وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب كفارة الظهار .
و كفارته عتق رقبة لمن وجد و صيام شهرين متتابعين لمن لم يجد الرقبة و إطعام ستين مسكينا لمن لا يجد الرقبة و لا يطيق الصوم و الدليل عليه قوله عز و جل : { و الذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير * فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا } و روت خولة بنت مالك بن ثعلبة قالت : ظاهر مني زوجي أوس بن الصامت فجئت رسول الله صلى الله عليه و سلم أشكو إليه و رسول الله صلى الله عليه و سلم يجادلني فيه و يقول : [ اتق الله ] فإنه ابن عمك فما برحت حتى نزل القرآن : { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها و تشتكي إلى الله } الآية فقال يعتق رقبة فقلت لا يجد قال فليصم شهرين متتابعين قلت يا رسول الله شيخ كبير ما به صيام قال : [ فليطعم ستين مسكينا ] قلت يا رسول الله ما عنده شيء يتصدق به قال : [ فأتى بعرق من تمر ] قلت يا رسول الله و أنا أعينه بعرق آخر قال : [ قد أحسنت فاذهبي فأطعمي بهما عنه ستين مسكينا و ارجعي إلى ابن عمك ] فإن كان له مال يشتري به رقبة فاضلا عما يحتاج إليه لقوته و لكسوته و مسكنه و بضاعة لا بد له منها وجب عليه العتق و إن كان له رقبة لا يستغني عن خدمتها بأن كان كبيرا أو مريضا أو ممن لا يخدم نفسه لم يلزمه صرفها في الكفارة لأن ما يستغرقه حاجته كالمعدوم في جواز الإنتقال إلى البدل كما نقول فيمن معه ماء يحتاج إليه للعطش و إن كان ممن يخدم نفسه ففيه وجهان : أحدهما يلزمه العتق لأنه مستغن عنه و الثاني لا يلزمه لأن ما من أحد إلا و يحتاج إلى الترفه و الخدمة و إن وجبت عليه كفارة و له مال غائب إن كان لا ضرر عليه في تأخير الكفارة ككفارة القتل و كفارة الوطء في رمضان لم يجز أن ينتقل إلى الصوم لأنه قادر على العتق من غير ضرر فلا يكفر بالصوم كما لو حضر المال و إن كان عليه ضرر في تأخير الكفارة ككفارة الظهار ففيه وجهان : أحدهما لا يكفر بالصوم لأن له مالا فاضلا عن كفايته يمكنه أن يشتري به رقبة فلا يكفر بالصوم كما نقول في كفارة القتل و الثاني له أن يكفر بالصوم لأن عليه ضررا في تحريم الوطء إلى أن يحضر المال فجاز له أن يكفر بالصوم .
فصل : و إن اختلف حاله من حين وجبت الكفارة إلى حين الأداء ففيه ثلاثة أقوال : أحدهما أن يعتبر حال الأداء لأنها عبادة لها بدل من غير جنسها فاعتبر فيها حال الأداء كالوضوء و الثاني يعتبر حال الوجوب لأنه حق يجب على وجه التطهير فاعتبر فيه حال الوجوب كالحد و الثالث يعتبر أغلظ الأحوال من حين الوجوب إلى حين الأداء فأي وقت قدر على العتق لزمه لأنه حق يجب في الذمة بوجود المال فاعتبر فيه أغلظ الأحوال كالحجج .
فصل : و لا يجزئ في شيء من الكفارات إلا رقبة مؤمنة لقوله عز و جل : { و من قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة } ( النساء : 92 ) فنص في كفارة القتل على رقبة مؤمنة و قسنا عليها سائر الكفارات .
فصل : و لا يجزئ إلا رقبة سليمة من العيوب التي تضر بالعمل ضررا بينا لأن المقصود تمليك العبد منفعته و تمكينه من التصرف و ذلك لا يحصل مع العيب الذي يضر بالعمل ضررا بينا فإن أعتق أعمى لم يجز لأن العمى يضر بالعمل الضرر البين و إن أعتق أعور أجزأه لأن العور لا يضر بالعمل ضررا بينا لأنه يدرك ما يدرك البصير بالعينين و لا تجزئ مقطوع اليد أو الرجل لأن ذلك يضر بالعمل ضررا بينا و لا يجزئ مقطوع الإبهام أو السبابة أو الوسطى لأن منفعة اليد تبطل بقطع كل واحد منهما و يجزئ مقطوع الخنصر أو البنصر لأنه لا تبطل منفعة اليد بقطع إحداهما إن قطعتا جميعا فإن كانتا من كف واحدة لم تجزه لأنه تبطل منفعة اليد بقطعهما و إن كانتا من كفين أجزأه لأنه لا تبطل منفعة كل واحد من الكفين و إن قطع منه أنملتان فإن كانتا من الخنصر أو البنصر أجزأه لأن ذهاب كل واحدة منهما لا يمنع الإجزاء فلأن لا يمنع ذهاب أنملتين أولى و إن كانتا من الوسط أو السبابة لم يجزه لأنه تبطل به منفعة الأصبع و إن قطعت منه أنملة فإن كانت من غير الإبهام أجزأه لأنه لا تبطل به منفعة الأصبع و إن كانت من الإبهام لم يجزه لأنه تبطل به منفعة الإبهام .
فصل : و إن كان أعرج نظرت فإن كان عرجا قليلا أجزأه لأنه لا يضر بالعمل ضررا بينا و إن كان كثيرا لم يجزه لأنه يضر بالعمل ضررا بينا و يجزئ الأصم لأن الصمم لا يضر بالعمل بل يزيد في العمل لأنه لا يسمع ما يشغله و أما الأخرس فقد قال في موضع يجزئه و قال في موضع لا يجزئه فمن أصحابنا من قال إن كان مع الخرس صمم لم يجزه لأنه يضر بالعمل ضررا بينا و إن لم يكن معه صمم أجزأه لأنه لا يضر بالعمل ضررا بينا و حمل القولين على هذين الحالين و منهم من قال إن كان يعقل الإشارة أجزأه لأنه يبلغ بالإشارة ما بلغ بالنطق و إن كان لا يعقل لم يجزه لأنه يضر بالعمل ضررا بينا و حمل القولين على هذين الحالين و إن كان مجنونا جنونا مطبقا يمنع العمل لم يجزه لأنه لا يصلح للعمل و إن كان يجن و يفيق نظرت فإن كان زمان المجنون أكثر لم يجزه لأنه يضر به ضررا بينا و إن كان زمان الإفاقة أكثر أجزأه لأنه لا يضر به ضررا بينا و يجزئ الأحمق و هو الذي يفعل الشيء في غير موضعه مع العلم بقبحه .
فصل : و يجزئ الأجدع لأنه كغيره في العمل و يجزئ مقطوع الأذن لأن قطع الأذن لا يؤثر في العمل و غيره أولى منه ليخرج من الخلاف فإن عند مالك لا يجزئه و يجزئ ولد الزنا لأنه كغيره في العمل و غيره أولى منه لأن الزهري و الأوزاعي لا يجيزان ذلك و يجزئ المجبوب و الخصي لأن الجب و الخصي لا يضران بالعمل ضررا بينا و يجزئ الصغير لأنه يرجى من منافعه و تصرفه أكثر مما يرجى من الكبير و لا يجزئ عتق الحمل لأنه لم يثبت له حكم الأحياء و لهذا لا يجب عنه زكاة الفطر و يجزئ المريض الذي يرجى برؤه و لا يجزئ من لا يرجى برؤه لأنه لا عمل فيه و يجزئ نضو الخلق إذا لم يعجز عن العمل و لا يجزئ إذا عجز عن العمل و إن أعتق مرهونا أو جانيا و جوزنا عتقه أجزأه لأنه كغيره في العمل .
فصل : و لا يجزئ عبد مغصوب لأنه ممنوع من التصرف في نفسه فهو كالزمن و إن أعتق غائبا لا يعرف خبره فظاهر ما قاله هاهنا أنه لا يجزئه و قال في زكاة الفطر إن عليه فطرته فمن أصحابنا من نقل جواب كل واحدة منهما إلى الأخرى و جعلهما على قولين : أحدهما يجزئه عن الكفارة و تجب زكاة الفطر عنه لأنه على يقين من حياته و على شك من موته و اليقين لا يزال بالشك و الثاني لا يجزئ في الكفارة و لا تجب زكاة فطرته لأن الأصل في الكفارة وجوبها فلا تسقط بالشك و الأصل في الزكاة هو براءة ذمته منها فلا تجب بالشك و منهم من قال لا يجزئه في الكفارة و تجب زكاة الفطر لأن الأصل ارتهان ذمته بالكفارة بالظهار المتحقق و ارتهانها بالزكاة بالملك المتحقق فلم تسقط الكفارة بالحياة المشكوك فيها و لا الزكاة بالموت المشكوك فيه .
فصل : و لا يجزئ عتق أم الولد و لا المكاتب لأنهما يستحقان العتق بغير الكفارة بدليل أنه لا يجوز إبطاله بالبيع فلا يسقط بعتقهما فرض الكفارة كما لو باع من فقير طعاما ثم دفعه إليه عن الكفارة و يجزئ المدبر و المعتق بصفة لأن عتقهما غير مستحق بدليل أنه يجوز إبطاله بالبيع .
فصل : و إن اشترى من يعتق عليه من الأقارب و نوى عتقه عن الكفارة و لم يجزه لأن عتقه مستحق بالقرابة فلا يجوز أن يصرفه إلى الكفارة كما لو استحق عليه الطعام في النفقة في القرابة فدفعه إليه عن الكفارة و إن اشترى عبدا بشرط أن يعتقه فأعتقه عن الكفارة لم يجزه لأنه مستحق العتق بغير الكفارة فلا يجوز صرفه إلى الكفارة و إن كان مظاهرا و له عبد فقال لامرأته إن وطئتك فعلي أن أعتق عبدي عن كفارة الظهار فوطئها ثم أعتق العبد عن الظهار ففيه وجهان : أحدهما و هو قول أبي علي الطبري أنه لا يجزئه لأنه عتق مستحق بالحنث في الإيلاء و الثاني و هو قول أبي إسحاق إنه يجزئه و هو المذهب لأنه لا يتعين عليه عتقه لأنه مخير بين أن يعتقه و بين أن يكفر كفارة يمين .
فصل : و إن كان بينه و بين آخر عبد و هو موسر فأعتق نصيبه و نوى عتق الجميع عن الكفارة أجزأه لأنه عتق العبد بالمباشرة و السراية و حكم السراية حكم المباشرة و لهذا إذا جرحه و سرى إلى نفسه جعل كما لو باشر قتله و إن كان معسرا عتق نصيبه و إن ملك نصيب الآخر و أعتقه عن الكفارة أجزأه لأنه أعتق جميعه عن الكفارة و إن كان في وقتين فأجزأه كما لو أطعم المساكين في وقتين و إن أعتق نصف عبدين عن كفارة ففيه ثلاثة أوجه : أحدها لا يجزئه لأن المأمور به عتق رقبة و لم يعتق رقبة و الثاني يجزئه لأن أبعاض الجملة كالجملة في زكاة الفطر و زكاة المال فكذلك في الكفارة و الثالث أنه إن كان باقيهما حرا أجزأه لأنه يحصل تكميل الأحكام و التمكين من التصرف في منافعه على التمام و إن كان مملوكا لم يجزه لأنه لا يحصل له تكميل الأحكام و التمكين التام .
فصل : إذا قال لغيره أعتق عبدك عني فأعتقه عنه دخل العبد في ملكه و عتق عليه سواء كان بعوض أو بغير عوض و اختلف أصحابنا في الوقت الذي يعتق عليه فقال أبو إسحاق يقع الملك و العتق في حالة واحدة و من أصحابنا من قال يدخل في ملكه ثم يعتق عليه و هو الصحيح لأن العتق لا يقع عنه في ملك غيره فوجب أن يتقدم الملك ثم يقع العتق إن قال أعتق عبدك عن كفارتي فأعتقه عن كفارته أجزأه لأنه وقع العتق عنه فصار كما لو اشتراه ثم أعتقه .
فصل : و إن لم يجد رقبة و قدر على الصوم لزمه أن يصوم شهرين متتابعين لقوله عز و جل : { فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين } ( المجادلة : 4 ) فإن دخل فيه في أول الشهر صام شهرين بالأهلة لأن الأشهر في الشرع بالأهلة و الدليل عليه قوله عز و جل : { يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس و الحج } ( البقرة : 189 ) فإن دخل فيه و قد مضى من الشهر خمسة أيام صام ما بقي فصام الشهر الذي بعده ثم يصوم من الشهر الثالث تمام ثلاثين يوما لأنه تعذر اعتبار الهلال في شهر فاعتبر بالعدد كما يعتبر العدد في الشهر الذي غم عليهم الهلال في صوم رمضان و إن أفطر في يوم منه من غير عذر لزمه أن يستأنف و إن جامع بالليل قبل أن يكفر أثم لأنه جامع قبل التفكير و لا يبطل التتابع لأن جماعه لم يؤثر في الصوم فلم يقطع التتابع كالأكل بالليل و إن كان الفطر لعذر نظرت فإن كانت امرأة فحاضت في صوم كفارة القتل أو الوطء في كفارة رمضان لم ينقطع التتابع لأنه لا صنع لها في الفطر و لأنه لا يمكن حفظ الشهرين من الحيض إلا بالتأخير إلى أن تيأس من الحيض و في ذلك تغرير بالكفارة لأنها ربما ماتت قبل الإياس فتفوت و إن كان الفطر بمرض ففيه وجهان : أحدهما يبطل التتابع لأنه أفطر باختياره فبطل التتابع كما لو أجهده الصوم فأفطر و الثاني لا يبطل لأن الفطر بسبب من غير جهته فلم يقطع التتابع كالفطر بالحيض و إن كان بالسفر ففيه طريقان : من أصحابنا من قال فيه قولان كالفطر بالمرض لأن السفر كالمرض في إباحة الفطر فكان كالمرض في قطع التتابع و الثاني أنه يقطع التتابع قولا واحدا لأن سببه من جهته و إن انقطع الصوم بالإغماء فهو كما لو أفطر بالمرض و إن أفطرت الحامل أو المرضع في كفارة القتل أو الجماع في رمضان خوفا على ولديهما ففيه وجهان : أحدهما أنه على قولين لأنه فطر لعذر فهو كالفطر بالمرض و الثاني أنه ينقطع التتابع قولا واحدا لأن فطرهما لعذر في غيرهما فلم يلحقا بالمريض و لهذا يجب عليهما الفدية مع القضاء في يوم رمضان و لا يجب على المريض و إن دخل في الصوم فقطعه بصوم رمضان أو يوم النحر لزمه أن يستأنف لأنه ترك التتابع بسبب لا عذر فيه .
فصل : و إن دخل في الصوم ثم وجد الرقبة لم يبطل صومه و قال المزني يبطل كما قال في المتيمم إذا رأى الماء في الصلاة و قد دللنا عليه في الطهارة و المستحب أن يخرج من الصوم و يعتق لأن العتق أفضل من الصوم لما فيه من نفع الآدمي و لأنه يخرج من الخلاف .
فصل : و إن لم يقدر على الصوم لكبر لا يطيق معه الصوم أو لمرض لا يرجى برؤه منه لزمه أن يطعم ستين مسكينا للآية و الواجب أن يدفع إلى كل مسكين مدا من الطعام لما روى أبو هريرة Bه في حديث الجماع في شهر رمضان أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال له : [ أطعم ستين مسكينا ] قال : لا أجد قال : فأتى النبي صلى الله عليه و سلم بعرق من تمر فيه خمسة عشر صاعا فقال خذه و تصدق به و إذا ثبت هذا بالجماع بالخبر ثبت في المظاهر بالقياس عليه .
فصل : و يجب ذلك من الحبوب و الثمار التي تجب فيها الزكاة لأن الأبدان بها تقوم و يجب من غالب قوت بلده قال القاضي أبو عبيد ابن حربويه يجب من غالب قوته لأن في الزكاة الاعتبار بماله فكذلك ههنا و المذهب الأول لقوله تعالى : { إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم } ( المائدة : 89 ) و الأوسط الأعدل و أعدل ما يطعم أهله قوت البلد و يخالف الزكاة فإنها تجب من المال و الكفارة تجب في الذمة فإن عدل إلى قوت بلد أخرى فإن كان أجود من غالب قوت بلده الذي هو فيه جاز لأنه زاد خيرا فإن لم يكن أجود فإن كان مما يجب فيه زكاة ففيه وجهان : أحدهما يجزئه لأنه قوت تجب فيه الزكاة فأشبه قوت البلد و الثاني لا يجزئه و هو الصحيح لأنه دون قوت البلد فإن كان في موضع قوتهم الأقط ففيه وجهان : أحدهما يجزئه لأنه مكيل مقتات فأشبه قوت البلد و الثاني لا يجزئه لأنه يجب فيه الزكاة فلم يجزئه كاللحم و إن كان لحما أو سمكا أو جرادا ففيه طريقان : من أصحابنا من قال فيه قولان كالأقط و منهم من قال لا يجزئه قولا واحدا و يخالف الأقط لأنه يدخله الصاع و إن كان في موضع لا قوت فيه وجب من غالب قوت أقرب البلاد إليه .
فصل : و لا يجوز الدقيق و السويق و الخبز و من أصحابنا من قال يجزئه لأنه مهيأ للاقتيات مستغنى عن مؤنته و هذا فاسد لأنه إن كان قد هيأه لمنفعة فقد فوت فيه وجوها من المنافع و لا يجوز إخراج القيمة لأنه أخذ ما يكفر به فلم يجز فيه القيمة كالعتق .
فصل : و لا يجوز أن يدفع الواجب إلى أقل من ستين مسكينا للآية و الخبر فإن جمع ستين مسكينا و غداهم و عشاهم لما عليه من الطعام لم يجزه لأن ما وجب للفقراء بالشرع وجب فيه التمليك كالزكاة و لأنهم يختلفون في الأكل و لا يتحقق أن كل واحد منهم يتناول قدر حقه و إن قال لهم ملكتكم هذا بينكم بالسوية ففيه وجهان : أحدهما لا يجزئه و هو قول أبي سعيد الإصطخري لأنه يلزمهم مؤنة في قسمته فلم يجزه كما لو سلم إليهم الطعام في السنابل و الثاني أنه يجزئه و هو الأظهر لأنه سلم إلى كل واحد منهم قدر حقه و المؤنة في قسمته قليلة فلا يمنع الإجزاء .
فصل : و لا يجوز أن يدفع إلى مكاتب لأنها تجب لأهل الحاجة و المكاتب مستغن بكسبه إن كان له كسب أو بأن يفسخ الكتابة و يرجع إلى مولاه إن لم يكن له كسب و لا يجوز أن يدفع إلى كافر لأنها كفارة فلا يجوز صرفها إلى كافر كالعتق و لا يجوز دفعها إلى من تلزمه نفقته من زوجة أو والد أو ولد لأنه مستغن بالنفقة فإن دفع بعض ما عليه من الطعام ثم قدر على الصيام لم يلزمه الإنتقال إلى الصوم كما لا يلزمه الإنتقال إلى العتق إذا وجد الرقبة في أثناء الصوم و الأفضل أن ينتقل إليه لأنه أصل .
فصل : و لا يجوز أن يكفر عن الظهار قبل أن يظاهر لأنه حق يتعلق بسببين فلا يجوز تقديمه عليهما كالزكاة قبل أن يملك النصاب و يجوز أن يكفر بالمال بعد الظهار و قبل العود لأنه حق مال يتعلق بسببين فإذا وجد أحدهما جاز تقديمه على الآخر كالزكاة قبل الحول و كفارة اليمين قبل الحنث .
فصل : و لا يجوز شيء من الكفارات إلا بالنية لقوله صلى الله عليه و سلم : [ إنما الأعمال بالنيات و لكل امرئ ما نوى ] و لأنه حق يجب على سبيل الطهرة فافتقر إلى النية كالزكاة و لا يلزمه في النية تعيين سبب الكفارة كما لا يلزمه في الزكاة تعيين المال الذي يزكيه فإن كفر بالصوم لزمه أن ينوي كل ليلة أنه صائم غدا عن الكفارة و هل يلزمه نية التتابع فيه ثلاثة أوجه : أحدها يلزمه أن ينوي كل ليلة لأن التتابع واجب فلزمه نيته كالصوم و الثاني يلزمه أن ينوي ذلك في أوله لأنه يتميز بذلك عن غيره و الثالث و هو الصحيح أنه لا تلزمه نية التتابع لأن العبادة هي الصوم و التتابع شرط في العبادة فلم تجب نيته في أداء العبادة كالطهارة و ستر العورة لا يلزمه نيتهما في الصلاة .
فصل : و إن كان المظاهر كافرا كفر بالعتق أو الطعام لأنه يصح منه العتق و الإطعام في غير الكفارة فصح منه في الكفارة و لا يكفر بالصوم لأنه لا يصح منه الصوم في غير الكفارة فلا يصح منه في الكفارة فإن كان المظاهر عبدا فقد ذكرناه في باب المأذون فأغنى عن الإعادة و بالله التوفيق