وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

كتاب الضمان .
يصح ضمان الدين عن الميت لما روى أبو قتادة قال : أقبل بجنازة على رسول الله ( ص ) فقال : [ هل على صاحبكم من دين فقالوا عليه ديناران قال ( ص ) : صلوا على صاحبكم فقال أبو قتادة : هما علي يا رسول الله فصلى عليه رسول الله ( ص ) ] ويصح عن الحي لأنه دين لازم فصح ضمانه كالدين على الميت .
فصل : ويصح ذلك من كل جائز التصرف في ماله فأما من يحجر عليه لصغر أو جنون أو سفه فلا يصح ضمانه لأنه إيجاب مال بعقد فلم يصح من الصبي والمجنون والسفيه كالبيع ومن حجر عليه للفلس يصح ضمانه لأنه إيجاب مال في الذمة بالعقد فصح من المفلس كالشراء بثمن في الذمة وأما العبد فإنه إن ضمن بغير إذن المولى ففيه وجهان : قال أبو إسحاق يصح ضمانه ويتبع به إذا عتق لأنه لا ضرر فيه على المولى لأنه يطالب به بعد العتق فصح منه كالإقرار بإتلاف ماله وقال أبو سعيد الاصطخري لا يصح لأنه عقد تضمن إيجاب مال منه فلم يصح منه بغير إذن المولى كالنكاح فإن ضمن بإذن مولاه صح ضمانه لأن الحجر لحقه فزال بإذنه ومن أين يقضي ينظر فيه فإن قال له المولى اقضه من كسبك قضاه منه وإن قال اقضه مما في يدك للتجارة قضاه منه لأن المال له وقد أذن له فيه وإن لم يذكر القضاء ففيه وجهان : أحدهما يتبع به إذا أعتق لأنه أذن في الضمان دون الأداء والثاني يقضي من كسبه إن كان له كسب أو مما في يده إن كان مأذونا له في التجارة لأن الضمان يقتضي الغرم كما يقتضي النكاح المهر ثم إذا أذن له في النكاح وجب قضاء المهر مما في يده فكذلك إذا أذن له في الضمان وجب قضاء الغرم مما في يده فإن كان على المأذون له دين وقلنا إن دين الضمان يقضيه مما في يده فهل يشارك فيه الغرماء ؟ فيه وجهان : أحدهما يشارك به لأن المال للمولى وقد أذن له في القضاء منه إما بصريح الإذن أو من جهة الحكم فوجب المشاركة به والثاني أنه لا يشارك به لأن المال تعلق به الغرماء فلا يشارك بمال الضمان كالرهن وأما المكتب فإنه ضمن بغير إذن المولى فهو كالعبد القن وإن ضمن بإذنه فهو تبرع وفي تبرعات المكاتب بإذن المولى قولان نذكرهما في المكاتب إن شاء الله تعالى .
فصل : ويصح الضمان من غير رضا المضمون عنه لأنه لما جاز قضاء دينه من غير رضاه جاز ضمان ما عليه من غير رضاه واختلف أصحابنا في رضا المضمون له فقال أبو علي الطبري يعتبر رضاه لأنه إثبات مال في الذمة بعقد لازم فشرط فيه رضاه كالثمن في البيع وقال أبو العباس لا يعتبر لأن أبا قتادة ضمن الدين عن الميت بحضرة النبي ( ص ) ولم يعتبر النبي ( ص ) رضا المضمون له .
فصل : وهل يفتقر إلى معرفة المضمون له والمضمون عنه ؟ فيه ثلاثة أوجه : أحدها أنه يفتقر إلى معرفة المضمون عنه ليعلم أنه هل هو ممن يسدي إليه الجميل ويفتقر إلى معرفة المضمون له ليعلم هل يصلح لمعاملته أم لا يصلح كما يفتقر إلى معرفة ما تضمنه من المال هل يقدر عليه أم لا يقدر عليه والثاني أنه يفتقر إلى معرفة المضمون له لأن معاملته معه ولا يفتقر إلى معرفة المضمون عنه لأنه لا معاملة بينه وبينه والثالث أنه لا يفتقر إلى معرفة واحد منهما لأن أبا قتادة ضمن عن الميت ولم يسأله النبي ( ص ) عن المضمون له والمضمون عنه .
فصل : وإن باعه بشرط أن يضمن الثمن ضامن لم يجز حتى يعين الضامن لأن الغرض يختلف باختلاف من يضمن كما يختلف باختلاف ما يرهن من الرهون وإن شرط أن يضمنه ثقة لم يجز حتى يعين لأن الثقات يتفاوتون فإن لم يف به بما شرط من الضمين ثبت للبائع الخيار لأنه دخل في العقد بشرط الوثيقة ولم يسلم له الشرط فثبت له الخيار كما لو شرط له رهنا ولم يف له بالرهن وإن شرط أن يشهد له شاهدين جاز من غير تعيين لأن الأغراض لا تختلف باختلاف الشهود فإن عين له شاهدين فهل يجوز إبدالهما بغيرهما ؟ فيه وجهان : أحدهما لا يجوز كما لا يجوز في الضمان والثاني يجوز لأن الغرض لا يختلف .
فصل : ويصح ضمان كل دين لازم الثمن والأجرة وعوض القرض ودين السلم وأرش الجناية وغرامة المتلف لأنه وثيقة يستوفي منها الحق فصح في كل دين لازم كالرهن وأما ما لا يلزم بحال وهو دين الكتابة فلا يصح ضمانه لأنه لا يلزم المكاتب أداؤه فلم يلزم ضمانه ولأن الضمان يراد لتوثيق الدين ودين الكتابة لا يمكن توثيقه لأنه يملك إسقاطه إذا شاء فلا معنى لضمانه وفي مال الجعالة والثمن في مدة الخيار ثلاثة أوجه : أحدها لا يصح ضمانه لأنه دين غير لازم فلم يصح ضمانه كدين الكتابة والثاني يصح لأنه يئول إلى اللزوم فصح ضمانه والثالث يصح ضمان الثمن في مدة الخيار ولا يصح ضمان مال الجعالة لأن عقد البيع يئول إلى اللزوم وعقد الجعالة لا يلزم بحال فأما مال المشروط في السبق والرمي ففيه قولان : أحدهما أنه كالإجارة فيصح ضمانه والثاني أنه كالجعالة فيكون في ضمانه وجهان .
فصل : ولا يجوز ضمان المجهول لأنه إثبات مال في الذمة بعقد لآدمي مع الجهالة كالثمن في البيع وفي إبل الدية وجهان : أحدهما لا يجوز ضمانه لأنه مجهول اللون والصفة والثاني أنه يجوز لأنه معلوم السن والعدد ويرجع في اللون والصفة إلى عرف البلد .
فصل : ولا يصح ضمان ما لم يجب وهو أن يقول ما تداين فلام فأنا ضامن له لأنه وثيقة بحق فلا يسبق الحق كالشهادة .
فصل : ولا يجوز تعليقه على شرط لأنه إيجاب مال لآدمي بعقد فلم يجز تعليقه على شرط كالبيع وإن قال ألق متاعك في البحر وعلي ضمانه صح فإذا ألقاه وجب ما ضمنه لأنه استدعاء إتلاف بعوض لغرض صحيح فأشبه إذا قال طلق امرأتك أو أعتق عبدك على ألف وإن قال بع عبدك من زيد بخمسمائة ولك علي خمسمائة أخرى فباعه ففيه وجهان : أحدهما يصح البيع ويستحق ما بذله لأنه مال بذله في مقابلة إزالة الملك فأشبه إذا قال طلق امرأتك أو أعتق عبدك على ألف والثاني لا يصح لأنه بذل مال لغرض غير صحيح فلم يجز ويخالف ما بذله في الطلاق والعتق فإن في ذلك بذل مال لغرض صحيح وهو تخليص المرأة من الزوج وتخليص العبد من الرق .
فصل : ويجوز أن يضمن الدين الحال إلى أجل لأنه رفق ومعروف فكان على حسب ما يدخل فيه وهل يجوز أن يضمن المؤجل حالا ؟ فيه وجهان : أحدهما يجوز كما يجوز أن يضمن الحال مؤجلا والثاني لا يجوز لأن الضمان فرع لما على المضمون عنه فلا يجوز أن يكون الفرع معجلا والأصل مؤجلا .
فصل : ولا يثبت في الضمان خيار لأن لدفع الغبن وطلب الحظ والضامن يدخل في العقد على بصيرة أنه مغبون وأنه لا حظ له في العقد ولهذا يقال الكفالة أولها ندامة وأوسطها ملامة وآخرها غرامة .
فصل : ويبطل بالشروط الفاسدة لأنه عقد يبطل بجهالة المال فبطل بالشرط الفاسد كالبيع وإن شرط ضمانا فاسدا في عقد بيع فإنه يبطل البيع فيه قولان كالقولين في الرهن الفاسد إذا شرطه في البيع وقد بينا وجه القولين في الرهن .
فصل : ويجب بالضمان الدين في ذمة الضامن ولا يسقط عن المضمون عنه والدليل عليه ما روى [ جابر Bه قال : توفي رجل منا فأتينا النبي ( ص ) ليصلي عليه فخطا خطوة ثم قال أعليه دين قلنا ديناران فتحملهما أبو قتادة ثم قال بعد ذلك بيوم ما فعل الديناران قال : إنما مات بالأمس ثم أعاد عليه بالغد قال : قد قضيتهما قال الآن بردت عليه جلده ] ولأنه وثيقة بدين في الذمة فلا يسقط الدين عن الذمة كالرهن و يجوز للمضمون له مطالبة الضامن والمضمون عنه لأن الدين ثابت في ذمتهما فكان له مطالبتهما فإن ضمن عن الضامن ثالث جاز لأنه ضمان دين ثابت فجاز كالضمان الأول وإن ضمن المضمون عنه عن الضامن لم يجز لأنه المضمون عنه أصل والضامن فرع فلا يجوز أن يصير الأصل فرعا والفرع أصلا ولأنه يضمن ما في ذمته ولأنه لا فائدة في ضمانه وهو ثابت في ذمته .
فصل : وإن ضمن عن رجل دينا بغير إذن لم يجز له مطالبة المضمون عنه بتخليصه لأنه لم يدخل فيه بإذنه فلم يلزمه تخليصه وإن ضمن بإذنه نظرت فإن طالبه صاحب الحق جاز له مطالبته بتخليصه لأنه إذا جاز أن يغرمه إذا غرم جاز له أن يطالبه إذا طولب وإن لم يطالب ففيه وجهان : أحدهما له أن يطالبه لأنه شغل ذمته بالدين بإذنه فجاز له المطالبة بتفريغ ذمته كما لو أعاره عينا ليرهنها فرهنها والثاني ليس له وهو الصحيح لأنه لما لم يغرمه قبل أن يغرم لم يطالبه قبل أن يطالب ويخالف إذا أعاره عينا ليرهنها فرهنها لأن عليه ضررا في حبس العين والمنع من التصرف بها ولا ضرر عليه في دين في ذمته لا يطالب به فإن دفع المضمون عنه مالا إلى الضامن وقال خذ هذا بدلا عما يجب لك بالقضاء ففيه وجهان : أحدهما يملكه لأن الرجوع يتعلق بسبب الضمان والغرم وقد وجد أحدهما فجاز تقديمه على الآخر كإخراج الزكاة قبل الحول وإخراج الكفارة قبل الحنث فإن قضى عنه الدين استقر ملكه على ما قبض وإن أبرئ من الدين قبل القضاء وجب رد ما أخذ كما يجب رد ما عجل من الزكاة إذا هلك النصاب قبل الحول والثاني لا يملك لأنه أخذه بدلا عما يجب في الثاني فلا يملكه كما لو دفع إليه شيئا عن بيع لم يعقده فعلى هذا يجب رده فإن هلك ضمنه لأنه قبضه على وجه البدل فضمنه كالمقبوض بسوء البيع .
فصل : وإن قبض المضمون له الحق من المضمون منه برئ الضمان لأنه وثيقة بحق فانحلت بقبض الحق كالرهن وإن قبضه من الضامن برئ المضمون عنه لأنه استوفى الحق من الوثيقة فبرئ من عليه الدين كما لو قضى الدين من ثمن الرهن وإن أبرئ المضمون عنه برئ الضامن لأن الضامن وثيقة بالدين فإذا أبرئ من عليه الدين انحلت الوثيقة كما ينحل الرهن إذ أبرئ الراهن من الدين وإن أبرئ الضامن لم يبرأ المضمون عنه لأن إبراءه إسقاط وثيقة من غير قبض فلم يبرأ به من عليه الدين كفسخ الرهن .
فصل : وإن قضى الضامن الدين نظرت فإن ضمن بإذن المضمون عنه وقضى بإذنه رجع عليه لأنه أذن له في الضمان والقضاء وإن ضمن بغير إذنه وقضى بغير إذنه لم يرجع لأنه تبرع بالقضاء فلم يرجع وإن ضمن بغير إذنه وقضى بإذنه ففيه وجهان : من أصحابنا من قال يرجع لأنه قضى بإذنه والثاني لا يرجع وهو المذهب لأنه لزمه بغير إذنه فلم يؤثر إذنه في قضائه وإن ضمن بإذنه وقضى بغير إذنه فالمنصوص أنه يرجع عليه وهو قول أبي علي بن أبي هريرة لأنه اشتغلت ذمته بالدين بإذنه فإذا استوفى منه رجع كما لو أعاره مالا فرهنه في دينه وبيع في الدين وقال أبو إسحاق : إن أمكنه أن يستأذنه لم يرجع لأنه قضاه باختياره وإن لم يمكنه رجع لأنه قضاه بغير اختياره وإن أحاله الضامن على رجل له عليه دين برئت ذمة المضمون عنه لأن الحوالة بيع فصار كما لو أعطاه عن الدين عوضا وإن أحاله على من لا دين له عليه وقيل المحال عليه وقلنا يصح بريء الضامن لأن بالحوالة تحول ما ضمن ولا يرجع عن المضمون عنه لأنه لم يغرم فإن قبضه منه ثم وهبه له فهل يرجع على الضامن ؟ فيه وجهان بناء على القولين في المرأة إذا وهب الصداق من الزوج ثم طلقها قبل الدخول .
فصل : وإن دفع الضامن إلى المضمون له ثوبا عن الدين في موضع يثبت له الرجوع رجع بأقل الأمرين من قيمة الثوب أو قدر الدين فإن كان قيمة الثوب عشرة والدين عشرين لم يرجع بما زاد على العشرة لأنه لم يغرم وإن كان قيمة الثوب عشرين والدين عشرين لم يرجع بما زاد على العشرة لأنه تبرع بما زاد فلا يرجع به وإن كان الدين الذي ضمنه مؤجلا فعجل قضاؤه لم يرجع به قبل المحل لأنه تبرع بالتعجيل .
فصل : ويصح ضمان الدرك على المنصوص وخرج أبو العباس قولا آخر أنه لايصح لأنه ضمان ما يستحق من المبيع وذلك مجهول والصحيح أنه يصح قولا واحدا لأن الحاجة داعية إليه لأنه يسلم الثمن ولا يأمن أن يستحق عليه المبيع ولا يمكنه أن يأخذ على الثمن رهنا لأن البائع لا يعطيه من المبيع رهنا ولا يمكنه أن يستوثق بالشهادة لأنه قد يفلس البائع فلا تنفعه الشهادة فلم يبق ما يستوثق به غير الضمان ولا يمكن أن يجعل القدر الذي يستحق معلوما فعفى عن الجهالة فيه كما عفى عن الجهل بأساس الحيطان ويخالف ضمان المجهول لأنه يمكنه أن يعلم قدر الدين ثم يضمنه وفي وقت ضمانه وجهان : أحدهما لا يصح حتى يقبض البائع الثمن لأنه قبل أن يقبض ما وجب له شيء وضمان ما لم يجب لا يصح والثاني يصح قبل قبض الثمن لأن الجارية داعية إلى هذا الضمان في عقد البيع فجاز قبل قبض الثمن وإن اشترى جارية وضمن دركها فخرج بعضها مستحقا فإن قلنا إن البيع يصح في الباقي رجع بثمن ما استحق وإن قلنا يبطل البيع في الجميع رجع على الضامن بثمن ما استحق وهل يرجع عليه بثمن الباقي فيه وجهان : أحدهما يرجع عليه لأنه بطل البيع فيه لأجل الاستحقاق فضمن كالمستحق والثاني لا يرجع لأنه لم يضمن إلا ما يستحق فلم يضمن ما سواه وإن ضمن الدرك فوجد بالمبيع عيبا فرده فهل يرجع على الضامن بالثمن فيه وجهان : أحدهما لا يرجع وهو قول المزني و أبي العباس لأنه زال ملكه عنه بأمر حادث فلم يرجع عليه بالثمن كما لو كان شقصا فأخذه الشفيع والثاني يرجع لأنه رجع إليه الثمن بمعنى قارن العقد فثبت له الرجوع على الضامن كما لو خرج مستحقا وإن وجد به العيب وقد حدث عنده عيب فهل يرجع بأرش العيب على ما ذكرناه من الوجهين .
فصل : وتجوز كفالة البدن على المنصوص في الكتب وقال في الدعاوى والبينات إن كفالة البدن ضعيفة فمن أصحابنا من قال تصح قولا واحدا وقوله ضعيف أراد من جهة القياس ومن أصحابنا من قال فيه قولان : أحدهما أنها لا تصح لأنه ضمان عين في الذمة بعقد فلم يصح كالسلم في ثمرة نخلة بعينها والثاني يصح وهو الأظهر لما روى أبو إسحاق السبيعي عن حارثة بن مضرب قال : صليت مع عبد الله بن مسعود الغداة فلما سلم قام رجل فحمد الله وأثنى عليه وقال أما بعد فوالله لقد بت البارحة وما في نفسي على أحد إحنة وإني كنت استطرقت رجلا من بني حنيفة وكان أمرني أن آتيه بغلس فانتهيت إلى مسجد بني حنيفة - مسجد عبد الله بن النواحة - فسمعت مؤذنهم يشهد أن لا إله إلا الله وأن مسيلمة رسول الله فكذبت سمعي وكففت فرسي حتى سمعت أهل المسجد قد تواطؤوا على ذلك فقال عبد الله بن مسعود علي بعبد الله بن النواحة فحضر واعترف فقال له عبد الله أين ما كنت تقرأ من القرآن ؟ قال كنت أتقيكم به فقال له تب فأبى فأمر به فأخرج إلى السوق فجز رأسه ثم شاور أصحاب محمد ( ص ) في بقية القوم فقال عدي بن حاتم ثؤلول كفر قد أطلع رأسه فاحسمه وقال جرير بن عبد الله والأشعث بن قيس استتبهم فإن تابوا كفلهم عشائرهم فاستتابوا فتابوا وكفلهم عشائرهم ولأن البدن يستحق تسليمه بالعقد فجاز الكفالة به كالدين فإن قلنا تصح جازت الكفالة ببدن كل من يلزمه الحضور في مجلس الحكم يدين لأنه حق لازم لآدمي فصحت الكفالة به كالدين وإن كان عليه حد فإن كان لله تعالى لم تصح الكفالة به لأن الكفالة للاستيثاق وحق الله تعالى مبني على الدرء والإسقاط فلم يجز الاستيثاق بمن عليه وإن كان قصاصا أو حد قذف ففيه وجهان : أحدهما لا يصح لأنه لا تصح الكفالة بما عليه فلم تصح الكفالة به كمن عليه حد لله تعالى والثاني تصح لأنه حق لآدمي فجازت الكفالة ببدن من عليه كالدين ومن عليه دين لازم كالمكاتب لا تجوز الكفالة ببدنه لأن الحضور لا يلزمه فلا تجوز الكفالة به كدين الكتابة .
فصل : وإن كان عليه دين مجهول ففيه وجهان : قال أبو العباس لا تصح الكفالة ببدنه لأنه قد يموت المكفول به فيلزمه الدين فإذا كان مجهولا لم تمكن المطالبة والثاني أنه تصح وهو المذهب لأن الكفالة بالبدن لا تعلق لها بالدين .
فصل : وتصح الكفالة ببدن الكفيل كما يصح ضمان الدين عن الضمين .
فصل : وتجوز الكفالة حالا ومؤجلا كما يجوز ضمان الدين حالا ومؤجلا وهل يجوز إلى أجل مجهول فيه وجهان : أحدهما يجوز لأنه تبرع من غير عوض فجاز في المجهول كإباحة الطعام والثاني لا يجوز لأنه إثبات حق في الذمة لآدمي فلا يجوز إلى أجل مجهول كالبيع ويخالف الإباحة فإنه لو أباحه أحد الطعامين جاز ولو تكفل ببدن أحد الرجلين لم يجز .
فصل : وتجوز الكفالة به ليسلم في مكان معين وتجوز مطلقا فإن أطلق وجب التسليم في موضع العقد كما تجوز حالا ومؤجلا وإذا أطلق وجب التسليم في حال العقد .
فصل : ولا تصح الكفالة بالبدن من غير إذن المكفول به لأنه إذا تكفل به من غير إذنه لم يقدر على تسليمه ومن أصحابنا من قال : تصح كما تصح الكفالة بالدين من غير إذن من عليه بالدين .
فصل : وإن تكفل بعضو منه ففيه ثلاثة أوجه : أحدها أنه يصح لأنه في تسليمه تسليم جميعه والثاني لا يجوز لأن إفراد العضو بالعقد لا يصح وتسريته إلى الباقي لا تمكن لأنه لا سراية له فبطلت والثالث إن كان العضو لا يبقى البدن دونه كالرأس والقلب جاز لأنه لا يمكن تسليمه إلا بتسليم البدن وإن كان عضوا يبقى البدن دونه كاليد والرجل لم يصح لأنه يقطع فيبرأ مع بقائه .
فصل : وإن أحضر المكفول به قبل المحل أو في غير الموضع الذي شرط فيه التسليم فإن كان عليه في قبوله ضرر أو في رده غرض لم يلزمه قبوله وإن لم يكن عليه ضرر ولا في رده غرض وجب قبوله فإن لم يتسلمه أحضره عند الحاكم ليتسلم عنه ويبرأ كما قلنا في دين السلم وإن أحضره وهناك يد حائلة لم يبرأ لأن التسليم المستحق هو التسليم من غير حائل ولهذا لو سلم المبيع مع الحائل لم يصح تسليمه وإن سلمه وهو في حبس الحاكم صح التسليم لأن حبس الحاكم ليس بحائل ويمكن إحضاره ومطالبته بما عليه من الحق وإن حضر المكفول به بنفسه وسلم نفسه برئ الكفيل كما يبرأ الضامن إذا أدى المضمون عنه الدين وإن غاب المكفول به إلى موضع لا يعرف خبره لم يطالب وإن غاب إلى موضع يعرف خبره لم يطالب به حتى يمضي زمان يمكن فيه الذهاب والمجيء لأن ما لزم تسليمه لم يلزم إلا بإمكان التسليم فإن مضى زمان الإمكان ولم يفعل حبس الكفيل إلى أن يحضره فإن أبرأه المكفول له من الكفالة برئ كما يبرأ الضامن إذا أبرأه المضمون له فإن جاء رجل وقال أبرئ الكفيل وأنا كفيل بمن تكفل به ففيه وجهان : قال أبو العباس يصح لأنه نقل الضمان إلى نفسه فصار كما لو ضمن رجل مالا فأحال الضامن المضمون له على آخر وقال الشيخ أبو حامد و القاضي أبو الطيب الطبري رحمهما الله لا يصح لأنه تكفل بشرط أن يبرأ الكفيل وذلك شرط فاسد فمنع صحة العقد وإن تكفل ببدن رجل لنفسين فسلمه إلى أحدهما لم يبرأ من حق الآخر لأنه ضمن تسليمين فلم يبرأ بأحدهما كما لوضمن لهما دينين فأدى دين أحدهما وإن تكفل اثنان لرجل ببدن رجل فأحضره أحدهما فقد قال شيخنا القاضي أبو الطيب C أنه لا يبرأ الآخر لأنه لو أبرئ أحدهما لم يبرأ الآخر فإذا سلمه أحدهما لم يبرأ الآخر وعندي أنه يبرأ لأن المستحق إحضاره قد حصل فبرئا كما لو ضمن رجلان دينا فأداه أحدهما ويخالف الإبراء فإن الإبراء مخالف للأداء والدليل عليه أن في ضمان المال لو أبرئ أحد الضامنين لم يبرأ الآخر ولو أدى أحد الضامنين برئ .
فصل : وإن تكفل ببدن رجل فمات المكفول به برئ الكفيل وقال أبو العباس يلزمه ما على المكفول به من الدين لأنه وثيقة فإذا مات من عليه الدين وجب أن يستوفي الدين منها كالرهن والمذهب الأول لأنه لم يضمن الدين فلا يلزمه .
فصل : وإن تكفل بعين نظرت فإن كان أمانة كالوديعة لم يصح لأنه إذا لم يجب ضمانها على من هي عنده فلأن لا يجب على من يضمن عنه أولى وإن كان عينا مضمونة كالمغصوب والعارية والمبيع قبل القبض ففيه وجهان بناء على القولين في كفالة البدن فإن قلنا إنها تصح فهلكت العين فقد قال أبو العباس فيه وجهان : أحدهما يجب عليه ضمانها والثاني لا يجب وقال الشيخ أبو حامد لا يجوز بناء ذلك على كفالة البدن لو تلف لم يضمن بدله ولو هلكت العين ضمنها .
فصل : وإن ضمن عنه دينا ثم اختلفا فقال الضامن ضمنت وأنا صبي وقال المضمون له ضمنت وأنت بالغ فالقول قول الضامن لأن الأصل عدم البلوغ وإن قال ضمنت وأنا مجنون وقال بل ضمنت وأنت عاقل فإن لم يعرف له حالة جنون فالقول قول المضمون له لأن الأصل العقل وصحة الضمان وإن عرف له حالة جنون فالقول قول الضامن لأنه يحتمل أن يكون الضمان في حالة الإفاقة ويحتمل أن يكون في حالة الجنون والأصل عدم الضمان وبراءة الذمة وإن ضمن عن رجل شيئا وأدى المال ثم ادعى أنه ضمن بإذنه وأدى بإذنه ليرجع وأنكر المضمون عنه الإذن لم يرجع عليه لأن الأصل عدم الإذن وإن تكفل ببدن رجل ثم ادعى أنه تكفل به ولا حق عليه فالقول قول المكفول له لأن الكفيل قد أقر بالكفالة والكفالة لا تكون إلا بمن عليه حق فكان القول قول المكفول له فإن طلب الكفيل يمين المكفول له على ذلك ففيه وجهان : أحدهما يحلف لأن ما يدعيه الكفيل ممكن فحلف عليه الخصم والثاني لا يحلف لأن إقراره بالكفالة يقتضي وجوب الحق وما يدعيه يكذب إقراره فلم يحلف الخصم وإن ادعى الضامن أنه قضى الحق عن المضمون عنه وأقر المضمون له وأنكر المضمون عنه ففيه وجهان : أحدهما أن القول قول المضمون عنه لأن الضامن يدعي القضاء ليرجع فلم يقبل قوله والمضمون له يشهد على فعل نفسه أنه قبض فلم تقبل شهادته فسقط قولهما وحلف المضمون عنه والثاني أن القول قول الضامن لأن قبض المضمون له يثبت بالإقرار مرة وبالبينة أخرى ولو ثبت قبضه بالبينة رجع الضامن فكذلك إذا ثبت بالإقرار