وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

تابع كتاب الصايام .
فصل : ولا فرق بين أن يأكل ما يؤكل أو ما لا يؤكل فان استف ترابا وابتلع حصاة أو درهما أو دينارا بطل صومه لأن الصوم هو الإمساك عن كل ما يصل إلى الجوف وهذا ما أمسك ولهذا يقال : فلان يأكل الطين ويأكل الحجر ولأنه إذا بطل الصوم بما يصل إلى الجوف مما ليس يؤكل كالسعوط والحقنة وجب أيضا أن يبطل بما يصل مما ليس بمأكول وإن قلع ما بقي بين أسنانه بلسانه وابتلعه بطل صومه وإن جمع في فيه ريقا كثيرا فابتلعه ففيه وجهان : أحدهما أنه يبطل صومه لأنه ابتلع ما يمكنه الاحتراز منه مما لا حاجة به إليه فأشبه إذا قلع ما بين أسنانه وابتلعه والثاني لا يبطل لأنه وصل إلى جوفه من معدنه فأشبه ما يبتلعه من ريقه على عادته فإن أخرج البلغم من صدره ثم ابتلعه أو جذبه من رأسه ثم ابتلعه بطل صومه وإن استقاء بطل صومه لما روى أبو هريرة Bه أن النبي A قال : [ من استقاء فعليه القضاء ومن ذرعه القيء فلا قضاء عليه ] ولأن القيء إذا صعد ثم تردد فرجع بعضه إلى الجوف فيصير كطعام ابتلعه .
فصل : ويحرم عليه المباشرة في الفرج لقوله D { فالآن باشروهن } إلى قوله تعالى { ثم أتموا الصيام إلى الليل } فإن باشرها في الفرج بطل صومه لأنه أحد ما ينافي الصوم فهو كالأكل وإن باشرها فيما دون الفرج فأنزل أو قبل فأنزل بطل صومه وإن لم ينزل لم يبطل صومه لما روى جابر قال : قبلت وأنا صائم ثم أتيت النبي A فقلت : قبلت وأنا الصائم ؟ فقال : أرأيت لو تمضمضت وأنت صائم فشبه القبلة بالمضمضة وقد ثبت إذاتمضمض فوصل الماء إلى جوفه أفطر وإن لم يصل لم يفطر فدل على أن القبلة مثلها وإن جامع قبل طلوع الفجر فأخرج مع الطلوع وأنزل لم يبطل صومه لأن الإنزال تولد من مباشرة وهو مضطر إليها فلم يبطل الصوم وإن نظر وتلذذ فأنزل لم يبطل صومه لأنه إنزال من غير مباشرة فلم يبطل الصوم كما لو نام فاحتلم وإن استمنى فأنزل بطل صومه لأنه إنزال عن مباشرة فهو كالإنزال عن القبلة ولأن الاستمناء كالمباشرة فيما دون الفرج من الأجنبية في الإثم والتعزير فكذلك في الإفطار .
فصل : وإن فعل ذلك كله ناسيا لم يبطل صومه لما روى أبو هريرة Bه أن النبي A قال : [ من أكل ناسيا أو شرب ناسيا فلا يفطر فإنما هو رزق رزقه الله تعالى ] فنص على الأكل والشرب وقسنا عليهما كل ما يبطل الصوم من الجماع وغيره فإن فعل ذلك وهو جاهل بتحريمه لم يبطل صومه لأنه يجهل تحريمه فهو كالناسي وإن فعل ذلك به بغير اختياره بأن أوجر الطعام في حلقه مكرها لم يبطل صومه وإن شد امرأته ووطئها وهي مكرهة لم يبطل صومها وإن استدخلت المرأة ذكر رجل وهو نائم لم يبطل صومه لحديت أبي هريرة Bه ومن ذرعه القيء فلا قضاء عليه فدل على أن كل ما حصل بغير اختياره لم يجب به القضاء ولأن النبي A أضاف أكل الناسي إلى الله تعالى فأسقط به القضاء فدل على أن كل ما حصل بغير فعله لا يوجب القضاء وإن أكره حتى أكل بنفسه أو أكرهت المرأة حتى مكنت من الوطء فوطئها ففيه قولان : أحدهما يبطل الصوم لأنه فعل ما ينافي الصوم لدفع الضرر وهو ذاكر للصوم فبطل صومه كما لو أكل لخوف المرض أو شرب لدفع العطش والثاني لا يبطل لأنه وصل إلى جوفه بغير اختياره فأشبه إذا أوجر في حلقه وإن تمضمض أو استنشق فوصل الماء إلى جوفه أو دماغه فقد نص فيه على قولين : فمن أصحابنا من قال القولان إذا لم يبالغ فأما إذا بالغ بطل صومه قولا واحدا وهو الصحيح لأن النبي A قال للقيط بن صبرة [ إذا استنشقت فبالغ في الوضوء إلا أن تكون صائما ] فنهاه عن المبالغة فلو لم يكن وصول الماء في المبالغة يبطل الصوم لم يكن للنهي عن المبالغة معنى ولأن المبالغة منهي عنها في الصوم وما تولد من سبب منهي عنه فهو كالمباشرة والدليل عليه أنه إذا جرح إنسانا فمات جعل كأنه باشر قتله ومن أصحابنا من قال : هي على قولين بالغ أو يبالغ أحدهما أنه يبطل صومه لقوله A لمن قبل وهو صائم : [ أرأيت لو تمضمضت ] فشبه القبلة بالمضمضة وإذا قبل وأنزل بطل صومه فكذلك إذا تمضمض فنزل الماء إلى جوفه وجب أن يبطل صومه والثاني لا يبطل لأنه وصل إلى جوفه بغير اختياره فلم يبطل صومه كغبار الطريق وغربلة الدقيق وإن أكل أو جامع وهو يظن أن الفجر لم يطلع وكان قد طلع أو يظن أن الشمس قد غربت ولم تكن غربت لزمه القضاء لما روى حنظلة قال : كنا في المدينة في شهر رمضان وفي السماء شيء من السحاب فظننا أن الشمس قد غربت فأفطر بعض الناس فأمر عمر Bه من كان أفطر أن يصوم يوما مكانه ولأنه مفرط لأنه كان يمكنه أن يمسك إلى أن يعلم فلم يعذر .
فصل : ومن أفطر في رمضان بغير جماع من غير عذر وجب عليه القضاء لقوله A : [ من استقاء فعليه القضاء ] ولأن الله تعالى أوجب القضاء على المريض والمسافر مع وجود العذر فلأن يجب مع عدم العذر أولى ويجب عليه إمساك بقية النهار لأنه أفطر بغير عذر فلزمه إمساك بقية النهار ولا تجب عليه الكفارة لأن الأصل عدم الكفارة إلا فيما ورد به الشرع وقد ورد الشرع بإيجاب الكفارة في الجماع وما سواه ليس في معناه لأن الجماع أغلظ ولهذا يجب به الحد في ملك الغير ولا يجب فيما سواه فبقي على الأصل وإن بلغ ذلك السلطان عذره لأنه محرم ليس فيه حد ولا كفارة فثبت فيه التعزيز كالمباشرة فيما دون الفرج من الأجنبية .
فصل : وإن أفطر بالجماع من غير عذر وجب عليه القضاء لما روى أبو هريرة Bه أن النبي A أمر الذي واقع أهله في رمضان بقضائه ولأنه إذا وجب فالقضاء على المريض والمسافر وهما معذوران فعلى المجامع أولى ويجب عليه إمساك بقية النهار لأنه أفطر بغير عذر وفي الكفارة ثلاثة أقوال : أحدها يجب على الرجل دون المرأة لأنه حق مال يختص بالجماع فاختص به الرجل دون المرأة كالمهر والثاني يجب على كل واحد منهما كفارة لأنه عقوبة تتعلق بالجماع فاستوى فيها الرجل والمرأة كحد الزنا والثالث يجب عليه عنه وعنها كفارة لأن الأعرابي سأل النبي A عن فعل مشترك بينه وبينها فأوجب عتق رقبة فدل على أن ذلك عنه وعنها .
فصل : والكفارة عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا والدليل عليه ما روى أبو هريرة Bه [ أن النبي A أمر الذي وقع على امرأته في يوم من شهر رمضان أن يعتق رقبة قال لا أجد قال : صم شهرين متتابعين قال : لا أستطيع قال : اطعم ستين مسكينا قال : لا أجد فأتى النبي A بعرق من تمر فيه خمسة عشر صاعا قال : خذه وتصدق به قال : على أفقر من أهلي والله ما بين لابتي المدينة أحوج من أهلي فضحك النبي A حتى بدت نواجذه قال : خذه واستغفر الله تعالى وأطعم أهلك ] فإن قلنا يجب على كل واحد منهما كفارة اعتبر حال كل واحد منهما بنفسه فمن كان من أهل العتق أعتق ومن كان من أهل الصوم صام ومن كان من أهل الإطعام أطعم كرجلين أفطرا بالجماع فإن قلنا يجب عليه كفارة عنه وعنها اعتبر حالهما فإن كانا من أهل العتق أعتق وإن كانا من أهل الإطعام أطعم وإن كانا من أهل الصيام وجب على كل واحد منهما صوم شهرين متتابعين لأن الصوم لا يتحمل وإن اختلف حالهما نظرت فإن كان الرجل من أهل العتق وهي من أهل الصوم أعتق رقبة ويجزيء عنهما لأن من فرضه الصوم إذا أعتق أجزأه وكان ذلك أفضل من الصوم وإن كان من أهل الصوم وهي من أهل الإطعام لزمه أن يصوم شهرين ويطعم عنها ستين مسكينا لأن النيابة تصح في الإطعام وإنما أوجبنا كفارتين لأن الكفارة لا تتبعض فوجب تكميل نصف كل واحدة منهما وإن كان الرجل من أهل الصوم وهي من أهل العتق صام عن نفسه شهرين وأعتق عنها رقبة وإن كان من أهل الإطعام وهي من أهل الصوم أطعم عن نفسه ولم يصم عنها لأن الصوم لا تدخله النيابة وإن كانت المرأة أمة وقلنا إن الأمة لا تملك المال فهي من أهل الصوم ولا يجزيء عنها عتق فإن قلنا إنها تملك المال أجزأ عنها العتق كالحرة والمعسرة وإن قدم الرجل من السفر وهو مفطر وهي صائمة فقالت أنا مفطرة فوطئها فإن قلنا إن الكفارة عليه لم يلزمه ولم يلزمها وإن قلنا إن الكفارة عنه وعنها وجب عليها الكفارة في مالها لأنها غرته بقولها إني مفطرة وإن أخبرته بصومها فوطئها وهي مطاوعة فإن قلنا إن الكفارة عنه دونها لم يجب عليه شيء وإن قلنا إن الكفارة عنه وعنها لزمه أن يكفر عنها إن كانت من أهل العتق أو الإطعام وإن كانت من أهل الصيام لزمها أن تصوم وإن وطيء المجنون زوجته وهي صائمة مختارة فإن قلنا إن الكفارة عنه دونها لم تجب وإن قلنا تجب عنه وعنها فهل يتحمل الزوج ؟ فيه وجهان : قال أبو العباس لا يتحمل لا فعل له وقال أبو إسحاق يتحمل لأنها وجبت بوطئه والوطء كالجناية وجناية المجنون مضمونة في ماله وإن كان الزوج نائما فاستدخلت المرأة ذكره فإن قلنا الكفارة عنه دونها فلا شيء عليه وإن قلنا عنهما لم يلزمه كفارة لأنه لم يفطر ويجب عليها أن تكفر ولا يتحمل الزوج لأنه لم يكن من جهته فعل وإن زنى بها في رمضان فإن قلنا إن الكفارة عنه دونها وجبت عليه كفارة وإن قلنا عنه وعنها وجب عليهما كفارتان ولا يتحمل الرجل كفارتهما لأن الكفارة إنما تتحمل بالملك ولا ملك ههنا .
فصل : وإن جامع في يومين أو في أيام لكل يوم كفارة لأن صوم كل يوم عبادة منفردة فلم تتداخل كفاراتها كالعمرتين وإن جامع في يوم مرتين لم يلزمه للثاني كفارة لأن الجماع الثاني لم يصادف صوما وإن رأى هلال رمضان ورد الحاكم شهادته فصام وجامع وجبت عليه الكفارة لأنه أفطر في شهر رمضان بالجماع من غير عذر فأشبه إذا قبل الحاكم شهادته وإن طلع الفجر وهو مجامع فاستدام مع العلم بالفجر وجبت عليه الكفارة لأنه منع صحة يوم من رمضان بجماع من غير عذر فوجبت عليه الكفارة كما لو وطيء في أثناء النهار وإن جامع وعنده أن الفجر لم يطلع وكان قد طلع أو أن الشمس قد غربت ولم تكن غريب لم تجب الكفارة لأنه جامع وهو معتقد أنه يحل له ذلك وكفارة الصوم عقوبة تجب مع المأثم فلا تجب مع اعتقاد الإباحة كالحد وإن أكل ناسيا فظن أنه أفطر بذلك ثم جامع عامدا فالمنصوص في الصيام أنه لا تجب الكفارة لأنه وطيء وهو معتقد أنه غير صائم فأشبه إذا وطيء وعنده أنه ليل ثم بان أنه كان نهارا وقال شيخنا القاضي أبو الطيب الطبري : يحتمل عندي أن تجب الكفارة لأن الذي ظنه لا يبيح الوطء بخلاف ما لو جامع وهو يظن أن الشمس قد غربت لأن الذي ظن هناك يبيح له الوطء وإن أفطر بالجماع وهو مريض أو مسافر لم تجب الكفارة لأنه يحل له الفطر فلا تجب الكفارة مع إباحة الفطر وإن أصبح المقيم صائما ثم سافر وجامع وجبت عليه الكفارة لأن السفر لا يبيح له الفطر في هذا اليوم فكان وجوده كعدمه وإن أصبح صائما ثم مرض وجامع لم تجب الكفارة لأن المرض يبيح له الفطر في هذا اليوم وإن جامع ثم سافر لم تسقط عنه الكفارة لأن السفر لا يبيح له الفطر في يومه فلا يسقط ما وجب فيه من الكفارة وإن جامع ثم مرض أو جن ففيه قولان : أحدهما أنه لا تسقط عنه الكفارة لأنه معنى طرأ بعد وجوب الكفارة فلا يسقط الكفارة السفر والثاني يسقط لأن اليوم يرتبط بعضه ببعض فإذا خرج جزؤه عن أن يكون صائما فيه أو عن أن يكون الصوم فيه مستحقا خرج أوله عن أن يكون صوما أو مستحقا فيكون جماعه في يوم فطر أو في يوم صوم غير مستحق فلا تجب به الكفارة .
فصل : ووطء المرأة في الدبر واللواط كالوطء في الفرج في جميع ما ذكرناه من إفساد الصوم ووجوب الكفارة والقضاء لأن الجميع وطء ولأن الجميع في إيجاب الحد واحد فكذلك في إفساد الصوم وإيجاب الكفارة كالجماع في الفرج وإن قلنا يجب فيه التعزير لم يفسد الصوم ولم تجب به الكفارة لأنه كالوطء فيما دون الفرج في التعزير فكان مثله في إفساد الصوم وإيجاب الكفارة ومن أصحابنا من قال يفسد الصوم ويوجب الكفارة قولا واحدا لأنه وطء يوجب الغسل فجاز أن يتعلق به إفساد الصوم وإيجاب الكفارة كوطء المرأة .
فصل : ومن وطئ وطأ يوجب الكفارة ولم يقدر على الكفارة فيه قولان : أحدهما لا يجب لقوله A للأعرابي : [ خذه واستغفر الله وأطعم أهلك ] ولنه حق مالي يجب لله تعالى لا على وجه البدل فلم يجب مع العجز كزكاة الفطر والثاني أنها تثبت في الذمة فإذا قدر لزمه أداؤها وهو الصحيح لأنه حق لله تعالى يجب بسبب من جهته فلم يسقط بالعجز كجزاء الصيد .
فصل : إذا نوى الصوم من الليل ثم أغمي عليه جميع النهار لم يصح صومه وعليه القضاء وقال المزني : يصح صومه كما لو نوى الصوم ثم نام جميع النهار والدليل على أن الصوم لا يصح أن الصوم نية وترك ثم لو انفرد الترك عن النية لم يصح فإذا انفردت النية عن الترك لم يصح وأما النوم فإن أبا سعيد الاصطخري قال : إذا نام جميع النهار لم يصح صومه كما لا يصح إذا أغمي عليه جميع النهار والمذهب أنه يصح صومه إذا نام والفرق بينه وبين الإغماء أن النائم ثابت العقل لأنه إذا نبه انتبه والمغمى عليه بخلافه ولأن النائم كالمستيقظ ولهذا ولايته ثابتة على ماله بخلاف المغمى عليه وإن نوى الصوم ثم أغمي عليه في بعض النهار فقد قال في كتاب الظهار ومختصر البويطي : إذا كان في أوله مفيقا صح صومه وقال في كتاب الصوم : إذا أفاق في بعضه أجزأه وقال في اختلاف أبي حنيفة و ابن أبي ليلى : إذا كانت صائمة فأغمي عليها أو حاضت بطل صومها وخرج أبو العباس قولا آخر أنه إن كان مفيقا في طرفي النهار صح صومه فمن أصحابنا من قال المسألة على قول واحد أنه يعتبر أن يكون مفيقا في أول النهار وتأول ما سواه من الأقوال على هذا ومن أصحابنا من قال فيه أربعة أقوال : أحدها إنه يعتبر الإفاقة في أوله كالنية تعتبر في أوله والثاني تعتبر الإفاقة في طرفيه كما أن في الصلاة يعتبر القصد في الطرفين في الدخول والخروج ولا يعتبر فيما بينهما والثالث أنه تعتبر الإفاقة في جميعه فإذا أغمي عليه في بعضه لم يصح صومه لأنه معنى إذا طرأ أسقط فرض الصلاة فأبطل الصوم كالحيض والرابع أنه تعتبر الإفاقة في جزء منه ولا أعرف له وجها وإن نوى الصوم ثم جن ففيه قولان : قال في الجديد يبطل الصوم لأنه عارض يسقط فرض الصلاة فأبطل الصوم كالحيض وقال في القديم هو كالإغماء لأنه يزيل العقل والولاية فهو كالإغماء .
فصل : ويجوز للصائم أن ينزل إلى الماء ويغطس فيه لما روى أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال : حدثني من رأى النبي A في يوم صائف يصب الماء على رأسه من شدة الحر والعطش وهو صائم ويجوز أن يكتحل لما روي عن أنس Bه أنه كان يكتحل وهو صائم ولأن العين ليس بمنفذ فلم يبطل الصوم بما وصل إليها ويجوز أن يحتجب لما روى ابن عباس Bه أن النبي A احتجم وهو صائم قال في الأم : و لو ترك كان أحب إلي لما روى عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أصحاب رسول الله A قالوا : إنما نهى رسول الله A عن الحجامة والوصال في الصوم إيقاء على أصحابه قال : وأكره له العلك لأنه يجفف الفم ويعطش ولا يفطر لأنه يدور في الفم ولا ينزل إلى الجوف منه شيءوإن تفرك وتفتت فوصل إلى الجوف منه شيء بطل الصوم ويكره له أن يمضغ الخبز فإن كان له ولد صغير ولم يكن له من يمضغ له غيره لم يكره له ذلك ومن حركت القبلة شهوته كره له أن يقبل وهو صائم و الكراهة كراهية تحريم وإن لم تكن تحرك القبلة شهوته قال الشافعي C : فلا بأس به وتركها أولى والأصل في ذلك ما روت عائشة Bها : قالت : كان رسول A يقبل ويباشر وهو صائم ولكنه كان أملككم لإربه وعن ابن عباس Bه أنه أرخص فيها للشيخ وكرهها للشاب ولأن في حق أحدهما لا يؤمن أن ينزل فيفسد الصوم وفي الآخر يؤمن ففرق بينهما .
فصل : وينبغي للصائم أن ينزه صومه عن الغيبة والشتم فإن شوتم فليقل إني صائم لما روى أبو هريرة Bه أن رسول الله A قال : [ إذا كان أحدكم صائما فلا يرفث ولا يجهل فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم ] .
فصل : ويكره الوصال في الصوم لما روى أبو هريرة Bه أن النبي A قال : [ إياكم والوصال إياكم والوصال ] قالوا : إنك تواصل يا رسول الله قال : [ إني لست كهيئتكم إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني ] وهل هو كراهية تنزيه أو تحريم ؟ فيه وجهان : أحدهما أنه كراهة تحريم لأن النهي يقتضي التحريم والثاني أنه كراهية تنزيه لأنه إنما نهي عنه حتى لا يضعف عن الصوم وذلك أمر غير متحقق فلم يتعلق به إثم فإن واصل لم يبطل صومه لأن النهي لا يرجع إلى الصوم فلا يوجب بطلانه .
فصل : والمستحب أن يتسحر للصوم لما روى أنس Bه أن النبي A قال : [ تسحروا فإن بالسحور بركة ] ولأن فيه معونة على الصوم ويستحب تأخير السحور لما روي أنه قيل لعائشة Bها أن عبد الله يعجل الفطر وتؤخر السحور فقالت : هكذا كان رسول الله A يفعل ولأن السحور يراد ليتقوى به على الصوم فكان التأخير أبلغ في ذلك وأولى ويستحب أن يعجل الفطر إذا يتحقق غروب الشمس لحديث عائشة Bها الله عنها ولما روى أبو هريرة Bه قال قال رسول الله A : [ لا يزال هذا الدين ظاهرا ما عجل الناس الفطر ] لأن اليهود والنصارى يؤخرون والمستحب أن يفطر على تمر فإن لم يجد فعلى الماء روى سلمان بن عامر قال قال رسول الله A : [ إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور ] والمستحب أن يقول عند إفطاره : اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت لما روى أبو هريرة Bه قال : كان رسول الله A إذا صام أو أفطر قال : [ أللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت ] ويستحب أن يفطر الصائم لما روى زيد بن خالد الجهني أن النبي A قال : [ من فطر صائما فله مثل أجره ولا ينقص من أجر الصائم شيء ] .
فصل : إذا كان عليه قضاء أيام من رمضان ولم يكن له عذر لم يجز له أن يؤخر إلى أن يدخل رمضان آخر فإن أخره حتى أدركه رمضان آخر وجب عليه لكل يوم مد من طعام لما روي عن ابن عباس وابن عمر وأبي هريرة Bهم أنهم قالوا فيمن عليه صوم فلم يصمه حتى أدركه رمضان يطعم عن الأول فإن أخر سنين ففيه وجهان : أحدهما يجب لكل سنة مد لأنه تأخير سنة فأشبه السنة الأولى والثاني لا يجب للثانية شيء لأن القضاء القضاء مؤقت فيما بين رمضانين فإذا أخر عن السنة الأولى فقد أخره عن وقته فوجبت الكفارة وهذا المعنى لا يوجد فيما بعد السنة الأولى فلم يجب للتأخير كفارة والمستحب أن يقضي ما عليه متتابعا لما روى أبو هريرة أن النبي A قال : [ من كان عليه صوم من رمضان فليسرده ولا يقطعه ] ولأن فيه مبادرة إلى أداء الفرض ولأن هذا أشبه بالأداء فإن قضاه متفرقا جاز لقوله تعالى : { فعدة من أيام أخر } [ البقرة 184 ] ولم يفرق ولأنه تتابع وجب لأجل الوقت فسقط بفوات الوقت فإن كان عليه قضاء اليوم الأول فصام ونوى به اليوم الثاني فإنه محتمل أن يجزئه لأن تعيين اليوم غير واجب ويحتمل أن لا يجزئه لأنه نوى غير ما عليه فلم يجزه كما لو كان عليه عتق عن اليمين فنوى العتق عن الظهار .
فصل : إذا كان عليه قضاء شيء من رمضان فلم يصم حتى مات نظرت فإما أخره لعذر اتصل حتى مات لم يجب عليه شيء لأنه فرض لم يتمكن منه إلى الموت فسقط حكمه كالحج وإن زال العذر وتمكن فلم يصم شيء حتى مات أطعم عنه لكل مسكين مد من طعام ومن أصحابنا من قال : فيه قول آخر أنه يصام عنه لما روت عائشة Bها أن النبي A قال : [ من مات وعليه صوم رمضان صام عنه وليه ] ولأنها عبادة لا يدخلها النيابة في حال الحياة فلا يدخلها النيابة بعد الموت كالصلاة فإن قلنا إنه يصام عنه فصام عنه وليه أجزأه وإن أمر أجنبيا فصام عنه بأجرة أو بغير أجرة أجزأه كالحج وإن قلنا يطعم عنه نظرت فإن مات قبل أن يدركه رمضان آخر أطعم عنه عن كل يوم مسكين وإن مات بعد أن أدركه رمضان آخر ففيه وجهان : أحدهما يلزمه مدان مد للصوم ومد للتأخير والثاني أنه يكفيه مد واحد للتأخير لأنه إذا أخرج مدا للتأخير زال التفريط بالمد فيصير كما لو أخره من غير تفريط فلا تلزمه كفارة