وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب مقام المعتدة و المكان الذي تعتد فيه .
إذا طلقت المرأة فإن كان الطلاق رجعيا كان سكناها حيث يختار الزوج من المواضع التي تصلح لسكنى مثلها لأنها تجب لحق الزوجية و إن كان الطلاق بائنا نظرت فإن كان في بيت يملك الزوج سكناه بملك أو إجارة أو إعارة فإن كان الموضع يصلح لسكنى مثلها لزمها أن تعتد فيه لقوله عز و جل : { أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم } ( الطلاق : 6 ) فأوجب أن تسكن في الموضع الذي كان يسكن الزوج فيه فإن كان الموضع يضيق عليهما انتقل الزوج و ترك السكنى لها لأن سكناها تختص بالموضع الذي طلقها فيه و إن اتسع الموضع لهما و أراد أن يسكن معها نظرت فإن كان في الدار موضع منفرد يصلح لسكنى مثلها كالحجرة أو علو الدار أو سفلها و بينهما باب مغلق فسكنت فيه و سكن الزوج في الثاني جاز لأنهما كالدارين المتجاورتين فإن لم يكن بينهما باب مغلق فإن كان لها موضع تستتر فيه و معها محرم لها تتحفظ به كره لأنه لا يؤمن من النظر و لا يحرم لأن مع المحرم يؤمن بالفساد و إن لم يكن محرم لم يجز لقوله عليه الصلاة و السلام : [ لا يخلون رجل بامرأة ليست له بمحرم فإن ثالثهما الشيطان ] .
فصل : و إن أراد الزوج بيع الدار التي تعتد فيها نظرت فإن كانت مدة العدة غير معلومة كالعدة بالحمل أو بالأقراء فالبيع باطل لأن المنافع في مدة العدة مستثناة فيصير كما لو باع الدار و استثنى منفعة مجهولة فإن كانت مدة العدة معلومة كالعدة بالشهور ففيه وجهان : أحدهما إنها على قولين كبيع الدار المستأجرة و الثاني أنه يبطل قولا واحدا و الفرق بينهما أن منفعة الدار تنتقل إلى المستأجر و لهذا إذا مات انتقل إلى وارثه فلا يكون في معنى من باع الدار و استثنى بعض المنفعة و المرأة لا تنتقل المنفعة إليها في مدة العدة و لهذا إذا ماتت رجعت منافع الدار إلى الزوج فيكون في معنى من باع الدار و استثنى منفعتها لنفسه .
فصل : و إن حجر على الزوج بعد الطلاق لديون عليه لم يبع المسكن حتى تنقضي العدة لأن حقها يختص بالعين فقدمت كما يقدم المرتهن على سائر الغرماء و إن حجر عليه ثم طلق ضاربت المرأة الغرماء بحقها إن بيعت الدار استؤجر لها بحقها مسكن تسكن فيه لأن حقها و إن ثبت بعد حقوق الغرباء إلا أنه يستند إلى سبب متقدم و هو الوطء في النكاح فإن كانت لها عادة فيما تنقضي به عدتها ضاربت بالسكنى في تلك المدة فإن انقضت العدة فيما دون ذلك ردت الفاضل على الغرماء فإن زادت مدة العدة على العادة ففيه ثلاثة أوجه : أحدها أنها ترجع على الغرماء بما بقي لها كما ردت الفاضل إذا ألقت عدتها فيما دون العادة و الثاني لا ترجع عليهم لأن الذي استحقت الضرب به قدر عادتها و الثالث إن كانت عدتها بالإقراء لم ترجع لأن ذلك لا يعلم إلا من جهتها و هي متهمة و إن كانت بوضع الحمل أقامت البينة على وضع الحمل و رجعت عليهم لأنه لا يلحقها فيه تهمة فإن لم يكن لها عادة فيما تنقضي به عدتها ضربت معهم بأجرة أقل مدة تنقضي بها العدة لأنه يقين فلا يجب ما زاد بالشك فإن زادت العدة على أقل ما تنقضي به العدة كان الحكم في الرجوع بالزيادة على ما ذكرناه إذا زادت على العادة .
فصل : و إن طلقت و هي في مسكن لها لزمها أن تعتد به لأنه مسكن وجبت فيه العدة و لها أن تطالب الزوج بأجرة المسكن لأن سكناها عليه في العدة .
فصل : و إن مات الزوج و هي في العدة قدمت على الورثة في السكنى لأنها استحقتها في حال الحياة فلم تسقط بالموت كما لو أجر داره ثم مات فإن أراد الورثة قسمة الدار لم يكن لهم ذلك لأن إضرارا بها في التضييق عليها و إن أرادوا التمييز بأن يعلموا عليها بخطوط من غير نقض و لا بناء فإن قلنا إن القسمة تمييز الحقين جاز لأنه لا ضرر عليها و إن قلنا إنها بيع فعلى ما بيناه .
فصل : و إن توفي عنها زوجها و قلنا إنها تستحق السكنى فإن كانت في مسكن الزوج لزمها أن تعتد فيه لما روت فريعة بنت مالك أن زوجها قتل فقال لها النبي A : [ امكثي حتى يبلغ الكتاب أجله ] و إن لم تكن في مسكن الزوج وجب من تركته أجرة مسكنها مقدمة على الميراث الوصية لأنه دين مستحق فقدم و إن زاحمها الغرماء ضاربتهم بقدر حقها فإن لم يكن له مسكن فعلى السلطان سكناها لما في عدتها من حق الله تعالى و إن قلنا لا تجب لها السكنى اعتدت حيث شاءت فإن تطوع الورثة بالسكنى من مالهم وجب عليها الاعتداد فيه .
فصل : و إن أمر الزوج امرأته بالانتقال إلى دار أخرى فخرجت بنية الانتقال ثم مات أو طلقها و هي بين الدارين ففيه وجهان : أحدهما أنها تخير بين الدارين في الاعتداد لأن الأولى خرجت عن أن تكون مسكنا لها بالخروج منها و الثانية لم تصر مسكنا لها و الثاني و هو الصحيح أنه يلزمها الاعتداد في الثانية لأنها مأمورة بالمقام فيها ممنوعة من الأولى .
فصل : و إن أذن لها في السفر فخرجت من البيت بنية السفر ثم وجبت العدة قبل أن تفارق البنيان ففيه وجهان : أحدهما و هو قول أبي سعيد الإصطخري أن لها أن تعود و لها أن تمضي في سفرها لأن العدة وجبت بعد الانتقال من موضع العدة فصار كما لو فارقت البنيان و الثاني و هو قول أبي إسحاق أنه يلزمها أن تعود و تعتد لأنه لم يثبت لها حكم السفر فإن وجبت العدة و قد فارقت البنيان فإن كان في سفر انتقال ففيه وجهان كما قلنا فيمن طلقت و هي بين الدار التي كانت فيها و بين الدار التي أمرت الانتقال إليها فإن كانت في سفر حاجة فلها أن تمضي في سفرها و لها أن تعود لأن في قطعها عن السفر مشقة و إن وجبت العدة و قد وصلت إلى المقصد فإن كان للبقاء لها أن تقيم و تعتد لأنه صار كالوطن الذي وجبت فيه العدة فإن كان لقضاء حاجة فلها أن تقيم إلى أن تنقضي الحاجة فإن كان لزيارة أو نزهة فلها أن تقيم مقام مسافر و هو ثلاثة أيام لأن ذلك ليس بإقامة فإن قدر لها إقامة مدة من شهر أو شهرين ففيه وجهان : أحدهما أن لها أن تقيم المدة و هو اختيار المزني لأنه مأذون فيه و الثاني أنها لا تقيم أكثر من إقامة المسافر و هو ثلاثة أيام لأنه لم يأذن في المقام على الدوام فلم تزد على ثلاثة أيام فإن انقضى ما جعل لها من المقام نظرت فإن علمت أنها إذا عادت إلى البلد أمكن أن تقضي شيئا من عدتها و لم يمنعها خوف الطريق لزمها العود لتقضي العدة في مكانها و إن علمت إنها إذا عادت لم يبق منها شيء ففيه وجهان : أحدهما لا يلزمها لأنها لا تقدر على العدة في مكانها و الثاني يلزمها لتكون أقرب إلى الموضع الذي وجبت فيه العدة .
فصل : إذا أحرمت بالحج ثم وجبت عليها العدة فإن لم يخش فوات الحج إذا قعدت للعدة لزمها أن تقعد للعدة ثم تحج لأنه يمكن الجمع بين الحقين فلم يجز إسقاط أحدهما بالآخر فإن خشيت فوات الحج وجب عليها المضي في الحج لأنهما استويا في الوجوب و تضييق الوقت و الحج أسبق فقدم و إن وجبت العدة ثم أحرمت بالحج لزمها القعود للعدة لأنه لا يمكن الجمع بينهما و العدة أسبق فقدمت .
فصل : و لا يجوز للمبتوتة و لا للمتوفى عنها زوجها الخروج من موضع العدة من غير عذر لقوله تعالى : { لا تخرجوهن من بيوتهن و لا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } ( الطلاق : 1 ) و روت زينب بنت كعب بنت عجرة عن فريعة بنت مالك قالت : قلت لرسول الله A : إني في دار وحشة أفأنتقل إلى دار أهلي فأعتد عندهم فقال : [ اعتدي في البيت الذي أتاك فيه وفاة زوجك حتى يبلغ الكتاب أجله أربعة أشهر و عشرا ] .
فصل : و إن بذت على أهل زوجها نقلت عنهم لقوله تعالى : { و لا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } ( الطلاق : 1 ) قال ابن عباس Bه الفاحشة المبينة أن تبذو على أهل زوجها فإذا بذت على الأهل حل إخراجها و أما إذا بذا عليها أهل زوجها نقلوا عنها و لم تنتقل لأن الإضرار منهم دونها و إن خافت في الموضع ضررا من هدم أو غيره انتقلت لأنها إذا انتقلت للبذاء على أهل زوجها فلأن تنتقل من خوف الهدم أولى و لأن القعود للعدة لدفع الضرر عن الزوج في حفظ نسب ولده و الضرر لا يزال بالضرر فإن كانت العدة في موضع بالإعارة فرجع المعير أو بالإجارة فانقضت المدة و امتنع المؤجر من الإجارة أو طلب أكثر من أجرة المثل انتقلت إلى موضع آخر لأنه حال عذر و لا ننتقل في هذه المواضع إلا إلى أقرب موضع من الموضع الذي وجبت فيه العدة لأنه أقرب إلى موضع الوجوب كما قلنا فيمن وجبت عليه الزكاة في موضع لا يجد فيه أهل السهمان أنه ينقل الزكاة إلى أقرب موضع منه و إن وجب عليها حق لا يمكن الاستيفاء إلا بها كاليمين في دعوى أو حد فإن كانت ذات خدر بعث إليها السلطان من يستوفي الحق منها و إن كانت برزة جاز إحضارها لأنه موضع حاجة فإذا قضت ما عليها رجعت إلى مكانها و إن احتاجت إلى الخروج لحاجة كشراء القطن و بيع الغزل لم يجز أن تخرج لذلك بالليل لما روى مجاهد قال استشهد رجال يوم أحد فتأيم نساؤهم فجئن رسول الله A و قلن يا رسول الله إنا نستوحش بالليل و نبيت عند إحدانا حتى إذا أصبحنا درنا إلى بيوتنا فقال رسول الله A : [ يحدثن عند إحداكن ما بدا لكن حتى إذا أردتم النوم فلتؤب كل امرأة إلى بيتها ] و لأن الليل مظنة للفساد فلا يجوز لها الخروج من غير ضرورة و إن أرادت الخروج لذلك بالنهار نظرت فإن كانت في عدة الوفاة جاز لحديث مجاهد و إن كانت في عدة المبتوتة ففيه قولان : قال في القديم لا يجوز لقوله تعالى : { و لا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } ( الطلاق : 1 ) و قال في الجديد يجوز و هو الصحيح لما روى جابر Bه قال : طلقت خالتي ثلاثا فخرجت تجد نخلا لها فلقيها رجل فنهاها فأتت النبي A فذكر ذلك له فقال لها : [ اخرجي فجدي نخلك لعلك أن تصدقي منه أو تفعلي خيرا ] و لأنها بائن فجاز لها أن تخرج بالنهار لقضاء الحاجة كالمتوفى عنها زوجها