وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

تابع باب صفة الحج والعمرة .
فصل : وإذا غربت الشمس دفع إلى المزدلفة لحديث علي كرم الله وجهه ويمشي وعليه السكينة لما روى الفضل ابن العباس Bهما أن النبي A قال للناس عشية عرفة وغداة جمع حين دفعوا [ عليكم بالسكينة ] فإذا وجد فرجة أسرع لما روى أسامة Bه أن رسول الله A كان يسير العنق فإذا وجد فجوة نص ويجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة على ما بيناه في كتاب الصلاة فإن صلى كل واحدة منهما في وقتها جاز لأن الجمع رخصة لأجل السفر فجاز له تركه ويثبت بها إلى أن يطلع الفجر الثاني لما روى جابر أن النبي A أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء واضجع حتى إذا طلع الفجر صلى الفجر وفي أي موضع من المزدلفة بات أجزأه لما روى ابن عباس Bهما أن رسول الله A قال : [ المزدلفة كلها موقف وارتفعوا عن بطن محسر ] وهل يجب المبيت بمزدلفة أم لا ؟ فيه قولان : أحدهما يجب لأنه نسك مقصود في موضع فكان واجبا كالرمي والثاني أنه سنة لأنه مبيت فكان سنة كالمبيت بمنى ليلة عرفة فإن قلنا إنه يجب وجب تركه الدم وإن قلنا أنه سنة لم يجب بتركه الدم ويستحب أن يؤخذ منها حصى جمرة العقبة لما روى الفضل بن العباس أن النبي A قال غداة يوم النحر القط لي حصى فلقطت له حصيات مثل حصى الحذف ولأن السنة إذا أتى منى لا يعرج على غير الرمي فاستحب أن يأخذ الحصى حتى لا يشغل عن الرمي وإن أخذ الحصى من غيرها جاز لأن الاسم يقع عليه ويصلي الصبح بالمزدلفة في أول الوقت وتقديمها أفضل لما روى عبد الله قال : ما رأيت رسول الله A صلى صلاة إلا لميقاتها إلا المغرب والعشاء بجمع وصلاة الفجر يومئذ قبل ميقاتها ولأنه يستحب الدعاء بعدها فاستحب تقديمها ليكثر الدعاء فإن صلى وقف على قزح وهو المشعر الحرام ويستقبل القبلة ويدعو الله تعالى لما روى جابر أن النبي A ركب القصواء حتى رقى على المشعر الحرام واستقبل القبلة فدعا الله D وكبر وهلل ووحد ولم يزل واقفا حتى أسفر جدا ثم دفع قبل أن تطلع الشمس والمستحب أن يدفع قبل طلوع الشمس لحديث جابر فإن أخر الدفع حتى طلعت الشمس كره لما روى المسور بن مخرمة أن رسول الله A قال : [ كانوا يدفعون من المشعر الحرام بعد أن تطلع الشمس على رؤوس الجبال كأنهم عمائم الرجال في وجوههم وإنا ندفع قبل أن تطلع الشمس ليخالف هدينا هدي أهل الأوثان والشرك ] فإن قدم الدفع بعد نصف الليل وقبل طلوع الفجر جاز لما روت عائشة Bها أن سودة Bها كانت امرأة ثبطة فاستأذنت سول الله A في تعجيل الإفاضة ليلا في ليلة المزدلفة فإذن لها والمستحب إذا دفع من المزدلفة أن يمشي وعليه السكينة لما ذكرناه من حديث الفضل بن العباس وإذا وجد فرجة أسرع كما يفعل في الدفع من عرفة والمستحب إذا بلغ وادي محسر أن يسرع إن كان ماشيا ويحرك دابته إذا كان راكبا بقدر رمية حجر لما روى جابر أن النبي A حرك قليلا في وادي محسر .
فصل : وإذا أتى منى بدأ برمي مرة العقبة وهو من واجبات الحج لما روي أن النبي A رمى وقال خذوا عني مناسككم والمستحب أن لا يرمي إلا بعد طلوع الشمس لما روى ابن عباس Bهما أن النبي A بعث بضعفة أهله فأمرهم أن لا يرموا الجمرة حتى تطلع الشمس وإن رمى بعد نصف الليل وقبل طلوع الفجر أجزأه لما روت عائشة Bها أن النبي A أرسل أم سلمة Bها يوم النحر فرمت قبل الفجر ثم أفاضت وكان ذلك اليوم الذي يكون رسول الله A عندها والمستحب أن يرمي من بطن الوادي وأن يكون راكبا وأن يكبر مع كل حصاة لما روت أم سليم Bها قالت : رأيت رسول الله A يرمي الجمرة من بطن الوادي وهو راكب وهو يكبر مع كل حصاة والمستحب أن يرفع يده حتى يرى بياض إبطه لأن ذلك أعون على الرمي ويقطع التلبية مع أول حصاة لما روى الفضل بن عباس أن النبي A جعل يلبي حتى رمى حتى رمى جمرة العقبة ولأن التلبية للإحرام فإذا رمى فقد شرع في التحلل فلا معنى للتلبية ولا يجوز الرمي إلا بالحجر فإن رمى بغيره من مدر أو حذف لم يجزه لأنه لا يقع عليه اسم الحجر والمستحب أن يرمي بمثل حصى الخذف وهو بقدر الباقلا لما روى الفضل بن العباس أن النبي A قال عشية عرفة وغداة جمع للناس حين دفعوا : عليكم بمثل حصى الخذف فإن رمى بحجر كبير أجزأه لأنه يقع عليه اسم الحجر ولا يرمي بحجر قد رمى به لأن ما قبل منها يرفع ومالا يقبل منها يترك والدليل عليه ما روى أبو سعيد قال : قلنا يا رسول الله : إن هذه الجمار ترمى كل عام فنحسب أنها تنقص قال : أما إنه ما يقبل منها يرفع ولولا ذلك لرأيتها مثل الجبال فإن رمى بما رمى به أجزأه لأنه يقع عليه الاسم ويجب أن يرمي فإن أخذ الحصاة وتركها في المرمى لم يجزه لأنه لم يرم ويجب أن يرميها واحدة واحدة لأن النبي A رمى واحدة واحدة وقال خذوا عني مناسككم ويجب أن يقصد بالرمي إلى المرمى فإن رمى حصاة في الهواء فوقع في المرمى لم يجزه لأنه لم يقصد الرمي إلى المرمى وإن رمى حصاة فوقعت على الأخرى ووقعت الثانية في المرمى لم يجزه لأنه لم يقصد رمي الثانية وإن رمى حصاة فوقعت على محمل أو أرض فازدلفت ووقعت على المرمى أجزأه لأنه حصل في المرمى بفعله وإن رمى فوق المرمى فتدحرج لتصويب المكان الذي أصابه فوقع في المرمى ففيه وجهان : أحدهما أنه يجزئه لأنه لم يوجد في حصوله في المرمى فعل غيره والثاني لا يجزئه لأنه لم يقع في المرمى بفعله وإنما أعان عليه تصويب المكان فصار كما لو وقع في ثوب رجل فنفضه حتى وقع في المرمى .
فصل : وإذا فرغ من الرمي ذبح هديا إذا كان معه لما روى جابر أن رسول الله A رمى بسبع حصيات من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر فنحر ويجوز النحر في جميع منى لما روى جابر أن رسول الله A قال : مى كلها منحر .
فصل : ثم يحلق لما روى أنس قال : لما رمى رسول الله A الجمرة وفرغ من نسكه ناول الحالق شكه الأيمن فحلقه ثم أعطاه شقه الأيسر فحلقه فإن لم يحلق وقصر جاز لما روى جابر أن النبي A أمر أصحابه أن يحلقوا أو يقصروا والحلق افضل لما روى ابن عمر قال قال رسول اله [ رحم الله المحلقين ] قالوا : يا رسول الله والمقصرين قال : رحمن الله المحلقين قالوا يا رسول الله والمقصرين قال في الرابعة والمقصرين وأقل ما يحلق ثلاث شعرات لأنه يقع عليه اسم الجمع المطلق فأشبهه الجميع والأفضل أن يحلق الجميع لحديث أنس وإن كان أصلع فالمستحب أن يمر الموسى على رأسه لما روي عن ابن عمر Bه أنه قال في الأصلع يمر الموسى على رأسه ولا يجب ذلك لأنه قربة تتعلق بمحل فسقطت بفواته كغسل اليد إذا قطعت وإن كانت امرأة قصرت ولم تحلق لما روى ابن عباس Bهما أن النبي A قال : ليس على النساء حلق إنما على النساء تقصير ولأن الحلق في النساء مثلة فلم يفعل وهل الحلاق نسك أو استباحة محظور ؟ فيه قولان : أحدهما : أنه ليس بنسك لأنه محرم في الإحرام فلم يكن نسكا كالطيب والثاني أنه نسك وهو الصحيح لقوله A : [ رحم الله المحلقين ] فإن حلق قبل الذبح جاز لما روى عبد الله بن عمر قال : وقف رسول الله A في حجة الوداع بمنى فجاءه رجل فقال : يا رسول الله لم أشعر فحلقت رأسي قبل أن أذبح فقال اذبح ولا حرج فجاء آخر فقال : يا رسول الله لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي فقال : [ إرم ولا حرج ] فما سئل عن شيء قدم أو أخر إلا قال إفعل ولا حرج فإن حلق قبل الرمي فإن قلنا إن الحلق نسك جاز لما روى ابن عباس قال : سئل رسول الله A عن رجل حلق قبل أن يذبح أو قبل أن يرمي يقول : [ لا حرج لا حرج ] وإن قلنا إنه استباحة محظور لم يجز لأنه فعل محظور فلم يجز قبل الرمي من غير عذر كالطيب .
فصل : والسنة أن يخطب الإمام يوم النحر بمنى وهي أحد الخطب الأربع ويعلم الناس الإفاضة والرمي وغيرهما من المناسك لما روى ابن عمر Bهما قال : خطبنا رسول الله A بمنى يوم النحر بعد رميه الجمرة فكان في خطبته : [ إن هذا يوم الحج الأكبر ] ولأن في هذا اليوم وما بعده مناسك تحتاج إلى العلم بها فسن فيه الخطبة لذلك .
فصل : ثم يفيض إلى مكة ويطوف طواف الإفاضة ويسمى طواف الزيارة لما روى جابر Bه أن النبي A رمى الجمرة ثم ركب فأفاض إلى البيت وهذا الطواف ركن من أركان الحج لا يتم الحج إلا به والأصل فيه قوله D { وليطوفوا بالبيت العتيق } [ الحج : 29 ] وروت عائشة أن صفية Bهما حاضت فقال A : [ أحابستنا هي ] ؟ فقلت يا رسول الله إنها قد أفاضت فقال : [ فلا إذا ] فدل على أنه لابد من فعله وأول وقته إذا انتصفت ليلة النحر لما روت عائشة Bها أن النبي A أرسل أم سلمة Bها يوم النحر فرمت قبل الفجر ثم أفاضت والمستحب أن يطوف يوم النحر لأن النبي A طاف يوم النحر فإن أخره إلى بعده وطاف جاز لأنه أتى به بعد دخول الوقت .
فصل : وإذا رمى وحلق وطاف حصل له التحلل الأول والثاني وبأي شيء حصل التحلل ؟ إن قلنا إن الحلق نسك حصل له التحلل الأول باثنتين من ثلاثة وهي الرمي والحلق والطواف وحصل له الخلل الثاني بالثالث وإن قلنا إن الحلق ليس بنسك حصل له التحلل الأول بواحد من اثنين الرمي والطواف وحصل له التحلل الثاني بالثاني وقال أبو سعيد الاصطخري : إذا دخل وقت الرمي حصل له التحلل الأول وإن لم يرم كما إذا فات وقت الرمي حصل له التحلل الأول وإن لم يرم والمذهب الأول لما روت عائشة Bها أن النبي A قال : [ إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم الطيب واللباس وكل شيء إلا النساء ] فعلق التحلل بفعل الرمي ولأن ما تعلق به التحلل لم يتعلق بدخول وقته كالطواف ويخالف إذا فات فإن بفوات الوقت يسقط فرض الرمي كما يسقط بفعله وبدخول الوقت لا يسقط الفرض فلم يحصل به التحلل وفيما يحل بالتحلل الأول والثاني قولان : أحدهما وهو الصحيح أنه يحل بالأول جميع المحظورات إلا الوطء وبالثاني يحل الوطء لحديث عائشة Bها والقول الثاني أنه يحل بالأول كل شيء إلا الطيب والنكاح والاستمتاع بالنساء وقتل الصيد لما روى مكحول عن عمر Bه أنه قال : إذا رميتم الجمرة فقد أحل لكم كل شيء إلا الطيب والنساء والصيد والصحيح هو الأول لأن حديث عمر مرسل ولأن السنة مقدمة عليه هذا إذا كان قد سعى عقيب طواف القدوم فأما إذا لم يسع وقف التحلل على الطواف والسعي لأن السعي ركن كالطواف .
فصل : وإذا فرغ من الطواف رجع إلى منى وأقام بها أيام التشريق يرمي في كل يوم الجمرات الثلاث كل جمرة بسبع حصيات فيرمي الجمرة الأولى وهي التي مسجد الخيف ويقف قدر سورة البقرة يدعو الله D ثم يرمي الجمرة الوسطى ويقف ويدعو كما ذكرناه ثم يرمي الجمرة الثالثة وهي جمرة العقبة ولا يقف عندها لما روت عائشة Bها أن النبي A أقام بمكة حتى صلى الظهر ثم رجع إلى منى فأقام بها أيام التشريق الثلاث يرمي الجمار فيرمي الجمرة الأولى إذا زالت الشمس بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ثم يقف ويدعو ثم يأتي الجمرة الثانية فيقول مثل ذلك ثم يأتي جمرة العقبة فيرميها ولا يقف عندها ولا يجوز أن يرمي الجمار في هذه الأيام الثلاثة إلا مرتبا بالأولى ثم بالوسطى ثم بجمرة العقبة لأن النبي A رمى هكذا وقال : [ خذوا عني منسككم ] فإن نسي حصاة ولم يعلم من أي الجمار تركها جعلها من الجمرة الأولى ليسقط الفرض بيقين ولا يجوز الرمي في هذه الأيام الثلاثة إلا بعد الزوال لأن عائشة Bها قالت : أقام رسول الله A أيام التشريق الثلاثة يرمي الجمار الثلاث حين تزول الشمس فإن ترك الرمي في اليوم الثالث سقط الرمي لأنه فات أيام الرمي ويجب عليه دم لقوله A : [ من ترك نسكا فعليه دم ] فإن ترك الرمي في اليوم الأول إلى اليوم الثاني أو ترك الرمي في اليوم الثاني إلى الثالث فالمشهور من المذهب أن الأيام الثلاثة كاليوم الواحد فما ترك في الأول يرميه في اليوم الثاني وما تركه في اليوم الثاني يرميه في اليوم الثالث والدليل عليه أنه يجوز لرعاة الإبل أن يؤخروا رمي يوم إلى يوم بعده فلو لم يكن اليوم الثاني وقتا لرمي اليوم الأول لما جاز الرمي فيه وقال في الإملاء : رمي كل يوم مؤقت بيومه والدليل عليه أنه رمي مشروع في يوم ففات بفواته كرمي اليوم الثالث فإن تدارك عليه رمي يومين أو ثلاثة أيام فإن قلنا بالمشهور بدأ ورمي عن اليوم الأول ثم عن اليوم الثاني ثم عن اليوم الثالث فإن نوى بالرمي الأول عن اليوم الثاني ففيه وجهان : أحدهما أنه لا يجزئه لأنه ترك الترتيب والثاني أنه يجزئه عن الأول لأن الرمي مستحق عن اليوم الأول فانصرف إليه كما لو طاف بنية الوداع وعليه طواف الفرض وإن قلنا بقوله في الإملاء إن رمي كل يوم موقت بيومه وفات اليوم ولم يرم ففيه ثلاثة أقوال : أحدها أن الرمي يسقط وينتقل إلى الدم كاليوم الخير والثاني أنه يرمي ويريق دما للتأخير كما لو أخر قضاء رمضان حتى أدركه رمضان آخر فإنه يصوم ويفدي والثالث أنه يرمي ولا شيء عليه كما لو ترك الوقوف بالنهار فإنه يقف بالليل ولا دم عليه فعلى هذا إذا رمى عن اليوم الثاني قبل اليوم الأول جاز لأنه قضاء فلا يجب فيه الترتيب كصلوات الفائتة وأما إذا نسي رمي يوم النحر ففيه طريقان : من أصحابنا من قال هو كرمي أيام التشريق فيرمي رمى يوم النحر في أيام التشريق وتكون أيام التشريق وقتا له وعلى قوله في الإملاء يكون على الأقوال الثلاثة ومن أصحابنا من قال يسقط رمي يوم النحر قولا واحدا لأنه خالف رمي أيام التشريق في المقدار والمحل خالفه في الوقت ومن ترك رمي الجمار الثلاث في يوم لزمه دم لقوله A : [ من ترك نسكا فعليه دم ] فإن ترك ثلاث حصيات فعليه دم لأنه يقع عليه اسم الجمع المطلق فصار كما لو ترك الجميع وإن ترك حصاة ففيه ثلاثة أقوال : أحدها يجب عليه ثلث دم والثاني مد والثالث درهم وإن ترك حصاتين لزمه في أحد الأقوال ثلثا دم وفي الثاني مدان وفي الثالث درهمان وإن ترك الرمي في أيام التشريق وقلنا بالقول المشهور إن الأيام كاليوم الواحد لزمه دم كاليوم الواحد فإن قلنا بقوله في الإملاء إن رمي كل يوم موقت لزمه ثلاثة دماء وإن ترك رمي يوم النحر وأيام التشريق فإن قلنا إن رمي يوم النحر كرمي أيام التشريق لزمه على القول المشهور دم واحد وإن قلنا إنه ينفرد عن رمي أيام التشريق فإن قلنا إن رمي أيام التشريق كرمي اليوم الواحد لزمه دمان وإن قلنا إن رمي كل يوم موقت بيومه لزمه أربعة دماء .
فصل : ومن عجز عن الرمي بنفسه لمرض مأيوس منه أو غير مأيوس جاز أن يستنيب من يرمي عنه لأن وقته ضيق وربما فات قبل أن يرمي بخلاف الحج فإنه على التراخي فلا يجوز لغير المأيوس أن يستنيب لأنه قد يبرأ فيؤديه بنفسه والأفضل أن يضع كل حصاة في يد النائب ويكبر ويرمي النائب فإن رمى عنه النائب ثم بريء من المرض فالمستحب أن يعيد بنفسه وإن أغمي عليه فرمى عنه غيره فإن كان بغير إذنه لم يجزه وإن كان قد أذن له فيه قبل أن يغمى عليه جاز .
فصل : ويبيت بمنى ليال الرمي لأن النبي A فعل ذلك وهل يجب ذلك أو يستحب ؟ فيه قولان : أحدهما أنه مستحب لأنه مبيت فلم يجب كالمبيت ليلة عرفة والثاني أنه يجب لأن النبي A رخص للعباس في ترك المبيت لأجل السقاية فدل على أنه لا يجوز لغيره تركه فإن قلنا إنه يستحب لم يجب بتركه الدم وإن قلنا يجب وجب بتركه الدم فعلى هذا إذا ترك المبيت في الليالي الثلاث وجب عليه دم وإن ترك ليلة ففيه ثلاثة أقوال على ما ذكرناه في الحصاة .
فصل : ويجوز لرعاة الإبل وأهل سقاية العباس Bه أن يدعو المبيت ليالي منى ويرموا يوما ويدعوا يوما ثم يرموا ما فاتهم والدليل عليه ما روى ابن عمر أن النبي A رخص للعباس أن يبيت بمكة ليلة منى من أجل سقايته وروى عاصم بن عدي أن النبي A رخص لرعاة الإبل في ترك البيتوتة يرمون يوم النحر ثم يرمون يوم النفر فإن أقام الرعاة إلى أن تغرب الشمس لم يجز لهم ترك المبيت وإن أقام أهل السقاية إلى أن تغرب الشمس جاز لهم ترك المبيت لأن حاجة أهل السقاية بالليل موجودة وحاجة الرعاة لا تكون بالليل لأن الراعي لا يكون بالليل ومن أبق له عبد ومضى في طلبه أو خاف أمرا يفوته ففيه وجهان : أحدهما أنه لا يجوز له ما يجوز للرعاة وأهل سقاية العباس لأن النبي A رخص للرعي وأهل السقاية والثاني أنه يجوز لأنه صاحب عذر فأشبه الرعاة وأهل السقاية .
فصل : والسنة أن يخطب الإمام يوم النفر الأول وهو اليوم الأوسط من أيام التشريق وهي إحدى الخطب الأربع ويودع الحاج ويعلمهم جواز النفر ولأنه يحتاج فيه إلى بيان من يجوز له النفر ومن لا يجوز ومن أراد أن ينفر مع النفر الأول فنفر في اليوم الثاني من أيام التشريق قبل غروب الشمس سقط عنه الرمي في اليوم الثالث ومن لم ينفر حتى غربت الشمس لزمه أن يقيم حتى يرمي في اليوم الثالث لقوله D : { فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه } [ البقرة : 203 ] وإن نفر قبل الغروب ثم عاد زائرا أو ليأخذ شيئا نسيه لم يلزمه المبيت لأنه حصلت له الرخصة بالغفر فإن بات لم يلزمه أن يرمي لأنه لم يلزمه المبيت فلا يلزمه الرمي ويستحب إذا خرج من منى أن ينزل بالمحصب لما روى أنس أن رسول الله A صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء ورقد رقدة بالمحصب ثم ركب إلى البيت فطاف به فإن ترك النزول بالمحصب لم يؤثر ذلك في نسكه لما روي عن ابن عباس Bهما أنه قال : المحصب ليس بشيء إنما هو منزل نزله رسول الله A وقالت عائشة Bها : نزول المحصب ليس من النسك إنما هو منزل نزله رسول الله A .
فصل : إذا فرغ من الحج فأراد المقام لم يكلف طواف الوداع فإن أراد الخروج طاف للوداع وصلى ركعتي الطواف للوداع وهل يجب طواف الوداع أم لا ؟ فيه قولان : أحدهما أنه يجب لما روى ابن عباس Bهما أن النبي A قال : [ لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت ] والثاني لا يجب لأنه لو وجب لم يجز للحائض تركه فإن قلنا إنه واجب وجب بتركه الدم لقوله A : [ من ترك نسكا فعليه دم ] وإن قلنا لا يجب لم يجب بتركه دم لأنه سنة فلا يجب بتركه دم كسائر سنن الحج وإن طاف الوداع ثم أقام لم يعتد بعد طوافه عن الوداع لأنه لا توديع مع المقام فإذا أراد أن يخرج أعاد طواف الوداع وإن طاف ثم صلى في طريقه أو اشترى زادا لم يعد الطواف لأنه لا يصير بذلك مقيما وإن نسي الطواف وخرج ثم ذكر فإن قلنا إنه واجب نظرت فإن كان من مكة على مسافة تقصر فيها الصلاة استقر عليه دم فإن عاد وطاف لم يسقط الدم لأن الطواف الثاني للخروج الثاني فلا يجزئه عن الخروج الأول فإن ذكر وهو على مسافة لا تقصر فيها الصلاة فعاد وطاف سقط عنه الدم لأنه في حكم المقيم ويجوز للحائض أن تنفر بلا وداع لما روي عن ابن عباس Bهما أنه قال : أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه قد خفف عن المرأة الحائض فإن نفرت الحائض ثم طهرت فإن كانت في بنيان مكة عادت وطافت وإن خرجت من البنيان لم يلزمها الطواف فإذا فرغ من طواف الوداع فالمستحب أن يقف في الملتزم وهو ما بين الركن والباب فيدعو ويقول : اللهم إن البيت بيتك والعبد عبدك وابن عبدك وابن أمتك حملتني على ما سخرت لي من خلقك حتى سيرتني في بلادك وبلغتني بنعمتك حتى أعنتني على قضاء مناسكك فإن كنت رضيت عني فازدد عني رضى وإلا فمن الآن قبل أن ينأى عن بيتك داري هذا أوان انصرافي إن أذنت لي غير مستبدل بك ولا ببيتك ولا راغب عنك ولا عن بيتك اللهم أصحبني العافية في بدني والعصمة في ديني وأحسن منقلبي وارزقني طاعتك ما أبقيتني فإنه قد روي ذلك عن بعض السلف ولأنه دعاء يليق بالحال ثم يصلي على النبي A .
فصل : وإن كان محرما بالعمرة وحدها وأراد دخول مكة فعلى ما ذكرناه في الدخول للحج فإذا دخل مكة طاف وسعى وحلق وذلك جميع أفعال العمرة والدليل عليه ما روت عائشة Bها قالت : خرجنا مع رسول الله A فمنا من أهل بالحج ومنا من أهل بالعمرة ومنا من أهل بالحج والعمرة وأهل رسول الله A بالحج فأما من أهل بالعمرة فأحلوا حين طافوا بالبيت وبين الصفا والمروة وأما من أهل بالحج والعمرة فلم يحلوا إلا يوم النحر فإن كان قارنا بين الحج والعمرة فعل ما يفعله المفرد بالحج فيقتصر على طواف واحد وسعي واحد والدليل عليه ما روي أن النبي A قال : من جمع بين الحج والعمرة كفاه لهما طواف واحد وسعي واحد ولأنه يدخل فيهما بتلبية واحدة ويخرج منهما بحلاق واحد فوجب أن يطوف لهما طوافا واحدا ويسعى لهما سعيا واحدا كالمفرد بالحج .
فصل : وأركان الحج أربعة : الإحرام والوقوف بعرفة وطواف الزيارة والسعي بين الصفا والمروة وواجباته الإحرام من الميقات والرمي والوقوف بعرفة إلى أن تغرب الشمس والمبيت بمزدلفة والمبيت بمنى في ليالي الرمي وفي طواف الوداع قولان : أحدهما أنه واجب والثاني أنه ليس بواجب وسنته الغسل وطواف القدوم والرمل والاضطباع في الطواف والسعي واستلام الركن وتقبيله والسعي في موضع السعي والمشي في موضع المشي والخطب والأذكار والأدعية وأفعال العمرة كلها أركان إلا الحلق فمن ترك ركنا لم يتم نسكه ولم يتحلل حتى يأتي به ومن ترك واجبا لزمه الدم ومن ترك سنة لم يلزمه شيء .
فصل : ويستحب دخول البيت لما روى ابن عباس Bهما قال : قال رسول الله A : [ من دخل البيت دخل في حسنة وخرج من سيئة مغفورا له ] ويستحب أن يصلي فيه لما روى ابن عمر Bهما قال : سمعت رسول الله A يقول : [ صلاة في مسجدي هذا تعدل ألف صلاة في غيره من المساجد إلا المسجد الحرام فإنه أفضل بمائة صلاة ] ويستحب أن يشرب من ماء زمزم لما روي أن النبي A قال : [ ماء زمزم لما شرب له ] .
فصل : ويستحب إذا خرج من مكة أن يخرج من أسفلها لما روت عائشة Bها أن النبي A لما جاء إلى مكة من أعلاها وخرج من أسفلها قال أبو عبد الله الزبيري : ويخرج وبصره إلى البيت حتى يكون آخر عهده بالبيت .
فصل : ويستحب زيارة قبر رسول الله A لما روى ابن عمر Bهما أن النبي A قال : [ من زار قبري وجبت له شفاعتي ] ويستحب أن يصلي في مسجد رسول الله A لقوله A : [ صلاة في مسجدي هذا تعدل ألف صلاة في غيره من المساجد ] وبالله التوفيق