وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب الشرط في الطلاق .
إذا علق الطلاق بشرط لا يستحيل كدخول الدار و مجيء الشهر تعلق به فإذا وجد الشرط وقع و إذا لم يوجد لم يقع لما روى أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ المؤمنون عند شروطهم ] و لأن الطلاق كالعتق لأن كل واحد منهما قوة و سراية ثم العتق إذا علق على شرط وقع بوجوده و لم يقع قبل وجوده فكذلك الطلاق فإن علق الطلاق على شرط ثم قال عجلت ما كنت علقت على الشرط لم تطلق في الحال لأنه تعلق بالشرط و لا يتغير و إذا وجد الشرط طلقت و إن قال أنت طالق ثم قال أردت إذا دخلت الدار أو إذا جاء رأس الشهر لم يقبل في الحكم لأنه يدعي خلاف ما يقتضيه اللفظ بظاهره و يدين فيما بينه و بين الله تعالى لأنه يدعي صرف الكلام عن ظاهره إلى وجه يحتمله فدين فيه كما لو قال أنت طالق و ادعى أنه أراد طلاقا من وثاق فإن قال أنت طالق إن دخلت الدار و قال أردت الطلاق في الحال و لكن سبق لساني إلى الشرط لزمه الطلاق في الحال لأنه أقر على نفسه بما يوجب التغليظ من غير تهمة .
فصل : و الألفاظ التي تستعمل في الشرط في الطلاق من و إن و إذا و متى و أي وقت و كلما و ليس في هذه الألفاظ ما يقتضي التكرار إلا قوله كلما فإنه يقتضي التكرار فإذا قال من دخلت الدار فهي طالق أو قال لامرأته إن دخلت الدار أو إذا دخلت الدار أو متى دخلت الدار أو في أي وقت دخلت الدار فأنت طالق فوجد الدخول وقع الطلاق و إن تكرر الدخول لم يتكرر الطلاق لأن اللفظ لا يقتضي التكرار و إن قال كلما دخلت الدار فأنت طالق فدخلت طلقت و إن تكرر الدخول تكرر الطلاق لأن اللفظ يقتضي التكرار .
فصل : و إن كانت له امرأة لا سنة في طلاقها و لا بدعة و هي الصغيرة التي لم تحض أو الكبيرة التي يئست من الحيض أو الحامل أو التي لم يدخل بها فقال لها أنت طالق لا للسنة و لا للبدعة طلقت لوجود الصفة و إن قال أنت طالق للسنة أو للبدعة أو أنت طالق للسنة و البدعة طلقت لأنه وصفها بصفة لا تتصف بها فلغت الصفة و بقي الطلاق فوقع فإن قال للصغيرة أو الحامل أو التي لم يدخل بها أنت طالق للسنة أو أنت طالق للبدعة و قال أردت به إذا صارت من أهل سنة الطلاق أو بدعته طلقت في الحال و لم يقبل ما يدعيه في الحكم لأن اللفظ يقتضي طلاقا ناجزا و يدين فيما بينه و بين الله D لأنه يحتمل ما يدعيه و إن كانت له امرأة لها سنة و بدعة في الطلاق و هي المدخول بها إذا كانت من ذوات الأقراء فقال لها : أنت طالق للسنة فإن كانت في طهر لم يجامعها فيه لم تطلق في الحال لفقد الصفة فإذا جامعها أو حاضت طلقت لوجود الصفة و إن قال أنت طالق للسنة إن كنت في هذه الحالة ممن يقع عليها طلاق السنة فإن كانت في طهر لم يجامعها فيه طلقت لوجود الصفة و إن كانت حائضا أو في طهر جامعها فيه لم تطلق في الحال لعدم الصفة و إن صارت في طهر لم تجامع فيه لم تطلق أيضا لأنه شرط أن تكون للسنة و أن تكون في تلك الحال و ذلك لا يوجد بعد انقضاء الحال و إن قال لها أنت طالق للسنة و للبدعة أو أنت طالق طلقة حسنة قبيحة طلقت في الحال طلقة لأنه لا يمكن إيقاع طلقة على هاتين الصفتين فسقطت الصفتان و بقي الطلاق فوقع و إن قال أنت طالق طلقتين طلقة للسنة و طلقة للبدعة طلقت في الحال طلقة فإذا صارت في الحالة الثانية طلقت طلقة و إن قال أنت طالق طلقتين للسنة و للبدعة ففيه وجهان : أحدهما يقع طلقة في حال السنة و طلقة في حال البدعة لأنه يمكب إيقاعها على الصفتين فلم يجز إسقاطهما و الثاني يقع في الحال طلقتان لأن الظاهر عود الصفتين إلى كل واحدة من الطلقتين و إيقاع كل واحدة منهما على الصفتين لا يمكن فلغت الصفتان و وقعت الطلقتان و إن قال أنت طالق ثلاثا للسنة وقع الثلاث في طهر لم يجامعها فيه لأن ذلك طلاق للسنة و إن قال أنت طالق ثلاثا بعضهن للسنة و بعضهن للبدعة وقع في الحال طلقتان لأن إضافة الطلاق إليهما يقتضي التسوية فيقع في الحال طلقة و نصف ثم يكمل فيصير طلقتين و يقع الباقي في الحالة الأخرى و إن قال أردت بالبعض طلقة في هذه الحال و طلقتين في الحالة الأخرى ففيه وجهان : أحدهما و هو قول أبي علي ابن أبي هريرة إنه لا يقبل قوله في الحكم و يدين فيما بينه و بين الله عز و جل لأنه يدعي ما يتأخر به الطلاق فصار كما لو قال أنت طالق و ادعى أنه أراد إذا دخلت الدار و الثاني و هو المذهب أنه يقبل في الحكم و يدين فيما بينه و بين الله D لأن البعض يقع على القليل و الكثير حقيقة و يخالف دعوى دخول الدار فإن الظاهر إنجاز الطلاق فلم تقبل في الحكم دعوى التأخير .
فصل : و إن قال إن قدم فلان فأنت طالق فقدم و هي في طهر لم يجامع فيه وقع طلاق سنة و إن قدم و هي حائض أو في طهر جامعها فيه وقع طلاق بدعة إلا أنه لا يأثم لأنه لم يقصد كما إذا رمى صيدا فأصاب آدميا فقتله فإن القتل صادف محرما لكنه لم يأثم لعدم القصد و إن قال إن أقدم فلان فأنت طالق للسنة فقدم و هي في حال السنة طلقت و إن قدم و هي في حال البدعة لم تطلق حتى تصير إلى حال السنة لأنه علقه بعد القدم بالسنة .
فصل : و إن قال أنت طالق أحسن الطلاق و أكمله و أعدله وما أشبهها من الصفات الحميدة طلقت للسنة لأنه أحسن الطلاق وأكمله وأعدله و إن قال أردت به طلاق البدعة و اعتقدت أن الأعدل والأكمل في حقها لسوء عشرتها أن تطلق للبدعة نظرت فإن كان ما يدعيه من ذلك أغلظ عليه بأن تكون في الحال حائضا أو في طهر جامعها فيه وقع طلاق بدعة لأن ما ادعاه أغلظ عليه و اللفظ يحتمله فقبل منه و إن كان أخف عليه بأن كانت في طهر لم يجامع فيه دين فيما بينه و بين الله عز و جل لأنه يحتمل ما يدعيه و لا يقبل في الحكم لأنه مخالف للظاهر فإن قال أنت طالق أقبح الطلاق و أسمجه و ما أشبههما من صفات الذم طلقت في حال البدعة لأنه أقبح الطلاق و أسمجه و إن قال أردت طلاق السنة و اعتقدت أن طلاقها أقبح الطلاق و أسمجه لحسن دينها و عشرتها فإن كان ذلك أغلظ عليه لما فيه من تعجيل الطلاق قبل منه لأنه أغلظ عليه و اللفظ يحتمله و إن كان أخف عليه لما فيه من تأخير الطلاق دين فيما بينه و بين الله عز و جل لأنه يحتمل و لا يقبل في الحكم لأنه مخالف للظاهر و إن قال أنت طالق طلاق الحرج طلقت للبدعة لأن الحرج فيما خالف السنة و أثم به .
فصل : و إن قال لها و هي حائض إذا طهرت فأنت طالق طلقت بانقطاع الدم لوجود الصفة و إن قال لها ذلك و هي طاهر لم تطلق حتى تحيض ثم تطهر لأن إذا اسم للزمان المستقبل فاقتضى فعلا مستأنفا و لهذا لو قال لرجل حاضر إذا جئتني فلك دينار لم يستحق بهذا الحضور حتى يغيب ثم يجيئه و إن قال لها و هي طاهر إن حضت فأنت طالق طلقت برؤية الدم و إن قال لها ذلك و هي حائض لم تطلق حتى تطهر ثم تحيض لما ذكرناه في الطهر فإن قال لها و هي حائض إن طهرت طهرا فأنت طالق لم تطلق حتى تطهر ثم تحيض لأنه لا يوجد طهر كامل إلا أن تطعن في الحيض الثاني و إن قال لها ذلك و هي طاهر لم تطلق حتى تحيض ثم تطهر ثم تحيض لأن الطهر الكامل لا يوجد إلا بما ذكرناه و إن قال إن حضت حيضة فأنت طالق فإن كانت طاهرا لم تطلق حتى تحيض ثم تطهر و إن كانت حائضا لم تطلق حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر لما ذكرناه في الطهر .
فصل : و إن قال أنت طالق ثلاثا في كل قرء طلقة نظرت فإن كانت لها سنة و بدعة في طلاقها نظرت فإن كانت طاهرا طلقت طلقة لأن ما بقي من الطهر قرء و إن كانت حائضا لم تطلق حتى تطهر ثم يقع في كل طهر طلقة و إن لم يكن لها سنة و لا بدعة نظرت فإن كانت حاملا طلقت في الحال طلقة لأن الحمل قرء يعتد به و إن كانت تحيض على الحمل لم تطلق في أطهارها لأنها ليست بأقراء و لهذا لا يعتد بها فإن راجعها قبل الوضع و طهرت في النفاس وقعت طلقة أخرى فإذا حاضت و طهرت وقعت الثالثة و إن كانت غير مدخول بها وقعت عليها طلقة و بانت فإن كانت صغيرة مدخولا بها طلقت في الحال طلقة فإن لم يراجعها حتى مضت ثلاثة أشهر بانت و إن راجعها لم تطلق في الطهر بعد الرجعة لأنه هو الطهر الذي وقع فيه الطلاق .
فصل : و إن قال إن حضت فأنت طالق فقالت حضت فصدقها طلقت و إن كذبها فالقول قولها مع يمينها لأنه لا يعرف الحيض إلا من جهتها و إن قال لها قد حضت فأنكرت طلقت بإقراره و إن قال لها إن حضت فضرتك طالق فقالت حضت فإن صدقها طلقت ضرتها و إن كذبها لم تطلق لأن قولها يقبل على الزوج في حقها و لا يقبل على غيرها إلا بتصديق الزوج كالمودع يقبل قوله في رد الوديعة على المودع و لا يقبل في الرد على غيره و إن قال إذا حضت فأنت و ضرتك طالقان فقالت حضت فإن صدقها طلقتا و إن كذبها و حلفت طلقت هي و لم تطلق ضرتها و إن صدقتها الضرة على حيضها لم يؤثر تصديقها و لكن لها أن تحلف الزوج على تكذيبها و إن قال إذا حضتما فأنتما طالقتان فإن قالتا حضنا فصدقهما طلقتا و إن كذبهما لم تطلق واحدة منهما لأن طلاق كل واحدة منهما معلق على شرطين حيضها و حيض صاحبتها و لا يقبل قول كل واحدة منهما إلا في حيضها أو في حقها نفسها دون صاحبتها و لم يوجد الشرطان و إن صدق إحداهما و كذب الأخرى طلقت المكذبة لأنها غير مقبولة القول على صاحبتها و مقبولة القول في حق نفسها و قد صدق الزوج صاحبتها فوجد الشرطان في طلاقها فطلقت و المصدقة مقبولة القول في الحيض في حق نفسها و قد صدقها الزوج و قول صاحبتها غير مقبول في حيضها في طلاقها و لم يوجد الشرطان في حقها فلم تطلق .
فصل : و إن قال لامرأتين إن حضتما حيضة فأنتما طالقان ففيه وجهان : أحدهما أن هذه الصفة لا تنعقد لأنه يستحيل اجتماعهما في حيضة فبطل و الثاني أنهما إذا حاضتا وقع الطلاق لأن الذي يستحيل هو قوله حيضة فيلغي لاستحالتها و يبقى قوله إن حضتما فيصير كما لو قال إن حضتما فأنتما طالقتان و قد بينا حكمه .
فصل : و إن قال لأربع نسوة إن حضتن فأنتن طوالق فقد علق طالق كل واحدة منهن بأربع شرائط و هي حيض الأربع فإن قلن حضنا و صدقهن طلقن لأنه وجد حيض الأربع و إن كذبهن لم تطلق واحدة منهن لأنه لم يثبت حيض الأربع لأن قول كل و احدة منهن لا يقبل إلا في حقها و إن صدق و احدة أو اثنتين لم تطلق واحدة منهن لأنه لم يوجد الشرط و إن صدق ثلاثا و كذب و احدة طلقت المكذبة لأن قولها مقبول في حيضها في حق نفسها و قد صدق الزوج صواحبها فوجد حيض الأربع في حقها فطلقت و لا تطلق المصدقات لأن قول كل و احدة منهن مقبول في حيضها في حقها غير مقبول في حق صواحبها و قد بقيت و احدة منهن مكذبة فلم تطلق لأجلها .
فصل : و إن قال لهن كلما حاضت و احدة منكن فصواحبها طوالق فقد جعل حيض كل و احدة منهن صفة لطلاق البواقي فإن قلن حضنا فصدقهن طلقت كل واحدة منهن ثلاثا لأن لكل و احدة منهن ثلاث صواحب تطلق بحيض كل صاحبة طلقة فطلقت كل و احدة منهن ثلاثا و إن كذبهن لم تطلق و احدة منهن لأن كل واحدة منهن و إن قبل قولها في حقها إلا أنه لا يقبل في حق غيرها و إن صدق و احدة منهن وقع على كل و احدة منهن طلقة لأن لكل و احدة منهن صاحبة ثبت حيضها و لا يقع على المصدقة طلاق لأنه ليس لها صاحبة ثبت حيضها و إن صدق اثنتين وقع على كل و احدة منهما طلقة لأن لكل و احدة منهما صاحبة ثبت حيضها و يقع على كل و احدة من المكذبتين طلقتان لأن لكل و احدة منهما صاحبتين ثبت حيضهما فإن صدق ثلاثا وقع على كل و احدة منهن طلقتان لأن لكل و احدة منهن صاحبتين ثبت حيضهما و وقع على المكذبة ثلاث تطليقات لأن لها ثلاث صواحب ثبت حيضهن .
فصل : و إن قال لامرأته إن لم تكوني حاملا فأنت طالق لم يجز وطؤها قبل الاستبراء لأن الأصل عدم الحمل و وقوع الطلاق فإن لم يكن بها حمل طلقت و إن وضعت حملا لأقل من ستة أشهر من وقت عقد الطلاق لم تطلق لأنا تيقنا من أنها كانت حاملا عند العقد و إن وضعته لأكثر من أربع سنين طلقت طلقة لأنا تيقنا أنها لم تكن حاملا عند العقد و إن وضعته لما بين ستة أشهر و أربع سنين نظرت فإن لم يطأها الزوج في هذه المدة لم يقع الطلاق لأنا حكمنا بأنها كانت حاملا عند العقد و إن كان وطئها نظرت فإن وضعته لأقل من ستة أشهر من وقت العقد لم يقع الطلاق لأنا حكمنا أنها كانت حاملا وقت العقد و إن وضعته لأكثر من ستة أشهر من وقت العقد و الوطء جميعا ففيه وجهان : أحدهما و هو قول أبي إسحاق أنها تطلق لأنه يجوز أن يكون قبل الوطء و يجوز أن يكون حدث من الوطء و الظاهر أنه حدث من الوطء لأن الأصل فيما قبل الوطء العدم و الثاني و هو قول أبي علي ابن أبي هريرة أنها لم تطلق لأنه يحتمل أن يكون موجودا عند العقد و يحتمل أن يكون حادثا من الوطء بعده و الأصل بقاء النكاح و إن قال لها إن كنت حاملا فأنت طالق فهل يحرم وطؤها قبل الاستبراء فيه وجهان : أحدهما لا يحرم لأن الأصل عدم الحمل و ثبوت الإباحة و الثاني يحرم لأنه يجوز أن تكون حاملا فيحرم وطؤها و يجوز أن لا تكون حاملا فيحل وطؤها فغلب التحريم فإن استبرأها و لم يظهر الحمل فهي على الزوجية و إن ظهر الحمل نظر فإن وضعت لأقل من ستة أشهر من وقت عقد الطلاق حكم بوقوع الطلاق لأنا تيقنا أنها كانت حاملا وقت العقد و إن وضعته لأكثر من أربع سنين من وقت العقد لم تطلق لأنا علمنا أنها لم تكن حاملا و إن وضعته لأكثر من ستة أشهر و دون أربع سنين نظرت فإن كان الزوج لم يطأها طلقت لأنا حكمنا أنها كانت حاملا وقت العقد و إن وطئها نظرت فإن وضعته لدون ستة أشهر من وقت الوطء وقع الطلاق لأنا حكمنا أنها كانت حاملا وقت العقد و إن وطئها نظرت فإن وضعته لدون ستة أشهر من وقت الوطء وقع الطلاق لأنا حكمنا أنها كانت حاملا وقت العقد وإن وضعته بعد ستة أشهر من بعد وطئه لم يقع الطلاق وجها واحدا لأنه يجوز أن يكون موجودا وقت العفد و يجوز أن يكون حدث بعده فلا يجوز أن يوقع الطلاق بالشك و اختلف أصحابنا في صفة الاستبراء و وقته و قدره و ذكر الشيخ أبو حامد الإسفرايني C في الاستبراء في المسألتين ثلاثة أوجه : أحدها ثلاثة أقراء و هي أطهار لأنه استبراء حرة فكان بثلاثة أطهار والثاني بطهر لأن القصد براءة الرحم فلا يزاد على قرء و استبراء الحرة لا يجوز إلا بالطهر فوجب أن يكون طهرا و الثالث أنه بحيضه لأن القصد من هذا الاستبراء معرفة براءة الرحم و الذي يعرف به براءة الرحم الحيض و هل يعتد بالاستبراء قبل عقد الطلاق ففيه وجهان : أحدهما لا يعتد لأن الاستبراء لا يجوز أن يتقدم على سببه و الثاني يعتد به لأن القصد معرفة براءة الرحم و ذلك يحصل و إن تقدم و من أصحابنا من قال في المسألة الثانية الاستبراء على ما ذكرناه لأن الاستبراء لاستباحة الوطء فأما في المسألة الأولى فلا يجوز الاستبراء بدون ثلاثة أطهار و لا يعتد بما وجد منه قبل الطلاق لأنه استبراء حرة للطلاق فلا يجوز بما دون ثلاثة أطهار و لا بما تقدم على الطلاق كالاستبراء في سائر المطلقات .
فصل : إذا قال لامرأته إن ولدت ولدا فأنت طالق فولدت ولدا طلقت حيا كان أو ميتا لأن اسم الولد يقع على الجميع فإن ولدت آخر لم تطلق لأن اللفظ لا يقتضي التكرار و إن قال كلما ولدت ولدا فأنت طالق فولدت ولدين من حمل واحدا بعد واحد طلقت بالأول و لم تطلق بالثاني و إن ولدت ثلاثة أولاد واحدا بعد واحد طلقت بالأول طلقة و بالثاني طلقة و لا يقع بالثالث شيء و حكى أبو علي بن خيران عن الإملاء قولا آخر أنه يقع بالثالث طلقة أخرى و الصحيح هو الأول لأن العدة انقضت بالولد الأخير فوجدت الصفة و هي بائن فلم يقع بها طلاق كما لو قال إذا مت فأنت طالق و إن ولدت ثلاثة دفعة و احدة طلقت ثلاثا لأن صفة الثلاث قد وجدت و هي زوجة فوقع كما لو قال إن كلمت زيدا فأنت طالق و إن كلمت عمرا فأنت طالق و إن كلمت بكرا فأنت طالق فلمتهم دفعة و احدة طلقت ثلاثا و إن قال إن ولدت ذكرا فأنت طالق طلقة و احدة و إن قال إن ولدت أنثى فأنت طالق طللقتين فوضعت ذكرا و أنثى دفعة و احدة طلقت ثلاثا و إن وضعت أحدهما بعد الآخر وقع بالأول ما علق عليه و لم يقع بالثاني شيء لبينونتها بانقضاء العدة و هذا ظاهر و إن لم تعلم كيف وضعتهما طلقت طلقة لأنها يقين و الورع أن يلتزم الثلاث و إن قال يا حفصة إن كان أول ما تلدين ذكرا فعمرة طالق و إن كان أنثى فأنت طالق فولدت ذكرا و أنثى دفعة و احدة لم تطلق و احدة منهما لأنه ليس فيهما أول و إن قال إن كان في بطنك ذكر فأنت طالق طلقة و إن كان في بطنك أنثى فأنت طالق طلقتين فوضعت ذكرا و أنثى طلقت ثلاثا لاجتماع الصفتين و إن قال إن كان حملك أو ما في بطنك ذكرا فأنت طالق فوضعت ذكرا و أنثى لم تطلق لأن الصفة أن يكون جميع ما في البطن ذكرا و لم يوجد ذلك .
فصل : و إذا قال للمدخول بها إذا طلقتك فأنت طالق ثم قال لها أنت طالق وقعت طلقتان : إحداهما بقوله أنت طالق و الآخرى بوجود الصفة و إن قال لم أرد بقولي إذا طلقتك فأنت طالق عقد الطلاق بالصفة و إنما أردت أني إذا طلقتك تطلقين بما أوقع علىك من الطلاق لم يقبل قوله في الحكم لأن الظاهر أنه عقد طلاقا على صفة و يدين فيما بينه و بين الله عز و جل لأنه يحتمل ما يدعيه و إن قال إن طلقتك فأنت طالق ثم قال لها إن دخلت الدار فأنت طالق فدخلت الدار وقعت طلقتان إحداهما بدخول الدار و الأخرى بوجود الصفة لأن الصفة أن يطلقها و إن علق طلاقها بدخول الدار فدخلت فقد طلقها و إن قال لها مبتدئا إن دخلت الدار فأنت طالق ثم قال إذا طلقتك فأنت طالق فدخلت الدار وقعت طلقة بدخول الدار و لا تطلق بقوله إذا طلقتك فأنت طالق لأن هذا يقتضي ابتداء إيقاع ما بعد عقد الصفة و ما وقع بدخول الدار ليس بابتداء إيقاع بعد عقد الصفة و إنما هو وقوع بالصفة السابقة لعقد الطلاق فإن قال إن طلقك فأنت طالق ثم وكل من يطلقها فطلقها وقعت الطلقة التي أوقعها الوكيل و لا يقع ما عقده على الصفة لأن الصفة أن يطلقها بنفسه و إن قال إذا أوقعت إليك الطلاق فأنت طالق ثم قال لها إن دخلت الدار فأنت طالق فدخلت فقد قال بعض أصحابنا أنها تطلق صفة بدخول الدار و لا تطلق بقوله إذا أوقعت عليك لأن قوله إذا أوقعت عليك يقتضي طلاقا يباشر إيقاعه و ما يقع بدخول الدار يقع حكما قال الشيخ الإمام : و عندي أنه يقع طلقتان إحداهما بدخول الدار و الآخرى بالصفة كما قلنا فيمن قال إذا طلقتك فأنت طالق ثم قال إذا دخلت الدار فأنت طالق فدخلت الدار و إن قال كلما طلقتك فأنت طالق ثم قال لها أنت طالق طلقت طلقتين إحداهما بقوله أنت طالق و الأخرى بوجود الصفة و لا تقع الثالثة بوقوع الثانية لأن الصفة إيقاع الطلاق و الصفة لم تتكرر فلم يتكرر الطلاق .
فصل : و إن قال إذا وقع عليك طلاقي فأنت طالق ثم قال لها أنت طالق وقعت طلقتان طلقة بقوله أنت طالق و طلقة بوجود الصفة و إن قال لها بعد هذا العقد أو قبله إن دخلت الدار فأنت طالق فدخلت الدار طلقت طلقتين طلقة بدخول الدار و طلقة بوجود الصفة و إن كان وكيلا بعد هذا العقد في طلاقها فطلقها ففيه وجهان : أحدهما يقع ما أوقعه الوكيل و لا يقع ما علقه بالصفة كما قلنا فيمن قال إذا طلقتك فأنت طالق ثم وكل من يطلق و الثاني أنه يقع طلقتان طلقة بإيقاع الوكيل و طلقة بالصفة لأن الصفة وقوع طلاق الزوج و ما وقع بإيقاع الوكيل هو طلاق الزوج و إن قال إذا طلقتك فأنت طالق و إذا وقع عليك طلاقي فأنت طالق ثم قال لها أنت طالق وقع الثلاث طلقة بقوله أنت طالق و طلقتان بالصفتين و إن قال كلما وقع عليك طلاقي فأنت طالق ثم أوقع عليها طلقة بالمباشرة أو نصفه عقدها قبل هذا العقد أو بعده طلقت ثلاثا واحدة بعد واحدة لأن بالطلقة الأولى توجد صفة الطلقة الثانية و بالثانية توجد صفة الطلقة الثالثة .
فصل : و إن قال لغير المدخول بها إذا طلقتك فأنت طالق أو إذا وقع عليك طلاقي فأنت طالق أو كلما وقع عليك طلاقي فأنت طالق فوقعت عليها طلقة بالمباشرة أو بالصفة لم يقع غيرها لأنها تبين بها فلم يلحقها ما بعدها .
فصل : و إن قال متى لم أطلقك أو إي وقت لم أطلقك فأنت طالق فهو على الفور فإذا مضى زمان يمكنه أن يطلق فيه وقع الطلاق و إن قال لم أطلقك فأنت طالق فالمنصوص أنه على التراخي و لا يقع به الطلاق إلا عند فوات الطلاق و هو عند موت أحدهما و إن قال إذا لم أطلقك فأنت طالق فالمنصوص أنه على الفور فإذا مضى زمان يمكنه أن يطلق فلم يطلق وقع الطلاق فمن أصحابنا من نقل جواب كل واحدة منهما إلى الأخرى فجعلهما على قولين و منهم من حملهما على ظاهرهما فجعل قوله إن لم أطلقك على التراخي و جعل قوله إذا لم أطلقك على الفور و هو الصحيح لأن قو له إذا اسم لزمان مستقبل و معناه أي وقت و لهذا يجاب به عن السؤال عن الوقت فيقال متى ألقاك فتقول إذا شئت كما تقول أي وقت شئت فكان على الفور كما لو قال أي وقت لم أطلقك فأنت طالق و ليس كذلك إن فإنه لا يستعمل في الزمان و لهذا لا يجوز أن يقال متى ألقاك فتقول إن شئت وإنما يستعمل في الفعل و يجاب بها عن السؤال عن الفعل فيقال هل ألقاك فتقول إن شئت فيصير معناه إن فاتني أن أطلقك فأنت طالق و الفوات يكون في آخر العمر و إن قال لها كلما لم أطلقك فأنت طالق فمضى ثلاثة أوقات لم تطلق فيها وقع عليها ثلاث طلقات واحدة بعد واحدة لأن معناه كلما سكت عن طلاقك فأنت طالق و قد سكت ثلاث سكتات .
فصل : و إن قال إن حلفت بطلاقك فأنت طالق ثم قال لها إن خرجت أو إن لم تخرجي أو إن لم يكن هذا كما قلت فأنت طالق طلقت لأنه حلف بطلاقها و إن قال إن طلعت الشمس أو إن جاء الحاج فأنت طالق لم يقع الطلاق حتى تطلع الشمس أو يجيء الحاج لأن اليمين ما قصد بها المنع من فعل أو الحث على فعل أو التصديق على فعل وليس في طلوع الشمس و مجيء الحاج منع ولا حث و لا تصديق و إنما هو صفة للطلاق فإذا وجدت وقع الطلاق بوجود الصفة و إن قال لها إذا حلفت بطلاقك فأنت طالق ثم أعاد هذا القول وقعت طلقة لأنه حلف بطلاقها فإن أعاد ثالثا وقعت طلقة ثانية و إن أعاد رابعا وقعت طلقة ثالثة لأن كل مرة توجد صفة طلاق و تنعقد صفة أخرى و إن أعادها خامسا لم يقع طلاق لأنه لم يبق له طلاق و لا ينعقد به يمين في طلاق غيرها لأن اليمين بطلاق من لا يملكها لا ينعقد و إن كانت له امرأتان إحداهما مدخول بها والأخرى غير مدخول بها فقال إن حلفت بطلاقكما فأنتما طالقان ثم أعاد هذا القول طلقت المدخول بها طلقة رجعية و تطلق غير المدخول بها طلقة بائنة فإن أعاد لم تطلق واحدة منهما لأن غير المدخول بها بائن و المدخول بها لا يوجد شرط طلاقها لأن شرط طلاقها أن يحلف بطلاقهما ولم يحلف بطلاقهما لأن غير المدخول بها لا يصح الحلف بطلاقها .
فصل : و إذا كان له أربعة نسوة و عبيد فقال : كلما طلقت امرأة من نسائي فعبد من عبيدي حر و كلما طلقت امرأتين فعبدان حران و كلما طلقت ثلاثا فثلاثة أعبد أحرار و كلما طلقت أربعا فأربعة أعبد أحرار ثم طلقهن فالمذهب أنه يعتق خمسة عشر عبدا لأن بطلاق الأولى يعتق عبد بوجود صفة الواحدة و بطلاق الثانية يعتق ثلاثة أعبد لأنه اجتمع صفتان طلاق الواحدة و طلاق اثنتين و بطلاق الثالثة يعتق أربعة أعبد لأنه اجتمع صفتان طلاق الواحدة و طلاق الثلاث و بطلاق الرابعة يعتق سبعة أعبد لأنه اجتمع ثلاث صفات طلاق الواحدة و طلاق اثنتين و طلاق أربع و من أصحابنا من قال يعتق سبعة عشر عبدا لأن في طلاق الثالثة ثلاث صفات طلاق واحدة و طلاق اثنتين بعد الواحدة و طلاق الثلاث و منهم من قال يعتق عشرون عبدا فجعل في الثلاث ثلاث صفات و جعل في الأربع أربع صفات طلاق واحدة و طلاق اثنتين و طلاق ثلاث بعد الواحدة و طلاق أربع و الجميع خطأ لأنهم عدوا الثانية مع ما قبلها من الاثنتين و عدوا الثالثة مع ما قبلها من الثلاث ثم عدوهما مع ما بعدهما من الاثنتين و الثلاث و هذا لا يجوز لأن ما عد مرة في عدد لا يعد في ذلك العدد مرة أخرى و الدليل عليه أنه لو قال كلما أكلت نصف رمانة فعبد من عبيدي حر ثم أكل رمانة عتق عبدان لأن الرمانة نصفان ثم لا يقال إنه يعتق ثلاثة لأنه إذا أكل نصف رمانة عتق عبد فإذا أكل الربع الثالث عتق عبد لأنه مع الربع الثاني نصف و إذا أكل الربع الرابع عتق عبد لأنه مع الربع الثالث نصف فكذلك ههنا وقال أبو الحسن بن القطان يعتق عشرة لأن الواحدة و الاثنتين و الثلاث و الأربع عشر و هذا خطأ أيضا لأن قوله كلما طلقت يقتضي التكرار و قد وجد طلاق الواحدة أربع مرات و طلاق المرأتين مرتين و طلاق الثلاث مرة و طلاق الأربع مرة فأسقط ابن القطان اعتبار ما يقتضيه اللفظ من التكرار في المرأة و المرأتين و هذا لا يجوز .
فصل : إذا كان له أربع نسوة فقال أيتكن وقع عليها طلاقي فصواحبها طوالق ثم طلق واحدة منهن طلقن ثلاثا ثلاثا لأن طلاق الواحدة يوقع على كل واحدة منهن طلقة واحدة ووقوع هذه الطلقة على كل واحدة منهن يوقع الطلاق على صواحبها و هن ثلاث فطلقت كل واحد منهن ثلاثا .
فصل : و إن كان له امرأتان فقال لإحداهما أنت طالق طلقة بل هذه ثلاثا وقع على الأول طلقة و على الثانية ثلاث لأنه إذا وقع على الأولى طلقة ثم أراد رفعها فلم يرتفع و أوقع على الثانية ثلاثا فوقعت و إن قال للمدخول بها أنت طالق واحدة لا بل ثلاثا إن دخلت الدار فقد اختلف أصحابنا فيه فقال أبو بكر بن الحداد المصري تطلق واحدة في الحال و يقع بدخول الدار إتمام الثلاث لأنه نجز واحدة فوقعت و علق ثلاثا على الشرط فوقع ما بقي منها عند وجود الشرط و من أصحابنا من قال : يرجع الشرط إلى الجميع و لا تطلق حتى تدخل الدار لأن الشرط يغلب الإيقاعين فرجع إليهما