وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

كتاب الحوالة .
تجوز الحوالة بالدين لما روى أبو هريرة Bه أن النبي ( ص ) قال : [ مطل الغني ظلم فإذا تبع أحدكم على مليء فليتبع ] .
فصل : ولا تجوز إلا على دين يجوز بيعه كعوض القرض وبدل المتلف فأما ما لا يجوز بيعه كدين السلم ومال الكتابة فلا تجوز الحوالة به لأن الحوالة بيع في الحقيقة لأن المحتال يبيع ماله في ذمة المحيل بماله في ذمة المحال عليه والمحيل يبيع ماله في ذمة المحال عليه بما عليه من الدين فلا يجوز إلا فيما يجوز بيعه .
فصل : واختلف أصحابنا في جنس المال الذي تجوز به الحوالة فمنهم من قال لا تجوز إلا بما له مثل كالأثمان والحبوب وما أشبهها لأن القصد بالحوالة اتصال الغريم إلى حقه على الوفاء من غير زيادة ولا نقصان ولا يمكنه ذلك إلا فيما له مثل فوجب أن لا يجوز فيما سواه ومنهم من قال تجوز في كل ما يثبت في الذمة بعقد السلم كالثياب والحيوان لأنه مال ثابت في الذمة يجوز بيعه قبل القبض فجازت الحوالة به كذوات الأمثال .
فصل : ولا تجوز إلا بمال معلوم لأنا بينا أنه بيع فلا تجوز في مجهول واختلف أصحابنا في إبل الدية فمنهم من قال لا تجوز وهو الصحيح لأنه مجهول الصفة فلم تجز الحوالة به كغيره ومنهم من قال تجوز لأنه معلوم العدد والسن فجازت الحوالة به .
فصل : ولا تجوز إلا أن يكون الحقان متساويين في الصفة والحلول والتأجيل فإن اختلفا في شيء من ذلك لم تصح الحوالة لأن الحوالة إرفاق كالقرض فلو جوزنا مع الاختلاف صار المطلوب منه طلب الفضل فتخرج عن موضوعها فإن كان لرجل على رجلين ألف على كل واحد منهما خمسمائة وكل واحد منهما ضامن عن صاحبه خمسمائة فأحال عليهما رجلا عليه ألف على أن يطالب من شاء منهما بألف ففيه وجهان : أحدهما تصح وهو قول الشيخ أبو حامد الإسفرايني C لأنه لا يأحذ إلا قدر حقه والثاني لا تصح وهو قول شيخنا القاضي أبي الطيب C لأنه يستفتد بالحوالة زيادة في المطالبة وذلك لا يجوز ولأن الحوالة بيع فإذا خبرناه بين الرجلين صار كما لو قال بعتك أحد هذين العبدين .
فصل : ولا تجوز الحوالة إلا على من له عليه دين لأنا بينا أن الحوالة بيع ما في الذمة بما في الذمة فإذا أحال من لادين عليه كان بيع معدوم فلم تصح ومن أصحابنا من قال تصح إذا رضي المحال عليه لأنه تحمل دين يصح إذا كان عليه مثله فصح وإن لم يكن عليه مثله كالضمان فعلى هذا يطالب المحيل بتخليصه كما يطالب الضامن المضمون عنه بتخليصه فإن قضاه بإذنه رجع على المحيل وإن قضاه بغير إذنه لم يرجع .
فصل : ولا تصح الحوالة من غير رضا المحتال لأنه نقل حق من ذمة إلى غيرها فلم يجز من غير رضا صاحب الحق كما لو أراد أن يعطيه بالدين عينا وهل تصح من غير رضا المحال عليه ؟ ينظر فيه فإن كان على من لا حق له عليه وقلنا أنه تصح الحوالة على من لا حق له عليه لم تجز إلا برضاه وإن كان على من له عليه حق ففيه وجهان : أحدهما وهو قول أبي سعيد الاصطخري واختيار المزني أنه لا تجوز إلا برضاه لأنه أحد من تتم به الحوالة فاعتبر رضاه في الحوالة كالمحتال والثاني وهو المذهب أنه تجوز لأنه تفويض قبض فلا يعتبر فيه رضا من عليه كالتوكيل في قبضه ويخالف المحتال فإن الحق له فلا ينقل بغير رضاه كالبائع وههنا الحق عليه فلا يعتبر رضاه كالعبد في البيع .
فصل : إذا أحال بالدين انتقل الحق إلى المحال عليه وبرئت ذمة المحيل لأن الحوالة إما أن تكون تحويل حق أو بيع حق وأيهما كان وجب أن بيرأ به ذمة المحيل .
فصل : ولا يجوز شرط الخيار فيه لأنه لم يبن على المغابنة فلا يثبت فيه خيار الشرط وفي خيار المجلس وجهان : أحدهما يثبت لأنه بيع فيثبت خيار المجلس كالصلح والثاني لا يثبت لأنه يجري مجرى الإبراء ولهذا لا يجوز بلفظ البيع فلم يثبت فيه خيار المجلس .
فصل : وإن أحاله على مليء فأفلس أو جحد الحق وحلف عليه لم يرجع إلى المحيل لأنه انتقل حقه إلى مال يملك بيعه فسقط حقه من الرجوع كما لو أخذ بالدين سلعة ثم تلفت بعد القبض وإن أحاله على رجل بشرط أنه مليء فبان أنه معسر فقد ذكر المزني أنه لا خيار له وأنكر أبو العباس هذا وقال له الخيار لأنه غره بالشرط فثبت له الخيار كما لو باعه عبدا بشرط أنه كاتب ثم بان أنه ليس بكاتب وقال عامة أصحابنا لاخيار له لأن الإعسار نقص فلو ثبت به الخيار لثبت من غير شرط كالعيب في المبيع ويخالف الكتابة فإن عدم الكتابة ليس بنقص وإنما هو عدم فضيلة فاختلف الأمر فيه بين أن يشرط وبين أن لا يشرط .
فصل : وإن اشترى رجل من رجل شيئا بألف وأحال المشتري البائع على رجل بالألف ثم وجد بالمبيع عيبا فرده فقد اختلف أصحابنا فيه فقال أبو علي الطبري لا تبطل الحوالة فيطلب البائع المحال عليه بالمال ويرجع المشتري على البائع بالثمن لأنه تصرف في أحد عوضي البيع فلا يبطل بالرد بالعيب كما لو اشترى عبدا بثوب وقبضه وباعه ثم وجد البائع بالثوب عيبا فرده وقال أبو إسحاق تبطل الحوالة وهو الذي ذكره المزني في المختصر فلا يجوز للبائع مطالبة المحال عليه لأن الحوالة وقعت بالثمن فإذا فسخ البيع خرج المحال به عن أن يكون ثمنا فإذا خرج عن أن يكون ثمنا ولم يتعلق به حق غيرهما وجب أن تبطل الحوالة ويخالف هذا إذا اشترى عبدا وقبضه وباعه لأن العبد تعلق به حق غير المتبايعين وهو المشتري الثاني فلم يكن إبطاله والحوالة لم يتعلق بها حق غيرهما فوجب إبطالها وإن أحال الزوج زوجته بالمهر على رجل ثم ارتدت المرأة قبل الدخول ففي الحوالة وجهان بناء على المسألة قبلها وإن أحال البائع رجلا على المشتري بالألف ثم المشتري المبيع بالعيب لم تبطل الحوالة وجها واحدا لأنه تعلق بالحوالة حق غير المتعاقدين وهو الأجنبي المحتال لم يجز إبطالها .
فصل : وإن أحال البائع على المشتري رجلا بألف ثم اتفقا على أن العبد كان حرا فإن كذبهما المحتال لم تبطل الحوالة كما لو اشترى عبدا وباعه ثم اتفق البائع والمشتري أنه كان حرا فإن أقاما على ذلك بينة لم تسمع لأنهما كذبا البينة بدخولهما في البيع وإن صدقهما المحتال بطلت الحوالة لأنه ثبتت الحرية وسقط الثمن فبطلت الحوالة .
فصل : إذا أحال رجل رجلا له عليه دين على رجل له عليه دين ثم اختلفا فقال المحيل وكلتك وقال المحتال بل أحلتني نظرت فإن اختلفا في اللفظ فقال المحيل بل وكلتك بلفظ الوكالة وقال المحتال بل أحلتني بلفظ الحوالة فالقول قول المحيل لأنهما اختلفا في لفظه فكان القول فيه قوله وإن اتفقا على لفظ الحوالة ثم اختلفا فقال المحيل وكلتك وقال المحتال بل أحلتني ففيه وجهان : قال أبو العباس القول قول المحتال لأن اللفظ يشهد له ومن أصحابنا من قال القول قول المحيل وهو قول المزني لأنه يدعي بقاء الحق في الذمة والمحتال يدعي انتقال الحق من الذمة والأصل بقاء الحق في الذمة فإن قلنا بقول أبي العباس وحلف المحتال ثبتت الحوالة وبرئ المحيل وثبتت له مطالبة المحال عليه وإن قلنا بقول المزني فحلف المحيل ثبتت الوكالة فإن لم يقبض المال انعزل عن الوكالة بإنكاره إن كان قد قبض المال أخذه المحيل وهل يرجع هو على المحيل بدينه فيه وجهان : أحدهما لا يرجع لأنه أقر ببراءة ذمته من دينه والثاني له أن يرجع لأنه يقول إن كنت محتالا فقد استرجع مني ما أخذته بحكم الحوالة وإن كنت وكيلا فحقي باق في ذمته فيجب أن يعطيني وإن هلك في يده لم يكن للمحيل الرجوع عليه لأنه يقر بأن ماله تلف في يد وكيله من غير عدوان وليس للمحتال أن يطالب المحيل بحقه لأنه يقر بأنه استوفى حقه وتلف عنده وإن قال المحيل أحلتك وقال المحتال بل وكلتني فقد قال أبو العباس القول قول المحيل لأن اللفظ يشهد له وقال المزني : القول قول المحتال لأنه يدعي بقاء دينه في ذمة المحيل والأصل بقاؤه في ذمته فإن قلنا بقول أبي العباس فحلف المحيل برئ من دين المحتال وللمحتال مطالبة المحال عليه بالدين لأنه إن كان محتالا فله مطالبته بمال الحوالة وإن كان وكيلا فله المطالبة بحكم الوكالة فإذا قبض المال صرف إليه لأن المحيل يقول هو له بحكم الحوالة والمحتال يقول هو لي فيما لي عليه من الدين الذي لم يوصلني إليه وإن قلنا بقول المزني وحلف المحتال ثبت أنه وكيل فإن لم يقبض المال كان له مطالبة المحيل بماله في ذمته وهل يرجع المحيل على المحال عليه بشيء ؟ فيه وجهان : أحدهما لا يرجع لأنه مقر بأن المال صار للمحتال والثاني يرجع لأنه إن كان وكيلا فدينه ثابت في ذمة المحتال عليه وإن كان محتالا فقد قبض المحتال المال منه ظلما وهو مقر بأن ما في ذمة المحتال عليه للمحتال فكان له قبضه عوضا عما أخذه منه ظلما فإن كان قد قبض المال فإن كان باقيا صرف إليه لأنه قبضه بحوالة فهو له وإن قبضه بوكالة فله أن يأخذه عما له في ذمة المحيل وإن كان تالفا نظرت فإن تلف بتفريط لزمه ضمان وثبت للمحيل عليه مثل ما ثبت له في ذمته فتقاصا وإن تلف من غير تفريط لم يلزمه الضمان لأنه وكيل ويرجع على المحيل بدينه ويبرأ المحال عليه لأنه إن كان محتالا فقد وفاه حقه وإن كان وكيلا فقد دفع إليه