وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

كتاب الشفعة .
وتجب الشفعة في العقار لما روى جابر Bه قال : قضى رسول الله ( ص ) بالشفعة في كل شرك لم يقسم ربعه أو حائط لا يحل له أن يبيعه حتى يؤذن شريكه فإن شاء أخذ وإن شاء ترك فإن باعه ولم يؤذنه فهو أحق به ولأن الضرر في العقار يتأبد من جهة الشريك فثبتت فيه الشفعة لإزالة الضرر .
فصل : وأما غير العقار من المنقولات فلا شفعة فيه لما روى جابر Bه قال : قال رسول الله ( ص ) [ لا شفعة إلا في ربعة أو حائط ] وأما البناء والغراس فإنه إن بيع مع الأرض ثبت فيه الشفعة لما روى جابر Bه قال : قال رسول الله ( ص ) [ من كان له شريك في ربع أو نخل فليس له أن يبيع حتى يؤذن شريكه فإن رضي أخذه وإن كرهه تركه ] لأنه يراد لتأبيد فهو كالأرض فإن بيع منفردا لم تثبت فيه الشفعة لأنه ينقل ويحول فلم تثبت فيه الشفعة واختلف أصحابنا في النخل إذا بيعت مع قرارها مفردة عما يتخللها من بياض الأرض فمنهم من قال تثبت فيه الشفعة لأنه فرع تابع لأصل ثابت ومنهم من قال لا شفعة فيها لأن القرار تابع لها فإذا لم تجب الشفعة فيها إذا بيعت مفردة لم تجب فيها وفي تبعها وإن كانت دار أسفلها لواحد وعلوها مشترك بين جماعة فباع أحدهم نصيبه فإن كان السقف لصاحب السفل لم تثبت الشفعة في الحصة المبيعة من العلو لأنه بناء مفرد وإن كان السقف للشركاء في العلو ففيه وجهان : أحدهما لا تثبت فيه الشفعة لأنه لا يتبع أرضا والثاني تثبت لأن السقف أرض لصاحب العلو يسكنه ويأوي إليه فهو كالأرض .
فصل : وإن بيع الزرع مع الأرض أو الثمرة الظاهرة مع الأصل لم تؤخذ مع الأصل بالشفعة لأنه منقول فلم يؤخذ مع الأرض بالشفعة كنيران الضيعة فإن بيع و فيه ثمرة غير مؤبرة ففيه وجهان : أحدهما تؤخذ الثمرة مع الأصل بالشفعة لأنها تبعت الأصل في البيع فأخذت معه بالشفعة كالغراس والثاني لا تؤخذ لأنه منقول فلم تؤخذ مع الأصل كالزرع والثمرة الظاهرة .
فصل : ولا تثبت الشفعة إلا للشريك في ملك مشاع فأما الجار والقاسم فلا شفعة لهما لما روى جابر Bه قال : إنما جعل رسول الله ( ص ) الشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة ولأن الشفعة إنما تثبت لأنه يدخل عليه شريك فيتأذى به فتدعوا الحاجة إلى مقاسمته فيدخل عليه الضرر بنقصان قيمة الملك وما يحتاج إلى إحداثه من المرافق وهذا لا يوجد في المقسوم .
فصل : ولا تجب إلا فيما تجب قسمته عند الطلب فأما ما لا تجب قسمته كالرحا والبئر الصغيرة والدار الصغيرة فلا تثبت فيه الشفعة وقال أبو العباس : تثبت فيه الشفعة لأنه عقار فثبت فيه الشفعة قياسا على ما تجب قسمته والمذهب الأول لما روي عن أمير المؤمنين عثمان Bه أنه قال : لا شفعة في بئر والأرف تقطع كل شفعة ولأن الشفعة إنما تثبت للضرر الذي يلحقه بالمقاسمة وذلك لا يوجد فيما لا يقسم وأما الطريق المشترك في درب مملوك ينظر فيه فإن كان ضيقا إذا قسم لم يصب كل واحد منهم طريقا يدخل فيه إلى ملكه فلا شفعة فيه وإن كان واسعا نظرت فإن كان للدار المبيعة طريق آخر وجبت الشفعة في الطريق لأنه أرض مشتركة تحتمل القسمة ولا ضرر على أحد في أخذه بالشفعة فأشبه غير الطريق وإن لم يكن للدار طريق غيره ففيه ثلاثة أوجه : أحدها لا شفعة فيه لأنه لو أثبتنا الشفعة فيه أضررنا بالمشتري لأنه يبقى ملكه بغير طريق والضرر لا يزال بالضرر والثاني تثبت فيه الشفعة لأنه أرض تحتمل القسمة فتثبت فيها الشفعة كغير الطريق والثالث أنه إن أمكن الشفيع المشتري من دخول الدار ثبت له الشفعة وإن لم يمكنه فلا شفعة فيه لأنه مع التمكين يمكن دفع الضرر من غير إضرار ولا يمكن مع عدم التمكين إلا بالإضرار .
فصل : وتثبت الشفعة في الشقص المملوك بالبيع لحديث جابر Bه أن النبي ( ص ) قال [ فإن باعه ولم يؤذنه فهو أحق به ] وتثبت في كل عقد يملك الشقص فيه بعوض كالإجارة والنكاح والخلع لأنه عقد معاوضة فجاز أن تثبت الشفعة في الشقص المملوك به كالبيع .
فصل : فأما فيما ملك فيه الشقص بغير عوض كالوصية والهبة من غير عوض فلا تثبت فيه الشفعة لأنه ملكه بغير بدل فلم تثبت فيه الشفعة كما لو ملكه بالإرث وإن باع من رجل شقصا فعفى الشفيع فيه عن الشفعة ثم رجع الشقص فيه بالإقالة لم تثبت فيه الشفعة لأنه لم يملكه بعوض وإنما انفسخ البيع ورجع المبيع إلى ملكه بغير بدل فإن باعه شقصا فعفا الشفيع عن الشفعة ثم ولاه رجلا ثبتت فيه الشفعة لأن التولية ببيع رأس المال وإن قال لأم ولده إن خدمت ورثتي شهرا فلك هذا الشقص فخدمتهم ملكت الشقص و هل تثبت فيه الشفعة ؟ فيه وجهان : أحدهما أنه تثبت لأنها ملكته ببدل هو كالخدمة فصار كالمملوك بالإجارة والثاني لا تثبت فيه الشفعة لأنه وصية في الحقيقة لأنه يعتبر من الثلث فلا تثبت فيه الشفعة كسائر الوصايا وإن دفع المكاتب إلى مولاه شقصا عن نجم عليه ثم عجز ورق فهل للشفيع في الشقص شفعة أم لا فيه وجهان : أحدهما لا شفعة له لأنه بالعجز صار ماله للمولي بحق الملك لا بالمعاوضة وما ملك بغير المعاوضة لا شفعة فيه والثاني تثبت فيه لأنه ملكه بعوض فثبت فيه الشفعة فلا تسقط بالفسخ بعده .
فصل : وإن بيع شقص في شركة الوقف فإن قلنا إن الموقوف عليه لا يملك الوقف لم تجب فيه الشفعة لأنه لا ملك له وإن قلنا أنه يملك ففيه وجهان : أحدهما أنه يأخذ بالشفعة لأنه يلحقه الضرر في ماله من جهة الشريك فأشبه مالك الطلق والثاني لا يأخذه لأن ملكه غير تام بدليل أنه لا يملك التصرف فيه فلا يملك به ملكا تاما .
فصل : وإن اشترى شقصا وشرط الخيارة فيه للبائع لم يكن للشفيع أن يأخذ قبل انقضاء الخيار لأنه في أحد الأقوال لا يملك الشقص و في القول الثاني ملكه موقوف فلا يعلم هل يملك أم لا و في القول الثالث يملكه ملكا غير تام لأن للبائع أن يفسخه و لأنه إذا أخذ بالشفعة أضر بالبائع لأنه يسقط حقه من الفسخ والضرر لا يزال بالضرر وإن شرط الخيار للمشتري وحده فإن قلنا إنه لا يملك أو قلنا إنه موقوف لم يأخذ لما ذكرناه خيار البائع وإن قلنا إنه يملكه ففيه قولان : أحدهما لا يأخذه لأنه بيع فيه خيار فلا يأخذ به كما لو كان الخيار للبائع والثاني يأخذه وهو الصحيح لأنه لا حق لغير المشتري والشفيع يملك إسقاط حقه ولهذا يملك إسقاط حقه بعد لزومه البيع واستقرار الملك فلأن يملك قبل لزومه أولى .
فصل : وتثبت الشفعة للكافر على المسلم لحديث جابر Bه لا يحل حتى يؤذن شريكه فإن باعه ولم يؤذنه فهو أحق به ولم يفرق ولأنه خيار جعل لدفع الضرر عن المال فاستوى فيه الكافر والمسلم كالرد بالعيب .
فصل : ولا يأخذ بالشفعة من لا يقدر على العوض لأنه إذا أخذه ولم يقدر على العوض أضر بالمشتري والضرر لا يزال بالضرر فإن أحضر رهنا أو ضمينا أو عوضا عن الثمن لم يلزم قبوله لأنه ما استحق أخذه بالعوض لم يلزم قبول الرهن والضمين والعوض فيه كالمبيع في يد البائع .
فصل : ويأخذ الشفيع بالعوض الذي ملك به فإن اشتراه أخذه بالثمن لما روى جابر Bه أن النبي ( ص ) قال : [ فإن باعه فهو أحق به بالثمن ] وإن اشترى شقصا وسيفا بثمن قسم الثمن عليهما على قدر قيمتهما وأخذ الشقص بحصته وترك السيف على المشتري بحصته لأن الثمن ينقسم على المبيع على قدر قيمته ولا يثبت للمشتري الخيار في فسخ البيع بتفريق الصفقة عليه لأنه دخل في العقد على بصيرة أن الصفقة تفرق عليه وإن اشترى الشقص بثمن ثم ألحق به زيادة أو حط عنه بعض أو وجد به عيبا فأخذ عنه الأرش فعلى ما ذكرناه في بيع المرابحة فإن نقص الشقص في يد المشتري فقد روى المزني أن الشفيع يأخذه بجميع الثمن وقال في القديم يأخذه بالحصة واختلف أصحابنا في ذلك فمنهم من قال : فيه قولان : وهو الصحيح : أحدهما يأخذ بجميع الثمن كالعبد المبيع إذا ذهبت عينه في يد البائع فإن المشتري يأخذه بجميع الثمن والقول الثاني أنه يأخذه بالحصة وهو الصحيح لأنه أخذ بعض ما دخل في العقد فأخذه بالحصة كما لو كان معه سيف ومنهم من قال إن ذهب التالف ولم يذهب من الأجزاء شيء أخذ بالجميع لأن الذي يقابله الثمن أجزاء العين وهي باقية فإن تلف بعض الأجزاء من الآجر والخشب أخذه بالحصة لأنه تلف بعض ما يقابله الثمن فأخذ الباقي بالحصة وحمل القولين على هذين الحالين ومنهم من قال : إن تلف بجائحة من السماء أخذ بالجميع لأنه لم يحصل للمشتري بدل التالف وإن تلف بفعل آدمي أخذ بالحصة لأنه حصل للمشتري بدل التالف وحمل القولين على هذين الحالين .
فصل : وإن اشترى الشقص بمائة مؤجلة ففيه ثلاثة أقوال : أحدها يأخذ بمائة مؤجلة لأن الشفيع تابع للمشتري في قدر الثمن وصفته فكان تابعا له في التأجيل والثاني أنه يأخذ بسلعة تساوي مائة إلى الأجل لأنه لا يمكن أن يطالب بمائة حالة لأن ذلك أكثر مما لزم المشتري ولا يمكن أن يطالب بمائة مؤجلة لأن الذمم لا تتماثل فتجعل ذمة الشفيع مثل ذمة المشتري فوجب أن يعدل إلى جنس آخر بقيمته كما يعدل فيما لا مثل له إلى جنس آخر بقيمته والثالث وهو الصحيح أنه يخير بين أن يعجل الثمن ويأخذ وبين أن يصبر إلى أن يحل فيأخذ لأنه لا يمكن أن يطالب بمائة حالة ولا بمائة مؤجلة لما ذكرناه ولا يمكن أن يأخذ بسلعة لأن الشفيع إنما يأخذ بالمثل أو القيمة والسلعة ليست بمثل الثمن ولا هي قيمته فلم يبق إلا التخيير .
فصل : وإن باع رجل من وارثه شقصا يساوي ألفين بألف ولم تجز الوراثة بطل البيع في نصفه لأنه قدر المحاباة فإن اختار الشفيع أن يأخذ النصف بالألف لم يكن للمشتري الخيار في تفريق الصفقة لأن الشفيع أخذه بألف وإن لم يأخذ الشفيع فللمشتري أن يفسخ البيع لتفرق الصفقة عليه وإن باع من أجنبي وحاباه والشفيع وارث فاحتمل الثلث المحاباة ففيه خمسة أوجه : أحدها أن البيع يصح في نصف الشقص بالألف وللشفيع أن يأخذه ويبقى النصف للمشتري بلا ثمن لأن المحاباة وصية والوصية للمشتري تصح ولا تصح للشفيع فيصير كأنه وهب له النصف وباع منه النصف بثمن المثل ويأخذ الشفيع النصف بجميع الثمن ويبقى النصف للمشتري بغير ثمن والثاني أن البيع يصح في نصفه بالألف لأنا لو دفعنا الجميع إلى الشفيع بالألف حصلت الوصية للوارث وإن دفعنا إليه النصف بالألف وتركنا النصف على المشتري ألزمنا الشفيع في النصف أكثر مما لزم المشتري فلم يبق إلا الفسخ بالنصف ودفع النصف إلى الوارث من غير محاباة والثالث أن البيع باطل لأن المحاباة تعلقت بالكل فلا يجوز أن تجعل في نصفه والرابع أنه يصح البيع وتسقط الشفعة لأن إثبات الشفعة يؤدي إلى إبطال البيع وإذا بطل البيع سقطت الشفعة وما أدى ثبوته إلى سقوطه وسقوط غيره سقط فسقطت الشفعة وبقي البيع والخامس وهو الصحيح أنه يصح البيع في الجميع بالألف ويأخذ الشفيع بالألف لأن المحاباة وقعت للمشتري دون الشفيع والمشتري أجنبي فصحت المحاباة له .
فصل : وإن اشترى الشقص بعرض فإن كان له مثل كالحبوب والأدهان أخذه بمثله لأنه من ذوات الأمثال فأخذ به كالدراهم والدنانير وإن لم يكن له مثل كالعبيد والثياب أخذه بقيمته لأن القيمة مثل لما لا مثل له ويأخذه بقيمته حال وجوب الشفعة كما يأخذ بالثمن الذي وجب عنده وجوب الشفعة وإن اشترى الشقص بعبد أخذ الشفيع بقيمته ووجد البائع بالعبد عيبا ورده أخذ قيمة الشقص وهل يثبت التراجع للشفيع والمشتري بما بين قيمة العبد وقيمة الشقص ؟ فيه وجهان : أحدهما لا يتراجعان لأن الشفيع أخذ بما استقر عليه العقد وهو قيمة العبد فلا يتغير بما طرأ بعده والثاني يتراجعان فإن كانت قيمة الشقص أكثر رجع المشتري على الشفيع وإن كانت قيمة العبد أكثر رجع الشفيع على المشتري لأنه استقر الشقص على المشتري بقيمته فثبت التراجع بما بين القيمتين وإن وجد البائع بالعبد العيب وقد حدث عنده عيب آخر فرجع على المشتري بالأرش نظرت فإن أخذ المشتري من الشفيع قيمة العبد سليما لم يرجع عليه بالأرش لأن الأرش دخل في القيمة وإن أخذ قيمته معيبا فهل يرجع بالأرش ؟ فيه وجهان : أحدهما لا يرجع لأنه أخذ الشقص بقيمة العبد المعيب الذي استقر عليه العقد والثاني يرجع بالأرش لأنه استقر الشقص عليه بقيمة عبد سليم فرجع به على الشفيع .
فصل : وإن جعل الشقص أجرة في إجارة أخذ الشفيع بأجرة مثل المنفعة فإن جعل صداقا في نكاح أو بدلا في خلع أخذ الشفيع بمهر المرأة لأن المنفعة لا مثل لها فأخذ بقيمتها كالثوب والعبد وإن جعل متعة في طلاق امرأة أخذ الشفيع بمتعة مثلها لا بالمهر لأن الواجب بالطلاق متعة مثلها لا المهر .
فصل : والشفيع بالخيار بين الأخذ والترك لأنه حق ثبت له لدفع الضرر عنه فخير بين أخذه وتركه وفي خياره أربعة أقوال : قولان نص عليهما في القديم أحدهما أنه على التراخي لا يسقط إلا بالعفو أو بما يدل على العفو كقوله بعني أو قاسمني وما أشبههما لأنه حق له لا ضرر على المستحق عليه في تأخيره فلم يسقط إلا بالعفو كالخيار في القصاص والثاني أنه بالخيار بين أن يرفعه المشتري إلى الحاكم ليجبره عن الأخذ أو العفو لأنا لو قلنا إنه على الفور أضررنا بالشفيع لأنه لا يأمن مع الاستعجال أن يترك والحظ في الأخذ أو يأخذه والحظ في الترك فيندم وإن قلنا على التراخي إلى أن يسقط أضررنا بالمشتري لأنه لا يقدر على التصرف والسعي في عمارته خوفا من الشفيع فجعل له إلى أن يرفع إلى الحاكم ليدفع عنه الضرر والثالث نص عليه في سير حرملة أنه بالخيار إلى ثلاثة أيام لأنه لا يمكن أن يجعل على الفور لأنه يستضر به الشفيع ولا أن يجعل على التراخي لأنه يستضر به المشتري فقدر بثلاثة أيام لأنه لا ضرر فيه على الشفيع لأنه يمكنه أن يعرف ما فيه من الحظ في ثلاثة أيام ولا على المشتري قريب والرابع نص عليه في الجديد أنه على الفور وهو الصحيح لما روى أنس Bه أن النبي ( ص ) قال : [ الشفعة لمن واثبها ] وروي أنه قال [ الشفعة كنشطة العقال ] إن قيدت ثبتت وإن تركت فاللوم على من تركها فعلى هذا إن أخر الطلب من غير عذر سقط لأنه على الفور فسقط بالتأخير من غير عذر كالرد بالعيب وإن أخره لطهارة أو صلاة أو طعام أو لبس ثوب أو إغلاق باب فهو على شفعته لأنه ترك الطلب لعذر وإن قال سلام عليكم أنا مطالب بالشفعة ثبتت الشفعة لأن السلام قبل الكلام سنة فلا تسقط به الشفعة وإن قال بارك الله في صفقة يمينك أنا مطالب بالشفعة لم تسقط لأن الدعاء له بالبركة لا يدل على ترك الشفعة لأنه يجوز أن يكون دعاء للصفقة بالبركة لأنها أوصلته إلى الأخذ بالشفعة وإن قال صالحني عن الشفعة على مال لم يصح الصلح لأنه خيار فلا يجوز أخذ العرض عنه كخيار الشرط وفي شفعته وجهان : أحدهما تسقط لأنه أعرض عن طلبها من غير عذر والثاني لا يسقط لأنه تركها على عوض ولم يسلم له العوض فبقي على شفعته فإن أخذه بثمن مستحق ففيه وجهان : أحدهما تسقط لأنه ترك الأخذ الذي يملك به من غير عذر والثاني لا تسقط لأنه استحق الشقص بمثل الثمن في الذمة فإذا عينه فيما لا يملك سقط التعيين وبقي الاستحقاق كما لو اشترى شيئا بثمن في الذمة ووزن فيه ما لا يملك .
فصل : وإن وجبت وهو محبوس أو مريض أو غائب نظرت فإن لم يقدر على الطلب ولا على التوكيل وعلى الإشهاد فهو على شفعته لأنه ترك بعذر وإن قدر على التوكيل فلم يوكل فيه ثلاثة أوجه : أحدها وهو قول القاضي أبي حامد إنه تسقط شفعته لأنه ترك الطلب مع القدرة فأشبه إذا قدر على الطلب بنفسه فترك والثاني وهو قول أبي علي الطبري إنه لا تسقط لأن التوكيل إن كان بعوض لزمه غرم وفيه ضرر وإن كان بغير عوض احتاج إلى التزام منه وفي تحملها مشقة وذلك عذر فلم تسقط به الشفعة ومن أصحابنا من قال إن وجد من يتطوع بالوكالة سقطت شفعته لأنه ترك الطلب من غير ضرر فإن لم يجد من يتطوع لم تسقط لأنه ترك للضرر وإن عجز عن التوكيل وقدر على الإشهاد فلم يشهد ففيه قولان : أحدهما تسقط شفعته لأن الترك قد يكون للزهد وقد يكون للعجز وقد قدر على أن يبين ذلك بالشهادة فإذا لم يفعل سقطت شفعته والثاني لا تسقط لأن عذره في الترك ظاهر فلم يحتج معه إلى الشهادة .
فصل : وإن قال أخرت الطلب لأني لم أصدق فإن كان قد أخبره عدلان سقطت شفعته لأنه أخبره من يثبت بقوله الحقوق وإن أخبره حر أو عبد أو امرأة ففيه وجهان : أحدهما لا تسقط لأنه ليس ببينة والثاني تسقط لأنه أخبره من يجب تصديقه في الخبر وهذا من باب الأخبار فوجب تصديقهم فيه .
فصل : فإن قال المشتري اشتريت بمائة فعفا الشفيع ثم بان أنه اشترى بخمسين فهو على شفعته لأنه عفا عن الشفعة لعذر وهو أنه لا يرضاه بمائة أو ليس معه مائة وإن قال اشتريت بخمسين فعفا ثم بان أنه قد اشتراه بمائة لم يكن له أن يطلب لأن من لا يرضى الشقص بخمسين لا يرضاه بمائة وإن قال اشتريت نصفه بمائة فعفا ثم بان أنه قد اشترى جميعه بمائة فهو على شفعته لأنه لم يرض بترك الجميع وإن قال اشتريت الشقص بمائة فعفا ثم بان أنه كان قد اشترى نصفه بمائة لم يكن له أن يطالب بالشفعة لأن من لم يرض الشقص بمائة لا يرضى نصفه بمائة وإن قال اشتريت بأحد النقدين فعفا ثم بان أنه كان قد اشتراه بالنقد الآخر فهو على شفعته لأنه يجوز أن يكون عفا لإعواز أحد النقدين عنده أو لحاجته إليه وإن قال اشتريت الشقص فعفا ثم بان أنه كان وكيلا فيه وإنما المشتري غيره فهو على شفعته لأنه قد يرضى مشاركة الوكيل ولا يرضى مشاركة الموكل .
فصل : وإن وجبت له الشفعة فباع حصته فإن كان بعد العلم بالشفعة سقطت شفعته لأنه ليس له ملك يستحق به وإن باع قبل العلم بالشفعة ففيه وجهان : أحدهما تسقط لأنه زال السبب الذي يستحق به الشفعة وهو الملك الذي يخاف الضرر بسببه والثاني لا تسقط لأنه وجبت له الشفعة والشركة موجودة فلا تسقط بالبيع بعده .
فصل : ومن وجبت له الشفعة في شقص لم يجز أن يأخذ البعض ويعفو عن البعض لأن في ذلك إضرارا بالمشتري في تفريق الصفقة عليه والضرر لا يزال بالضرر فإن أخذ البعض وترك البعض سقطت سفعته لأنه لا يتبعض فإذا عفا عن البعض سقط الجميع كالقصاص وإن اشترى شقصين من أرضين في عقد واحد فأراد الشفيع أن يأخذ أحدهما دون الآخر ففيه وجهان : أحدهما لا يجوز وهو الأظهر لما فيه من الإضرار بالمشتري في تفريق الصفقة عليه والثاني يجوز لأن الشفعة جعلت لدفع الضرر وربما كان الضرر في أحدهما دون الآخر فإن كان البائع أو المشتري اثنين جاز للشفيع أن يأخذ نصيب أحدهما دون الآخر كما لو اشتراه في عقدين متفرقين .
فصل : وإن كان للشقص شفعاء نظرت فإن حضروا وطلبوا أخذوا فإن كانت حصة بعضهم أكثر ففيه قولان : أحدهما أنه يقسم الشقص بينهم على عدد الرؤوس وهو قول المزني لأن كل واحد منهم لو انفرد أخذ الجميع فإذا اجتمعوا تساووا كما لو تساووا في الملك والثاني أنه يقسم بينهم على قدر الأنصباء لأنه حق يستحق بسبب الملك فيسقط عند الاشتراك على قدر الأملاك كأجرة الدكان وثمرة البستان وإن عفا بعضهم عن حقه أخذ الباقون جميعه لأن في أخذ البعض إضرارا بالمشتري فإن جعل بعضهم حصته لبعض الشركاء لم يصح بل يكون لجميعهم لأن ذلك عفو ليس بهبة وإن حضر بعضهم أخذ جميعه فإن حضر آخر قاسمه وإن حضر الثالث قاسمهما لأنا بينا أنه لا يجوز التبعيض فإن أخذ الحاضر الشقص وزاده في يده بأن كان نخلا فأثمرت ثم قدم الغائب قاسمه على الشقص دون الثمار لأن الثمار حديث في ملك الحاضر فاختص بها وإن قال الحاضر أنا آخذ بقدر مالي لم يجز وهل تسقط شفعته ؟ فيه وجهان : أحدهما وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنها تسقط لأنه قدر على أخذ الجميع وقد تركه والثاني وهو قول أبي إسحاق أنها لا تسقط لأنه تركه بعذر وهو أنه يخشى أن يقدم الغائب فينتزعه منه والترك للعذر لا يسقط الشفعة كما قلنا فيمن أظهر له المشتري ثمنا كثيرا ثم ترك ثم بان بخلافه .
فصل : وإن كان للمشتري شريكا بأن كان بين ثلاثة دار فباع أحدهم نصيبه من أحد شريكيه لم يكن للشريك الثاني أن يأخذ الجميع لأن المشتري أحد الشريكين فلم يجز للآخر أن يأخذ الجميع كما لو كان المشتري أجنبيا وقال أبو العباس للشريك أن يأخذ الجميع لأنا لو قلنا إنه يأخذ النصف لتركنا النصف على المشتري بالشفعة والإنسان لا يأخذ بالشفعة من نفسه والمذهب الأول لأن المشتري لا يأخذ النصف من نفسه بالشفعة وإنما يمنع الشريك أن يأخذ الجميع ويبقى الباقي على ملكه .
فصل : وإن ورث رجلان من أبيهما دارا ثم مات أحدهما وخلف ابنين ثم باع أحد هذين الابنين حصته في الشفعة قولان : أحدهما أن الشفعة بين الأخ والعم وهو الصحيح لأنهما شريكان للمشتري فاشتركا في الشفعة كما لو ملكاه بسبب واحد والثاني أنها للأخ دون العم لأن الأخ أقرب إليه في الشركة لأنهما ملكاه بسبب واحد والعم ملك بسبب قبلهما فعلى هذا إن عفا الأخ عن حقه فهل يستحق العم ؟ فيه وجهان : أحدهما يستحق به لأنه شريك وإنما قدم الأخ عليه لأنه أقرب في الشركة فإذا ترك الأخ ثبت للعم كما نقول فيمن قتل رجلين أنه يقتل الأول لأن حقه أسبق فإذا عفا ولي الأول قتل بالثاني والوجه الثاني أنه لا يستحق لأنه لم يستحق الشفعة وقت الوجوب فلم يستحق بعده وإن كان بين ثلاثة أنفس دار فباع أحدهم نصيبه من رجلين وعفا شريكاه عن الشفعة ثم باع أحد المشتريين نصيبه فعلى القولين : أحدهما أن الشفعة للمشتري الآخر لأنهما ملكاه بسبب واحد والشريكان الآخران ملكاه بسبب سابق لملك المشتريين والثاني أنها بين الجميع لأن الجميع شركاء في الملك في حال وجوب الشفعة وإن مات رجل عن دار وخلف ابنتين وأختين ثم باعت إحدى الأختين نصيبها ففيه طريقان : من أصحابنا من قال هي على القولين : أحدهما أن الشفعة للأخت لأنها ملكت مع الأخت بسبب واحد وملك البنات بسبب آخر والثاني أن الشفعة بين البنات والأخت لأن الجميع شركاء في الملك ومنهم من قال إن الشفعة بين البنات والأخت قولا واحدا لأن الجميع ملكن الشقص في وقت واحد لم يسبق بعضهن بعضا .
فصل : وإن تصرف المشتري في الشقص ثم حضر الشفيع نظرت فإن تصرف بما لا تستحق به الشفعة كالوقف والهبة والرهن والإجارة فللشفيع أن يفسخ ويأخذ لأن حقه سابق للتصرف ومع بقاء التصرف لا يمكن الأخذ فملك الفسخ وإن تصرف بما تستحق به الشفعة كالبيع والصداق فهو بالخيار بين أن يفسخ ويأخذ بالعقد الأول وبين أن يأخذ بالعقد الثاني لأنه شفيع بالعقدين فجاز أن يأخذ بما شاء منهما وإن قابل البائع أو رده عليه بعيب فللشفيع أن يفسخ الإقالة والرد بالعيب فملك الفسخ وإن تحالفا على الثمن وفسخ العقد جاز للشفيع أن يأخذ بالثمن الذي حلف عليه البائع لأن البائع أقر للمشتري بالملك وللشفيع بالشفعة بالثمن الذي حلف عليه فإذا بطل حق المشتري بالتحالف بقي حق الشفيع وإن اشترى شقصا بعبد ووجد البائع بالعبد عيبا ورده قبل أن يأخذ الشفيع ففيه وجهان : أحدهما يقدم الشفيع لأن حقه سابق لأنه ثبت بالعقد وحق البائع ثبت بالرد والثاني أن البائع أولى لأن في تقديم الشفيع إضرارا بالبائع في إسقاط حقه من الرد والضرر لا يزال بالضرر وإن أصدق امرأته شقصا وطلقها قبل الدخول وقبل أن يأخذ الشفيع ففيه وجهان : أحدهما يقدم الزوج على الشفيع لأن حق الزوج على أقوى لأنه ثبت بنص الكتاب وحق الشفيع ثبت بخبر الواحد فقدم حق الزوج والثاني يقدم الشفيع لأن حقه سابق لأنه ثبت بالعقد وحق الزوج ثبت بالطلاق .
فصل : وإن اشترى شقصا وكان الشفيع غائبا فقاسم وكيله في القسمة أو رفع الأمر إلى الحاكم فقاسمه وغرس وبنى ثم حضر الشفيع أو أظهر له ثمنا كثيرا فقاسمه ثم غرس وبنى ثم بان خلافه وأراد الأخذ فإن اختار المشتري قلع الغراس والبناء لم يمنع لأنه ملكه فملك نقله ولا تلزمه تسوية الأرض لأنه غير متعد وإن لم يختر القلع فالشفيع بالخيار بين أن يأخذ الشقص بثمن والغراس والبناء بالقيمة وبين أن يقلع الغراس والبناء ويضمن ما بين قيمته قائما ومقلوعا لأن النبي ( ص ) قال [ لا ضرر ولا إضرار ] و لا يزول الضرر عنهما إلا بذلك .
فصل : وإن اشترى شقصا وحدث فيه زيادة قبل أن يأخذ الشفيع نظرت فإن كانت زيادته لا تتميز كالفسيل إذا طال وامتلأ فإن الشفيع ياخذه مع زيادته لأن ما لا يتميز يتبع الأصل في الملك كما يتبعه في الرد بالعيب وإن كانت متميزة كالثمرة فإن كانت ثمرة ظاهرة لم يكن للشفيع فيها حق لأن الثمرة الظاهرة لا تتبع الأصل كما قلنا في الرد بالعيب وإن كانت غير ظاهرة ففيه قولان : قال في القديم تتبع الأصل كما تتبع في البيع وقال في الجديد لا تتبعه لأنه استحقاق بغير تراض فلا يأخذ به إلا ما دخل بالعقد ويخالف البيع لأنه استحقاق عن تراض يقدر فيه على الاستثناء فإذا لم يستثن تبع الأصل .
فصل : إذا أراد الشفيع أن يأخذ الشقص ملك الأخذ من غير حكم الحاكم لأن الشفعة ثابتة بالنص والإجماع فلم تفتقر إلى الحاكم كالرد بالعيب فإن كان الشقص في يد المشتري أخذه منه وإن كان في يد البائع ففيه وجهان : أحدهما يجوز أن يأخذ منه لأنه استحق فملك الأخذ كما لو كان في يد المشتري والثاني لا يجوز أن يأخذ منه بل يجبر المشتري على القبض ثم يأخذه منه لأن الأخذ من البائع يؤدي إلى إسقاط الشفعة لأنه يفوت به التسليم وفوات التسليم يوجب بطلان العقد فإذا بطل العقد سقطت الشفعة وما أدى إثباته إلى إسقاطه سقط .
فصل : ويملك الشفيع الشقص بالأخذ لأنه تملك مال بالقهر فوقع الملك فيه بالأخذ كتملك المباحات ولا يثبت فيه خيار الشرط لأن الشرط إنما يثبت مع تملك الاختيار والشقص يؤخذ بالإجبار فلم يصح فيه شرط الخيار وهل يثبت له خيار المجلس ؟ فيه وجهان : أحدهما يثبت لأنه تملك مال بالثمن فثبت فيه خيار المجلس كالبيع والثاني لا يثبت لأنه إزالة الملك لدفع الضرر فلم يثبت فيه خيار المجلس كالرد .
فصل : وإن وجد بالشقص عيبا فله أن يرده لأنه ملكه بالثمن فثبت له الرد بالعيب كالمشتري في البيع وإن خرج مستحقا رجع بالعهدة على المشتري لأنه أخذ منه على أنه ملكه فرجع بالعهدة عليه كما لو اشتراه منه .
فصل : وإن مات الشفيع قبل العفو والأخذ انتقل حقه من الشفعة إلى ورثته لأنه قبض استحقه بعقد البيع فانتقل إلى الورثة كقبض المشتري في البيع ولأنه خيار ثابت لدفع الضرر عن المال فورث كالرد بالعيب وإن كان له وارثان فعفا أحدهما عن حقه سقط حقه وهل يسقط حق الآخر ؟ فيه وجهان : أحدهما يسقط لأنها شفعة واحدة فإذا عفا عن بعضها سقط الباقي كالشفيع إذا عفا عن بعض الشقص والثاني لا يسقط لأنه عفا عن حقه فلم يسقط حق غيره كما لو عفا أحد الشفيعين .
فصل : إذا اختلف الشريكان في الدار فادعى أحدهما على الآخر أنه ابتاع نصيبه فله أخذه بالشفعة و قال الآخر بل ورثته أو أوهبته فلا شفعة لك فالقول قول المدعى عليه مع يمينه لأنه يدعي عليه استحقاق ملكه بالشفعة فكان القول قوله كما لو ادعى عليه نصيبه من غير شفعة فإن نكل عن اليمين حلف المدعي وأخذ بالشفعة وفي الثمن ثلاثة أوجه : أحدها أنه يقال للمدعى عليه قد أقر لك بالثمن وهو مصدق في ذلك فإما أن تأخذه أو تبرئه من الثمن الذي لك عليه كما قلنا في المكاتب إذا حمل نجما إلى المولى فادعى المولى أنه مغصوب والثاني أنه يترك الثمن في يد المدعي لأنه قد أقر لمن لا يدعيه فأقر في يده كما لو أقر بدار لرجل وكذبه المقر له والثالث يأخذه الحاكم ويحفظه إلى أن يدعيه صاحبه لأنهما اتفقا على أنهما لا يستحقان ذلك .
فصل : وإن ادعى كل منهما على شريكه أنه ابتاع حصته بعده وأنه يستحق عليه ذلك بالشفعة فالقول قول كل واحد منهما لما ذكرناه فإن سبق أحدهما فادعى وحلف المدعى عليه استقر ملكه ثم يدعى الحالف على الآخر فإن حلف استقر أيضا ملكه وإن نكل الأول ردت اليمين على المدعي فإذا حلف استحق وإن أراد الناكل أن يدعي على الآخر بعد ذلك لم تسمع دعواه لأنه لم يبق له ملك يستحق به الشفعة .
فصل : وإن اختلفا في الثمن فقال المشتري الثمن ألف وقال الشفيع هو خمسمائة فالقول قول المشتري مع يمينه لأنه هو العاقد فكان أعرف بالثمن ولأنه مالك الشقص فلا ينزع منه بالدعوى من غير بينة .
فصل : وإن ادعى الشفيع أن الثمن ألف وقال المشتري لا أعلم قدره فالقول قول المشتري لأن ما يدعيه ممكن فإنه يجوز أن يكون قد اشترى بثمن جزاف و يجوز أن يكون قد علم بالثمن ثم نسي فإذا حلف لم يستحق الشفعة لأنه لا يستحق من غير بدل ولا يمكن أن يدفع إليه مالا يدعيه وقال أبو العباس : يقال له إما أن تبين قدر الثمن أو نجعلك ناكلا فيحلف الشفيع أن الثمن ألف ويستحق كما نقول فيمن ادعى على رجل ألفا فقال للمدعى عليه لا أعلم القدر والمذهب الأول لأن ما يدعيه ممكن فإنه يجوز أن يكون قد اشتراه بثمن جزاف لا يعرف وزنه و يجوز أن يكون قد علم ثم نسي ويخالف إذا ادعى عليه ألفا فقال لا أعرف القدر لأن هناك لم يجب عن الدعوى وههنا أجاب عن استحقاق الشفعة وإنما ادعى الجهل بالثمن .
فصل : وإن قال المشتري الثمن ألف وقال الشفيع لا أعلم هل هو ألف أو أقل فهل له أن يحلف المشتري ؟ فيه وجهان : أحدهما ليس له أن يحلفه حتى يعلم لأن اليمين لا يجب بالشك والثاني له أن يحلفه لأن المال لا يملك بمجرد الدعوى وإن قال المشتري الثمن ألف وقال الشفيع لا أعلم كم هو ولكنه دون الألف فالقول قول المشتري فإن نكل لم يحلف الشفيع حتى يعلم قدر الثمن لأنه لا يجوز أن يحلف على ما لم يعلم .
فصل : وإن اشترى الشقص بعرض وتلف العرض واختلفا في قيمته فالقول قول المشتري لأن الشقص ملك له فلا ينتزع بقول المدعي .
فصل : وإن أقر المشتري أنه اشترى الشقص بألف وأخذ الشفيع بألف ثم ادعى البائع أن الثمن كان ألفين وصدقه المشتري لم يلزم الشفيع أكثر من الألف لأن المشتري أقر بأنه يستحق الشفعة بألف فلا يقبل رجوعه في حقه فإن كذبه المشتري فأقام عليه بينة أن الثمن ألفان لزم المشتري الألفان ولا يرجع على الشفيع بما زاد على الألف لأنه كذب البينة بإقراره السابق .
فصل : فإن كان بين رجلين دار وغاب احدهما وترك نصيبه في يد رجل فادعى الشريك على من في يده نصيب الغائب أنه اشتراه منه وأنه استحق أخذه بالشفعة فأقر به فهل يلزمه تسليمه إليه بالشفعة ؟ فيه وجهان : أحدهما لا يسلمه لأنه أقر بالملك للغائب ثم ادعى انتقاله بالشراء فلم يقبل قوله والثاني يسلم إليه لأنه في يده فقبل قوله فيه .
فصل : وإن أقر أحد الشريكين في الدار أنه باع نصيبه من رجل ولم يقبض الثمن وصدقه الشريك وأنكر الرجل فقد اختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال : لا نثبت الشفعة للشريك لأن الشفعة تثبت بالشراء ولم يثبت الشراء فلم تثبت الشفعة للشريك وذهب عامة أصحابنا إلى أنه تثبت الشفعة وهو جواب المزني فيما أجاب فيه على قول الشافعي C لأنه أقر للشفيع بالشفعة وللمشتري بالملك فإذا أسقط أحدهما حقه لم يسقط حق الآخر كما لو أقر لرجلين بحق فكذبه أحدهما وصدقه الآخر وهل يجوز للبائع أن يخاصم المشتري ؟ فيه وجهان : أحدهما ليس له ذلك لأنه يصل إلى الثمن من جهة الشفيع فلا حاجة به إلى خصومة المشتري والثاني له أن يخاصمه لأنه قد يكون المشتري أجهل في المعاملة من الشفيع فإن قلنا لا يخاصم المشتري أخذ الشفيع الشقص من البائع وعهدته عليه لأنه منه أخذ وإليه دفع الثمن وإن قلنا يخاصمه فإن حلف أخذ الشفيع الشقص من البائع ورجع بالعهدة عليه وإن نكل فحلف البائع سلم الشقص إلى المشتري وأخذ الشفيع الشقص من المشتري ورجع بالعهدة عليه لأنه منه أخذ وإليه دفع الثمن وإن أقر البائع بالبيع وقبض الثمن وأنكر المشتري فمن قال لا شفعة إذا لم يقر بقبض الثمن لم تثبت الشفعة إذا أقر بقبض ومن قال تثبت إذا لم يقر بقبض الثمن اختلفوا إذا أقر بقبضه فمنهم من قال لا تثبت لأنه يأخذ الشقص من غير عوض وهذا لا يجوز ومنهم من قال تثبت لأن البائع أقر له بحق الشفعة وفي الثمن الأوجه الثلاثة والتي ذكرناها فيمن ادعى الشفعة على شريكه وحلف بعد نكول الشريك والله أعلم