وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب ما يعتبر من الثلث .
ما وصى به من التبرعات كالعتق والهبة والصدقة والمحاباة في البيع يعتبر من الثلث سواء كانت في حال الصحة أو في حال المرض أو بعضها في الصحة وبعضها في المرض لأن لزوم الجميع عند الموت فأما الواجبات من ديون الآدميين وحقوق الله تعالى كالحج والزكاة فإنه إن لم يوص بها وجب قضاؤها من رأس المال دون الثلث لأنه إنما منع من الزيادة على الثلث لحق الورثة ولا حق للورثة مع الديون فلم تعتبر من الثلث وإن وصى أن يؤدي ذلك من الثلث اعتبر من الثلث لأنها في الأصل من رأس المال فلما جعلها من الثلث علم أنها قصد التوفير على الورثة فاعتبرت من الثلث وإن وصى بها ولم يقل أنها من الثلث ففيه ثلاثة أوجه : أحدها أنه تعتبر من الثلث وهو ظاهر النص لأنها من رأس المال فلما وصى بها علم أنه قصد أن يجعلها من جملة الوصايا فجعل سبيلها سبيل الوصايا والثاني هو قول أبي علي بن أبي هريرة إنه إن لم يفرق بها ما يعتبر من الثلث اعتبر من رأس المال وإن قرن بها ما يعتبر من الثلث اعتبر من الثلث لأنها في الأصل من رأس المال فإذا عريت عن القرينة بقيت على أصلها وإن قرن بها ما يعتبر من الثلث علم أنه قصد أن يكون مصرفهما واحدا والثالث أنه تعتبر من رأس المال وهو الصحيح لأنها في الأصل من رأس المال والوصية بها تقتضي التأكيد والتذكار بها والقرينة تقتضي التسوية بينهما في الفعل لا في السبيل فبقيت على أصلها .
فصل : وأما ما تبرع به في حياته ينظر فيه فإن كان في حال الصحة لم يعتبر من الثلث لأنه مطلق التصرف في ماله لا حق لأحد في ماله فاعتبر من رأس المال وإن كان ذلك في مرض غير مخوف لم يعتبر من الثلث لأن الإنسان لا يخلو من عوارض فكان حكمه حكم الصحيح وإن كان ذلك في مرض مخوف واتصل به الموت اعتبر من الثلث لما روى عمران بن الحصين أن رجلا أعتق ستة أعبد له عند موته لم يكن له مال غيرهم فبلغ ذلك رسول الله ( ص ) فقال للرجل قولا شديدا ثم دعاهم فجزأهم فأقرع بينهم فأعتق اثنين وأرق أربعة ولأنه في هذه الحالة لا يأمن الموت فجعل كحال الموت وإن برئ من المرض لم يعتبر من الثلث لأنه قد بان أنه لم يكن في ماله حق أحد وإن وهب في الصحة وأقبض في المرض اعتبر من الثلث لأنه لم يلزم إلا بالقبض وقد وجد ذلك منه في المرض .
فصل : وإن باع في المرض بثمن المثل أو تزوج امرأة بمهر المثل صح العقد ولم يعتبر العوض من الثلث لأنه ليس بوصية لأن الوصية أن يخرج مالا من غير عوض ولم يخرج ههنا شيئا من غير عوض وإن كاتب عبدا اعتبر من الثلث لأن ما يأخذ من العوض من كسب عبده وهو مال له فيصير كالعتق بغير عوض وإن وهب له من يعتق عليه في المرض المخوف فقبله اعتبر عتقه من الثلث فإذا مات لم يرثه وقال أبو العباس : يعتبر عتقه من رأس المال ويرثه لأنه ليس بوصية لأنه لم يخرج من ملكه شيئا بغير عوض والمذهب الأول لأنه ملكه بالقبول وعتق عليه والعتق في المرض وصية والميراث والوصية لا يجتمعان فلو ورثناه بطل عتقه وإذا بطل العتق بطل الإرث فأثبتنا وأبطلنا الإرث .
فصل : والمرض المخوف كالطاعون والقولنج وذات الجنب والرعاف الدائم والإسهال المتواتر وقيام الدم والسل في انتهائه والفالج الحادث في ابتدائه والحمى المطبقة لأن هذه الأمراض لا يؤمن معها معاجلة الموت فجعل كحال الموت فأما غير المخوف فهو كالجرب ووجع الضرس والصداع اليسير وحمى يوم أو يومين وإسهال يوم أو يومين من غير دم والسل قبل انتهائه والفالج إذا طال لأن هذه الأمراض يؤمن معها معاجلة الموت فإذا اتصل بها الموت علم أنه لم يكن موته من هذه الأمراض وإن أشكل شيء من هذه الأمراض رجع إلى نفسين من أطباء المسلمين ولا يقبل فيه قول الكافر وإن ضرب الحامل الطلق فهو مخوف لأنه يخاف منه الموت وفيه قول آخر أنه غير مخوف لأن السلامة منه أكثر .
فصل : وإن كان في الحرب وقد التحمت طائفتان متكافئتان أو كان في البحر وتموج أو في أسر كفار يرون قتل الأسارى أو قدم للقتل في المحاربة أو الرجم في الزنا ففيه قولان : أحدهما أنه كالمرض المخوف يعتبر تبرعاته فيه من الثلث لأنه لا يأمن الموت كما لا يأمن في المرض المخوف والثاني أنه كالصحيح لأنه لم يحدث في جسمه ما يخاف منه الموت فإن قدم القتل القصاص فالمنصوص أنه لا تعتبر من الثلث ما لم يجرح واختلف أصحابنا فيه على طريقين فقال أبو إسحاق : هي على قولين قياسا على الأسير في يد كفار يرون قتل الأسارى ومن أصحابنا من قال : لا تعتبر عطيته من الثلث لأنه غير مخوف لأن الغالب من حال المسلم أنه إذا قدر رحم وعفا فصار كالأسير في يد من لا يرى قتل الأسارى .
فصل : وإن عجز الثلث عن التبرعات لم يخلو إما أن يكون في التبرعات المنجزة في المرض أو في الوصايا فإن كان في التبرعات المنجزة في المرض فإن كانت في وقت واحد نظرت فإن كانت في هبات أو محاباة قسم الثلث بين الجميع لتساويهما في اللزوم فإن كانت متفاضلة المقدار قسم الثلث عليها على التفاضل وإن كانت متساوية قسم بينها على التساوي كما يفعل في الديون وإن كان عتقا في عبيد أقرع بينهم لما ذكرناه من حديث عمران بن الحصين ولأن القصد من العتق تكميل الأحكام ولا يحصل ذلك إلا بما ذكرناه فإن وقعت متفرقة قدم الأول فالأول عتقا كان أو غيره لأن الأول سبق فاستحق به الثلث فلم يجز إسقاطه بما بعده فإن كان له عبدان سالم وغانم فقال لسالم : إن أعتقت غانما فأنت حر ثم أعتق غانما قدم عتق غانم لأن عتقه سابق فإن قال إن أعتقت غانما فأنت حر حال عتق غانم ثم أعتق غانما فقد قال بعض أصحابنا يعتق غانم لأن عتقه غير متعلق بعتق غيره وعتق سالم متعلق بعتق غيره فإذا أعتقناهما في وقت واحد احتجنا أن نقرع بينهما فربما خرجت القرعة على سالم فيبطل عتق غانم وإذا بطل عتقه بطل عتق سالم فيؤدي إثباته إلى نفيه فسقط ويبقى عتق غانم لأنه أصل ويحتمل عندي أنه لا يعتق واحد منهما لأنه جعل عتقهما في وقت واحد ولا يمكن أن نقرع بينهما لما ذكرناه ولا يمكن تقديم عتق أحدهما لأنه لا مزية لأحدهما على الآخر بالسبق فوجب أن يسقطا وإن كانت التبرعات وصايا وعجز الثلث عنها لم يقدم بعضها على بعض بالسبق لأن ما تقدم وما تأخر يلزم في وقت واحد وهو بعد الموت فإن كانت كلها هبات أو كلها محاباة أو بعضها هبات وبعضها محاباة قسم الثلث بين الجميع على التفاضل إن تفاضلت وعلى التساوي إن تساوت وإن كان الجميع عتقا أقرع بين العبيد لما ذكرناه في القسم قبله وإن كان بعضها عتقا وبعضها محاباة أو هبات ففيه قولان : أحدهما أن الثلث يقسم بين الجميع لأن الجميع يعتبر من الثلث ويلزم في وقت واحد والثاني يقدم العتق بما له من القوة وإن كان بعضها كتابة وبعضها هبات ففيه طريقان : أحدهما أنه لا تقدم الكتابة لأنه ليس له قوة وسراية فلم تقدم كالهبات والثاني أنها على قولين لأنها تتضمن العتق فكانت كالعتق .
فصل : وإن وصى أن يحج عنه حجة الإسلام من الثلث أو يقضى دينه من الثلث وصى معها بتبرعات ففيه وجهان : أحدهما يسقط الثلث على الجميع لأن الجميع يعتبر من الثلث فإن كان ما يخص الحج أو الدين من الثلث لا يكفي تمم من رأس المال لأنه في الأصل من رأس ا لمال وإنما اعتبر من الثلث بالوصية فإذا عجز الثلث عنه وجب أن يتمم من أصل المال والثاني يقدم الحج والدين لأنه واجب ثم يصرف ما فضل في الوصايا .
فصل : وإن وصى لرجل بمال وله مال حاضر ومال غائب أو له عين ودين دفع إلى الموصى له ثلث الحاضر وثلث العين وإلى الورثة الثلثان وكل ما حضر من الغائب أو نض من الدين شيء قسم بين الورثة والموصى له لأن الموصى له شريك الورثة بالثلث فصار كالشريك في المال وإن وصى لرجل بمائة دينار وله مائة حاضرة وله ألف غائبة فللموصى له ثلث الحاضر ويوقف الثلثان لأن الموصى له شريك الوارث في المال فصار كالشريك في المال وإن أراد الموصى له التصرف في ثلث المائة الحاضرة ففيه وجهان : أحدهما يجوز لأن الوصية في ثلث الحاضرة ماضية فمكن من التصرف فيه والثاني لا يجوز لأنا منعنا الورثة من التصرف في الثلثين الموقوفين فوجب أن نمنع الموصى له من التصرف في الثلث وإن دبر عبدا قيمته مائة وله مائتان غائبة ففيه وجهان : أحدهما يعتق ثلث العبد لأنه عتق ثلثه مستحق بكل حال والثاني وهو ظاهر المذهب إلى أنه لا يعتق لأنا لو أعتقنا الثلث حصل للموصى له الثلث ولم يحصل للورثة مثلاه وهذا لا يجوز .
فصل : وإن وصى له بثلث عبد فاستحق ثلثاه وثلث ماله يحتمل الثلث الباقي من العبد نفذت الوصية فيه على المنصوص وقال أبو ثور و أبو العباس لا تنفذ الوصية إلا في ثلث الباقي كما لو وصى بثلث ماله ثم استحق من ماله الثلثان والمذهب الأول لأن ثلث العبد ملكه وثلث ماله يحتمله فنفذت الوصية فيه كما لو أوصى له بعبد يحتمله الثلث ويخالف هذا إذا أوصى بثلث ماله ثم استحق ثلثاه لأن الوصية هناك بثلث ماله وماله هو الباقي بعد الاستحقاق وليس كذلك ههنا لأنه يملك الباقي وله مال غيره يخرج الباقي من ثلثه .
فصل : وإن وصى له بمنفعة عبد سنة ففي اعتبارها من الثلث وجهان : أحدهما يقوم العبد كامل المنفعة ويقوم مسلوب المنفعة في مدة سنة ويعتبر ما بينهما من الثلث والثاني تقوم المنفعة سنة فيعتبر قدرها من الثلث ولا تقوم الرقبة لأن الموصى به هو المنفعة فلا يقوم غيرها وإن وصى له بمنفعة عبد على التأبيد ففي اعتبار منفعته من الثلث ثلاثة أوجه : أحدها تقوم المنفعة في حق الموصى له والرقبة مسلوبة المنفعة في حق الوارث لأن الموصى له ملك المنفعة والوارث ملك الرقبة وينظر كم قدر التركة مع قيمة الرقبة مساوية المنفعة وينظر قيمة المنفعة فتعتبر من الثلث والثاني تقوم المنفعة في حق الموصى له لأنه ملكها بالوصية ولا تقوم الرقبة في حق الموصى له لأنه لم يملكها ولا في حق الوارث لأنها مسلوبة المنفعة في حقها لا فائدة له فيها فعلى هذا ينظر كم قدر التركة وقيمة المنفعة فتعتبر من الثلث والثالث وهو المنصوص تقوم الرقبة بمنافعها في حق الموصي له لأن المقصود من الرقبة منفعتها فصار كما لو كانت الرقبة له فقومت في حقه وينظر قدر التركة فتعتبر قيمة الرقبة من ثلثه وإن وصى بالرقبة لواحد وبالمنفعة لواحد قومت الرقبة في حق من وصى له بها والمنفعة في حق من وصى له بها لأن كل واحد منهما يملك ما وصى له به فاعتبر قيمتهما من الثلث .
فصل : وإن وصى له بثمرة بستانه فإن كانت موجودة اعتبرت قيمتها من الثلث وإن لم تخلق فإن كانت على التأبيد ففي التقويم وجهان : أحدهما يقوم جميع البستان والثاني يقوم كامل المنفعة ثم يقوم مسلوب المنفعة ويعتبر ما بينهما من الثلث فإن احتمله الثلث نفذت الوصية فيما بقي من البستان وإن احتمل بعضها كان للموصى له قدر ما احتمله الثلث يشاركه فيه الورثة فإن كان الذي يحتمله النصف كان للموصي له من ثمرة كل عام النصف وللورثة النصف والله أعلم