وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب عدد الطلاق و الاستثناء فيه .
إذا خاطب امرأته بلفظ من ألفاظ الطلاق كقوله أنت طالق أو بائن أو بتة أو ما أشبهها و نوى طلقتين أو ثلاثا وقع لما روي أن ركانة ابن عبد يزيد قال : يا رسول الله إني طلقت امرأتي سهيمة البتة و الله ما أردت إلا واحدة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ و الله ما أردت إلا واحدة ؟ ] فقال ركانة : و الله ما أردت إلا واحدة فردها رسول الله صلى الله عليه و سلم عليه فدل على أنه لو أراد ما زاد على واحدة لوقع و لأن اللفظ يحتمل العدد بدليل أنه يجوز أن يفسره به و هو أن يقول أنت طالق طلقتين أو ثلاثا أو بائن بطلقتين و ثلاث و ما احتمله اللفظ إذا نواه وقع به الطلاق كالكناية و إن قال أنت واحدة و نوى طلقتين أو ثلاثا ففيه وجهان : أحدهما يقع لأنه يحتمل أن يكون معناه أنت طالق واحدة مع واحدة أو مع اثنتين و الثاني لا يقع ما زاد على واحدة لأنه صريح في واحدة و لا يحتمل ما زاد فلو أوقعنا ما زاد لكان إيقاع طلاق بالنية من غير لفظ و ذلك لا يجوز و إن قال لها اختاري و قالت المرأة اخترت اتفقا على عدد و نوياه وقع ما نوياه و إن اختلفا فنوى أحدهما طلقة و نوى الآخر ما زاد لم يقع ما زاد على طلقة لأن الطلاق يفتقر إلى تمليك الزوج و إيقاع المرأة و إذا نوى أحدهما طلقة و نوى الآخر ما زاد لم يقع لأنه لم يوجد الإذن و الإيقاع إلا في طلقة فلم يقع ما زاد .
فصل : و إن قال أنت و أشار بثلاث أصابع و نوى الطلاق الثلاث لم يقع شيء لأن قوله أنت ليس من ألفاظ الطلاق فلو أوقعنا الطلاق لكان بالنية في بيان العدد و إن قال أردت بعدد الإصبعين المقبوضتين قبل لأنه يحتمل ما يدعيه و إن قال أنت طالق و أشار بالأصابع و لم يقل هكذا و قال أردت واحدة و لم أرد العدد قبل لأنه يحتمل ما يدعيه .
فصل : و إن قال أنت طالق واحدة في اثنتين نظرت فإن نوى طلقة واحدة مع اثنتين وقعت ثلاث لأن في تستعمل بمعنى مع و الدليل عليه قوله عز و جل : { فادخلي في عبادي * و ادخلي جنتي } ( الفجر : 29 - 30 ) و المراد مع عبادي فإن لم يكن له نية نظرت فإن لم يعرف الحساب و لا نوى مقتضاه في الحساب طلقت طلقة واحدة بقوله أنت طالق و لا يقع بقوله في اثنتين شيء لأنه لا يعرف مقتضاه فلم يلزمه حكمه كالأعجمي إذا طلق بالعربية و هو لا يعرف معناه و إن نوى مقتضاه في الحساب ففيه وجهان : أحدهما و هو قول أبو بكر الصيرفي أنه يقع طلقتان لأنه أراد موجبه في الحساب و موجبه في الحساب طلقتان و الثاني و هو المذهب أنه لا يقع إلا طلقة واحدة لأنه إذا لم يعلم مقتضاه لم يلزمه حكمه كالأعجمي إذا طلق بالعربية و هو لا يعلم و قال أردت مقتضاه في العربية فإن كان عالما في الحساب نظرت فإن نوى موجبه في الحساب طلقت طلقتين لأن موجبه في الحساب طلقتان و إن قال أردت واحدة في اثنتين باقيتين طلقت واحدة لأنه يحتمل ما يدعيه كقوله له عندي ثوب في منديل و أراد في منديل و إن لم يكن له نية فالمنصوص أنها تطلق طلقة لأن هذا اللفظ غير متعارف عند الناس و يحتمل طلقة في طلقتين واقعتين و يحتمل طلقة في طلقتين باقيتين فلا أن يوقع بالشك و قال أبو إسحق يحتمل أن تطلق طلقتين لأنه عالم بالحساب و يعلم أن الواحدة في اثنتين طلقتان في الحساب .
فصل : و إن قال أنت طالق طلقة بل طلقتان ففيه وجهان : أحدهما يقع طلقتان كما إذا قال له علي درهم بل درهمان لزمه درهمان و الثاني يقع الثلاث و الفرق بينه و بين الإقرار أن الإقرار إخبار يحتمل التكرار فجاز أن يدخل الدرهم في الخبرين و الطلاق إيقاع فلا يجوز أن يوقع الطلاق الواحد مرتين فحمل على طلاق مستأنف و لهذا لو أقر بدرهم في يوم ثم أقر بدرهم في يوم آخر لم يلزمه إلا درهم و لو طلقها في يوم ثم طلقها في يوم آخر كانتا طلقتين .
فصل : و إن قال لغير المدخول بها أنت طالق ثلاثا وقع الثلاث لأن الجميع صادف الزوجية فوقع الجمع كما لو قيل ذلك للمدخول بها و إن قال لها أنت طالق أنت طالق أنت طالق و لم يكن له نية وقعت الأولى دون الثانية و الثالثة و حكي عن الشافعي C في القديم أنه قال يقع الثلاث فمن أصحابنا من جعل ذلك قولا واحدا و هو قول أبي علي ابن أبي هريرة لأن الكلام إذ لم ينقطع ارتبط بعضه ببعض فصار كما لو قال أنت طالق ثلاثا و قال أكثر أصحابنا لا يقع أكثر من طلقة و ما حكي عن القديم إنما هو حكاية عن مالك C ليس بمذهب له لأنه تقدمت الأولى فبانت بها فلم يقع ما بعدها .
فصل : و إن قال للمدخول بها أنت طالق أنت طالق أنت طالق نظرت فإن كان أراد به التأكيد لم يقع أكثر من طلقة لأن التكرار يحتمل التأكيد و إن أراد الإستئناف وقع بكل لفظة طلقة لأنه يحمل الإستئناف و إن أراد بالثاني التأكيد و بالثالث الإستئناف وقع طلقتان و إن لم يكن له نية ففيه قولان : قال في الإملاء : يقع طلقة لأنه يحتمل التكرار و الإستئناف فلا يقع ما زاد على طلقة بالشك و قال في الأم : يقع الثلاث لأن اللفظ الثاني و الثالث كاللفظ الأول فإذا وقع بالأول طلاق وجب أن يقع بالثاني و الثالث مثله و أما إذا غاير بينها في الحروف بأن قال أنت طالق و طالق ثم طالق و لم يكن له نية وقع بكل لفظة طلقة لأن المغايرة بينها في اللفظ تسقط حكم التأكيد فإن ادعى أنه أراد التأكيد لم يقبل في الحكم لأنه يخالف الظاهر و يدين فيما بينه و بين الله عز و جل لأنه يحتمل ما يدعيه و إن قال أنت طالق و طالق و طالق وقع بالأول طلقة و بالثاني طلقة لتغاير اللفظين و يرجع في الثالث إليه لأنه لم يغاير بينه و بين الثاني فهو كقوله أنت طالق أنت طالق و إن غاير بين الألفاظ و لم يغاير بالحروف بأن قال أنت طالق أنت مسرحة أنت مفارقة ففيه وجهان : أحدهما أن حكمه حكم المغايرة في الحروف لأنه إذا تغير الحكم بالمغايرة بالحروف فلأن يتغير بالمغايرة في لفظ الطلاق أولى و الثاني أن حكمه حكم اللفظ الواحد لأن الحروف هي العاملة في اللفظ و بها يعرف الإستئناف و لم توجد المغايرة في الحروف .
فصل : و إن قال أنت طالق بعض طلقة وقعت طلقة لأن ما يتبعض من الطلاق كان تسمية بعضه كتسمية جميعه كما لو قال بعضك طالق و إن قال أنت طالق نصفي طلقة وقعت طلقة لأن نصفي طلقة هي طلقة و إن قال أنت طالق ثلاثة أنصاف طلقة ففيه وجهان : أحدهما أنه يقع طلقتان لأن ثلاثة أنصاف طلقة طلقة و نصف فكمل النصف فصار طلقتين و الثاني تطلق طلقة لأنه أضاف الأنصاف الثلاثة إلى طلقة و ليس للطلقة إلا نصفان فألغى النصف الثالث و إن قال أنت طالق نصفي طلقتين وقعت طلقتان لأنه يقع من كل طلقة نصفها ثم يسري فيصير طلقتين و إن قال أنت طالق نصف طلقتين ففيه وجهان : أحدهما تقع طلقة واحدة لأن نصف الطلقتين طلقة و الثاني أنه تقع طلقتان لأنه يقتضي النصف من كل واحدة منهما ثم يكمل النصفان فيصير الجميع طلقتين و إن قال أنت طالق نصف طلقة ثلث طلقة سدس طلقة طلقت طلقة واحدة لأنها أجزاء الطلقة و إن قال أنت طالق نصف طلقة و ثلث طلقة و سدس طلقة وقع ثلاث طلقات لأن بدخول حروف العطف وقع بكل جزء طلقة و سرى إلى الباقي و إن قال أنت نصف طالق طلقت كما لو قال نصفك طالق و إن قال أنت نصف طلقة ففيه وجهان : أحدهما أنه كناية فلا يقع بإطلاق من غير نية و الثاني أنه صريح فيقع به طلقة بناء على الوجهين فيمن قال لامرأته أنت الطلاق .
فصل : و إن كان له أربع نسوة فقال أوقعت عليكن أو بينكن طلقة طلقت كل واحدة منهن طلقة لأنه يخص كل واحدة منهن ربع طلقة و تكمل بالسراية و إذا قال أوقعت عليكن أو بينكن طلقتين أو ثلاثا أو أربعا وقع على كل واحدة طلقة لأنه إذا قسم بينهن لم يزد نصيب كل واحدة منهن على طلقة و إن قال أردت أن يقع على كل واحدة من الطلقتين وقع على كل واحدة طلقتان و إن قال أردت أن يقع على كل واحدة من الثلاث الطلقات وقع على كل واحدة ثلاث طلقات لأنه مقر على نفسه بما فيه تغليظ و اللفظ محتمل له و إن قال أوقعت عليكن خمسا وقع على كل واحدة طلقتان لأنه يصيب كل واحدة طلقة و ربع و كذلك إن قال أوقعت عليكن ستا أو سبعا أو ثمانيا و إن قال أوقعت عليكن تسعا طلقت كل واحدة ثلاثا و إن قال أوقعت بينكن نصف طلقة و ثلث طلقة و سدس طلقة طلقت كل واحدة ثلاثا لأنه لما عطف وجب أن يقسم كل جزء من ذلك بينهن ثم يكمل .
فصل : و إن قال أنت طالق ملء الدنيا أو أنت طالق أطول الطلاق أو أعرضه وقعت طلقة لأن شيئا من ذلك لا يقتضي العدد و قد تتصف الطلقة الواحدة بذلك كله .
فصل : و إن قال أنت طالق أشد الطلاق و أغلظه وقعت طلقة لأنه قد تكون الطلقة أشد و أغلظ عليه لتعجلها أو لحبه لها أو لحبها له فلم يقع ما زاد بالشك و إن قال أنت طالق كل الطلاق أو أكثره وقع الثلاث لأنه كل الطلاق و أكثره .
فصل : و إن قال للمدخول بها أنت طالق طلقة بعدها طلقة طلقت طلقتين لأن الجميع يصادف الزوجية و إن قال أردت بعدها طلقة أوقعها لم يقبل في الحكم لأن الظاهر أنه طلاق ناجز و يدين فيما بينه و بين الله عز و جل لأنه يحتمل ما يدعيه و إن قال أنت طالق طلقة قبلها طلقة وقعت طلقتان و في كيفية وقوع ما قبلها وجهان : قال أبو علي ابن أبي هريرة : يقع مع التي أوقعها لأن إيقاعها فيما قبلها إيقاع طلاق في زمان ماض فلم يعتبر كما لو قال أنت طالق أمس و قال أبو إسحاق يقع قبلها اعتبارا بموجب لفظه كما لو قال أنت طالق قبل موتي بشهر ثم مات بعد شهر و يخالف قوله أنت طالق أمس لأنا لو أوقعناه في أمس تقدم الوقوع على الإيقاع و ههنا يقع الطلاقان بعد الإيقاع و إن قال أردت بقولي قبلها طلقة في نكاح قبله فإن كان لما قاله أصل قبل منه لأنه يحتمل ما يدعيه و إن لم يكن له أصل لم يقبل منه لأنه لا يحتمل ما يدعيه .
فصل : و إن قال لها أنت طالق طلقة قبلها طلقة و بعدها طلقة طلقت ثلاثا على ما ذكرناه و إن قال لها أنت طالق طلقة و بعدها طلقة طلقت ثلاثا لأنه يقع بقوله أنت طالق طلقة و يقع قبلها نصف طلقة و بعدها نصف طلقة ثم يكمل النصفان فيصير الجميع ثلاثا .
فصل : و إن قال لغير المدخول بها أنت طالق طلقة بعدها طلقة لم تقع الثانية لأنها بائن بالأولى فلم تقع الثانية و إن قال أنت طالق طلقة قبلها طلقة ففيه وجهان : أحدهما لا تطلق لأن وقوع طلقة عليها يوجب وقوع طلقة قبلها و وقوع ما قبلها يمنع وقوعها فيما نعا بالدور و سقطا و الثاني و هو قول أبي علي بن أبي هريرة أنها تطلق ليس شيء لأن وقوع طلقة قبلها ما قبلها يوجب إسقاطها و إسقاط ما قبلها فوجب إثباتها و إسقاط ما قبلها و إن قال أنت طالق طلقة معها طلقة ففيه وجهان : أحدهما أنها تطلق واحدة و هو قول المزني لأنه أفردها فجاز كما لو قال أنت طالق واحدة بعدها واحدة و الوجه الثاني أنها تطلق طلقتين لأنهما يجتمعان في الوقوع فلا تتقدم إحداهما على الأخرى فهو كما لو قال أنت طالق طلقتين و إن قال أنت طالق طلقتين و نصفا طلقت طلقتين لأنه جمع بين الطلقتين في الإيقاع فبانت بهما ثم أوقع النصف بعدما بانت فلم يقع .
فصل : إذا قال لامرأته أنت طالق طلقة لا تقع عليك طلقت لأنه أوقع الطلاق ثم أراد رفعه و الطلاق إذا وقع لم يرتفع و إن قال أنت طالق أو لا لم تطلق لأنه ليس بإيقاع .
فصل : و يصح الاستثناء في الطلاق لأنه لغة العرب و نزل به القرآن و حروفه إلا و غير و خلا و سوى و عدا و حاشى فإذا قال أنت طالق ثلاثا إلا طلقة وقعت طلقتان و إن قال أنت طالق ثلاثا إلا طلقتين وقعت طلقة و إن قال أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا طلقت ثلاثا لأن الاستثناء يرفع المستثنى منه فيسقط و بقي الثلاث و إن قال أنت طالق ثلاثا إلا طلقتين و طلقة ففيه وجهان : أحدهما يقع الثلاث لأنه استثنى ثلاثا من ثلاث و الثاني تقع طلقة لأن الاستثناء الثاني هو الباطل فسقط و بقي الاستثناء الأول و إن قال أنت طالق ثلاثا إلا نصف طلقة طلقت ثلاثا لأنه يبقى طلقتان و نصف ثم يسري النصف إلى الباقي فيصير ثلاثا و إن قال أنت طالق ثلاثا إلا طلقة واحدة وقعت طلقة لأن المعطوف على الاستثناء مضموم إلى الاستثناء و لهذا إذا قال له علي مائة إلا خمسة و عشرين ضمت الخمسة إلى العشرين في الاستثناء و لزمه ما بقي و إن قال أنت طالق طلقة و طلقة إلا طلقة ففيه وجهان : أحدهما تطلق طلقة لأن الواو في الإسمين المنفردين كالتثنية فيصير كما لو قال أنت طالق طلقتين إلا طلقة و الثاني و هو المنصوص أنها تطلق طلقتين لأن الاستثناء يرجع إلى ما يليه و هو طلقة و استثناء طلقة من طلقة باطل فسقط و بقي طلقتان و إن قدم الاستثناء على المستثنى منه بأن قال أنت إلا واحدة طالق ثلاثا فقد قال بعض أصحابنا أنه لا يصح الاستثناء فيقع الثلاث لأن الاستثناء جعل لاستدراك ما تقدم من كلامه و يحتمل عندي أنه يصح الاستثناء فيقع طلقتان لأن التقديم و التأخير في ذلك لغة العرب قال الفرزدق يمدح هشام بن إبراهيم بن المغيرة خال هشام بن عبد الملك : .
( و ما مثله في الناس إلا مملكا ... أبو أمه حي أبوه يقاربه ) .
تقديره و ما مثله في الناس حي يقاربه إلا مملكا أبو أمه أبو الممدوح .
فصل : و يصح الاستثناء من الاستثناء لقوله عز و جل : { قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين * إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين * إلا امرأته } ( الحجر : 58 - 60 ) فاستثنى آل لوط من المجرمين و استثنى من آل لوط امرأته و إذ قال أنت طالق ثلاثا إلا طلقتين إلا طلقة طلقت طلقتين لأن تقديره أنت طالق ثلاثا إلا طلقتين فلا يقعان إلا طلقة فتقع و إن قال أنت طالق خمسا إلا ثلاثا ففيه وجهان : أحدهما أنها تطلق ثلاثا لأنه لا يقع من الخمس إلا ثلاث فصار كما لو قال أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا و الثاني أنها تطلق طلقتين لأنه لما وصل بالاستثناء علم أنه قصد الحساب و إن قلت أنت طالق خمسا إلا اثنتين طلقت على الوجه الأول طلقة و على الوجه الثاني تطلق ثلاثا و إن قال أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا إلا اثنتين ففيه ثلاثة أوجه : أحدها يقع الثلاث لأن الاستثناء الأول يرفع المستثنى منه فيبطل و الاستثناء الثاني فرع عليه فسقط و بقي الثلاث و الثاني تطلق طلقتين لأنه لما وصله بالاستثناء صار كأنه أثبت ثلاثا و نفى ثلاثا ثم أثبت اثنتين و الثالث تقع طلقة لأن الاستثناء الأول لا يصح فسقط و بقي الاستثناء الثاني فيصير كما لو قال أنت طالق ثلاثا إلا طلقتين .
فصل : و إن قال أنت طالق ثلاثا إلا أن يشاء أبوك واحدة و قال أبوها شئت واحدة لم تطلق لأن الاستثناء من الإثبات نفي فيصير تقديره أنت طالق ثلاثا إلا أن يشاء أبوك واحدة فلا يقع طلاق .
فصل : و إن قال امرأتي طالق أو عبدي حر أو لله علي كذا أو و الله لأفعلن كذا إن شاء الله أو بمشيئة الله أو ما لم يشأ الله لم يصح شيء من ذلك لما روى ابن عمر Bه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : [ من حلف على يمين ثم قال إن شاء الله كان له ثنيا ] و روى أبو هريرة Bه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ من حلف فقال إن شاء الله لم يحنث ] و لأنه علق هذه الأشياء على مشيئة الله تعالى و مشيئته لا تعلم فلم يلزم بالشك شئ و إن قال أنت طالق إلا أن يشاء الله ففيه وجهان : أحدهما لا تطلق لأنه مقيد بمشيئة الله تعالى فأشبه إذا قال : أنت طالق إن شاء الله و الثاني و هو المذهب أنها تطلق لأنه أوقع الطلاق و علق رفعه بمشيئة الله تعالى و مشيئة الله لا تعلم فسقط حكم رفعه و بقي حكم ثبوته و يخالف إذا قال أنت طالق إن شاء الله فإنه علق الوقوع على مشيئة الله تعالى .
فصل : و لا يصح الاستثناء في جميع ما ذكرناه إلا أن يكون متصلا بالكلام فإن انفصل عن الكلام من غير عذر لم يصح لأن العرف في الاستثناء أن يتصل بالكلام فإن انفصل لضيق النفس صح الاستثناء لأنه كالمتصل في العرف و لا يصح إلا أن يقصد إليه فأما إذا كانت عادته في كلامه أن يقول إن شاء الله فقال إن شاء الله على عادته لم يكن استثناء لأنه لم يقصده و اختلف أصحابنا في وقت نية الاستثناء فمنهم من قال لا يصح إلا أن يكون ينوي ذلك من ابتداء الكلام و منهم من قال إذا نوى قبل الفراغ من الكلام جاز .
فصل : إذا قال يا زانية أنت طالق إن شاء الله أو أنت طالق يا زانية إن شاء الله رجع الاستثناء إلى الطلاق و لا يرجع إلى قوله يا زانية لأن الطلاق إيقاع فجاز تعليقه بالمشيئة و قوله يا زانية صفة فلا يصح تعليقها بالمشيئة ولهذا يصح أن يقول أنت طالق إن شاء الله و لا يصح إن يقول أنت زانية إن شاء الله و إن كانت له امرأتان حفصة و عمرة فقال حفصة و عمرة طالقان إن شاء الله لم تطلق واحدة منهما و إن قال حفصة طالق و عمرة طالق إن شاء الله فقد قال بعض أصحابنا تطلق حفصة و لا تطلق عمرة لأن الاستثناء يرجع إلى ما يليه و هو طلاق عمرة و يحتمل عندي أن لا تطلق واحدة منهما لأن المجموع بالواو كالجملة الواحدة .
فصل : و إن طلق بلسانه و استثنى بقلبه نظرت فإن قال أنت طالق و نوى بقلبه إن شاء الله لم يصح الاستثناء و لم يقبل في الحكم و لا يدين فيه لأن اللفظ أقوى من النية لأن اللفظ يقع به الطلاق من غير نية و النية لا يقع بها الطلاق من غير لفظ فلو أعملنا النية لرفعنا القوي بالضعيف و ذلك لا يجوز كنسخ الكتاب بالسنة و ترك النص بالقياس و إن قال نسائي طوالق و استثنى بالنية بعضهم دين فيه لأنه لا يسقط اللفظ بل يستعمله في بعض ما يقتضيه بعمومه و ذلك يحتمل فديه فيه و لا يقبل في الحكم و قال أبو حفص الباب بشامي : يقبل في الحكم لأن اللفظ يحتمل العموم و الخصوص و هذا غير صحيح لأنه و إن احتمل الخصوص إلا أن الظاهر العموم فلا يقبل في الحكم دعوى الخصوص فإن قال امرأتي طالق ثلاثا و استثنى بقلبه إلا طلقة أو طلقتين لم يقبل في الحكم لأنه يدعي خلاف ما يقتضيه اللفظ و هل يدين فيه وجهان : أحدهما يدين لأنه لا يسقط حكم اللفظ و إنما يخرج بعض ما يقتضيه فدين فيه كما لو قال نسائي طوالق و استثنى بالنية بعضهن و الثاني لا يدين و هو قول الشيخ أبي حامد الإسفرايني C لأنه يسقط ما يقتضيه اللفظ بصريحه بما دونه من النية و إن قال لأربع نسوة أربعكن طالق و استثنى بعضهم بالنية لم يقبل في الحكم و هل يدين فيه وجهان : أحدهما يدين و الثاني لا يدين و وجههما ما ذكرناه في المسألة قبلها