلاط وإن كان بدين لا يستحق البيع فيه إلا بعد حدوث الحمل الثاني واختلاطه به نظرت فإن شرط أنه إذا خيف الاختلاط قطعه جاز لأنه منع الغرر بشرط القطع وإن لم يشترط القطع ففيه قولان : أحدهما أن العقد باطل لأنه يختلط بالمرهون غيره فلا يمكن إمضاء العقد على مقتضاه والثاني أنه صحيح لأنه يمكن الفصل عند الاختلاط بأن يسمح الراهن بترك ثمرته للمرتهن أو ينظر كم كان المرهون فيحلف عليه ويأخذ ما زاد فإذا أمكن إمضاء العقد لم يحكم ببطلانه .
فصل : و يجوز أن يرهن الجارية دون ولدها لأن الرهن لا يزيل الملك فلا يؤدي إلى التفريق بينهما فإن حل الدين ولم يقبضه بيعت الأم والولد ويقسم الثمن عليهما فما قابل الأم تعلق به حق المرتهن في قضاء دينه وما قابل الولد يكون للراهن لا يتعلق به حق المرتهن .
فصل : وفي جواز رهن المصحف وكتب الأحاديث والعبد المسلم عند الكافر طريقان : قال أبو إسحاق و القاضي أبو حامد : فيه قولان كالبيع أحدهما يبطل والثاني يصح ويجبر على تركه في يد مسلم وقال أبو علي الطبري في الإفصاح يصبح الرهن قولا واحدا ويجبر على تركه في يد مسلم ويفارق البيع بأن البيع ينتقل فيه إلى الكافر وفي الرهن المرهون باق على ملك المسلم .
فصل : فإن شرط في الرهن شرطا ينافي مقتضاه مثل أن يقول رهنتك على أن لا أسلمه أو على أن لا يباع في الدين أو على أن منفعته لك أو على أن ولده لك فالشرط باطل لقوله ( ص ) : [ كل شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل ولو كان مائة شرط ] وهل يبطل الرهن ينظر فيه فإن كان الشرط نقصانا في حق المرتهن كالشرطين الأولين فالعقد باطل لأنه يمنع المقصود فأبطله وإن كان زيادة في حق المرتهن كالشرطين الآخرين ففيه قولان : أحدهما يبطل الرهن وهو الصحيح لأنه شرط فاسد قارن العقد فأبطله كما لو شرط نقصانا في حق المرتهن والثاني أنه لا يبطل لأنه شرط جميع أحكامه وزاد فبطلت الزيادة وبقي العقد بأحكامه فإذا قلنا إن الرهن يبطل فإن كان الرهن مشروطا في بيع فهل يبطل فيه قولان : أحدهما أنه لا يبطل لأنه يجوز شرطه بعد البيع وما جاز شرطه بعد تمام العقد لم يبطل العقد بفساده كالصداق في النكاح والثاني أنه يبطل وهو الصحيح لأن الرهن يترك لأجله جزء من الثمن فإذا بطل الرهن وجب أن يضم إلى الثمن الجزء الذي ترك لأجله وذلك مجهول والمجهول إذا أضيف إلى معلوم صار الجميع مجهولا فيصير الثمن مجهولا والجهل بالثمن يفسد البيع .
فصل : و يجوز أن يجعل الرهن في يد المرتهن و يجوز أن يجعل في يد عدل لأن الحق لهما فجاز ما اتفقا عليه من ذلك فإن كان المرهون أمة لم توضع إلا عند امرأة وعنده محرم لها أو عند من له زوجة لقوله ( ص ) : [ لا يخلون أحدكم بامرأة ليست له بمحرم فإن ثالثهما الشيطان ] فإن جعل الرهن على يد عدل ثم أراد أحدهما أن ينقله إلى غيره لم يكن له ذلك لأنه حصل عند العدل برضاهما فلا يجوز لأحدهما أن ينفرد بنقله فإن اتفقا على النقل إلى غيره جاز لأن الحق لهما وقد رضيا فإن مات العدل أو اختل فاختلف الراهن والمرتهن فيمن يكون عنده أو مات المرتهن أو اختل والرهن عنده فاختلف الراهن ومن ينظر في مال المرتهن فيمن يكون الرهن عنده رفع الأمر إلى الحاكم فيجعله عند عدل فإن جعلا الرهن على يد عدلين فأراد أحد العدلين لأن يجعل الجميع في يد الآخر ففيه وجهان : أحدهما لا يجوز لأن ما جعل إلى اثنين لم يجز أن ينفرد به أحدهما كالوصية والثاني يجوز لأن في اجتماع الاثنين على حفظه مشقة فعلى هذا اتفقا على أن يكون في يد أحدهما جاز وإن تشاحا نظرت فإن كان مما لا ينقسم جعل في حرز لهما وإن كان مما ينقسم جاز أن يقتسما فيكون عند كل واحد منهما نصفه فإن اقتسما ثم سلم أحدهما حصته إلى الآخر ففيه وجهان : أحدهما يجوز لأنه لو سلم إليه قبل القسمة جاز فكذلك بعد القسمة والثاني لا يجوز لأنهما لما اقتسما صار كل واحد منهما منفردا بحصته فلا يجوز أن يسلم ذلك إلى غيره كما لو جعل في يد كل واحد منهما نصفه والله أعلم