وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

كتاب الديات .
باب من تجب الدية بقتله وما تجب به الدية من الجنايات .
تجب الدية بقتل المسلم لقوله تعالى : { ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله } ] النساء : 92 [ وتجب بقتل الذمي والمستأمن ومن بيننا وبينهم هدنة لقوله تعالى : { وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة } ] النساء : 92 [ وتجب بقتل من لم تبلغه الدعوة لأنه محقون الدم مع كونه من أهل القتال فكان مضمونا بالقتل كالذمي .
فصل : وإن قطع طرف مسلم ثم ارتد ومات على الردة وقلنا إنه لا يجب القصاص في طرفه أو قلنا يجب فعفى عن القصاص على مال ففيه قولان : أحدهما لا تجب دية الطرف لأنه تابع للنفس في الدية فإذا لم تجب دية النفس لم تجب دية الطرف والثاني أنه تجب وهو الصحيح لأنه الجناية أوجبت دية الطرف والردة قطعت سراية الجريح فلا تسقط ما تقدم وجوبه كما لو قطع يد رجل ثم قتل الرجل نفسه فإن جرح مسلما ثم ارتد ثم أسلم ومات فإن أقام في الردة زمانا تسري فيه الجناية ففيه قولان : أحدهما تجب دية كاملة لأن الاعتبار في الدية بحال استقرار الجناية والدليل عليه أنه لو قطع يديه ورجليه واندملت وجبت له ديتان ولو سرت إلى النفس وجبت دية وهذا مسلم في حال استقرار الجناية فوجب فيه دية مسلم والثاني يجب نصف الدية لأن الجناية في حال الإسلام توجب والسراية في حال الردة تسقط فوجب النصف كما لو جرحه رجل وجرح نفسه فمات وإن لم يقم في الردة زمانا تسري فيه الجناية وجبت دية مسلم لأنه مسلم في حال الجناية وفي حال استقرار الجناية ولا تأثير لما مضى في حال الردة فلم يكن له حكم .
فصل : وإن قطع يد مرتد ثم أسلم ومات لم يضمن ومن أصحابنا من قال : تجب فيه دية مسلم لأنه مسلم في حال استقرار الجناية فوجبت ديته والمذهب الأول لأنها سراية قطع غير مضمون فلم يضمن كسراية القصاص وقطع السرقة .
فصل : وإن أرسل سهما على حربي فأصابه وهو مسلم ومات وجبت فيه دية مسلم وقال أبو جعفر الترمذي لا يلزمه شيء لأنه وجد السبب من جهته في حال هو مأمور بقتله ولا يمكنه تلافي فعله عند الإسلام فلا يجب ضمانه كما لو جرحه ثم أسلم ومات والمذهب الأول لأن الاعتبار بحال الإصابة دون الارسال لأن الارسال سبب والإصابة جناية والاعتبار بحال الجناية لا بحال السبب والدليل عليه أنه لو حفر بئرا في الطريق وهناك حربي فأسلم ووقع فيها ومات ضمنه وإن كان عند السبب حربيا ويخالف إذا جرحه ثم أسلم ومات لأن الجناية هناك حصلت وهو غير مضمون وإن أرسل سهما على مسلم فوقع به وهو مرتد فمات لم يضمن لأن الجناية حصلت وهو غير مضمون فلم يضمنه كما لو أرسله على حي فوقع به وهو ميت .
فصل : وإن قتل مسلما تترس به الكفار لم يجب القصاص لأنه لايجوز أن يجب القصاص مع جواز الرمي وأما الدية فقد قال في موضع تجب وقال في موضع إن علمه مسلما وجبت فمن أصحابنا من قال هو على قولين : أحدهما أنها تجب لأنه ليس من جهته تفريط في الإقامة بين الكفار فلم يسقط ضمانه والثاني أنه لا تجب لأن القاتل مضطر إلى رميه ومنهم من قال : إن علم أنه مسلم لزمه ضمانه وإن لم يعلم لم يلزمه ضمانه لأن مع العلم بإسلامه يلزمه أن يتوقاه ومع الجهل بإسلامه لا يلزمه أن يتوقاه وحمل القولين على هذين الحالين وقال أبو إسحاق إن عنيه بالرمي ضمنه وإن لم يعنه لم يضمنه وحمل القولين على هذين الحالين .
فصل : وتجب الدية بقتل الخطأ لقوله D : { ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله } ] النساء : 492 [ وتجب بقتل العمد في أحد القولين وبالعفو على الدية في القول الآخر وقد بيناه في الجنايات وتجب بشبه العمد لما روى عبد الله بن عمر Bه أن النبي A قال : [ ألا إن في دية الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا مائة من الإبل منها أربعون خافة في بطونها أولادها ] فإن غرز إبرة في غير مقتل فمات وقلنا إنه لا يجب عليه القصاص ففي الدية وجهان : أحدهما أنها تجب لأنه قد يفضي إلى القتل والثاني لا تجب بأقل المثقل وهو الضرب بالقلم والرمي بالحصاة لم تجب بأقل المحدد .
فصل : وتجب على الجماعة إذا اشتركوا في القتل وتقسم بينهم على عددهم لأنه بدل متلف يتجزأ فقسم بين الجماعة على عددهم كغرامة المال فإن اشترك في القتل اثنان وهما من أهل القود فللولي أن يقتص من أحدهما ويأخذ من الآخر نصف الدية وإن كان أحدهما من أهل القود والآخر من أهل الدية فله أن يقتص ممن عليه القود ويأخذ من الآخر نصف الدية .
فصل : وتجب الدية بالإشهاد فإن شهد اثنان على رجل بالقتل فقتل بشهادتهما بغير حق ثم رجعا عن الشهادة كان حكمهما في الدية حكم الشريكين لما روي أن شاهدين شهدا عند علي كرم الله وجهه على رجل أنه سرق فقطعه ثم رجعا عن شهادتهما فقال لو أعلم أنكما تعمدتما لقطعت أيديكما وأغرمهما دية يده .
فصل : وإن أكره رجل على قتل رجل فقتله فإن قلنا إنه يجب القود عليهما فللولي أن يقتل من شاء منهما ويأخذ نصف الدية من الآخر لأنهما كالشريكين في القتل إذا كانا من أهل القود وإن قلنا لا يجب القود إلا على المكره الآمر دون المكره فللولي أن يقتل المكره ويأخذ من الآخر نصف الدية لأنهما كالشريكين غير أن القصاص يسقط بالشبهة فسقط عنه والدية لاتسقط بالشبهة فوجب عليه نصفها .
فصل : وإن طرح رجلا في نار يمكنه الخروج منها فلم يخرج حتى مات ففيه قولان : أحدهما أنه تجب الدية لأن ترك التخلص من الهلاك لا يسقط به ضمان الجناية كما لو جرحه جراحة وقدر المجروح على مداواتها فترك المداواة حتى مات والقول الثاني أنها لا تجب وهو الصحيح لأن طرحه في النار لا يحصل به التلف وإنما يحصل ببقائه فيها باختياره فسقط ضمانه كما لو جرحه جرحا يسيرا لا يخاف منه فوسعه حتى مات وإن طرحه في ماء يمكنه الخروج منه فلم يخرج حتى مات ففيه طريقان : من أصحابنا من قال فيه قولان كالنار ومنهم من قال لا تجب قولا واحدا لأن الطرح في الماء ليس بسبب الهلاك لأن الناس يطرحون أنفسهم في الماء للسباحة وغيرها وإنما حصل الهلاك بمقامه فيه فسقط ضمانه بخلاف النار .
فصل : وإن شد يده ورجليه وطرحه في الساحل فزاد الماء وهلك فيه نظرت فإن كانت الزيادة معلومة الوجود كالمد بالبصرة فهو عمد محض ويجب به القصاص لأنه قصد تغريقه وإن كان قد يزيد وقد لا يزيد فهو عمد خطأ وتجب به الدية المغلظة فإن كان في موضع لا يزيد فيه الماء فزاد وهلك فيه فهو خطأ محض وتجب فيه الدية مخففة وإن شد يديه ورجليه وطرحه في أرض مسبعة فقتله السبع فهو عمد خطأ وتجب فيه دية مغلظة وإن كان في أرض غير مسبعة فقتله السبع فهو خطأ محض وتجب فيه دية مخففة .
فصل : وإن سلم صبيا إلى سابح ليعلمه السباحة فغرق ضمنه السابح لأنه سلمه إليه ليحتاط في حفظه فإذا هلك بالتعليم نسب إلى التفريط فضمنه كالمعلم إذا ضرب الصبي فمات وإن سلم البالغ نفسه إلى السابح فغرق لم يضمنه لأنه في يد نفس فلا ينسب إلى التفريط في هلاكه إلى غيره فلا يجب ضمانه .
فصل : وإن كان صبي على طرف سطح فصاح رجل ففزع فوقع من السطح ومات ضمنه لأن الصياح سبب لوقوعه وإن كان صياحه عليه فهو عمد خطأ وإن لم يكن صياحه عليه فهو خطأ وإن كان بالغ على طرف سطح فسمع الصيحة في حال غفلته فخر ميتا ففيه وجهان : أحدهما أنه كالصبي لأن البالغ في حال غفلته يفزع من الصيحة كما يفزع الصبي والثاني لا يضمن لأن معه من الضبط ما لا يقع به مع الغفلة .
فصل : وإن بعث السلطان إلى امرأة ذكرت عنده بسوء ففزعت فألقت جنينا ميتا وجب ضمانه لما روي أن عمر Bه أرسل إلى امرأة مغيبة كان يدخل عليها فقالت : ياويلها مالها ولعمر فبينا هي في الطريق إذ فزعت فضربها الطلق فألقت ولدا فصاح الصبي صيحتين ثم مات فاستشار عمر Bه أصحاب النبي A فأشار بعضهم أن ليس عليك شيء إنما أنت وال ومؤدب وصمت علي Bه فأقبل عليه فقال ما تقول يا أبا الحسن فقال : إن كانوا قالوا برأيهم فقد أخطأ رأيهم وإن كانوا قالوا في هواك فلم ينصحوا لك إن ديته عليك لأنك أنت أفزعتها فألقت وإن فزعت المرأة فماتت لم تضمن لأن ذلك ليس بسبب لهلاكها في العادة .
فصل : وإن طلب رجل بصيرا بالسيف فوقع في بئر أو ألقى نفسه من شاهق فمات لم يضمن لأن الطلب سبب والالقاء مباشرة فإذا اجتمعا سقط حكم السبب بالمباشرة ولأن الطالب لم يلجئه إلى الوقوع لأنه لو أدركه جاز أن لا يجني عليه فصار كما لو جرحه رجل فذبح المجروح نفسه وإن طلب ضريرا فوقع في بئر أو من شاهق ومات فإن كان عالما بالشاهق أو بالبئر لم يضمن لأنه كالبصير وإن لم يعلم وجب ضمانه لأنه ألجأه إليه فتعلق به الضمان كالشهود إذا شهدوا بالقتل ثم رجعوا وإن كان المطلوب صبيا أو مجنونا ففيه وجهان بناء على الثقولين في عمدهما هل هو عمد أو خطأ فإن قلنا إن عمدهما عمد لم يضمن الطالب الدية وإن قلنا إنه خطأ ضمن وإن طلب رجل رجلا فافترسه سبع في طريقه نظرت فإن ألجأه الطالب إلى موضع السبع ضمنه كما لو ألقاه عليه وإن لم يلجئه إليه لم يضمنه لأنه لم يلجئه إليه وإن انخسف من تحته سقف فسقط ومات ففيه وجهان : أحدهما لا يضمن كما لا يضمن إذا افترسه سبع والثاني يضمن لأنه ألجأه إلى ما لا يمكنه الاحتراز منه .
فصل : وإن رماه من شاهق فاستقبله رجل بسيف فقده نصفين نظرت فإن كان من شاهق يجوز أن يسلم الواقع منه وجب الضمان على القاطع لأن الرامي كالجارح والقاطع كالذابح وإن كان من شاهق لا يسلم الواقع منه ففيه وجهان : أحدهما أنه يجب الضمان عليهما لأن كل واحد منهما سبب للاتلاف فصار كما لو جرحاه والثاني أن الضمان على القاطع لأن الرامي إنما يكون سببا للتلف إذا وقع المرمي على الأرض وههنا لم يقع على الأرض وصار الرامي صاحب سبب والقاطع مباشرا فوجب الضمان على القاطع .
فصل : إذا زنى بامرأة وهي مكرهة وأحبلها وماتت من الولادة ففيه قولان : أحدهما يجب عليه ديتها لأنها تلفت بسبب من جهته تعدى به فضمنها والثاني لا يجب لأن السبب انقطع حكمه بنفي النسب عنه .
فصل : وإن حفر بئرا في طريق الناس أو وضع فيه حجرا أو طرح فيه ماء أو قشر بطيخ فهلك به إنسان وجب الضمان عليه لأنه تعدى به فضمن من هلك به كما لو جنى عليه وإن حفر بئرا في الطريق ووضع آخر حجرا فعثر رجل بالحجر ووقع في البئر فمات وجب الضمان على واضع الحجر لأنه هو الذي ألقاه في البئر فصار كما لو ألقاه فيها بيده وإن وضع رجل حجرا في الطريق فدفعه رجل على هذا الحجر فمات وجب الضمان على الدافع لأن الدافع مباشر وواضع الحجر صاحب سبب فوجب الضمان على المباشر وإن وضع رجل حجرا في الطريق ووضع آخر حديدة بقربه فعثر رجل بالحجر ووقع على الحديدة فمات وجب الضمان على واضع الحجر وقال أبو الفياض البصري إن كانت الحديدة سكينا قاطعة وجب الضمان على واضع السكين دون واضع الحجر والأول هو الصحيح لأن الواضع هو المباشر وإن حفر بئرا في طريق لا يستضر به الناس فإن حفرها لنفسه كان حكمه حكم الطريق الذي يستضر الناس بحفر البئر فيه لأنه لا يجوز أن يختص بشيء من طريق المسلمين وإن حفرها لمصلحة الناس فإن كان بإذن الإمام فهلك به إنسان لم يضمن لأن ما فعله بإذن الإمام للمصلحة جائز فلا يتعلق به الضمان وإن كان بغير إذنه ففيه وجهان : أحدهما أنه لا يضمن لأنه حفرها لمصلحة المسلمين من غير إضرار فصار كما لو حفرها بإذن الإمام والثاني أنه يضمن لأن ما تعلق بمصلحة المسلمين يختص به الإمام فمن افتات عليه فيه كان متعديا فضمن من هلك به وإن بنى مسجدا في موضع لاضرر فيه أو علق قنديلا في مسجد أو فرش فيه حصرا من غير إذن الإمام فهلك به إنسان فهو كالبئر التي حفرها للمسلمين وإن حفر بئرا في موات ليتملكها أو لينتفع بها الناس لم يضمن من هلك بها لأنه غير متعد في حفرها وإن كان في داره بئر قد غطى رأسها وكلب عقور فدخل رجل داره بغير إذنه فوقع في البئر فمات ففي ضمانه قولان كالقولين فيمن قدم طعاما مسموما إلى رجل فأكله فمات وإن قدم صبيا إلى هدف فأصابه سهم فمات ضمنه لأن الرامي كالحافر للبئر والذي قدمه كالملقي فيها فكان الضمان عليه وإن ترك على حائط جرة ماء فرمتها الريح على إنسان فمات لم يضمنه لأنه وضعها في ملكه ووقعت من غير فعله وإن بنى حائطا في ملكه فمال الحائط إلى الطريق ووقع على إنسان فقتله ففيه وجهان : أحدهما وهو قول إسحاق أنه يضمن لأنه لما مال إلى الطريق لزمه أزالته فإذا لم يزله صار متعديا بتركه فضمن من هلك به كما لو أوقع حائطا مائلا إلى الطريق وترك نقضه حتى هلك به إنسان والثاني وهو قول أبي سعيد الإصطخري أنه لا يضمن وهو المذهب لأنه بناه في ملكه ووقع من غير فعله فأشبه إذا وقع من غير ميل .
فصل : وإن أخرج جناحا إلى الطريق فوقع على إنسان ومات ضمن نصف ديته لأن بعضه في ملكه وبعضه خارج ملكه فسقط نصف الدية لما في ملكه وضمن نصفها للخارج عن ملكه وإن انكسرت خشبة من الخارج فوقعت على إنسان فمات ضمن جميع الدية لأنه هلك بالخارج من ملكه وإن نصب ميزانا فوقع على إنسان فمات به ففيه قولان : قال في القديم لا يضمن لأنه غير مضطر إليه ولا يجد بدا منه بخلاف الجناح وقال في الجديد يضمن لأنه غير مضطر إليه لأنه كان يمكنه أن يحفر في ملكه بئرا يجري الماء إليها فكان كالجناح .
فصل : وإن كان معه دابة فأتلفت إنسانا أو مالا بيدها أو رجلها أو نابها أو بالت في الطريق فزلق ببولها إنسان فوقع ومات ضمنه لأنها في يده وتصرفه فكانت جنايتها كجنايته .
فصل : وإن اصطدم فارسان أو راجلان وماتا وجب على كل واحد منهما نصف دية الآخر وقال المزني إن استلقى أحدهما فانكب الآخر على وجهه وجب على المكب دية المستلقي وهدر دمه لأن الظاهر أن المنكب هو القاتل والمستلقي هو المقتول وهذا خطأ لأن كل واحد منهما هلك بفعله وفعل صاحبه فهدر النصف بفعله ووجب النصف بفعل صاحبه كما لو جرح كل واحد منهما نفسه وجرحه صاحبه ووجه قول المزني لا يصح لأنه يجوز أن يكون المستلقي صدم صدمة شديدة فوقع مستلقيا من شدة صدمته وإن ركب صبيان أو أركبهما وليهما واصطدما وماتا فهما كالبالغين وإن أركبهما من لا ولاية له عليهما واصطدما وماتا وجب على الذي أركبهما دية كل واحد منهما النصف بسبب ما جنى كل واحد من الصبيين على نفسه والنصف بسبب ما جناه الآخر عليه وإن اصطدمت امرأتان حاملان فماتتا ومات جنيناهما كان حكمهما في ضمانهما حكم الرجلين فأما الحمل فأنه يجب على كل واحدة منهما نصف دية جنينها ونصف دية جنين الأخرى لجنايتهما عليهما .
فصل : وإن وقف رجل في ملكه أو في طريق واسع فصدمه رجل فماتا هدر دم الصادم لأنه هلك بفعل هو مفرط فيه فسقط ضمانه كما لو دخل دار رجل فيها بئر فوقع فيها وتجب دية المصدوم على عاقلة الصادم لأنه قتله بصدمة هو متعد فيها وإن وقف في طريق ضيق فصدمه رجل وماتا وجب على عاقلة كل واحد منهما دية الآخر لأن الصادم قتل الواقف بصدمة هو مفرط فيها والمصدوم قتل الصادم بسبب هو مفرط فيه وهو وقوفه في الطريق الضيق وإن قعد في طريق ضيق فعثر به رجل فماتا كان الحكم فيه كالحكم في الصادم والمصدوم وقد بيناه .
فصل : فإن اصطدمت سفينتان وهلكتا وما فيهما فإن كان بتفريط من القيمين بأن قصر في آلتهما أو قدرا على ضبطهما فلم يضبطا أو سيرا في ريح شديدة لا تسير السفن في مثلها وإن كانت السفينتان وما فيهما لهما وجب على كل واحد منهما نصف قيمة سفينة صاحبه ونصف قيمة ما فيها ويهدر النصف وإن كانتا لغيرهما وجب على كل واحد منهما نصف قيمة سفينته ونصف قيمة ما فيها ونصف قيمة سفينة صاحبه ونصف قيمة ما فيها لما بيناه في الفارسين فإن كان في السفن رجال فهلكوا ضمن عاقلة كل واحد منهما نصف ديات ركاب سفينته وركاب سفينة صاحبه فإن قصدا الاصطدام وشهد أهل الخبرة أن مثل هذا يوجب التلف وجب على كل واحد منهما القصاص لركاب سفينته وركاب سفينة صاحبه وإن لم يفرطا ففي الضمان قولان أحدهما يجب كما يجب في اصطدام الفارسين إذا عجزا عن ضبط الفرسين والثاني لا يجب لأنها تلفت من غير تفريط منهما فأشبه إذا تلفت بصاعقة واختلف أصحابنا في موضع القولين فمنهم من قال القولان إذا لم يكن من جهتهما فعل بأن كانت السفن واقفة فجاءت الريح فقلعتها فإما إذا سارت ثم جاءت الريح فغلبتهما ثم اصطدما وجب الضمان قولا واحدا لأن ابتداء السير كان منهما فلزمهما الضمان كالفارسين وقال أبو إسحاق و أبو سعيد القولان في الحالين وفرقوا بينهما وبين الفارسين بأن الفارس يمكنه ضبط الفرس باللجام والقيم لايمكنه ضبط السفينة فإذا قلنا إنه يجب الضمان كان الحكم فيه كالحكم فيه إذا فرطا إلا في القصاص فإنه لا يجب مع عدم التفريط وإن قلنا إنه لا يجب الضمان نظرت فإن كانت السفن وما فيها لهما لم يجب على كل واحد منهما ضمان وإن كانت السفن مستأجرة والمتاع الذي فيها أمانة كالوديعة ومال المضاربة لم يضمن لأن الجميع أمانة فلا تضمن مع عدم التفريط وإن كانت السفن مستأجرة والمتاع الذي فيها يحمل بأجرة لم يجب ضمان السفن لأنها أمانة وأما المال فهو مال في اليد أجير مشترك فإن كان معه صاحبه لم يضمن ولم يكن معه صاحبه فعلى القولين في الأجير المشترك وأن كان أحدهما مفرطا والآخر غير مفرط كان الحكم في المفرط ما ذكرناه إذا كانا مفرطين والحكم في غير المفرط ما ذكرناه إذا كانا غير مفرطين .
فصل : إذا كان في السفينة متاع لرجل فثقلت السفينة فقال رجل لصاحب المتاع ألق متاعك في البحر وعلي ضمانه فألقاه وجب عليه الضمان وقال أبو ثور لا يجب لأنه ضمان ما لم يجب وهذا خطأ لأن ذلك ليس بضمان لأن الضمان يفتقر إلى مضمون عنه وليس ههنا مضمون عنه وإنما هو استدعاء إتلاف بعوض صحيح فإن قال ألق متاعك وعلي وعلى ركاب السفينة ألف فألقاه لزمه بحصته فإن كانوا عشرة لزمه مائة وإن كانوا خمسة لزمه مائتان لأنه جعل الألف على الجميع فلم يلزمه أكثر من الحصة فإن قال أنا أقيه على أني وهم ضمناء فألقاه ففيه وجهان : أحدهما أنه يجب عليه الحصة لما ذكرناه والثاني يجب عليه ضمان الجميع لأنه باشر الإتلاف .
فصل : فإن رمي عشرة أنفس حجرا بالمنجنيق فرجع الحجر وقتل أحدهم سقط من ديته العشر ووجب تسعة أعشار الدية على الباقين لأنه مات من فعله وفعلهم فهدر بفعله العشر ووجب الباقي على التسعة .
فصل : وإذا وقع رجل في بئر ووقع آخر خلفه من غير جذب ولا دفع فإن مات الأول وجبت ديته على الثاني لما روى علي بن رباح اللخمي أن بصيرا كان يقود أعمى فوقعا في بشر فوقع الأعمى فوق البصير فقتله فقضى عمر Bه بعقل البصير على الأعمى فكان الأعمى ينشد في الموسم : .
( يا أيها الناس لقيت مبكرا .
هل يعقل الأعمى الصحيح المبصرا .
خرا معا كلاهما تكسرا ) .
ولأن الأول مات بوقوع الثاني عليه فوجبت ديته عليه وإن مات الثاني هدرت ديته لأنه لا صنع لغيره في هلاكه وإن ماتا جميعا وجبت دية الأول على الثاني وهدرت دية الثاني لما ذكرناه فإن جذب الأول الثاني ومات الأول هدرت ديته لأنه مات بفعل نفسه وإن مات الثاني وجبت ديته على الأول لأنه بجذبه وإن وقع الأول ثم وقع الثاني ثم وقع الثالث فإن كان وقوعهم من غير جذب ولا دفع وجبت دية الأول على الثاني والثالث لأنه مات بوقوعهما عليه وتجب دية الثاني على الثالث لأنه انفرد بالوقوع عليه فانفرد بديته وتهدر دية الثالث لأنه مات من وقوعه فإن جذب بعضهم بعضا بأن وقع الأول وجذب الثاني وجذب الثاني الثالث وماتوا وجب للأول نصف دية على الثاني لأنه مات من فعله بجذب الثاني ومن فعل الثاني بجذب الثالث فهدر النصف بفعله ووجب النصف ويجب للثاني نصف الدية على الأول لأنه جذبه ويسقط نصفها لأنه جذب الثالث ويجب للثالث الدية لأنه لا فعل له في هلاك نفسه وعلى من تجب فيه وجهان : أحدهما أنها تجب على الثاني لأنه هو الذي جذبه والوجه الثاني أنها تجب على الأول والثاني نصفين لأن الثاني جذبه والأول جذب الثاني فاضطره إلى جذب الثالث وكان كل واحد منهما سببا في هلاكه فوجبت الدية عليهما .
فصل : وإن تجارح رجلان وادعى كل واحد منهما على صاحبه أنه قصد قتله فجرحه دفعاعن نفسه فالقول قول كل واحد منهما مع يمينه أنه ما قصد قتل صاحبه فإذا حلفا وجب على كل واحد منهما ضمان جرحه لأن الجرح قد وجد وما يدعيه كل واحد منهما من قصد الدفع عن نفسه لم يثبت فوجب الضمان