وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

كتاب العدة .
إذا طلق الرجل امرأته قبل الدخول و الخلوة لم تجب العدة لقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها } ( الأحزاب : 49 ) و لأن العدة تجب لبراءة الرحم و قد تيقنا براءة رحمها و إن طلقها بعد الدخول وجبت العدة لأنه لما أسقط العدة في الآية قبل الدخول دل على وجوبها بعد الدخول و لأن بعد الدخول يشتغل الرحم بالماء فوجبت العدة لبراءة الرحم و إن طلقها بعد الخلوة و قبل الدخول ففيه قولان : أحدهما لا تجب العدة لما ذكرناه من الآية و المعنى و الثاني تجب لأن التمكين من استيفاء المنفعة جعل كالاستيفاء و لهذا تستقر به الأجرة في الإجارة كما تستقر بالاستيفاء فجعل كالاستيفاء في إيجاب العدة .
فصل : و إن وجبت العدة على المطلقة لم تخل إما أن تكون حرة أو أمة فإن كانت حرة نظرت فإن كانت حاملا من الزوج اعتدت بالحمل لقوله تعالى : { و أولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } ( الطلاق : 4 ) و لأن براءة الرحم لا تحصل في الحامل إلا بوضع الحمل فإن كان الحمل ولدا واحدا لم تنقض العدة حتى ينفصل جميعه و إن كان ولدين أو أكثر لم تنقض حتى ينفصل الجميع لأن الحمل هو الجميع و لأن براءة الرحم لا تحصل إلا بوضع الجميع و إن وضعت ما بان فيه خلق آدمي انقضت به العدة و إن وضعت مضغة لم يظهر فيه خلق آدمي و شهد أربع نسوة من أهل المعرفة أنه خلق آدمي ففيه طريقان : من أصحابنا من قال تنقضي به العدة قولا واحدا و منهم من قال فيه قولان و قد بيناه في عتق أم الولد و أقل مدة الحمل ستة أشهر لما روي أنه أتي عثمان Bه بامرأة ولدت لستة أشهر فشاور القوم في رجمها فقال ابن عباس Bه : أنزل الله عز و جل : { و حمله و فصاله ثلاثون شهرا } ( الأحقاف : 15 ) و أنزل : { و فصاله في عامين } ( لقمان : 14 ) فالفصال في العامين و الحمل في ستة أشهر و ذكر القتيبي في المعارف أن عبد الملك بن مروان ولد لستة أشهر و أكثره أربع سنين لما روى الوليد بن مسلم قال قلت لمالك بن أنس حدثت جميلة بنت سعد عن عائشة Bها لا تزيد المرأة على اثنتين في الحمل قال مالك : سبحان الله من يقول هذا هذه جارتنا امرأة محمد بن عجلان تحمل أربع سنين قبل أن تلد و قلما تنقضي به عدة الحامل أن تضع بعد ثمانين يوما من بعد إمكان الوطء لأن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ إن أحدكم ليخلق في بطن أمه نطفة أربعين يوما ثم يكون علقة أربعين يوما ثم يكون مضغة أربعين يوما ] و لا تنقضي العدة بما دون المضغة فوجب أن يكون بعد الثمانين .
فصل : فإن كانت المعتدة غير حامل فإن كانت ممن تحيض اعتدت بثلاثة أقراء لقوله عز و جل : { و المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } ( البقرة : 228 ) و الأقراء هي الأطهار و الدليل عليه قوله تعالى : { فطلقوهن لعدتهن } ( الطلاق : 1 ) و المراد به في وقت عدتهن كما قال : { و نضع الموازين القسط ليوم القيامة } و المراد به في يوم القيامة و الطلاق المأمور به في الطهر فدل على أنه وقت العدة و إن كان الطلاق في وقت الحيض كان أول الأقراء الطهر الذي بعده فإن كان في حال الطهر نظرت فإن بقيت في الطهر بعد الطلاق لحظة ثم حاضت احتسبت تلك اللحظة قرءا لأن الطلاق إنما جعل في الطهر و لم يجعل في الحيض حتى لا يؤدي إلى الإضرار بها في تطويل العدة فلو لم تحسب بقية الطهر قرءا كان الطلاق في الطهر أضر بها من الطلاق في الحيض لأنه أطول للعدة فإن لم يبق بعد الطلاق جزء من الطهر بأن وافق آخر لفظ الطلاق آخر الطهر أو قال لها أنت طالق في آخر جزء من طهرك كان أول الأقراء الطهر الذي بعد الحيض و خرج أبو العباس وجها آخر أنه يجعل الزمان الذي صادفه الطلاق من الطهر قرءا و هذا لا يصح لأن العدد لا يكون إلا بعد وقوع الطلاق فلم يجز الاعتداد بما قبله و أما آخر العدة فقد روى المزني و الربيع أنها إذا رأت الدم بعد الطهر الثالث انقضت العدة برؤية الدم و روى البويطي و حرملة أنها لا تنقضي حتى يمضي من الحيض يوم و ليلة فمن أصحابنا من قال هما قولان : أحدهما تنقضي العدة برؤية الدم لأن الظاهر أن ذلك حيض و الثاني لا تنقضي حتى يمضي يوم و ليلة لجواز أن يكون دم فساد فلا يحكم بانقضاء العدة و منهم من قال : هي على اختلاف حالين فالذي رواه المزني و الربيع فيمن رأت الدم لعادتها فيعلم بالعادة أن ذلك حيض و الذي رواه البويطي و حرملة فيمن رأت الدم لغير عادة لأنه لا يعلم أنه حيض قبل يوم و ليلة و هل يكون ما رأته من الحيض من العدة ففيه قولان : أحدهما أنه من العدة لأنه لا بد من اعتباره فعلى هذا إذا راجعها فيه صحت الرجعة و إن تزوجت فيه لم يصح النكاح و الثاني ليس من العدة لأنا لو جعلناه من العدة لزادت العدة على ثلاثة أقراء فعلى هذا إذا راجعها لم تصح الرجعة فإن تزوجت فيه صح النكاح .
فصل : و أقل ما يمكن أن تعتد فيه الحرة بالأقراء اثنان و ثلاثون يوما و ساعة و ذلك بأن يطلقها في الطهر و يبقى في الطهر بعد الطلاق ساعة فتكون تلك الساعة قرءا ثم تحيض يوما ثم تطهر خمسة عشر يوما و هو القرء الثاني ثم تحيض يوما ثم تطهر خمسة عشر يوما و هو القرء الثالث فإذا طعنت في الحيضة الثالثة انقضت عدتها .
فصل : و إن كانت من ذوات الأقراء فارتفع حيضها فإن كان لعارض معروف كالمرض و الرضاع تربصت إلى أن يعود الدم فتعتد بالأقراء لأن ارتفاع الدم بسبب يزول فانتظر زواله فإن ارتفع بغير سبب معروف ففيه قولان : قال في القديم تمكث إلى أن تعلم براءة رحمها ثم تعتد عدة الآيسة لأن العدة تراد لبراءة الرحم و قال في الجديد تمكث إلى أن تيأس من الحيض ثم تعتد عدة الآيسة لأن الاعتداد بالشهور جعل بعد الإياس فلم يجز قبله فإن قلنا بالقول القديم ففي القدر التي تمكث فيه قولان : أحدهما تسعة أشهر لأنه غالب عادة الحمل و يعلم به براءة الرحم في الظاهر و الثاني تمكث أربع سنين لأنه لو جاز الاقتصار على براءة الرحم في الظاهر لجاز الاقتصار على حيضة واحدة لأنه يعلم بها براءة الرحم في الظاهر فوجب أن يعتبر أكثر مدة الحمل ليعلم براءة الرحم بيقين فإذا علمت براءة الرحم بتسعة أشهر أو بأربع سنين اعتدت بعد ذلك بثلاثة أشهر لما روي عن سعيد بن المسيب Bه أن عمر بن الخطاب Bه قضى في المرأة إذا طلقت فارتفعت حيضتها أن عدتها تسعة أشهر لحملها و ثلاثة أشهر لعدتها و لأن تربصها فيما تقدم ليس بعدة و إنما اعتبر ليعلم أنها ليست من ذوات الأقراء فإذا علمت اعتدت بعدة الآيسات فإن حاضت قبل العلم ببراءة رحمها أو قبل انقضاء العدة بالشهور لزمها الاعتداد بالأقراء لأنا تبينا أنها من ذوات الأقراء فإن اعتدت و تزوجت ثم حاضت لم يؤثر ذلك في العدة لأنها انقضت العدة و تعلق بها حق الزوج فلم يبطل فإن حاضت بعد العدة قبل النكاح ففيه قولان : أحدهما لا يلزمها الاعتداد بالأقراء لأنا حكمنا بانقضاء العدة فلم يبطل بما حدث معه و الثاني يلزمها لأنها صارت من ذوات الأقراء قبل تعلق حق الزوج بها فلزمها الاعتداد بالأقراء فإن قلنا بقوله الجديد إنها تقعد إلى الإياس ففي الإياس قولان : أحدهما يعتبر إياس أقاربها لأنها أقرب إليهن و الثاني يعتبر إياس نساء العالم و هو أن تبلغ اثنتين و ستين سنة لأنه لا يتحقق الإياس فيما دونها فإذا تربصت قدر الإياس اعتدت بعد ذلك بالأشهر لأن ما قبلها لم يكن عدة و إنما اعتبر ليعلم أنها ليست من ذوات الأقراء .
فصل : و إن كانت ممن لا تحيض و لا يحيض مثلها كالصغيرة و الكبيرة الآيسة اعتدت بثلاثة أشهر لقوله تعالى : { و اللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر و اللائي لم يحضن } ( الطلاق : 4 ) فإن كان الطلاق في أول الهلال اعتدت بثلاثة أشهر بالأهلة لأن الأشهر في الشرع بالأهلة و الدليل عليه قوله عز و جل : { يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس و الحج } ( البقرة : 189 ) و إن كان الطلاق في أثناء الشهر اعتدت بقية الشهر ثم اعتدت بشهرين بالأهلة ثم تنظر عدد ما اعتدت من الشهر الأول و تضيف إليه من الشهر الرابع ما يتم به ثلاثون يوما و قال أبو محمد عبد الرحمن ابن بنت الشافعي C : إذا طلقت المرأة في أثناء الشهر اعتدت بثلاثة أشهر بالعدد كاملة لأنها إذا فاتها الهلال في الشهر الأول فاتها في كل شهر فاعتبر العدد في الجميع و هذا خطأ لأنه لم يتعذر اعتبار الهلال إلا في الشهر الأول فلم يسقط اعتباره فيما سواه .
فصل : و إن كانت ممن لا تحيض و لكنها في سن تحيض فيه النساء اعتدت بالشهور لقوله تعالى : { و اللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر و اللائي لم يحضن } ( الطلاق : 4 ) و لأن الاعتبار بحال المعتدة لا بعادة النساء و الدليل عليه أنها لو بلغت سنا لا تحيض فيه النساء و هي تحيض كانت عدتها بالأقراء اعتبارا بحالها فكذلك إذا لم تحض في سن تحيض فيه النساء وجب أن تعتد بالأشهر اعتبارا بحالها و إن ولدت و لم تر حيضا قبله و لا نفاسا بعده ففي عدتها وجهان : أحدهما و هو قول الشيخ أبي حامد الإسفرايني C أنها تعتد بالشهور للآية و الثاني أنها لا تعتد بالشهور بل تكون كمن تباعد حيضها من ذوات الأقراء لأنه لا يجوز أن تكون من ذوات الأحمال و لا تكون من ذوات الأقراء .
فصل : و إذا شرعت الصغيرة في العدة بالشهور ثم حاضت لزمها الانتقال إلى الأقراء لأن الشهور بدل عن الأقراء فلا يجوز الاعتداد بها مع وجود أصلها و هل يحسب ما مضى من الأشهر قرءا ففيه قولان : أحدهما يحتسب به و هو قول أبي العباس لأنه طهر بعده حيض فاعتدت به قرءا كما لو تقدمه حيض و الثاني و هو قول أبي إسحاق أنه لا يحتسب به كما إذا اعتدت بقرئين ثم أيست لزمها الاستئناف ثلاثة أشهر و لم يحتسب ما مضى من زمان الأقراء شهرا و إن انقضت عدتها بالشهور ثم حاضت لم يلزمها الاستئناف للعدة بالأقراء لأن هذا معنى حدث بعد انقضاء العدة و إن شرعت في العدة بالأقراء ثم ظهر بها حمل من الزوج سقط حكم الأقراء إذا قلنا إن الحامل تحيض لأن الأقراء دليل على براءة الرحم من جهة الظاهر و الحمل دليل على براءة الرحم من جهة الظاهر و الحمل دليل على براءة الرحم من جهة القطع و الظاهر إذا عارضه قطع سقطت دلالته كالقياس إذا عارض نصه و إن اعتدت بالأقراء ثم ظهر حمل من الزوج لزمها الاعتداد بالحمل و يخالف إذا اعتدت بالشهور ثم حاضت لأن ما رأت من الحيض لم يكن موجودا في حال العدة و إنما حدث بعدها و الحمل من الزوج كان موجودا في حال العدة بالأقراء فسقط معه حكم الإقراء .
فصل : و إن كانت المطلقة أمة نظرت فإن كانت حاملا اعتدت بالحمل لما ذكرناه في الحرة و إن كانت من ذوات الأقراء اعتدت بقرءين لما روى جابر عن عمر Bه أنه جعل عدة الأمة حيضتين و لأن القياس اقتضى أن تكون قرءا و نصفا كما كان حدها على النصف إلا أن القرء لا يتبعض فكمل فصارت قرءين و لهذا روي عن عمر Bه أنه قال : لو استطعت أن أجعل عدة الأمة حيضة و نصفا لفعلت و إن كانت من ذوات الشهور ففيه ثلاثة أقوال : أحدها أنها تعتد بشهرين لأن الشهور بدل من الأقراء فكانت بعددها كالشهور في عدة الحرة و الثاني أنها تعتد بثلاثة أشهر لأن براءة الرحم لا تحصل إلا بثلاثة أشهر لأن الحمل يمكث أربعين يوما نطفة ثم أربعين يوما علقة ثم أربعين يوما مضغة ثم يتحرك و يعلو جوف المرأة فيه و هو الحمل و الثالث أنها تعتد بشهر و نصف لأن القياس يقتضي أن تكون على النصف من الحرة كما قلنا في الحد و لأن القرء لا يتبعض فكمل و الشهور تتبعض فتبعضت كما نقول في المحرم إذا وجب عليه نصف مد في جزاء الصيد و أراد أن يكفر بالصوم صام يوما لأنه لا يتبعض و إن أراد أن يكفر بالإطعام أخرج نصف مد .
فصل : و إن أعتقت الأمة قبل الطلاق اعتدت بثلاثة أقراء لأنه وجبت عليها العدة و هي حرة و إن انقضت عدتها بقرءين ثم اعتقت لم يلزمها زيادة لأنها اعتدت على حسب حالها فلم يلزمها زيادة كما لو اعتدت من لم تحض بالشهور ثم حاضت أو اعتدت ذات الأقراء بالأقراء ثم صارت آيسة فإن أعتقت في أثناء العدة ففيه ثلاثة أقوال أحدها : تتم عدة أمة لأنه عدد محصور يختلف بالرق و الحرية فاعتبر فيه حال الوجوب كالحد و الثاني أنها إن كانت رجعية أتمت عدة حرة و إن كانت بائنا أتمت عدة أمة كما نقول فيمن مات عنها زوجها أنها إن كانت رجعية انتقلت إلى عدة الوفاة و إن كانت بائنا لم تنتقل و الثالث و هو الصحيح أنه يلزمها أن تتمم عدة حرة لأن الاعتبار في العدة بالانتهاء و لهذا لو شرعت في الاعتداد بالشهور ثم حاضت انتقلت إلى الأقراء .
فصل : و إن وطئت امرأة بشبهة وجبت عليها العدة لأن وطء الشبهة كالوطء في النكاح في النسب فكان كالوطء في النكاح في إيجاب العدة فإن زنى بامرأة لم تجب عليها العدة لأن العدة لحفظ النسب و الزاني لا يلحقه نسب .
فصل : و من مات عنها زوجها وجبت عليها العدة دخل بها أو لم يدخل لقوله عز و جل : { و الذين يتوفون منكم و يذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر و عشرا } ( البقرة : 234 ) فإن كانت حائلا و هي حرة اعتدت بأربعة أشهر و عشر للآية و إن كانت أمة اعتدت بشهرين و خمس ليال لأنا دللنا على أن عدتها بالأقراء على النصف إلا أنه لما لم يتبعض جعلناه قرءين و الشهور تتبعض فوجب عليها نصف ما يجب على الحرة و إن كانت حاملا بولد يلحق بالزوج اعتدت بوضعه لما روت أم سلمة Bها قالت : ولدت سبيعة الأسلمية بعد وفاة زوجها بليال فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : [ قد حللت فانكحي ] و إن كنت حاملا بولد لا يلحق الزوج كامرأة الطفل لم تعتد بالحمل منه لأنه لا يمكن أن يكون منه فلم تعتد به منه كامرأة الكبير إذا طلقها و أتت بولد لدون ستة أشهر من حين العقد فإن كان الحمل لاحقا برجل وطئها بشبهة اعتدت به منه و إذا وضعت اعتدت عن الطفل بالشهور لأنه لا يجوز أن تعتد عن شخصين في وقت واحد و إن كان عن زنا احتسبت بما مضى من الشهور في حال الحمل عن عدة وفاة الطفل لأن الحمل عن الزنا لا حكم له فلا يمنع من الاعتداد بالشهور و إن طلق امرأته طلاقا رجعيا ثم مات عنها و هي في العدة اعتدت بعدة الوفاة لأنه توفي عنها و هي زوجته .
فصل : و إن طلق إحدى امرأتيه بعينها ثلاثا و مات قبل أن يبين نظرت فإن لم يدخل بهما اعتدت كل واحدة منهما أربعة أشهر و عشرا لأن كل واحدة منهما يجوز أن تكون هي الزوجة فوجبت العدة عليهما ليسقط الفرض بيقين كمن نسي صلاة من صلاتين لا يعرف عينها و إن دخل بهما فإن كانتا حاملتين اعتدتا بوضع الحمل لأن عدة الطلاق و الوفاة في الحمل واحدة و إن كانتا من ذوات الشهور اعتدتا بأربعة شهور و عشر لأنها تجمع عدة الطلاق و الوفاة و إن كانتا من ذوات الأقراء اعتدتا بأقصى الأجلين من أربعة أشهر و عشر أو ثلاثة أقراء و ابتداء الأشهر من موت الزوج و ابتداء الأقراء من وقت الطلاق ليسقط الفرد بيقين و إن اختلفت صفتهما في العدة كان حكم كل واحدة منهما على الانفراد كحكمها إذا اتفقت صفتهما و قد بيناه و إن طلق إحداهما لا بعينها و مات قبل أن يعين فالحكم فيه على ما ذكرناه فإن كانت المطلقة معينة و مات قبل أن يبين إلا في شيء واحد و هو أنا متى أمرناها بالاعتداد بالشهور أو الأقراء فإن ابتداء الأشهر من حين الموت فأما الأقراء فإن قلنا على أحد الوجهين أن ابتداء العدة من حين يلفظ بالطلاق كان ابتداء الأقراء من حين الطلاق و إن قلنا بالوجه الآخر أن ابتداء العدة من حين التعيين كان ابتداء الأقراء من حين الموت لأن بالموت وقع الأياس من بيانه و قبل الموت لم ييأس من بيانه .
فصل : إذا فقدت المرأة زوجها و انقطع عنها خبره ففيه قولان : أحدهما و هو قوله في القديم أن لها أن تفسخ النكاح ثم تتزوج لما روى عمر بن دينار عن يحيى بن جعدة أن رجلا استهوته الجن فغاب عن امرأته فأتت عمر بن الخطاب Bه فأمرها أن تمكث أربع سنين ثم أمرها أن تعتد ثم تتزوج و لأنه إذا جاز الفسخ لتعذر الوطء بالتعنين و تعذر النفقة بالإعسار فلأن يجوز ههنا و قد تعذر الجميع أولى و الثاني و هو قوله في الجديد و هو الصحيح أنه ليس لها الفسخ لأنه إذا لم يجز الحكم بموته في قسمة ماله لم يجز الحكم بموته في نكاح زوجته و قول عمر Bه يعارضه قول علي عليه السلام تصبر حتى يعلم موته و يخالف فرقة التعنين و الإعسار بالنفقة لأن هناك ثبت سبب الفرقة بالتعنين و ههنا لم يثبت سبب الفرقة و هو الموت فإن قلنا بقوله القديم قعدت أربع سنين ثم تعتد عدة الوفاة ثم تتزوج لما رويناه عن عمر Bه و لأن يمضي أربع سنين يتحقق براءة رحمها ثم تعتد لأن الظاهر أنه مات فوجب عليها عدة الوفاة قال أبو إسحاق يعتبر ابتداء المدة من حين أمرها الحاكم بالتربص و من أصحابنا من قال يعتبر من حين انقطع خبره و الأول أظهر لأن هذه المدة تثبت بالإجتهاد فافتقرت إلى حكم الحاكم كمدة التعنين و هل يفتقر بعد انقضاء العدة إلى الحكم بالفرقة فيه وجهان : أحدهما أنه لا يفتقر لأن الحكم بتقدير المدة حكم بالموت بعد انقضائها و الثاني أنه يفتقر إلى الحكم لأنه فرقة مجتهد فيها فافتقرت إلى الحاكم كفرقة التعنين و هل تقع الفرقة ظاهرا و باطنا ففيه قولان : أحدهما تقع ظاهرا و باطنا فإن قدم الزوج و قد تزوجت لم يجز أن ينتزعها من الزوج لأنه فسخ مختلف فيه فنفذ فيه الحكم ظاهرا و باطنا كفرقة التعنين و الثاني ينفذ في الظاهر دون الباطن لأن عمر Bه جعل للمفقود لما رجع أن يأخذ زوجته و إن قلنا بالقول الجديد أنها باقية على نكاح الزوج فإن تزوجت بعد مدة التربص و انقضاء العدة فالنكاح باطل فإن قضى لها حاكم بالفرقة فهل يجوز نقضه على قوله الجديد ففيه وجهان : أحدهما لا يجوز لأنه حكم فيما يسوغ فيه الاجتهاد و الثاني أنه يجوز لأنه حكم مخالف لقياس جلي و هو أن يكون حيا في ماله ميتا في نكاح زوجته .
فصل : و إن رجع المفقود فإن قلنا بقوله الجديد سلمت الزوجة إليه و إن قلنا بقوله القديم و قلنا إن حكم الحاكم لا ينفذ في الباطن سلمت إليه و إن قلنا إنه ينفذ ظاهرا و باطنا لم تسلم إليه و إن فرق الحاكم بينهما و تزوجت ثم بان أن المفقود كان قد مات وقت الحكم بالفرقة فإن قلنا بقوله القديم صح النكاح سواء قلنا إن الحاكم ينفذ الظاهر دون الباطن أو قلنا إنه ينفذ في الباطن دون الظاهر لأن الحكم أباح لها النكاح و قد بان أن الباطن كالظاهر و إن قلنا بقوله الجديد ففي صحة النكاح الثاني وجهان بناء على القولين فيمن وصى بمكاتبه ثم تبين أن الكتابة كانت فاسدة